جورج إسحاق: لابد من دفع ثمن الحرية للتغيير في مصر
٧ سبتمبر ٢٠١٠توقع المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، الذي أصبح من أبرز معارضي النظام في مصر، حدوث تغيير في الحكم في مصر العام القادم، ودعا إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم لأنها ستزور حسب رأيه. وأكد البرادعي أنه سيواصل حملته لجمع التوقيعات المطالبة بالتغيير قبل الانتقال إلى مرحلة "النزول إلى الشارع" ثم "العصيان المدني" طالما "رفض النظام الحاكم الاستجابة لمطالب قوى التغيير".
من جانبه أكد جورج اسحاق، عضو الجمعية الوطنية للتغيير التي يترأسها البرادعي، أن الجمعية لن تشارك في الانتخابات ما لم تكن هناك ضمانات بأنها ستكون نزيهة وحرة وديمقراطية تحت إشراف دولي، جاء ذلك في الحوار التالي الذي أجرته معه الدويتشه فيله:
دويتشه فيله: مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها، ألا يفسح المجال للنظام للانفراد بالساحة وبالتالي يكسب أصواتاً ومقاعد أكثر في ظل غياب المعارضة المنافسة له؟
جورج اسحاق: الانتخابات القادمة إن لم تتوفر فيها ضمانات كافية لن تكون انتخابات بالمعنى المفهوم. فهم يلعبون بقواعد لعبة انتهى زمنها، لعبة التزوير. وما حصل في انتخابات الشورى يجعلنا نشك في أنه ستكون هناك انتخابات نزيهة. في تقديري هذا النظام فاقد للشرعية، ليس له مشروعية لأنه يغتصب السلطة عن طريق التزوير.
فالمعارضة لو شاركت في هذه الانتخابات تكون هي أيضاً تشارك في انتزاع السلطة واغتصابها. لذلك نحن ندعو جميع الفرقاء إلى مقاطعة هذه الانتخابات ما لم تكن هناك ضمانات حقيقية وتغيير الدستور حتى تكون هناك فرصة للمستقلين أن يرشحوا أنفسهم، وإلا ستكون هذه الانتخابات أيضاً كالانتخابات السابقة ويسودها التزوير والفساد وكل ما حدث في انتخابات الشورى التي تعتبر انتخابات مخزية.
ولكن ما جدوى هذه المقاطعة إذا لم تكن فاعلة في ظل انقسام المعارضة، حيث هناك أطراف منها، كجماعة الاخوان المسلمين، تقول إنها ستشارك في الانتخابات، فما الفائدة هذه المقاطعة في هذه الحال وكيف يمكن تفعيلها؟
الشعب المصري ينظر بدأب وبعناية شديدة جداً إلى هذه الدعوة للمقاطعة وما ستسفر عنه. أنا أوافقك على أن تكون كل أطراف المعارضة مشاركة في المقاطعة أو لا. لذلك تقول الآن جماعة الإخوان المسلمين إنها ستنتظر قرار الجمعية الوطنية للتغيير، لأنها عضو في الجمعية. وقد أصدرت الجمعية بياناً دعت فيه إلى المقاطعة. ونحن ننتظر قرار الإخوان بإتباع قرار الجمعية الوطنية ودعوتها للمقاطعة ما لم تتوفر ضمانات حقيقية في انتخابات حرة وسليمة، وإلا سيكون موقف الإخوان حساس ومحرج للغاية. وقال الاخوان بأنهم لن يدخلوا الانتخابات إلا بقرار من الجمعية الوطنية. ونحن سننتظر ونراقب الموقف، وكل طرف يتحمل مسؤولية قراره وتبعاته. فإذا لم تلتزم جماعة الاخوان بقرار الجمعية الوطنية للتغيير، فسيكون للجمعية شأن آخر.
ما هو التغيير والشروط التي تطالب بها الجمعية الوطنية للتغيير والتي لابد من توافرها، حتى تشارك في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية؟
نحن نطالب بقوائم جديدة تعتمد على الرقم القومي والتوقيع الالكتروني، وإلغاء حالة الطوارئ، وانتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف القضاء، ونطالب بإشراف دولي ومحلي لإدارة الانتخابات. كما نطالب بحكومة محايدة لإدارة الانتخابات، فلا يمكن أن تكون حكومة الحزب الوطني التي هي الخصم، هي نفسها الحكم في انتخابات قادمة. بالإضافة إلى ذلك نطالب بأن يكون للمصريين المقيمين في الخارج حق في التصويت أيضاً. وإذا لم تتوفر هذه الشروط فلن تكون هناك انتخابات سليمة وحقيقية بالمعنى المعروف.
من الواضح أنا مطالبكم تتعلق بالانتخابات وهي سياسية بالدرجة الأولى، لماذا لا تركزون على الجانب الاقتصادي والاجتماعي أيضاً، فلماذا هذا الإهمال للجانبين الاقتصادي والاجتماعي في حياة الناس؟
إطلاقاً، ليس هناك أي إهمال. نحن في حركة جديدة هي "حملة طرق الأبواب" حيث نذهب إلى الناس ونسألهم لماذا يعانون من شظف العيش وسبب معاناتهم، ونتحاور معهم حتى يقتنع المواطن بأنه لكي يعيش حياة اقتصادية واجتماعية سليمة، يجب أن يتغير هذا النظام؛ هذا هو الجديد في الأمر.
مع تقديري لـ 800 ألف شخص الذين شاركوا في الحملة على الانترنت، الذين وقعوا أمامي بشكل حي وشخصي هم أهم من الذين وقعوا على الانترنت، فهم الموقعون الحقيقيون. وبهذا فإنك تتحاور مع الناس حول أمور حياتية ويومية. فأحدهم يسألك مثلاً بأنه إذا وقع على البيان ما لذي سيحصل عليه وماذا سيستفيد؟ وهنا عليك أن تشرح له بأن هذا النظام هو الذي يؤثر على حياته وأوصله إلى هذا المستوى المتردي من المعيشة. وبالتالي يجب علينا أن نذهب إلى الناس ونلتقي بهم، فهذا هو التيار أو الخط الجديد الذي نتبعه في "حملة طرق الأبواب".
قال د. محمد البرادعي بأنه ربما سيكون هناك نزول إلى الشارع "نزلة أولى وأخيرة" وربما تصل الأمور إلى العصيان المدني يا ترى هل هذه خطوة ومرحلة جديدة من المعارضة؟
نحن لدينا الآن 800 ألف توقيع، ثقافة العصيان جديدة على المجتمع المصري، ونحن في حملة طرق الأبواب نناقش الناس حول كيفية العصيان المدني لانها ثقافة جديدة. في البداية لم يكن لدينا جمهور للمشاركة في العصيان، أما الآن فلدينا 800 ألف ولو خرج 100 ألف فقط في عصيان مدني، فإن ذلك يمكن أن يحدث تغييراً مهماً كبيراً في المعادلة.
ولكن في حال نزول هؤلاء، وبالرقم الذي افترضته 100 ألف، أليس في نزولهم إلى الشارع خطر على حياتهم بأن يقمعهم النظام ويصفهم بالمشاغبين، ويستغل أي حجة لقمعهم، وبالتالي يخشى الناس من النزول إلى الشارع ويتخلون عن المعارضة؟
الحرية لها ثمن، ومن لا يريد أن يدفع ثمنها، فلا ينزل إلى الشارع. كل الذين يعرفون أنهم سيتعرضون لهذا، كلهم مستعدون أن يدفعوا الثمن في سبيل حريتهم، في سبيل حياة ديمقراطية سليمة، في سبيل انتخابات حرة سليمة. يجب أن يتعلم الناس دفع الثمن، وهذا هو الايجابي في الموضوع. وحين تأسست حركة كفاية 2004 قامت بشيء مهم جداً وهو أنها كسرت ثقافة الخوف. واليوم حين يكتب المرء اسمه ورقمه القومي ويوقع على وثيقة تدعو إلى التغيير، إنه يكون بذلك كسر حاجز الخوف، وهذا أمر مهم للغاية.
إذن، ألا يمكن القول بأن هذا يدل على الديمقراطية وأن النظام متسامح مع المعارضة لتمارس نشاطها بحرية؟
لا، ليس هناك تسامح. ففي الأسبوع الماضي وخلال حملة طرق الأبواب، تعرض لنا الأمن بشكل ملفت. وحين تنزل إلى الشارع فإنك مستعد لدفع الثمن وتتعرض لأي أذى، لأنك تدافع عن قضية مهمة، وكل من يشاركون معنا مؤمنون بذلك. والشعب المصري 80 مليون، ولا يمكن أن تجمع الـ 80 مليون حول فكرة واحدة، ولكن هناك ريادة وهناك من يتقدمون الصفوف، ويقدمون النموذج. وهذه الحركة تقدم النموذج للمصريين ليتقدموا ويطالبوا بحقوقهم.
لننتقل إلى جانب آخر، من اللافت للانتباه في هذه الحملات استخدام الانترنت كسلاح وأصبح هناك نوع من حرب الاونلاين، كيف تفسرون ذلك، وهل للانترنت تأثير كبير؟
أكيد، نحن نكسر ثقافة الخوف خطوة خطوة، في البداية لم يكن الكلام ممكناً، ولا التعبير عن الرأي. وحين أسسنا حركة كفاية عام 2004 بدأنا بالنزول إلى الشارع والتظاهر، ونقول للناس لا تخافوا. واستخدام التكنولوجيا الحديثة أمر مهم جداً ومؤثر، ونحن سنستخدم مستقبلاً كل إمكانيات التكنولوجيا الحديثة في نشر الفكرة. فهناك إمكانيات عديدة للتحرك من خلال الالتقاء بالناس واستخدام الانترنت والتويتر وإرسال الرسائل. وبالطبع، النظام لم يسفر بعد عن وجهه القبيح بأن يقاوم بشدة، وعندما يجد الجد سنرى وجهاً آخر للنظام.
أجرى الحوار: عارف جابو
مراجعة: حسن زنيند