زحام على الطرق السريعة وحفر في كل مكان.. يحذر الخبراء من تدني مستوى الطرق الألمانية التي تحظى بسمعة عالمية طيبة. ويدرك الساسة المشكلة التي يحتاج حلها لتوفير التمويل الكافي، في حين لا يوجد اتفاق حول سبل التمويل.
إعلان
تنتشر في كثير من الدول حكايات عديدة عن جودة الشوارع والطرق السريعة في ألمانيا، فهناك من يتباهى بقيادة السيارة بسرعة 350 كيلومترا في الساعة على أحد الطرق السريعة، وهناك من يشيد بانسيابية المرور على الطرقات حتى في أوقات الذروة.
لكن هذه الحكايات الإيجابية تخفي خلفها حقائق صادمة فعدد الإصلاحات على الطرقات في زيادة مستمرة، مما يتسبب في زحام شديد على بعض الطرق السريعة التي تنتشر عليها الحفر خاصة بعد فصل الشتاء البارد.
محطات من تاريخ الطرق السريعة في ألمانيا
تشتهر ألمانيا بطرقها السريعة ويحسدها بعض جيرانها لأن معظم الطرق السريعة بها غير محددة السرعة. في هذه الجولة المصورة، نتعرف على بعض المحطات على تاريخ الطرق السريعة في ألمانيا.
صورة من: cc by Jack Thurston
بدايات منذ أكثر من ثمانين عاماً
في السادس من أغسطس/ آب 1932 افتتحت أولى الطرق السريعة في ألمانيا، وهي A555 الرابطة بين مدينتي كولونيا وبون. ودامت فترة بنائها ثلاثة سنوات، ورصدت لها ميزانية 8.6 مليون مارك.
صورة من: picture-alliance/dpa
آدنوار أب الطرق السريعة
محافظ مدينة يون آنذاك والمستشار الألماني اللاحق كونراد آدنوار هو من أوصى ببناء أول طريق سيارة، غير أن الطريق لم تحصل على صفة الطريق السريعة إلا لمدة ستة أشهر فقط.
صورة من: picture alliance/Kurt Rohwedder
النازيون وشبكة الرايخ الطرقية
وبعد استيلاء النازيين على السلطة في ألمانيا عام 1933، تم التقليل من صفة A555 من طريق سيّارة (سريعة) إلى طريق رابطة بين المدن. وذلك حتى يقال أن النازيين هم أول من أنشأ الطرق السريعة. وعمد النازيون إلى بنائها حتى تخدم حملتهم الدعائية، وتساعدهم على القضاء على البطالة ورفع مستوى تنقل الأشخاص والبضائع داخل البلاد.
صورة من: picture-alliance/ dpa/dpaweb
إبراز العضلات
ووفق البرنامج الذي أعد في البداية، كان معدل الطرق السريعة ينمو بمستوى ألف كيلومتر في السنة، لكن ذلك استمر إلى غاية 1938 فقط. في عام 1940 تم إخضاع المعتقلين أيضا للعمل في ورشة البناء، وبين عامي 1941 و1942 توقفت الأعمال تماما، ولم يؤدي إلى ارتفاع البطالة.
صورة من: picture alliance
أزمة النفط 1973
عاشت الطرق السريعة أفضل الفترات خلال سنوات الطفرة الاقتصادية التي تلت الحرب العالمية الثانية. بات الألمان قادرون أكثر فأكثر على شراء سيارة خاصة وقضاء عطل سياحية خارج بلادهم. بيد أن ذلك شهد انتكاسة عندما تمّ حظر قيادة السيارة يوم الأحد، في سابقة تاريخية نتيجة لوقف إمدادات النفط بقرار من أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للبترول كوسيلة للضغط على الدول الغربية وثنيها عن دعم إسرائيل في حرب 1973.
صورة من: picture-alliance/dpa
لا حدود للسرعة
جيران ألمانيا يعتبرون أن من يقود السيارة في ألمانيا في نعيم لكونه غير مجبر على احترام معدلات السرعة في الطرق السريعة كما هو الأمر بالنسبة للدول الأخرى كفرنسا والنمسا وغيرها. لكن هذا ليس صحيحا تماما، فهناك معدل سرعة وسط ينصح باحترامه ويصل إلى 130كلم/ ساعة.
صورة من: AP
ازدحام لآلاف الكيلومترات
وفي ألمانيا أيضا يشكل الازدحام اشكالية يومية تشهدها الطرق السريعة، وحسب نادي السيارات الألماني ((ADAC فقد بلغ طول الازدحام العام الماضي 450 ألف كلم. وعادة ما تشكل حوادث السير أحد الأسباب الرئيسية لوقوع الازدحام، وذلك فضلا عن أن العطل المدرسية لبعض الولايات الألمانية تتقاطع فيما بينها.
صورة من: picture-alliance/dpa
ترابانت تكتسح طرق ألمانيا الغربية
وتبقى صور لقافلات سيارات ترابانت القادمة من ألمانيا الشرقية (سابقا) على طرق ألمانيا الغربية من الصور التي ظلت عالقة في الذاكرة الجماعية الألمانية عقب سقوط جدار برلين. وبحكم أن ترابانت كان نوع السيارات الوحيد، المستعمل في ألمانيا الشرقية، فكان ممتعا بالنسبة للغربيين مشاهدة السيارة على طرقهم.
صورة من: picture-alliance/dpa
شبكة طرق ألمانيا الشرقية
سقوط جدار برلين بيّن أيضا حقيقة وضع الطرق السريعة في ألمانيا الشرقية، فقد كانت بحاجة كبيرة إلى الترميم خاصة وأن أجزاء من تلك الطرق لم تشهد أية إصلاحات منذ بنائها في الحقبة النازية. وبعد نحو عشرين عاما تغير الوضع تماما، وباتت ولايات الشرق تنعم هي الأخرى بشبكة طرقية جيدة متطورة.
صورة من: picture-alliance/ ZB
احتفالات على الطريق السريعة
شهد عام 2010 حدثا بارزا، فقد منعت السيارات من التحرك على طريق A40 الرابطة بين دويسبورغ ودورتموند. وذلك في إطار الاحتفالات بمنطقة رور(غرب ألمانيا) كعاصمة ثقافية لأوروبا. ولقد تم فتح الطريق أمام الراجلين و راكبي الدراجات الهوائية الذي بلغ عددهم ثلاثة ملايين. وذلك للتمتع بعروض ثقافية عرضت على الطريق السريعة.
صورة من: DW
طريق سريعة للدراجات؟
طرق سريعة للدراجات توجد في هولندا والدنمارك وبلجيكا. ومنذ بداية الثمانينيات تمّ اختبار بعضها داخل ألمانيا لتخفيف الضغط الذي تتعرض له شوارع المدن المزدحمة والطرق السريعة. ويتم التفكير حاليا في بناء طريق سريعة للدراجات لاعتمادها في المستقبل.
صورة من: cc by Jack Thurston
11 صورة1 | 11
ينتقد البروفيسور هارتموت بيكدال، الأستاذ بجامعة فوبرتال والمتخصص في تصميم الطرقات، تقاعس الحكومة عن الاهتمام بهذه المشكلة رغم أنها معروفة منذ فترة طويلة. ويوضح بيكدال أن كل متر مربع من الطرقات يحتاج لاستثمار يورو و30 سنتاً، لكن المخصصات المتاحة حالياً هي نصف هذا المبلغ فقط. وخلص تقرير أعدته لجنة من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات إلى الحاجة إلى نحو 7.2 مليار يورو إضافية سنوياً للحفاظ على الطرق.
ويوضح بيكدال في حوار مع DW أن عدم وجود المخصصات المالية الكافية يعني تدهور الطرقات ويؤدي أيضاً إلى استخدام مواد رخيصة لإصلاح الحفر على الطرقات، بدلاً من استخدام مواد يستمر تأثيرها لفترة طويلة.
وتتحمل الولايات في ألمانيا الجزء الأكبر من مسؤولية الاهتمام بالطرقات وتحديد المخصصات المالية اللازمة لهذا الهدف. ونظراً لأن معظم المدن والبلديات تعاني من الديون، فإن حجم هذه المخصصات لا يتناسب عادة مع حجم الإصلاحات المطلوبة.
ولتسديد هذا العجز اقترح تورستن ألبيش، رئيس حكومة ولاية شليزفيغ هولشتاين، فرض ضريبة خاصة على سائقي السيارات تقدر بـ100 يورو سنوياً، يُستخدم عائدها لعلاج الحفر على الطرقات. لكن الخبير بيكدال شكك في جدوى هذا الاقتراح الذي سيشكل عبئاً إضافياً على السائقين، وقال:"أشك أيضاً أن المال سيذهب إلى حيث يجب أن يذهب أصلاً".
ويرجع السبب وراء السمعة الطيبة للطرقات الألمانية إلى مرحلة الانتعاش الاقتصادي التي شهدتها البلاد خلال ستينات القرن الماضي وسبعيناته، والتي تم خلالها تحديث شبكة الطرق بالكامل في الشطر الغربي من ألمانيا. ويرى البروفيسور بيكدال أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات بشأن مشكلات الطرق، حتى تستطيع ألمانيا الحفاظ على سمعتها الطيبة في هذا المجال.