مع دخول حرب حماس وإسرائيل أسبوعها الرابع، لا تزال المعابر مغلقة أمام الفلسطينيين الراغبين في الفرار. أما مزدوجو الجنسية، فيشعرون بأنه تم التخلي عنهم، بينما ذووهم خارج قطاع غزة يشعرون بالعجز.
إعلان
في لهفة وبفارغ الصبر، تعيش آسيا مذكور على أمل تلقي اتصال هاتفي يخبرها بأن معبر رفح الحدودي مع مصر بات مفتوحا حتى تتمكن من مغادرة قطاع غزة.
وتعيش آسيا، وهي أم لطفلين وتحمل الجنسية الكندية، مع أسرتها في القطاع منذ عام 2014 فيما انتقلت منذ بدء الصراع إلى العيش قرب مدينة رفح الفلسطينية.
وفي مقابلة مع DW عبر الهاتف، تقول آسيا: "تلقيت اتصالا قبل أسبوعين من السلطات الكندية لإبلاغي بـأن معبر رفح ربما سيتم إعادة فتحه، وأننا يجب أن نذهب إلى المعبر على مسؤوليتنا الخاصة. لكن لم يحدث شيء فالمعبر مازال مغلقا، لذا نشعر بالوحدة وكأن لا أحد يرغب في مساعدتنا."
وليست آسيا الوحيدة في هذه المعاناة إذ لم تتمكن أي دولة من إجلاء رعاياها من القطاع بمن فيهم الفلسطينيون الذين يحملون جنسيات أخرى.
ويقول مسؤولون ألمان إن مئات الفلسطينيين ممن يحملون جواز السفر الألماني يعيشون في غزة، لكن دون إعطاء أرقام محددة. في المقابل كشف البيت الأبيض أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن تباحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ضرورة ضمان مغادرة الرعايا الأجانب والفلسطينيين من مزدوجي الجنسية.
ويعد معبر رفح المنفذ الرئيسي والوحيد لسكان غزة على العالم الخارجي خاصة بعد أن أغلقت إسرائيل معبري ايرز وكرم أبو سالم (كيرم شالوم) منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي وقرابة 239 رهينة في غزة.
وفي ردها، شنت إسرائيل غارات استهدفت قطاع غزة حيث أفادت السلطات الصحية هناك بمقتل أكثر من 8000 شخص جراء القصف الإسرائيلي.
لكن معبر رفح ما زال موصد الأبواب منذ أن شددت إسرائيل حصارها على القطاع حيث لم يسمح إلا لبعض الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية من الجانب المصري.
تزامن هذا مع توسيع إسرائيل عملياتها البرية والغارات الجوية في القطاع.
يذكر أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
"قصف متواصل"
وتقول آسيا إنها كانت تعيش في شمال مدينة غزة قرب الحدود الإسرائيلية، لكن على وقع الحرب، انتقلت عائلتها إلى فندق بوسط مدينة غزة وهي منطقة كانت تعتبر آمنة نسبيا خلال موجات الصراع السابقة بين إسرائيل وحماس.
بيد أنه مع تجدد الصراع، أبلغ الجيش الإسرائيلي نزلاء الفنادق بضرورة الإخلاء مع مطالبة سكان شمال غزة بالتوجه جنوبا.
وكباقي الغزوايين، اضطرت آسيا إلى الانتقال إلى مدينة رفح الفلسطينية في أقصى جنوب القطاع حيث أقامت أسرتها مع أقاربهم، ورغم النزوح عن منازلهم، لم تشعر العائلة بأي أمان.
وتضيف قائلة: "كانت الليلة الماضية كالجحيم، إنها الأسوأ منذ مجيئنا إلى مدينة رفح حيث استمر القصف المدفعي بلا توقف، لدرجة إننا نشعر بأن البيت يهتز جراء عمليات القصف القريبة. لا يمكن وصف حالة الرعب".
ومع اضطرارها إلى قبول خيار مغادرة القطاع مع إعادة فتح معبر رفح، تشعر بالقلق حيال مصير سكان القطاع ممن لا يحملون جنسيات أخرى.
وفي ذلك، تقول آسيا "أشعر بالأسف لأن كثيرين يطلبون مني مساعدتهم بسبب كوني من مزدوجي الجنسية، لكن لماذا لا يهتم بهم العالم؟"
"أرواحنا في غزة"
وفي البلدة القديمة في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل، يشعر الفلسطيني عز الدين بخاري بقلق عميق على مصير شقيقته وأقاربه ممن يعيشون في غزة.
