حاملة الطائرات الروسية كوزنيتسوف تبلغ الساحل السوري
١٢ نوفمبر ٢٠١٦
وصلت حاملة الطائرات الروسية أميرال كوزنيتسوف إلى قبالة الساحل السوري، لتعزيز القوات العسكرية الروسية في سوريا. في حين استعاد الجيش السوري والقوات الموالية له المناطق التي فقدها قبل أسبوعين في هجوم المعارضة غربي حلب.
إعلان
أعلن قائد حاملة الطائرات الروسية النووية الوحيدة أميرال كوزنيتسوف سيرغي أرتامونوف السبت (12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016) أن "سفن مجموعة حاملة الطائرات الروسية وصلت إلى المنطقة المحددة في شرق البحر المتوسط"، وقال أرتامونوف لقناة "روسيا الأولى" العامة إن حاملة الطائرات "تقوم بأداء مجمل مهامها في المياه إلى الغرب من الساحل السوري". وأضاف أن الطائرات على متن حاملة الطائرات كوزنيتسوف تقوم بطلعات "يومية تقريبا"، لا سيما للتدرب على التعاون مع الميناء السوري القريب. ويأتي الإعلان عن وصول حاملة الطائرات في حين تخيم اجواء من التوتر على العلاقات بين روسيا والغرب بشأن حل النزاع السوري الذي أوقع أكثر من 300 ألف قتيل منذ 2011.
وتنفذ روسيا منذ أكثر من سنة ضربات جوية دعما لقوات الحكومة السورية. وتتمركز حاملة الطائرات عادة في سيفيرومورسك في بحر بارنتس، ويوجد على متنها عدة طائرات ومروحيات قتالية بينها الطائرات المطاردة سوخوي-33 وميغ-29-كوبر ومروحية كا-52 ك. ولروسيا قاعدة جوية في حميميم قرب اللاذقية -مِن حيث قامت بآلاف الغارات الجوية منذ بداية تدخلها في 30 أيلول/سبتمبر 2015- ومنشآت عسكرية بحرية في طرطوس.
واستعاد الجيش السوري كافة المناطق التي فقدها بعد أسبوعين من هجوم للفصائل المعارضة والإسلامية عند الأطراف الغربية لمدينة حلب، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "تمكنت قوات النظام السوري والمسلحون الموالون له الجمعة وبغطاء جوي رافقه قصف مدفعي وصاروخي مكثف من استعادة السيطرة على منطقة ضاحية الأسد وقرية منيان" عند أطراف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرتها في مدينة حلب. وفي ريف حلب الجنوبي، سيطرت قوات النظام على قريتي كفر حداد وخربة الزاوي، بحسب المرصد.
وبالنتيجة تكون قوات النظام السوري "استعادت كافة المناطق التي خسرتها" خلال هجوم أطلقته الفصائل، وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، في 28 تشرين الأول/ أكتوبر بهدف كسر الحصار عن الأحياء الشرقية في مدينة حلب.
وأطلقت الفصائل المعارضة السبت قذائف على الأحياء الغربية أسفرت عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم طفلة، في حيي حلب الجديدة والسليمانية وفق المرصد. وحاولت الفصائل تكرارا كسر الحصار المفروض منذ حوالي أربعة أشهر على الأحياء الشرقية، وتمكنت من ذلك لفترة قصيرة خلال شهر أب/أغسطس، لكن تعذر إدخال المساعدات إلى تلك المنطقة منذ تموز/ يوليو.
وتعد مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري. وكانت قوات النظام نفذت في 22 أيلول/سبتمبر هجوما على الأحياء الشرقية بهدف السيطرة عليها واستمر أسابيع مترافقا مع قصف جوي عنيف. وتمكنت قوات النظام وقتها من إحراز تقدم طفيف على الأرض، بينما تسبب القصف بمقتل 500 شخص وبدمار هائل، ما استدعى تنديدا واسعا من الأمم المتحدة ومنظمات دولية.
ع.م/ ع.ج.م (أ ف ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري