معروف أن الشباب ينفرون تقليديا من المشاركة في الانتخابات. ففي الوقت الذي يتوجه فيه الكبار إلى صناديق الاقتراع، يفضل صغار السن البقاء في البيت. فهل سيحسم المسنون نتيجة الانتخابات البرلمانية في ألمانيا؟ ليس كليا.
إعلان
يراهن الحزب المسيحي الديمقراطي على نهج خفيف: ففي بناية قديمة في أحد الأحياء ببرلين يعرض الحزب برنامجه الانتخابي بأفلام فيديو رقمية وقلب أحمر كبير يدق رمزيا مثل وتيرة الاقتصاد الألماني. شايين تورنير تجد البرنامج الانتخابي "واضحا وحديثا جدا".
هذه التلميذة من برلين تتجول في حجرة مليئة بعلب من الورق، كُتبت عليها عناوين حول سياسة شؤون العائلة. شايين تورنير بلغت قبل أيام 18 عاما وبإمكانها لأول مرة التصويت في الانتخابات في الـ 24 من سبتمبر ـ مثل ثلاثة ملايين من الألمان الشباب. لكن من ستنتخب؟ هي لم تهتم إلى حد الآن بشكل جيد بالسياسة، لا في المدرسة ولا في حياتها الخاصة. "أشعر أنه من الصعب اتخاذ قرار".
فارق بين الأجيال في السياسة
وهذا ما يشعر به الكثير من الناخبين الشباب ـ وبالتالي يبقون بعيدين عن مكاتب الاقتراع. فالسياسة في ألمانيا تُمارس في الغالبية من أشخاص تتراوح أعمارهم بين 50 و 70 عاما. ويقول الأستاذ كلاوس هوريلمان، أحد الباحثين المرموقين في شؤون الشباب بألمانيا: "الشباب لا يهتمون كثيرا بسياسة الكبار". وهذا ينعكس أيضا في المشاركة الانتخابية: ففي الوقت الذي يذهب فيه الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاما إلى صناديق الاقتراع، يبقى الناخبون الشباب مترددين. فما سبب تدني نسبة مشاركتهم الانتخابية إلى أقل من عشرة في المائة من المتوسط؟ خبير الشؤون الاجتماعية هوريلمان يقول بأنهم يشعرون بأن الوضع العام السياسي يعمل حتى بدون مشاركتهم. والفكرة وراء هذا الموقف هي: "لماذا يجب عليّ المشاركة في انتخابات، وأنا لا أعرف تأثيري في ذلك، ويبدو أن كل شيء معروفا؟". الشباب لا يتجاهلون الأحزاب، ولكنهم يتابعونها عن بعد.
التعلم من تجربة "بريكست" في بريطانيا
في غالب الأحيان يشكك الشباب فيما إذا كان صوتهم الذي يمنحونه يؤثر في شيء. الاختبار لهذا الشيء ظهر في بريطانيا، مع التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي: فالشباب الذين يساندون في غالبيتهم بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ظلوا بعيدين عن الاقتراع، وتركوا المجال مفتوحا لمؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي (وهم كبار السن). وهذا أدى في ألمانيا إلى تغير في التفكير، كما يلاحظ الخبير هوريلمان، الذي يقول إن الناخبين الشباب لم يعودوا منذ ذلك الحين يسترخون ويتركون المجال "للأرانب الكبار".
التحاق أكبر بالأحزاب
وفي هذه الأثناء يلتحق مجددا شباب بالأحزاب التي يبقى فيها متوسط العمر عند سن الستين عاما تقريبا، مثل لويزا هاتيندورف، البالغة من العمر 19 عاما والتي تنشط منذ سنة في شبيبة الخضر وهي في هذه الأثناء عضو في حزب الخضر. وما يعتبره شباب آخرون مملا تراه هي فرصة للانضمام مع آخرين وتحريك بعض الأمور. "تعلمت أن أسأل بعمق وأن يكون لدي رأي". وهي تعتبر أن العمل داخل حزب هو "الطريق المباشر لممارسة التأثير على السياسة". وهي تسمع في الغالب من أقران لها أن ذلك لا يأتي بأي شيء. لكنها تقول: "بصفة عامة أعتبر أن جيلي يهتم بالسياسة كثيرا". وهذه الطالبة في شعبة القانون ستشارك هي الأخرى لأول مرة في الانتخابات البرلمانية في الـ 24 من سبتمبر/أيلول.
