ترحيل لاجئين أفارقة يتحول إلى امتحان صعب لسياسة حكومة ميركل
٤ مايو ٢٠١٨
الوضع في ملجئ للاجئين ببلدة إلفانغن جنوب ألمانيا، ما يزال متوترا، هكذا تصف الشرطة الأجواء في الملجئ حيث تسببت عملية ترحيل أكثر من لاجئ في تدخل الشرطة بقوة، مما أثار جدلا سياسية وإعلاميا كبيرا في ألمانيا.
إعلان
داهمت الشرطة الألمانية ملجأ للمهاجرين في بلدة إلفانغن بجنوب ألمانيا، شهد قبل ثلاثة أيام اشتباكات بين 150 طالبا للجوء والشرطة، حالت الاثنين الماضي دون ترحيل طالب لجوء من توغو (23 عاما) إلى إيطاليا.
ودفعت المواجهة التي وصفتها الشرطة بأنها كانت من طرف بعض اللاجئين "شديدة العدوانية والعنف"، بعض الساسة من اليمين الشعبوي والمحافظين للقول إن وصول أكثر من 1.6 مليون مهاجر البلاد منذ عام 2014 يمثل تهديدا أمنيا.
وقالت الشرطة إنها اعتقلت بضعة أشخاص للاشتباه بهم في جرائم تتعلق بالمخدرات خلال المداهمة ونقلت 17 من المقيمين في الملجئ الذي يضم قرابة 500 طالب لجوء، معظمهم أفارقة إلى مواقع أخرى. وقال متحدث باسم فريق طبي إن ثلاثة أشخاص، بينهم ضابط بالشرطة أصيبوا بجروح طفيفة خلال المداهمة.
وعثرت الشرطة أيضا على الشاب التوغولي الذي عرفته وسائل إعلام محلية باسم يوسف والذي كانت السلطات تحاول ترحيله يوم الاثنين. ولم يتم العثور على أي أسلحة خلال المداهمة التي بدأت فجرا.
وقال الضابط الكبير برنهارد فيبر إن الشرطة تعتقد أن "منطقة تفتقر للقانون بها كيانات منظمة" كانت تتشكل في الملجئ بهدف منع السلطات من تنفيذ أوامر الترحيل، ولذلك تحركت السلطات. وأضاف "لن نتسامح مع وجود أي مناطق خارجة عن القانون، كما اتضح هنا".
ولا تزال ألمانيا تجد صعوبة في دمج المهاجرين الذين فرَّ كثير منهم من الحرب أو الصراعات في الشرق الأوسط. وتواصل السلطات دراسة قائمة طويلة من طلبات اللجوء، كما أن دمج المهاجرين في سوق العمل يمثل تحديا كبيرا. وتبحث الحكومة قواعد للم شمل أسر المهاجرين.
سين ماكنلي، مدير أعمال مجلس اللاجئين في ولاية بادن فورتمبرغ قال لـ DW بأن ملجأ اللاجئين لم يشكل إلى حد الآن أي مشكلة. لكنه اعترف بوجود صعوبات داخل دور الإيواء التي تستقبل مقدمي طلبات اللجوء، وقال:" أعرف أن الأشخاص الذين يُرحلون إلى إيطاليا يجدون أنفسهم في الغالب في الطرقات. ومفهوم أن الناس الذين يشعرون بأنفسهم في حالة طارئة يكونوا خائفين ويفعلون كل ما في وسعهم لمنع ترحيلهم".
"لطمة على الوجه"
وقال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في مؤتمر صحفي بأن الأحداث في بلدة إلفانغن تمثل "لطمة على وجه السكان المتمسكين بالقانون". وقال بأنه واضح بالنسبة إليه "أنه لا يحق دهس حق الضيافة بالأرجل".
ويؤيد الوزير زيهوفر إقامة مراكز يسكن فيها طالبو اللجوء طوال مدة النظر في طلب لجوئهم. وفي السنة الماضية تم تعديل القانون الذي يسمح للولايات الألمانية بإيواء طالبي اللجوء لمدة تصل إلى سنتين في دور إيواء أولية. ويقول منتقدون بأن هذا الوضع يمنع اندماج اللاجئين. وترفض نقابة الشرطة الألمانية هذه المراكز وتقول بأن موظفيها ليسوا مكونين لحراسة "سجون".
وبالرغم من ذلك فإن الوزير زيهوفر يعتزم في الأشهر المقبلة وضع خمسة أو ستة مراكز تحت التجربة. ووزير الداخلية هو في آن واحد رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي الذي يناضل قبل الانتخابات البرلمانية في بفاريا في سبتمبر من أجل كل صوت، لاسيما في مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي اليميني المعروف بموقفه العدائي للاجئين.
وينتقد ساسة من أحزاب أخرى بعد الأحداث في بلدة إلفانغن إقامة دور لاجئين كبيرة ومركزية. "هناك تنشأ ديناميكية وقوة عنف، وكل ذلك على حساب الشرطة"، كما قالت خبيرة الشؤون الداخلية من حزب الخضر، إيرينه ميهاليتش.
طول مدة الجلوس والانتظار
شتيفان دونفالد من مجلس اللاجئين البفاري يصف ظروف الحياة في مراكز الإيواء الكبرى بأنها غير مقبولة. وقال:" تخيل أنت تقعد مع ثلاث أو أربعمائة آخرين من الأشخاص. وفي كل ليلة تأتي الشرطة وتأخذ واحدا منهم ولا يعرفون هل سيطالهم الأمر في المرة المقبلة. وهذا يتسبب بالطبع في توتر كبير بين المقيمين".
وينتظر طالبو اللجوء في الغالب شهورا حتى يتم البت في طلباتهم. وأثناء تلك الفترة لا يحق لهم مزاولة عمل أو مباشرة تكوين مهني وحتى مباشرة دروس تعلم اللغة الألمانية. ويقول دونفالد:"الانتظار طوال شهر قد يبدو مثل عطلة، لكن عندما ينتظر الشخص نصف سنة ولا يحق له فعل أي شيء، فإن المرء يبدأ في التفكير هل أبقى هنا؟ هل بإمكاني الاختباء؟ أوجب علي محاولة إيجاد فرصة عمل بطريقة غير قانونية؟ أو أبدأ في أعمال إجرامية؟".
ويؤطر ما يُسمى نظام دبلن سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وبموجبه يجب على اللاجئين طلب اللجوء في البلد الذي دخلوه أول مرة في الاتحاد الأوروبي. والكثيرون يصلون في المرة الأولى إلى اليونان أو إيطاليا. وبحسب دونفالد فإن اللاجئين يتم إيواؤهم في هذين البلدين في الغالب في ظروف أدنى من إنسانية.
ويقول دونفالد:"في إيطاليا لا يعتني أحد بغالبيتهم. ولا يحصلون على ملجئ يأويهم، فهم يعيشون في الشارع. وبما أنهم لا يملكون المال، فإنهم يعيشون بمزاولة أعمال غير قانونية والتسول أو الدعارة، وبالطبع لا يريد الأشخاص العودة إلى هناك".
بن كنايث/ م.أ.م
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش