من المعلوم أن العديد من حرائق الغابات كان سببها تدخل بشري، ولطالما كانت السجائر من أكبر المسببات أو إشعال النار حين التخييم في المناطق الخضراء. لكن الأبحاث أبرزت أن العديد من الحرائق تندلع بشكل تلقائي. فما أسباب ذلك؟
إعلان
تؤدي الحرائق إلى خسائر فادحة على البيئة والاقتصاد والصحة، لهذا تبذل الحكومات جهودا كبيرة لأجل الحد من مسبباتها. في ألمانيا مثلا، دمرت الحرائق العام الماضي مساحة غابات تعادل نحو 1771 ملعبا لكرة القدم، حسب مركز المعلومات الفيدرالي للزراعة.
قام باحثون بدراسة إمكانية اشتعال النار في الغابات بشكل تلقائي ودون تدخل بشري، وذكر تقرير لصحيفة تاغس شاو الألمانية، أن الأمر يتعلق بـ "الاحتراق التلقائي للتربة حين تجاوز درجة حرارة معينة، حتى بدون بروز لهب خارجي أو شرارة"، حسب الباحث هوفمان بولينغهاوس.
كما حلل فريق البحث التابع لمشروع تري آدز الممول من الاتحاد الأوروبي منذ سنة 2020، قابلية تربة الغابات للحرائق المشتعلة تلقائيا، والتي تحدث في تجاويف تحتوي على مواد قابلة للاشتعال بسبب انخفاض إمدادات الأكسجين، مما يمكن أن يسبب حرائق.
كانت النتيجة هي أن الاحتراق التلقائي ممكن في أنواع مختلفة من تربة الغابات إذا كان الجزء القابل للاحتراق من التربة، مرتفعًا بدرجة كافية. ويشرح بولينغهاوس أن نوع الأشجار المنتشر في الغابة يحدث فرقا أيضا، فغابات الصنوبر مثلا تشتعل بسهولة وتنتشر فيها النيران بسرعة أكبر.
الحرارة المفرطة وذخائر الحروب!
حرائق الغابات قد يكون سببها يوم صيفي حار فقط، فإذا كانت درجة حرارة الأرض تزيد عن 200 درجة مئوية بسبب حرائق سابقة، فمن الممكن أن تشتعل أرض الغابة من تلقاء نفسها، لكن يؤكد الباحثون أن هذا المؤشر قد يختلف حسب الغطاء النباتي الموجود فيها.
وأشار الباحث بولينغهاوس أيضًا إلى تأثير ذخيرة الحروب القديمة التي لا يزال بعضها تحت الأرض. فالحرارة المنبعثة من المواد المتحللة منها يمكن أيضًا أن تكون مصدر اشتعال نيران محتمل.
ومن الممكن حسب الباحثين إجراء تدابير احترازية لتفادي اشتعال النيران لهذه الأسباب، ومن بينها مراقبة درجة حرارة الأرض باستخدام كاميرات التصوير الحراري. يقول بولينغهاوس "بمجرد أن ترتفع درجة حرارة الأرض فوق درجة معينة، يمكن التدخل مبكرًا لتقليل المخاطر".
لكن، لا يزال البشر يشكلون عامل الخطر الأكبر على المساحات الخضراء، ففي عام 2023، 14 بالمائة من الحرائق التي تم تسجيلها كان سببها الإهمال البشري، كما كان الحرق المتعمد من بين الأسباب المذكورة في تقارير الحرائق الغابوية حسب تقرير صحيفة "تاغس شاو" الألمانية.
كارثة بيئية وسياحية .. حرائق الغابات في اليونان
كارثة بيئية وسياحية .. حرائق الغابات في اليونان
صورة من: Alexandros Avramidis/REUTERS
الشعور بالعجز
تتفاقم خطورة حرائق الغابات في اليونان، حيث تقترب النيران بشكل متزايد من المنازل في قرية فارنافاس قرب أثينا. وقد حذر خبراء الأرصاد الجوية ومسؤولو الدفاع المدني مرارًا خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن الجفاف الشديد والرياح القوية حول بحر إيجه قد يؤديان إلى تحول أصغر حريق إلى حريق كبير في غضون دقائق.
صورة من: Hilary Swift/REUTERS
مكافحة النيران
قال المتحدث باسم إدارة الإطفاء، فاسيليوس فاثراكوجيانيس، إن رجال الإطفاء كانوا يكافحون النيران طوال الليل، حيث بلغ ارتفاع بعضها أكثر من 25 مترًا. ومع ذلك، انتشر الحريق بسرعة. وقد أمرت السلطات اليونانية بإخلاء عدة قرى شمال شرق أثينا صباح يوم الاثنين، بما في ذلك مستشفى للأطفال ومستشفى عسكري في بنتلي.
صورة من: Alexandros Avramidis/REUTERS
فرضوا سيطرتهم على الموقف
يظهر في الصورة رجال الإطفاء وهم يكافحون النيران الشديدة التي ترتفع إلى أكثر من 25 مترًا. تتصاعد ألسنة اللهب والدخان الكثيف في الأجواء، مما يخلق مشهدًا مروعًا. في الخلفية، تتضح قرى شمال شرق أثينا التي تم إخلاؤها، بما في ذلك مستشفى للأطفال ومستشفى عسكري في بنتيلي، حيث تحاول السلطات السيطرة على الحريق المتصاعد بسرعة.
صورة من: Alexandros Avramidis/REUTERS
التفاني المستمر
على الرغم من اقتراب النيران بشكل متزايد كل ساعة، إلا أن العديد من سكان ديونيسوس لم يكونوا مستعدين للتخلي عن منازلهم. وبدلاً من ذلك، بذلوا جهودًا لإخماد الحريق بأنفسهم باستخدام خراطيم الحدائق، مما أدى في بعض الأحيان إلى نشوب خلافات بين السكان وفرق الطوارئ.
صورة من: Stelios Misinas/REUTERS
بارثينون محجوب بالدخان
يستطيع السياح عادة الاستمتاع بإطلالة على معبد البارثينون في أثينا من هذه النقطة، لكن اليوم أصبحت رؤية المعبد بسبب الدخان الكثيف المتصاعد. ولا يُتوقع أن تنخفض درجات الحرارة في الأيام المقبلة، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاعها إلى 39 درجة مئوية، مما يزيد من تفاقم الوضع الخطير.
صورة من: Costas Baltas/picture alliance
الجهود الجوية في مكافحة الحرائق
"تم نشر أكثر من 400 رجل إطفاء، إلى جانب 110 مركبات و29 طائرة إطفاء وطائرات هليكوبتر، في المناطق المتضررة لمكافحة الحرائق"، بحسب السلطات اليونانية. كما تلقت أثينا مساعدة من الاتحاد الأوروبي.
صورة من: Hilary Swift/REUTERS
لا راحة
عانت منطقة جنوب أوروبا بشكل متزايد من موجات الحر الشديد وحرائق الغابات في السنوات الأخيرة، مما أثر أيضًا على السائحين. حتى أن بعض المعالم السياحية الشهيرة اضطرت إلى الإغلاق لفترات من الوقت، بسبب الحرارة الشديدة. وصلت درجات الحرارة في الشمس إلى 60 درجة مئوية في بعض المناطق.