1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حرب أوكرانيا - اختبار لمتانة العلاقات الألمانية-الأمريكية

٥ فبراير ٢٠٢٣

سواء تعلق الأمر بصواريخ باتريوت أم دبابات أم طائرات، فإن تسليح الغرب لأوكرانيا سار من الرفض المطلق في البداية إلى الموافقة في النهاية. هذا الأخذ والرد والتناقض ألقى بظلال ثقيلة جديدة على العلاقة بين واشنطن وبرلين.

صورة من الأرشيف للرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس
صورة من الأرشيف للرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتسصورة من: Wolfgang Rattay/REUTERS

كان القرار الصعب الذي اتخذه الحلفاء الغربيون بإرسال دبابات قتالية لدعم أوكرانيا هو مجرد تكرار جديد لنمط الدعم، الذي بدأ مع الغزو الروسي قبل عام تقريباً. وما يبدأ كرفض صارم يتراجع ببطء إلى موافقة، سواء تعلق الأمر بالأسلحة الثقيلة أو أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة أو المركبات المدرعة من الدرجة الأولى، ولكن فقط بعد أسابيع من المفاوضات، والأعذار التقنية، والجهود بين الحلفاء لإظهار الوحدة بحيث يقوم الحلفاء الأكثر حماساً بالضغط على المترددين.

بالنسبة للولايات المتحدة وألمانيا، أكبر أعضاء التحالف الداعم لأوكرانيا، لا سيما من حيث القوة الاقتصادية والقدرة الصناعية والقوة الشرائية، فإن السؤال عن كيفية ومدى مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها قد طبع العلاقة الثنائية بطابع جديد. إنه مجرد أحد أجزاء صورة عالمية أكثر تعقيداً.

من الضغط إلى الصبر

بعد سنوات التّنمر أيام الرئيس السابق دونالد ترامب، اتخذ خلفه جو بايدن مقاربة تقوم على الإقناع بلباقة والمواقف الإيجابية عوضاً عن الطلب الفظ والمواقف السلبية. وبدلاً من "استراتيجية إلقاء اللوم"، أظهر بايدن وإدارته الصبر وكثيراً ما أشادوا بألمانيا على مساهماتها.

وقال توماس كلاين-بروكوف، رئيس مكتب "صندوق مارشال الألماني" في برلين، لـ DW إن نهج بايدن هو محاولة لمنح ألمانيا "الغطاء" الدبلوماسي الذي تحتاجه لاتخاذ قرارات سياسية غير مريحة. في الآونة الأخيرة، أثنى جو بايدن على المستشار أولاف شولتس "لالتزامه الثابت" تجاه أوكرانيا وأثنى على ألمانيا على "تصعيدها".

وعلى الرغم من ذلك، يرى توماس كلاين-بروكوف أن القضية الأخيرة المتعلقة بتسليم دبابات القتال اتخذت لهجة مختلفة، ولكن ليس في العلن.

وأوضح توماس كلاين-بروكوف أن المستشار الألماني ضغط على الأمريكيين: "لن أقدم على أي شيء إلا بعدكم، ما سبب بعض الانزعاج من جانب واشنطن"، خاصة وأن الولايات المتحدة امتنعت عن الضغط على ألمانيا.

وعلى الرغم من أن بايدن نفى أن الضغط من جانب شولتس أجبره على تغيير رأيه بشأن إرسال دبابات أبرامز الأمريكية، إلا أن تبادل وجهات النظر، الذي استمر أسابيع كان بمثابة تذكير بالحاجة الألمانية لحليفها الأكبر لكشف أوراقه قبل قيام برلين بذلك، حسب رأي الخبير. ويردف أن صانعي السياسة في واشنطن أدركوا "إلى أي مدى يريد الألمان بالفعل أن يتبعوا (الآخرين)، لا أن يقودوا" هم الصف.

أسلحة هجومية لأوكرانيا: ما هي حدود التسليح الغربي؟

42:36

This browser does not support the video element.

توترات تهدأ وأخرى تبرز

بالنسبة لمنتقدي شولتس، يبدو أن ذلك يتناقض مع خطابه الصاخب أمام البوندستاغ، البرلمان الألماني، بعد أيام فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي، عندما أعلن عن "نقطة تحول تاريخية" تتطلب زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري وسياسة أمنية أكثر قوة.

ويقول توماس كلاين-بروكوف: "لقد تطلب الأمر من الألمان أن يغيروا نهجهم بشأن المثيرات التي طال أمدها في العلاقة بين الولايات المتحدة وألمانيا". بالنسبة للأمريكيين، كانت تلك "المثيرات" هي مقاومة ألمانيا لزيادة إنفاقها العسكري، الذي كان أقل من 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي حسب ما تنص عليه اتفاقية الناتو، ومشاريع الغاز نورد ستريم مع روسيا. ألمانيا، من جانبها، كانت منزعجة من فكرة أن حليفاً لها يهددها بفرض عقوبات.

وقد أصبحت تلك المثيرات من الماضي، كما هو الحال مع الجدل المحلي الألماني حول مشاركتها النووية في حلف شمال الأطلسي، التي تسمح بتخزين الأسلحة النووية الأمريكية على الأراضي الألمانية والطلب من الطائرات الألمانية حملها.

مصالح متباينة

إن التناقض بين دافع بايدن لوضع المصالح الأمريكية في المرتبة الأولى، كما هو الحال مع قانون خفض التضخم، ورؤيته لتحالف من الديمقراطيات، التي تقف في وجه الأنظمة الاستبدادية، يسلط الضوء على عملية توازن معقدة تلعب دورها في العلاقة بين الولايات المتحدة وألمانيا.

وفي حين أن ألمانيا تنظر إلى أوكرانيا على أنها مسألة أمن إقليمي، فإن الحرب بالنسبة للولايات المتحدة هي مجرد لعبة واحدة في رقعة الشطرنج الجيوسياسي المعقدة. قد تكون روسيا ضعيفة هدية تعود بفائدة على مصالح الولايات المتحدة في أماكن أخرى من العالم، وهو أمر لا تشاركه ألمانيا مع واشنطن.

ويقول جيمس ديفيس، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة سانت غالن، لـ DW: "باستثناءات قليلة، لا تمتلك [ألمانيا] حتى القوة العقلية أو الفكرية للتفكير بتلك الطريقة. لم يتم تدريب أي شخص على القيام بذلك".

تحتاج الولايات المتحدة إلى ألمانيا لتقاسم المزيد من عبء الدفاع عن أوروبا؛ حتى تتمكن من تخصيص المزيد من الموارد لمنافسة الصين في المحيط الهادئ. في غضون ذلك، تحتاج ألمانيا إلى معرفة أنها تستطيع الاعتماد على دعم الولايات المتحدة في أوروبا.

ويقول جيمس ديفيس: "هل تضع رهاناتك على الولايات المتحدة الآن؟ إنه سؤال عادل".

بعد الأضرار التي تسبب فيها وجود ترامب في السلطة، يواجه حلفاء الولايات المتحدة، مثل ألمانيا، مصالح الحزبين الأمريكيين الكبيرين في المحيط الهادئ، وتوقع نهج أكثر صرامة مع الصين. ويسيطر على الكونغرس حزب جمهوري لا يمكن التنبؤ بقراراته، ما يهدد بالتخلف عن سداد الديون بشكل كارثي ويعمل بمثابة تذكير لبايدن بأن وقته في البيت الأبيض ينفد.

بعد أسابيع من النقاشات وراء أبواب مغلقة وافقت ألمانيا على تزويد أوكرانيا بدبابات ليوباردصورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance

مدخلات جديدة والمخرجات نفسها

يقول جيمس ديفيس، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة سانت غالن إن من المدهش أنه على الرغم من التغييرات الكبيرة في العلاقات الأمريكية الألمانية منذ سنوات ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، فإن إحجام ألمانيا عن القيادة في قضايا السياسة الخارجية لا يزال كما هو.

انتقدت الحكومات الألمانية النزعة العسكرية الأمريكية في العراق، وتعذيب وإساءة معاملة المقاتلين الأسرى. وانتقدت كذلك حملة تجسس كبيرة استهدفت الحكومة الألمانية، والتي قال عنها جيمس ديفيس إنها دفعتهم إلى عدم فعل الكثير.

لكن اليوم العلاقة أكثر دفئاً، بيد أن التردد لا يزال قائماً. وقال ديفيس: "لا يزال هناك هذا الإحباط، هذا النوع من التوتر في العلاقة عبر الأطلسي، لكن هذه المرة لأن الألمان يقولون: لن نفعل أي شيء بدونكم".

لطالما دافع الاشتراكيون الديمقراطيون من يسار الوسط، الذين يقودون الائتلاف الحكومي في ألمانيا، عن نهج تعاوني مع روسيا، أكبر دولة في أوروبا وشريك تجاري رئيسي. لقد غير العديد من أعضاء الحزب موقفهم نتيجة الغزو، لكن النقاد ما زالوا متشككين.

الناخبون في منطقة شرق ألمانيا، التي كانت تعرف سابقا بألمانيا الشرقية، تلك الدولة الشيوعية، التي كانت حليفاً للاتحاد السوفيتي، يشعرون بأنهم أقرب ثقافياً إلى روسيا من أولئك الموجودين في ألمانيا الغربية (سابقاً)، وليس لديهم رغبة كبيرة في المواجهة مع موسكو.

قد تكون ألمانيا الغربية السابقة أكثر تأييداً لأمريكا، ويرتبط هذا الميل مع توقعات تعود لحقبة الحرب الباردة بأن تتولى الولايات المتحدة زمام المبادرة.

ويختم جيمس ديفيس، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة سانت غالن، حديثه: "كان لدى (ألمانيا) وقت طويل لتنضج لدور جديد"، رافضاً استمرار صلاحية سياسة "الاحجام" الألمانية بسبب ماضيها النازي وما تلاه من نفور من القوة العسكرية. وأضاف: "هذا يذكرني بأولاد يبلغون من العمر 30 عاماً لا يريدون الخروج من منازل آبائهم والاستقلال بمنازل خاصة بهم".

وليام نوح جلوكروفت/خ.س

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW