ولد جورج بوشنر في عام 1813 في مدينة غوديلاو بالقرب من مدينة دارمشتات، حيث كان يعمل والده طبيبا. وبعد ثلاث سنوات رحل مع عائلته إلى مدينة غيسن حيث أنهى تعليمه المدرسي هناك، وكان بوشنر مشهورا في مدرسته لإلقائه الكثير من الكلمات باللغة اللاتينية. ونظراً لتأثره بوالده الطبيب قرر بوشنر دراسة الطب والعلوم الطبيعية، ما دفعه إلى التسجيل في جامعة شتراسبورغ في فرنسا، حيث سكن لدى قسيس هناك تزوج من ابنته فيما بعد.

وإلى جانب دراسته فقد كان بوشنر منشغلا أيضا بإلقاء المحاضرات التي تدور حول الأوضاع السياسية والاجتماعية السيئة السائدة في ألمانيا في ذلك الوقت. وكان يرى أن استخدام العنف والقوة هو السبيل الوحيد لحل تلك المسائل السياسية والاجتماعية. وفي عام 1833 عاد بوشنر إلى ألمانيا ليكمل دراسته في جامعة غيسن.

توظيف الأدب في خدمة الفكر

أسس جورج بوشنر في عام 1834 في مدينتي غيسن ودرامشات "جمعية حقوق الإنسان" وأصدر كتيبا سماه "مرسل هيسن" (Der Hessische Landbote) يدعو فيه إلى تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية في ألمانيا. وفي الوقت نفسه تم القبض على صديقه مينيغرودي وفي حوزته 158 كتيبا مطبوعا. وبعد أن اكتشف بوشنر قيام السلطات الألمانية بتفتيش بيته وأوراقه، هرع مسرعا إلى مدينة أوفنباخ لتحذير أعضاء "جمعية حقوق الإنسان" التي أسسها لكنه لم ينجح بالحول دون القبض عليهم، كما باءت محاولته لإطلاق سراح صديقه مينيغرودي هي الأخرى بالفشل.

...رغم الملاحقة

وفي مطلع عام 1835 تم استجواب بوشنر على إثر قضية الكتيب الممنوع من قبل لجنة قضاة في مدينة أوفينباخ. وبعد دعوته للاستجواب للمرة الثانية هرب بوشنر عبر الحدود الفرنسية إلى مدينة ستراسبورغ، مما أدى إلى إصدار أمر بالقبض عليه. وبالرغم من التهديد المستمر الذي كان يطارده، إلا أن بوشنر وبجانب اهتمامه البالغ بدراساته العلمية، كان ناشطا أيضا في المجال الأدبي، حيث أصدر في عام 1835 عمليين أدبيين هما دراما "موت دانتون" (Dantons Tod) ورواية قصيرة بعنوان "لينز". كما ألف كوميديا بعنوان ""ليونس ولينا" كان قد بعث بها للمشاركة في جائزة أعلنت عنها أحد دور النشر الألمانية.

إهتمام علمي

أما في المجال العلمي فقد حصل بوشنر نتيجة لأبحاث قام بها على الجهاز العصبي للأسماك على درجة الدكتوراة في جامعة زيورخ، حيث سمح له فيما بعد بالعمل كأستاذ مساعد. وفي نوفمبر من عام 1836 بدأ بوشنر بكتابة مسرحية "فويتسك" (Woyzeck) التي استطاع إنهاء الجزء الأكبر منها قبل وفاته. وقد أصيب بوشنر في عام 1837 وهو في سن الرابع والعشرين بمرض التيفوس الفتاك ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل خطير ووفاته في نفس العام.

وتكريما لهذا الأديب الطبيب الثوري الألماني تمنح الأكاديمية الألمانية للغة والشعر منذ العام 1951 جائزة "جورج بوشنر" والتي تعتبر من أرقى الجوائز التى تمنح للعاملين في حقل الأدب في ألمانيا تكريماً لأعمالهم الفنية.