قُتل عشرات الجنود والمسلحين في اشتباكات قرب قصر الرئاسة أثناء اجتماع بين الرئيس سلفا كير ونائبه ريك مشار، اللذين قالا إنهما لا علم لهما بسبب اندلاع القتال ودعوا إلى الهدوء. وسقط القتلى رغم اتفاقية السلام بين كير و مشار.
إعلان
قال متحدث عسكري باسم المعارضة في جنوب السودان اليوم السبت (التاسع من يوليو/ تموز 2016) إن 115 جنديا على الأقل من فصائل متنافسة في البلاد قُتلوا في اشتباكات بالعاصمة جوبا، وسط مخاوف من انهيار عملية السلام الهشة في بلد مازال يتعافى من آثار حرب أهلية استمرت عامين.
واندلعت الاشتباكات مساء الجمعة بالقرب من قصر الرئاسة أثناء اجتماع بين الرئيس سلفا كير ونائبه ريك مشار اللذين قالا إنهما لا علم لهما بسبب اندلاع القتال ودعوا إلى الهدوء. وقال وليام دينج المتحدث باسم الفصيل العسكري التابع لمشار إن القتال وقع بالقرب من القصر الرئاسي وفي ثكنة تابعة للجيش.
60 عاماً من الحرب والسلام في جنوب السودان
عاد قائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار إلى العاصمة جوبا، قادماً من منفاه في أثيوبيا. وبمقتضى اتفاق السلام الموقع بينهما في شهر آب/ أغسطس 2015 يعيد الرئيس سيلفا كير تعيين مشار نائباً له بحماية عسكرية خاصة به.
صورة من: AFP/Getty Images
بعد حرب استقلال طويلة ودامية، انفصل الجزء الجنوبي من السودان وقامت عليه جمهورية جنوب السودان. واندلعت هذه الحرب عام 1955، حيث قاتل مسيحيو جنوب السودان من أجل الاستقلال عن الشمال حتى قبل أن ينقل المستعمرون البريطانيون صلاحياتهم إلى حكومة الخرطوم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Pendl
تمتع جنوب السودان نسبياً بحالة من السلم والحكم الذاتي للفترة من عام 1972 إلى 1983، قبل أن يسقط مجدداً في أتون حرب أهلية. وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري قتالاً، قاده الجنرال جون قرنق، ثم سرعان ما انقسمت الحركة بين سيلفا كير ورياك مشار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rosenthal
في يناير/ كانون الثاني 2011 صوت سكان جنوب السودان لصالح الاستقلال في استفتاء شعبي. وصار سيلفا كير رئيساً للدولة ورياك مشار نائباً له. واستندت الدولة الوليدة على اتفاق سلام أبرمه قرنق عام 2005 قُبيل مقتله في حادث تحطم مروحية بعد أسابيع من التوقيع.
صورة من: AP
لكن التحالف بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم لم يدم طويلاً، فبعد سنتين من إعلان الاستقلال في تموز/ يوليو 2013 تجاهل الرئيس كير نائبه مشار وجميع أعضاء الحكومة الآخرين. وفي خطوة ذات دلالة ارتدى بزته العسكرية مجدداً عند إلقائه إحدى خطاباته أمام وسائل الإعلام، متهماً مشار وحلفاءه بمحاولة الانقلاب عليه. وكانت تلك بداية الحرب الأهلية مستمرة.
صورة من: Reuters
لقي خمسون ألف شخص على الأقل حتفهم في هذا النزاع، وأُجبر أكثر من 2.4 مليون شخص على ترك منازلهم، وفشلت جميع محاولات إنهائه. وفي أيار/ مايو 2014 أُعيد تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة مكونة من 14000 عنصر للانتشار في مواقع محددة لحماية المدنيين.
صورة من: Reuters
تمخض لقاء بين كير (يسار الصورة) ومشار (يمين الصورة) في أيار/مايو 2015 بأديس أبابا عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما بعث الآمال مجدداً بتحقيق السلام، لكن تلك الآمال سرعان ما تبخرت، إذ اندلع القتال بين أنصارهما بعد ساعات من التوقيع. وأخفق القائدان في الالتزام بالاتفاق والأسوأ من ذلك أنهما فقدا السيطرة على المقاتلين التابعين لهما بحسب ما قال مراقبون.
صورة من: Reuters
بصعوبة ولد اتفاق السلام الأخير الموقع في آب/ أغسطس 2015، إذ رفض الرئيس سيلفا كير في البدء التوقيع لكنه رضخ أخيراً للضغوط الدولية. كان جزء من الصفقة هو ضمان حماية عودة مشار من منفاه في أثيوبيا. وتمثل الخلاف الرئيسي بعدد الجنود ونوعية الأسلحة التي ستكون تحت سيطرته في جوبا.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
بينما حول النزاع البلاد إلى ركام من الدمار قال مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيد رعد الحسين إن كلاً من القوات الحكومية والمتمردين يلجؤون إلى الاغتصاب كوسيلة للإرهاب والحرب. وهو ما دفع مجلس الأمن لإرسال لجنة للتحقيق في هذا الشأن.
صورة من: GetttyImages/AFP/C. Lomodon
8 صورة1 | 8
وأضاف قائلا "في الصباح جمعنا وأحصينا 35 جثة لجنود في قوات فصيل مشار و80 جثة أخرى من القوات الحكومية." وقال إن عدد القتلى ربما يزيد "بسبب الإصابات البالغة" التي لحقت بجنود فصيل مشار. ولم يعلق الجانب الحكومي حتى الآن على الموقف في جوبا. وانزلق جنوب السودان إلى الحرب في ديسمبر/ كانون الأول 2013 بعد أن أقال الرئيس كير نائبه مشار.
وانتهى الصراع الذي شهد مواجهة على أساس عرقي بين قبيلة الدنكا التي ينتمي لها كير وقبيلة النوير التي ينتمي لها مشار، بعد أن وقع الجانبان اتفاق سلام في أغسطس/ آب الماضي 2015. ولم يوحد كير ومشار قواتهما بعد وهو بند أساسي في الاتفاق. وقتل خمسة جنود على الأقل يوم الخميس في اشتباكات مماثلة. وكانت اشتباكات يومي الخميس والجمعة أول اندلاع كبير للعنف في جوبا منذ عاد مشار للعاصمة في أبريل/ نيسان بعد أن أعيد تعيينه نائبا للرئيس.
وتزامن تجدد العنف في جوبا مع الذكرى الخامسة لإعلان استقلال جنوب السودان بعد حرب طويلة. لكن نصف عمر الدولة الوليدة طبعه نزاع أهلي دامٍ أججته الخصومة بين كير ومشار.وبعد معارك يومي الخميس والجمعة قال شاهد من رويترز اليوم السبت إن الهدوء المشوب بالتوتر يسود جوبا عاصمة جنوب السودان.
وأضاف الشاهد أن حواجز الطرق مازالت موجودة في شوارع جوبا، وأن هناك حركة مكثفة لمركبات عسكرية في حين مازالت معظم المتاجر والشركات مغلقة. وأضاف يانج أن من المرجح أن يتدهور الوضع الأمني بسرعة "بسبب التوترات داخل جوبا والمناطق المحيطة بها". وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون أمس الجمعة إن أعمال العنف الأخيرة تبرز عدم الالتزام بعملية السلام وحث قادة البلاد على وضع حد للقتال والسيطرة على القادة العسكريين والعمل معا لتطبيق اتفاق السلام.