ويقول "نحن في حالة قلق شديدة بشأن ما يحدث في غزة. عقولنا وأرواحنا هناك. عندما تحين الساعة السابعة صباحا، نشعر بالقلق لأننا ننتظر اتصالات من عائلتي. الأمر في غاية الصعوبة".
ويشير إلى أن معظم أفراد عائلة والدته يعيشون في غزة، لكنه لم يتمكن من زيارتهم منذ أكثر من 16 عاما.
الجدير بالذكر أنه من الصعب على الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة الحصول على تصاريح من السلطات الإسرائيلية لدخول غزة.
ويقول بخاري إن أقاربه كانوا يعيشون في حي الرمال الراقي بوسط مدينة غزة، لكنه تتضرر بشدة جراء القصف، مضيفا "قُتلت عمتي في (حي) الرمال بعد فشل ثلاث محاولات للإخلاء بسبب ضرارة الغارات، لذا اضطرت للعودة إلى المنزل".
ويضيف: "يتنقل الناس من مكان إلى آخر، على أمل أن يوفر لهم ذلك أي شعور بالأمان"، مشيرا إلى أن معظم أقاربه انتقلوا إلى جنوب قطاع غزة. لكن التواصل معهم بات أكثر صعوبة جراء الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للاتصالات.
ويواصل قائلا: "تمتلك شقيقتي أكثر من شريحة اتصال وهي تحاول الاتصال بنا ونحن نتصل بها في أوقات مختلفة. في بداية الحرب، كانت هناك اتصالات معها، الآن أصبحت وتيرة الاتصالات أقل، لكن علينا الاستمرار".
الجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي قام بتوسيع عملياته البرية منذ الجمعة الماضية ما أدى إلى تعطيل شبكات الهاتف والانترنت إلى حد كبير، بيد أنها عادت للخدمة مجددا.
وفي نبرة يعتصرها الآسى، تقول آسيا "حياتنا في غزة لن تعود إلى سابق عهدها. كل ما نأمله هو البقاء على قيد الحياة."
تانيا كريمر – القدس / م. ع/ ع.غ
معبر رفح.. تحديات كبيرة تواجه شريان الحياة الوحيد لسكان غزة
الوضع الإنساني في غزة كارثي حسب تأكيدات منظمات مستقلة. المساعدات الإنسانية بدأت بالتدفق أخيراً عبر معبر رفح، لكن حجمها يبقى "ضعيفا" بسبب الحاجيات الكبيرة، خاصة مع خروج عدة مستشفيات عن الخدمة وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
بدء تدفق المساعدات لقطاع محاصر
عشرات الشاحنات، المحملة بالمساعدات الإنسانية، دخلت إلى غزة عبر معبر رفح قادمة من مصر. الشاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وكميات من الأغذية. الأمم المتحدة تقول إن 100 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل غزة بشكل يومي لتغطية الاحتياجات الطارئة، وسط تأكيدات أن ما دخل بعد فتح المعبر يبقى قليلاً للغاية، بينما تؤكد مصادر مصرية وجود العشرات من الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
شريان الحياة الوحيد في زمن الحرب
معبر رفح هو المعبر الرئيسي لدخول غزة والخروج منها في الفترة الحالية، بعد فرض إسرائيل "حصاراً مطبقاً" على القطاع، وقطع الكهرباء والماء والتوقف عن تزويده بالغذاء والوقود، في ظل الحرب الدائرة مع حركة حماس. لا تسيطر إسرائيل على المعبر لكنه توقف عن العمل جراء القصف على الجانب الفلسطيني منه. وبتنسيق أمريكي، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات، بشروط إسرائيلية منها تفتيش المساعدات.
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
"ليست مجرد شاحنات"
الخلافات على تفتيش الشاحنات أخذت وقتاً كبيرا، ما أثر على وصول سريع للمساعدات. الأمم المتحدة أكدت أن العمل جارِ لتطوير نظام تفتيش "مبسط" يمكن من خلاله لإسرائيل فحص الشحنات بسرعة. أنطونيو غوتيريش صرح من أمام معبر رفح: "هذه ليست مجرد شاحنات، إنها شريان حياة، وهي تمثل الفارق بين الحياة والموت لكثير من الناس في غزة"، واصفاً تأخر دخول المساعدات (لم تبدأ إلّا بعد أسبوعين على بدء الصراع) بـ"المفجع".
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
إجراءات مشددة منذ زمن
تشدد مصر بدورها القيود على معبر رفح منذ مدة، ويحتاج المسافرون عبره إلى تصريح أمني والخضوع لعمليات تفتيش مطولة ولا يوجد انتقال للأشخاص على نطاق واسع، خصوصاً في فترات التصعيد داخل غزة. دعت القاهرة مؤخراً جميع الراغبين في تقديم المساعدات إلى إيصالها إلى مطار العريش الدولي، لكنها رفضت "تهجير" الفلسطينيين إلى أراضيها ودخولهم عبر معبر رفح، واقترحت صحراء النقب.