"الخروج من الزاوية"
هذه الملاحظة يشاطرها الباحث في شؤون الشباب، كلاوس هوريلمان، الذي يعتبر أن التحاق الشباب الجديد بالأحزاب أمر "مفاجئ ومثير للانتباه". وهذا لم يحصل منذ زمن في ألمانيا. وليس معروفا ما إذا كان ذلك موجة عابرة أم أنه توجه مستمر.
على كل حال هناك فرصة للأحزاب التي وجب عليها الآن توضيح لماذا يكون مجديا نيل العضوية داخل الأحزاب. "ماذا سيجلب لي ذلك؟" هو سؤال يشغل اهتمام الشباب في عالم فيه عدة خيارات. وفي هذه النقطة بالذات يمكن للأحزاب، حسب رأي الباحث في شؤون الشباب، أن تقوم بالدعاية لما يمكن لها أن تقدمه للشباب وأن تخرج من زاوية التقوقع.
"جيل ميركل"
ما هو تأثير ذلك على الناخبين الشباب الذين لا يعرفون إلى حد الآن إلا مستشارة واحدة وهي أنغيلا ميركل؟ لويزا هاتيندورف يزعجها بوجه خاص أن ميركل تروج لسياستها وكأنها "بلا بديل" ـ وهذا يضر بثقافة الجدل الديمقراطية. وشعور الكثير من الشباب "بعدم القدرة -في كل حال- على تغيير شيء" يعود سببه أيضا إلى فترة الحكم الطويلة للمستشارة.
خبير شؤون الشبيبة هوريلمان يرى أن هناك ورطة، إذ يقدر الشباب الاستقرار السياسي والنجاحات الاقتصادية لألمانيا ويسجلونها إيجابيا في سجل المستشارة. فهم لا ينتفضون ضد ما هو قائم حاليا ويبقون في حالة شك، بعيدين عن السياسة. ويقول الخبير هوريلمان بأن هذا الوضع ينبغي ألا يستمر طويلا، لأنه يحجر الأحزاب ويعزز الفارق بين الأجيال القائم.
يمكن للأحزاب أن تفعل أكثر
لكن الأحزاب ماتزال تواجه صعوبات في التوجه إلى الشباب وتقديم إمكانيات جذابة لهم للمشاركة. وحتى التلميذة شايين تورنير لا تشعر بأن الأحزاب تخاطبها، وتقول: "كشباب لا نشعر بأن الخطاب موجه لنا بشكل جيد ولا تتم إثارة انتباهنا للسياسة". بل هي شعرت إلى حد الآن بأنها مقصاة من السياسة، علما أنه يجب عليها الآن أن تتخذ القرار لاختيار حزب ما.
وللحصول على معلومات أكثر تأمل شايين لو أنه يتم تخصيص المزيد من الأماكن التي تقدم معلومات إضافية، كالموقع هذا الموجود في برلين للتعريف بالبرنامج الانتخابي للحزب المسيحي الديمقراطي. وخلافا لكثير من أقرانها، تعتزم الشابة المشاركة في الانتخابات، لأن "الديمقراطية تكون فقط من خلال ذلك فعّالة".
نينا فيركهويزير/ م.أ.م
تاريخ الملصقات الانتخابية في ألمانيا: جوارب وزهور واستفزاز وسياسة
حين كان الصراع الانتخابي يمثل مواجهة حقيقة بين معسكرين إيدولوجيين مختلفين، كانت الملصقات الانتخابية تحذر من الشيوعية عبر الجوارب الحمراء وأخرى من مضاربات البورصة. بأي شعارات فازت أحزاب ألمانيا بالانتخابات البرلمانية؟
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Gerten
بهذا الشعار للحزب المسيحي الديمقراطي "لا تجارب!"، أراد الحزب المحافظ الابتعاد عن الخوض في تغييراك كبيرة في ألمانيا. ويبدو أن ذلك أعجب الناخبين الألماني في ثاني انتخابات برلمانية في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية عام 1953. وحاز الحزب فيها على الأغلبية المطلقة. ويعتبر هذا الشعار أحد أبرز الدعايات الانتخابية في تاريخ ألمانيا الحديث.
صورة من: picture-alliance / akg-images
الديمقراطية والاشتراكية – هدفان رفعهما الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1949 بُعيد تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية. ففي أول انتخابات برلمانية أراد الحزب الاشتراكي أن يكون جسراً بين شطري ألمانيا المقسمة إلى غربية وشرقية، ودعا إلى الاقتصاد المنظم. لكن الحزب المسيحي الديمقراطي الذي أُعيد تأسيسه آنذاك كان يدعو إلى ارتباط وثيق بالغرب وإلى اقتصاد السوق الاجتماعي.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
في أول انتخابات للبرلمان الألماني "بوندستاغ" 1949 كان دمار الحرب يغطي معظم أرجاء ألمانيا، فكان من الطبيعي أن تجذب الأحزاب الناخبين بوعود لإعادة الإعمار. ولهذا خاطب الحزب المسيحي الديمقراطي ناخبيه بـ: "البناء والعمل" بدلاً من "البيروقراطية والاقتصاد الموجه"، في إشارة إلى الاقتصاد المنظم الذي كان يطالب به الحزب الاشتراكي. يقول الملصق: الاقتصاد في مفترق طرق. أصواتنا تقود إلى العمل والبناء.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
يبدو هذا الملصق الانتخابي كلوحة زيتية قديمة، حيث ينظر كونراد آديناور، أول مستشار في تاريخ ألمانيا، إلى ناخبيه. على كل حال نجح السياسي الكاثوليكي من الحزب المسيحي الديمقراطي المنحدر من منطقة وادي الراين في الفوز مجدداً بانتخابات 1953. واستمرت حقبة آديناور عقداً كاملاً حتى حل محله زميله في الحزب لودفيغ إيريهارد عام 1963.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
حذر الحزب الديمقراطي الليبرالي عام 1953 من المرشح الاشتراكي لمنصب المستشار إريش أولنهور، حيث صُور على الملصق. على الملصق كمتواطئ مع الاتحاد السوفيتي. تصوير موسكو كزارع الموت جاء ليدغدغ مخاوف الكثير من الناخبين من الاتحاد السوفيتي. واستمرت الخطة، حيث أُعيد انتخاب آنديناور بسبب نهجه المعادي للشيوعية. كُتب على الملصق: حيث يحرث أولنهور تزرع موسكو!
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أم أنيقة الملبس تتبضع مع طفلتها. وحازت ربة المنزل المثالية المفترضة هذه على إعجاب الناخبين الألمان. وبنهجه المحافظ وشعاره الانتخابي "الرخاء للجميع" نجح مرشح الحزب المسيحي الديمقراطي لودفيغ إيريهارد في الفوز بمنصب المستشار عام 1965 ليكون ثاني أكبر فوز انتخابي في تاريخ الحزب. كُتب على الملصق: أمننا الحزب المسيحي الديمقراطي.
صورة من: picture-alliance/akg-images
ملصق جداري كبير، لكنه لم يعد مؤثراً في الوقت الحاضر. حاول الحزب الاشتراكي كسب أصوات الناخبين بمرشحين من الرجال فقط عام 1969. وبعد محاولتين خائبتين نجح نائب المستشار فيلي براندت بالفوز بمنصب المستشار في إطار تحالف حاكم من الاشتراكيين والليبراليين. كُتب على الملصق: كي يمكنكم العيش بسلام غداً. نحن نؤسس ألمانيا الحديثة. تأمين الوظائف واستقرار الاقتصاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
رسالة واضحة من الاشتراكيين الديمقراطيين: "فيلي براندت يجب أن يبقى مستشاراً لألمانيا". عام 1972 أصبح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أقوى كتلة برلمانية بالبوندستاغ بنسبة 45.8 في المائة. واعتبرت النتيجة الممتازة للانتخابات موافقة لسياسة براندت الرامية للتهدئة مع الكتلة الشرقية. ونال براندت جائزة نوبل للسلام عام 1971 لسياسته هذه.
صورة من: Imago
حتى لو بات رمز عباد الشمس اليوم جاذبية مُعادة فإن هذا الرمز ما زال مرتبطاً ببساطة بحزب الخضر. وبواسطته دخل الحزب الذي يضع حماية البيئة ضمن أهدافه، إلى البرلمان الألماني للمرة الأولى عام 1983. وكان مرشح الحزب البارز يوشكا فيشر (أقصى اليمين) مرتدياً حذاء رياضياً. ورغم التغيرات الكثيرة في مظهر أعضاء الحزب وملبسهم لكن زهرة عباد الشمس لم تتغير.
صورة من: picture-alliance / dpa
أثارت حملة الجوارب الحمراء للمسيحي الديمقراطي الكثير من الجدل، لكن رسالتها كانت واضحة: حملة ضد الائتلاف المحتمل بين الاشتراكي الديمقراطي وحزب الاشتراكية الديمقراطية، وريث حزب الوحدة الألماني الذي حكم ألمانيا الشرقية. وحذر منه أمين عام المسيحي الديمقراطي آنذاك. ونشأ حزب الوحدة الألماني عام 1946 بالإدماج القسري للاشتراكي الديمقراطي والحزب الشيوعي في منطقة الاحتلال السوفيتية آنذاك.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Gerten
ينظر مستشار ألمانيا الأسبق هيلموت كول إلى ناخبيه واثقاً من النصر. وروج الحزب الديمقراطي المسيحي لمستشار الوحدة بألوان العلم الألماني. تظهر على الملصق عبارة "الأمر يتعلق بألمانيا"، ويوحي الشعار بأن ألمانيا بمأمن في يدي كول. كما يبدو منافسه الاشتراكي رودولف شاربينغ (على اليمين) بشكل يوحي بعدم الرسمية وهو يضع سترته على كتفه.
صورة من: picture-alliance/dpa
أراد وزير الخارجية نائب المستشارة الأسبق غيدو فيسترفيله عام 2002 أن يحوز على 18 بالمائة من الأصوات لحزبه الديمقراطي الليبرالي. ورغم تحسن نتائج الحزب من 6.2 بالمائة في 1998 إلى 7.4، إلا أن خطط فيسترفيله بقيت أمنيات فقط. كُتب على الملصق الانتخابي: تخفيض الضرائب وخلق المزيد من الوظائف.
صورة من: picture-alliance / ZB
استفزاز بحت، لكن فقط لهؤلاء الذين يفهمونه. كاتيا كيبينغ، مشرحة حزب اليسار/ والاشتراكية الديمقراطية، أرادت أن يُخرج لسانها للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. ويُذكر اللسان باللون الأصفر فوراً بالعلامة التجارية لفرقة الروك الشهيرة رولينغ ستونز. كُتب على الملصق: دريسدن تنتخب اليسار والاشتراكية الديمقراطية
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Killig
ملصقات مرشح الخضر كريستيان شتروبله كانت ملونة مثل مجلة رسوم. ونجح شتروبله عام 2002 من الدخول إلى البرلمان الألماني عن طريق التفويض المباشر. ولا يُعرف ان كان قد نجح بفضل هذا الملصق؟ لكن المعروف أن الكثير من هذه الملصقات سُرقت وكانت الكثيرون يفضلون تعليقها في شققهم بحي كرويتسبيرغ البرليني. كُتب على الملصق: جردوا أسواق المال من أسلحتها! فيرا كيرن/ ع.غ