جنوب السودان "على شفا حرب أهلية".. برلين تغلق سفارتها بجوبا
٢٢ مارس ٢٠٢٥
قررت ألمانيا إغلاق سفارتها في جوبا عاصمة جنوب السودان بشكل موقت وسط مخاوف من تجدد الحرب الأهلية، بحسب ما أعلنت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، متهمة رئيس جنوب السودان سالفا كير ونائبه رياك مشار بـ"إغراق البلد بدوامة عنف".
يتهم الجيش حزب نائب رئيس جنوب السودان مشار بتأجيج الصراع ويتهم مشار الرئيس كير بحرمان أنصاره من السلطةصورة من: Alex McBride/AFP
إعلان
قررت الحكومة الألمانية إغلاق سفارتها في دولة جنوب السودان مؤقتا بسبب تصاعد أعمال العنف هناك. وكتبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اليوم السبت 22 مارس / آذار 2025 على منصة "بلوسكاي" الإلكترونية: "بعد سنوات من السلام الهش، أصبح جنوب السودان مرة أخرى على شفا حرب أهلية"، مضيفة أنه بناء على ذلك قرر فريق إدارة الأزمات بوزارتها إغلاق السفارة الألمانية في العاصمة جوبا في الوقت الراهن، مؤكدة أن سلامة الموظفين لها الأولوية القصوى.
وحذرت الوزيرة اليوم السبت على موقع إكس أيضاً: "بعد سنوات من السلام الهش، تعود دولة جنوب السودان إلى حافة حرب أهلية. قررنا هذا الأسبوع إغلاق سفارتنا بشكل موقت في جوبا نظرا للوضع الراهن. إن سلامة زملائنا على رأس الأولويات". واتهمت بيربوك رئيس جنوب السودان سالفا كير ونائبه رياك مشار بـ"إغراق هذا البلد في دوامة عنف". وأضافت "إنهما يتحملان مسؤولية وضع حد للعنف العبثي وتطبيق اتفاقية السلام". والثلاثاء عرضت سفارات كندا وألمانيا وهولندا والنرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي وساطتها لـ"إرساء" السلام في جنوب السودان. ومنذ سنوات تنصح وزارة الخارجية الألمانية بعدم السفر إلى جنوب السودان.
اتهامات متبادلة بين الرئيس كيرونائبه مشار
وشهدت دولة جنوب السودان، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 11 مليون نسمة، حربا أهلية شديدة بعد حصولها على الاستقلال عن السودان في عام 2011. وشكل الرئيس سلفا كير ميارديت وخصمه رياك مشار حكومة انتقالية مشتركة في عام 2020، والتي أصبحت الآن مهددة بالانهيار. وعلى الحدود مع إثيوبيا، تخوض ميليشيا من قبيلة النوير، التي ينتمي إليها نائب الرئيس مشار أيضا، معارك ضد جنود الحكومة منذ أسابيع. كما قصفت الحكومة أهدافا مدنية. وتعرضت مروحيات تابعة للأمم المتحدة لإطلاق نار أثناء قيامها بعملية إنقاذ. وقتل عشرات الأشخاص في الاشتباكات. ويتهم الجيش حزب مشار بتأجيج الصراع. ويتهم مشار الرئيس كير بالرغبة في حرمان أنصاره من السلطة.
ورغم أن المعارك تدور على بعد أكثر من 1300 كيلومتر من العاصمة، فإن شرارتها تهدد بالانتشار إلى أجزاء أخرى من البلاد. وتهدد الأطراف المتصارعة في السودان المجاور بالتدخل أيضا. وكتبت بيربوك: "الرئيس كير ونائب الرئيس مشار يدفعان البلاد إلى دوامة من العنف. إنهما يتحملان مسؤولية وقف العنف غير المبرر وتنفيذ اتفاق السلام بشكل نهائي". وكان دبلوماسيون ألمان، وممثلون عن كندا وهولندا والنرويج وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد عرضوا التوسط بين كير ومشار قبل أيام قليلة.
ع.م / ع.ج.م (أ ف ب ، د ب أ)
60 عاماً من الحرب والسلام في جنوب السودان
عاد قائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار إلى العاصمة جوبا، قادماً من منفاه في أثيوبيا. وبمقتضى اتفاق السلام الموقع بينهما في شهر آب/ أغسطس 2015 يعيد الرئيس سيلفا كير تعيين مشار نائباً له بحماية عسكرية خاصة به.
صورة من: AFP/Getty Images
بعد حرب استقلال طويلة ودامية، انفصل الجزء الجنوبي من السودان وقامت عليه جمهورية جنوب السودان. واندلعت هذه الحرب عام 1955، حيث قاتل مسيحيو جنوب السودان من أجل الاستقلال عن الشمال حتى قبل أن ينقل المستعمرون البريطانيون صلاحياتهم إلى حكومة الخرطوم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Pendl
تمتع جنوب السودان نسبياً بحالة من السلم والحكم الذاتي للفترة من عام 1972 إلى 1983، قبل أن يسقط مجدداً في أتون حرب أهلية. وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري قتالاً، قاده الجنرال جون قرنق، ثم سرعان ما انقسمت الحركة بين سيلفا كير ورياك مشار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rosenthal
في يناير/ كانون الثاني 2011 صوت سكان جنوب السودان لصالح الاستقلال في استفتاء شعبي. وصار سيلفا كير رئيساً للدولة ورياك مشار نائباً له. واستندت الدولة الوليدة على اتفاق سلام أبرمه قرنق عام 2005 قُبيل مقتله في حادث تحطم مروحية بعد أسابيع من التوقيع.
صورة من: AP
لكن التحالف بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم لم يدم طويلاً، فبعد سنتين من إعلان الاستقلال في تموز/ يوليو 2013 تجاهل الرئيس كير نائبه مشار وجميع أعضاء الحكومة الآخرين. وفي خطوة ذات دلالة ارتدى بزته العسكرية مجدداً عند إلقائه إحدى خطاباته أمام وسائل الإعلام، متهماً مشار وحلفاءه بمحاولة الانقلاب عليه. وكانت تلك بداية الحرب الأهلية مستمرة.
صورة من: Reuters
لقي خمسون ألف شخص على الأقل حتفهم في هذا النزاع، وأُجبر أكثر من 2.4 مليون شخص على ترك منازلهم، وفشلت جميع محاولات إنهائه. وفي أيار/ مايو 2014 أُعيد تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة مكونة من 14000 عنصر للانتشار في مواقع محددة لحماية المدنيين.
صورة من: Reuters
تمخض لقاء بين كير (يسار الصورة) ومشار (يمين الصورة) في أيار/مايو 2015 بأديس أبابا عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما بعث الآمال مجدداً بتحقيق السلام، لكن تلك الآمال سرعان ما تبخرت، إذ اندلع القتال بين أنصارهما بعد ساعات من التوقيع. وأخفق القائدان في الالتزام بالاتفاق والأسوأ من ذلك أنهما فقدا السيطرة على المقاتلين التابعين لهما بحسب ما قال مراقبون.
صورة من: Reuters
بصعوبة ولد اتفاق السلام الأخير الموقع في آب/ أغسطس 2015، إذ رفض الرئيس سيلفا كير في البدء التوقيع لكنه رضخ أخيراً للضغوط الدولية. كان جزء من الصفقة هو ضمان حماية عودة مشار من منفاه في أثيوبيا. وتمثل الخلاف الرئيسي بعدد الجنود ونوعية الأسلحة التي ستكون تحت سيطرته في جوبا.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
بينما حول النزاع البلاد إلى ركام من الدمار قال مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيد رعد الحسين إن كلاً من القوات الحكومية والمتمردين يلجؤون إلى الاغتصاب كوسيلة للإرهاب والحرب. وهو ما دفع مجلس الأمن لإرسال لجنة للتحقيق في هذا الشأن.