صورة من: Majdi Fathi/apaimages/IMAGO
توافق أمريكي - إسرائيلي على معبر رفح
بعد أيام على الحرب، توافق جو بايدن وبنيامين نتانياهو على استمرار التدفق للمساعدات إلى غزة . بايدن قال إن "المساعدات الإنسانية حاجة ملحة وعاجلة ينبغي إيصالها"، وصرح مكتب نتياهو أن "المساعدات لن تدخل من إسرائيل إلى غزة دون عودة الرهائن"، لكنها "لن تمنع دخول المساعدات من مصر" بتوافق أمريكي - إسرائيلي على عدم استفادة حماس منها، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كحركة إرهابية.
صورة من: Evelyn Hockstein/REUTERS
غزة بحاجة إلى وقود
رفضت إسرائيل أن تشمل المساعدات الوقود، وهو ما انتقدته وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، قائلة إن القرار "سيُبقي أرواح المرضى والمصابين في غزة في خطر". وكالة الأونروا أكدت أن الوقود المتوفر لديها في القطاع غزة "سينفد قريباً، ودونه لن يكون هناك ماء ولا مستشفيات ولا مخابز ولا وصول للمساعدات". لكن مدير إعلام معبر رفح البري قال إن ستة صهاريج وقود دخلت يوم الأحد (22 تشرين الأول/ أكتوبر).
صورة من: Said Khatib/AFP
دعم أوروبي لإسرائيل مع ضمان المساعدات لغزة
بعد جدل حول تجميدها للمساعدات، ضاعفت المفوضية الأوروبية مساعداتها الإنسانية لغزة ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 75 مليون يورو، مع "تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إرهابيي حماس". الاتحاد الأوروبي أكد أنه يدرس فرض "هدنة إنسانية للسماح بتوزيع المساعدات". ألمانيا علقت المساعدات التنموية للفلسطينيين لكنها أبقت على الإنسانية منها، وأولاف شولتس رحب ببدء إرسال المساعدات، قائلا: "لن نتركهم وحدهم".
صورة من: FREDERICK FLORIN/AFP
مطالب عربية بوقف إطلاق النار
ربطت عدة دول عربية بين دخول المساعدات وبين وقف إطلاق النار. وأعلنت دول الخليج دعماً فورياً لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، فضلاًَ عن مبادرات منفردة لعدة دول في المنطقة. الدول العربية التي شاركت في "قمة القاهرة للسلام" دعمت بيان مصر، الذي دعا إلى "وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
صورة من: Khaled Desouki/AFP/Getty Images
"عدم التخلي عن المدنيين الفلسطينيين"
وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه بعثت بخطاب إلى كتل أحزاب الائتلاف الحاكم قالت فيه إن احتياجات ومعاناة الناس في غزة وفي أماكن أخرى يمكن أن تزداد. وأدانت هجوم حماس ووصفته بأنه هجوم وحشي وغادر. وقالت :" نحن لا نواجه حركات نزوح كبيرة ووضع إمدادات منهارا وحسب بل إننا نواجه أيضا أعمالا حربية نشطة وكان من بينها التدمير الأخير للمستشفى الأهلي في غزة الذي كانت تشارك وزارة التنمية الألمانية في دعمه".
صورة من: Leon Kuegeler/photothek.de/picture alliance
ضريبة إنسانية باهظة للحرب
بدأت الحرب بهجوم دموي لحماس في السابع من أكتوبر، خلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين، فضلاً عن اختطاف أكثر من مئتين. ردت إسرائيل بقصف متواصل للقطاع، ما أوقع أكثر من خمسة آلاف قتيل وتدمير بنى تحتية وتضرّر 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية في القطاع، بينما نزح أكثر 1,4 مليون شخص داخل غزة حسب الأمم المتحدة، فضلا عن مقتل العشرات في الضفة الغربية وسط مخاوف من تمدد الصراع إقليمياً.
صورة من: YAHYA HASSOUNA/AFP/Getty Images
هجوم حماس الإرهابي
مشهد يبدو فيه رد فعل فلسطينيين أمام مركبة عسكرية إسرائيلية بعد أن هاجمها مسلحون تسللوا إلى مناطق في جنوب إسرائيل، ضمن هجوم إرهابي واسع نفذته حماس يوم 07.10.2023، وخلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين واختطاف أكثر من مائتين. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. إ.ع/ ع.خ / م.س.