1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جولات بحرية لمساعدة المهاجرين على "مواجهة خوفهم" من البحر

٥ أكتوبر ٢٠٢٢

لا يخفي عمر وعبد الرحمن وأبو بكر خوفهم من البحر، فتجاربهم السابقة كانت "مرعبة" أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا. ولمواجهة هذا الخوف، تنظم جمعية "لو تون بارتاجي" رحلات بحرية لهؤلاء الشبان المهاجرين.

عبر أبو بكر البحر المتوسط قادماً من تونس، على متن قارب متهالك. رحلة جعلت مشاعر الخوف تسيطر على علاقته بالبحر.
عبر أبو بكر البحر المتوسط قادماً من تونس، على متن قارب متهالك. رحلة جعلت مشاعر الخوف تسيطر على علاقته بالبحر.صورة من: Infomigrants

يتمتع رصيف "إيل تودي" بجو هادئ في نهاية الصيف، وهي بلدة ساحلية صغيرة تقع في غرب مقاطعة بريتاني الفرنسية. يجتمع المصطافون والسكان المحليون لتناول طعام الغداء على شرفات المطاعم، مستمتعين بأشعة الشمس الأخيرة قبل الخريف.

على الرصيف المقابل للمطاعم وبجانب بعض القوارب الراسية، يقف عبد الرحمن، وهو شاب غيني يبلغ 16 عاماً، وصل إلى المنطقة قبل ثلاثة أسابيع.

برفقة شابين آخرين، كان عبد الرحمن على وشك ركوب زورق "تونغانيكا" الأبيض، والذي يملكه غايل وسيلفي. هذان الفرنسيان يتطوعان مع جمعية "لو تون بارتاجي"،  والتي ترافق القصر غير المصحوبين بذويهم في مدينة "كيبمبر" (ِQuimper). عند وصولهم إلى المدينة، يتم إيواء هؤلاء الشباب في مجموعات صغيرة مكونة من شخصين أو ثلاثة، في غرف في فندق "لو دوبليكس" في وسط المدينة.

في هذا المبنى القديم الواقع على ضفاف نهر "أوديت"، والذي يتوسط مبنى المجلس العام لبريتاني ومبنى المحافظة، كانت الأيام طويلة بالنسبة للشباب المهاجرين، الذين ينتظرون الاعتراف بأنهم قاصرون من قبل مجلس مقاطعة "فانيستر".

قارب صغير حمل الشبان حتى سفينة "تونغانيكا" قبالة "إيل تودي". المصدر: مهاجر نيوزصورة من: Infomigrants

في كانون الثاني/يناير، أعلن رئيس مجلس المقاطعة، مايل لو كالان، أنه وقع بروتوكولا مع المحافظة يهدف إلى تسريع الإجراءات. لكن في الواقع، تكون أوقات الانتظار عشوائية للغاية، ويمكن للشباب الانتظار بضعة أسابيع، وغالبا عدة أشهر. حتى أن البعض يصل إلى سن الرشد دون تلقي أي رد من السلطات، وفقا لمتطوعي "لو تون بارتاجي".  انتظار يولد التوتر والقلق والملل لهؤلاء المراهقين، الذين أضعفتهم بالفعل رحلة الهجرة. وتسعى الجمعية من خلال تقديم نزهات وأنشطة رياضية مختلفة لهم، إلى جعل هذه الفترة أقل صعوبة عليهم.

بمجرد رؤية ابتسامة عمر وهو يقف مرتاحاً على متن "تونغانيكا"، نعلم أن جهود المتطوعين تؤتي ثمارها. كان الشاب السنغالي البالغ من العمر 17 عاما يتحدث بهدوء في الجزء الخلفي من القارب، عندما عرض عليه غايل أن يحل محل القبطان، ليقف الشاب بكل ثقة ويستلم دفة القيادة. ومع ذلك، فإن تجربة المراهق في البحر تتلخص في عبور محفوف بالمخاطر للمحيط الأطلسي، باتجاه جزر الكناري.

يوضح غايل "هذا النشاط يجعلهم يرون شيئا آخر غير الفندق خلال يومهم، ولكنه أيضا وسيلة لكسر الحواجز بينهم وبين البحر. في هذه المدينة، نحن محاطون بالمياه، لذا فمن المحزن جدا أن هؤلاء الشباب لا يمكنهم الاستفادة من ذلك".

نشأت فكرة الرحلات البحرية للمهاجرين في أذهان المتطوعين قبل عام. حيث كان غايل وسيلفي يتجولان بالقرب من أرصفة "إيل تودي"، بصحبة أصدقائهم والمهاجر الذي يستضيفونه. يصفون ما حدث، "كان الشاب متحجرا. كان يتشبث بالجدران من الخوف. لقد أثر ذلك فينا حقاً، قلنا إنه يجب القيام بشيء ما".

عبر عمر المحيط الأطلسي حتى وصل إلى جزر الكناري. المصدر: مهاجر نيوزصورة من: Infomigrants

الزوجان الشغوفان بالإبحار، يعملان ببيع المراكب الشراعية الخاصة بهما. وبفضل الأموال التي تم جمعها والتي أضيف إليها الدعم المالي للأسرة، تم شراء قارب بمحرك "أكثر ملاءمة للشباب ومخاوفهم".

"أضحك لإخفاء مخاوفي"

عندما يتحرك القارب بعيدا عن الشاطئ، فإن سرعته تجعل التيار غير محسوس. ومع ذلك، تحرص سيلفي على تحذير الشبان عندما تهز الأمواج "تونغانيكا"، خاصة عندما يمر قارب آخر. تقول سيلفي "القيادة مطمئنة بالنسبة لهم، وتمنحهم شعورا أفضل بالتحكم في الموقف. لهذا السبب نقترح عليهم أن يجربوا شعور القيادة،  حتى يتمكنوا من الاستمتاع بالنزهة في أسرع وقت ممكن".

يقول أبو بكر وهو شاب غيني غادر كوناكري في تشرين الأول/أكتوبر 2021، "أنا لا أظهر الخوف، هذا صحيح، لكنني لا أشعر أنني بحالة جيدة. أضحك لإخفاء الضغط الذي أشعر به، لهذا السبب جئت اليوم لمواجهة خوفي".

في نهاية الشتاء الماضي، استقل الشاب زورقا خشبيا مع حوالي 30 شخصا آخرين من أحد الشواطئ في صفاقس في تونس، بنية الوصول إلى لامبيدوزا. انجرف القارب لمدة ثلاثة أيام في البحر حتى أنقذهم خفر السواحل الإيطالي. يقول الشاب "لم يكن لدينا طعام وقليل من الماء. لكن وضعي لم يكن جيداً أبداً على القارب، لدرجة أنني كنت أتقياً عندما أشرب. كنت واحداً من ثلاثة أشخاص دون سترة نجاة، على الرغم من أنني لا أستطيع السباحة. توكلت على الله. لأنه بمجرد مغادرة القارب، يكون الوقت قد فات، لا سبيل للرجوع".

عبد الرحمن يمارس الصيد في الجزء الخلفي من السفينة. المصدر: مهاجر نيوزصورة من: Infomigrants

خلف غرفة القيادة، وهي المقصورة المحمية حيث توجد معدات الملاحة وغرفة معيشة صغيرة، بدأ عبد الرحمن في الصيد. يتلاعب الغيني بالطُعم البلاستيكي على شكل سمكة صغيرة. ولم يخف دهشته عندما عرضت له سيلفي صورة سمكة "بار" كبيرة تم صيدها قبل أيام قليلة.

وفي طريق العودة إلى الميناء، يستلقي أبو بكر وعمر على ظهر السفينة،  ويستمتعان بأشعة الشمس ويلتقطان بعض الصور،  بينما يباشر عبد الرحمن برمي صنارة الصيد في المياه.

تعود تجربته الأخيرة مع البحر إلى العام الماضي، عندما غادر مدينة العيون المغربية، متجها إلى جزر الكناري مع اثنين من أفراد أسرته. بعد رحلة هجرة صعبة للغاية، تم إنقاذ الشاب بعد عدة ساعات مع ركاب آخرين، لكن أقاربه "بقوا في الماء".

تنتهي رحلة الشبان لهذا اليوم بوصولهم إلى الميناء، لكن الفرق واضح بين نفسيتهم في بداية اليوم، يشوبها القلق والخوف، وأجواء الضحك والاسترخاء التي تبدو عليهم عند مغادرتهم الميناء.

مهاجر نيوز 2022

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW