حصيلة عام من تغيير ألمانيا لعقيدتها الدبلوماسية والدفاعية
حسن زنيند
٣ مارس ٢٠٢٣
قبل عام، دفعت صدمةُ الغزو الروسي لأوكرانيا بألمانيا لتغيير ثوابت عقيدة سياستها الخارجية والدفاعية المعتمدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فما الذي تغير منذ ذلك الحين، وهل تمكنت برلين فعلا من تنفيذ أجندتها بهذا الشأن؟
إعلان
أثار الغزو الروسي لأوكرانيا صدمة حقيقية في برلين وباقي العواصم الدولية. وجاء الرد الألماني، ومعه الغربي، كاسحا وغير متوقع في حجمه وأشكاله من خلال حزمة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وثقافية وحتى رياضية غير مسبوقة.
وأجمع متتبعو الشأن الألماني أن الأحد 27 فبراير/ شباط 2022 شكل بوضوح نقطة تحول جوهرية في سياسة ألمانيا الخارجية والأمنية، التي كانت معروفة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وبهذه المناسبة، عرض المستشار أولاف شولتس أمام البرلمان الألماني (بوندستاغ) (الخميس الثاني من مارس / آذار 2023) حصيلة شاملة لأهم محطات هذا التغيير.
كلمات شولتس كانت في حينها مفاجئة للرأي العام الألماني، خصوصا وأن المستشار اتهم، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، بالتباطؤ وكبح كل المبادرات الغربية المتجهة لتشديد العقوبات ضد روسيا.
تهور الرئيس فلاديمير بوتين دفع ألمانيا لهذه الخطوة، وهي التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مثقلة بمشاعر الذنب بسبب مسؤوليتها عن فظائع حرب عانت من تداعياتها أوروبا والعالم. لكل هذه الاعتبارات تبنت ألمانيا عقيدة هادئة على الساحة الدولية تقوم على آليات الدبلوماسية لحل النزاعات.
موقع "ميركور. دي.إي" الألماني (الثاني من مارس/ آذار) كتب بهذا الصدد: "بعد عام كامل من الاعتداء الروسي على أوكرانيا، لا يزال المستشار شولتس لا يرى أي أفق لمفاوضات سلام". واستطردت الصحيفة أن المستشار استبعد الخضوع لطلبات أولئك الذين دعوا لتقديم أوكرانيا لتنازلات. وقال شولتس إنّ "روسيا لا تزال تعول على نصر عسكري. ولكن هذا النصر لن يحدث، لأننا وشركاءنا سنواصل دعم أوكرانيا (..) لا يمكن التفاوض والسلاح موجه إليك (..) اذا توقفت أوكرانيا عن الدفاع عن نفسها فلن يكون السلام بل ستكون نهاية أوكرانيا".
التزام بإنفاق دفاعي دائم وفقا لمعايير الناتو
قبل عام تعهد المستشار شولتس برصد استثمارات دفاعية قدرها مائة مليار يورو والعمل على تخصيص اثنين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لصالح قطاع الدفاع خلال السنوات المقبلة، وهو السقف الأدنى الذي يفرضه حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الدول الأعضاء، وهو ما لم تكن برلين تلتزم به في الماضي، وكان مصدر خلافات دائمة مع واشنطن، خصوصا خلال فترة ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتعهد شولتس مجددا في بيانه الحكومي أمام البرلمان يوم الخميس بأن ألمانيا سوف تحقق بشكل دائم هدف حلف شمال الأطلسي من حيث الانفاق الدفاعي. وأوضح المستشار بهذا الصدد "التعهد الذي أعطيته هنا في 27 فبراير من العام الماضي، لا يزال ساريا".
وفي نفس البيان تعهد المستشار بدعم إنتاج الصناعة الدفاعية الألمانية، بعدما حذر حلف الناتو من أن أوكرانيا تستخدم حاليا ذخيرة أكثر مما ينتجه أعضاء الحلف. وأكد أنه يجري محادثات مع مسؤولين في قطاع صناعة الأسلحة لزيادة إنتاج المعدات العسكرية لكل من الجيش الألماني والجيوش الأوروبية الأخرى. وقال بهذا الشأن "نحن نحتاج إلى إنتاج متواصل لأسلحة ومعدات وذخائر مهمة (...) بهذه الطريقة ستنشئ ألمانيا قاعدة صناعية من شأنها أن تساهم في ضمان السلام والحرية في أوروبا". وبهذا الصدد كتبت صحيفة "فيرتشافتسفوخه" الاقتصادية الألمانية (الثاني من مارس/ آذار) عن وقع خطاب شولتس في "البوندستاغ" فقالت: "لا يستطيع المرء مقاومة الانطباع بأن الشخص (شولتس) يُقيم الحرب بارتياح. ليس بمعنى أنه كان يتحدث بشكل غير متعاطف وغير متأثر بالمعاناة والدمار والموت (..) ولكن إذا كان هذا الخطاب يمثل المقياس لكل الأشياء، فإن نقطة التحول ستكون حقًا، خطة منفذة بشكل لا تشوبها شائبة. بدون فواصل ولا شك بدون مخاوف وبدون أخطاء".
في صور ـ التسلسل الزمني لعام من الحرب في أوكرانيا
في 24 من فبراير/ شباط 2022 غزت روسيا جارتها أوكرانيا وتوغل جيشها حتى أصبح على مقربة من كييف، لكن الأمور لم تجر كما توقعت موسكو، فقد أبدت أوكرانيا مقاومة شرسة بدعم كبير من الغرب. ملف صور لأكثر الأحداث دموية في هذه الحرب.
صورة من: Anatolii Stepanov/AFP/Getty Images
"استيقظنا على الحرب"
في صباح 24 من فبراير/ شباط 2022، استيقظ العديد من الأوكرانيين على انفجارات قوية تهز العاصمة كييف حيث أقدمت روسيا على شن الحرب والتوغل العسكري واسع النطاق ما يمثل أكبر هجوم تشنه دولة ضد دولة أخرى ذات سيادة منذ الحرب العالمية الثانية. واستهدفت روسيا المباني المدنية مع أسفر عن سقوط ضحايا. وأعلنت أوكرانيا على الفور الأحكام العرفية.
صورة من: Ukrainian President s Office/Zuma/imago images
قصف بلا رحمة
مع بداية الحرب، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "عملية عسكرية خاصة" بهدف الاستيلاء على منطقتي دونيتسك ولوهانسك في شرق البلاد. اندفع سكان مدينة ماريوبول الساحلية في دونيتسك إلى البقاء في الطوابق السفلى من المباني لأسابيع خوفا من القصف. مات الكثيرون تحت الأنقاض. أدانت منظمات حقوقية الغارة الروسية التي استهدفت مبنى مسرح ماريوبول الذي لجأ إليه مئات الأشخاص في مارس / آذار العام الماضي.
صورة من: Nikolai Trishin/TASS/dpa/picture alliance
نزوح غير مسبوق
تسببت الحرب في أوكرانيا في موجة نزوح جماعي غير مسبوق في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد فر أكثر من 8 ملايين شخص من البلاد. استقبلت بولندا وحدها 1.5 مليون شخص. وأُجبر ملايين الأشخاص، ومعظمهم من شرق وجنوب أوكرانيا، على الفرار.
صورة من: Anatolii Stepanov/AFP
بوتشا.. مشاهد مروعة
تمكن الجيش الأوكراني من طرد القوات الروسية من مناطق في شمال وشمال شرق البلاد بعد أسابيع قليلة من احتلالها. فشلت خطة روسيا في محاصرة العاصمة كييف. بعد تحرير المناطق، أصبح حجم الفظائع الروسية المزعومة جليا أمام أعين الملايين ليس في أوكرانيا وحدها وإنما في العالم بأسره مع انتشار صور المدنيين الذين جرى تعذيبهم قبل قتلهم في مدينة بوتشا قرب كييف فيما أفاد المسؤولون بمقتل 461 حالة وفاة.
صورة من: Carol Guzy/ZUMA PRESS/dpa/picture alliance
رائحة الدمار والموت تفوح من كراماتورسك
مع استمرار الحرب، ارتفعت حصيلة القتلى في صفوف المدنيين بإقليم دونباس. طلب المسؤولون من السكان المدنيين التراجع إلى مناطق أكثر أمانا، لكن الصواريخ الروسية استهدفت أيضا السكان خلال محاولتهم الفرار بما في ذلك مدينة كراماتورسك شرق البلاد. وأسفر القصف الذي طال محطة السكك الحديدية بالمدينة في أبريل/ نيسان عن مقتل أكثر من 61 شخصا وإصابة 120 آخرين حيث كان الآلاف يحاولون الفرار.
صورة من: Seth Sidney Berry/ZUMA Press Wire/picture alliance
القصف في كل مكان
خلال الهجمات الجوية التي شنها الجيش الروسي، لجأ الملايين في أوكرانيا إلى ملاجئ. وعلى وقع ذلك، أضحت الطوابق السفلى بالنسبة للسكان قرب الخطوط الأمامية، بمثابة المنازل. وسعى سكان المدن الكبرى إلى الاحتماء من القصف الصاروخي حيث باتت محطات المترو في كييف وخاركيف ملاذات آمنة.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
محاوف من "كارثة نووية محتملة" في زابوريجيا
بعد أسابيع من بدء التوغل العسكري الروسي، احتلت القوات الروسية مساحة كبيرة من المناطق في جنوب وشرق أوكرانيا خاصة المتاخمة للعاصمة. امتد القتال إلى مباني محطة الطاقة النووية زابوريجيا والتي أصحبت خاضعة لسيطرة الروس منذ ذلك الحين. أوفدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خبراء إلى المحطة حيث دعت إلى إنشاء منطقة حماية آمنة حولها.
صورة من: Str./AFP/Getty Images
اليأس يسود ماريوبول
فرض الجيش الروسي حصارا خانقا على ماريوبول لأكثر من ثلاثة أشهر مع منع دخول الإمدادات وكل شيء. وفي غضون ذلك، كان مصنع آزوفستال لأعمال الحديد والصلب آخر معقل أوكراني بالمدينة، حيث تواجد بداخله آلاف الجنود والمدنيين. وفي مايو / أيار وبعد هجوم مكثف، تمكن الجنود الروس من الاستيلاء على المصنع واعتقال أكثر من ألفي شخص داخله.
صورة من: Dmytro 'Orest' Kozatskyi/AFP
جزيرة الأفعى.. رمز للمقاومة
احتلت روسيا جزيرة الأفعى في البحر الأسود في اليوم الأول من الحرب فيما انتشرت على الإنترنت محادثة بين أفراد الخدمة الأوكرانية والقوات الروسية حيث رفض الأوكرانيون الاستسلام. وفي أبريل/ نيسان، زعم الجانب الأوكراني إغراق سفينة القيادة في أسطول البحر الأسود "موسكفا" والتي شاركت في الهجوم على الجزيرة. وقالت أوكرانيا في يونيو / حزيران إن قواتها تمكنت من إبعاد الروس عن الجزيرة.
صورة من: Ukraine's border guard service/AFP
حصيلة ضحايا الحرب؟
لا تزال حصيلة القتلى في الحرب غير دقيقة بشكل كبير، لكن للأمم المتحدة قد أفادت بمقتل ما لا يقل عن 7200 مدني فضلا عن إصابة أكثر من 12 ألفا وسط تقديرات تشير إلى ارتفاع الحصيلة. أما فيما يتعلق بالجانب العسكري فلا يوجد حتى الآن أي رقم دقيق للخسائر من الجنود في الطرفين.
صورة من: Raphael Lafargue/abaca/picture alliance
تغيير قواعد اللعبة
وفي الأيام الأولى من الحرب، احتدم الجدل في الدول الغربية حيال تسليح أوكرانيا، بيد أن الجانب الأوكراني تلقى القليل من الأسلحة الغربية في بداية الحرب. مثلت راجمات صواريخ "هيمارس" أمريكية الصنع، علامة فارقة في الصراع حيث سمحت للجيش الأوكراني بقطع خطوط الدعم الخاصة بالمدفعية الروسية وساهمت في نجاح تنفيذ هجمات مضادة على مواقع تمركز القوات الروسية.
صورة من: James Lefty Larimer/US Army/Zuma Wire/IMAGO
فرحة التحرير
شن الجيش الأوكراني في مطلع سبتمبر / أيلول هجوما مضادا ناجحا في مدينة خاركيف شمال شرق البلاد مع تراجع وتقهقر القوات الروسية حيث تركوا أسلحتهم ومعداتهم العسكرية وحتى الذخيرة وأدلة ربما توثق وقوع جرائم حرب. وعلى وقع ذلك، استطاع الجيش الأوكراني دخول مدينة خيرسون وسط هتاف السكان.
صورة من: Bulent Kilic/AFP/Getty Images
انفجار جسر القرم
في أكتوبر / تشرين الأول، وقع انفجار كبير على جسر القرم أو "كيرتش" الذي بنته روسيا لربط أراضيها بشبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها عام 2014. وعلى وقع الانفجار، دُمر الجسر جزئيا. وتقول روسيا إن شاحنة محملة بالمتفجرات كانت قادمة من أوكرانيا تسببت في الانفجار فيما لم يعلن المسؤولين الأوكرانيون صراحة أي مسؤولة عن الحادث.
صورة من: AFP/Getty Images
استهداف محطات الطاقة
بعد أيام قليلة من تفجير جسر القرم، نفذت روسيا أول هجوم واسع النطاق على محطات الطاقة في أوكرانيا ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق كثيرة من مدينة لفيف وحتى خاركيف. منذ ذلك الحين، أصبح شن روسيا ضربات مكثفة على البنية التحتية للطاقة أمرا شائعا. وقد فاقمت هذه الهجمات من معاناة المدنيين في المدن الأوكرانية خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي والمياه بشكل شبه يومي.
صورة من: Genya Savilov/AFP/Getty Images
الطريق إلى عضوية الاتحاد الأوروبي
منذ بداية الحرب، دأب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على نشر مقاطع مصورة على منصات التواصل الاجتماعي حيث يتحدث فيها عن الخسائر ووضع البلاد، مؤكدا على استمرار القتال. لم يتمكن زيلينسكي فقط من توحيد البلاد فحسب وإنما حصل أيضا على دعم كبير من الدول الغربية. وتحت رئاسته، أحرزت أوكرانيا تقدما كبيرا في طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
صورة من: Kenzo Tribouillard/AFP
مساعدات مالية وعسكرية غربية
تعتمد قدرة أوكرانيا في صد هجمات روسيا على المساعدات الخارجية. وقد قدمت العديد من دول الغرب مساعدات إنسانية ومالية وعسكرية بمليارات الدولارات. لكن تقديم مساعدات عسكرية تتضمن دبابات ومدفعية ثقيلة ظل موضع نقاش كبير في الدول الغربية فيما يرجع ذلك إلى الخوف من استفزاز روسيا واتساع نطاق الحرب. وأخيرا، وبعد موافقة ألمانيا، تم التوصل لاتفاق لتزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" القتالية ألمانية الصنع.
صورة من: Ina Fassbender/AFP/Getty Images
باخموت.. مدينة مدمرة
على مدى أشهر، اندلعت معارك عسكرية عنيفة حول مدينة باخموت في منطقة دونيتسك، بيد أنه منذ خسارة القوات الأوكرانية مدينة سوليدار القريبة من باخموت مطلع العام الجاري، أصبح الدفاع عنها أكثر صعوبة. وقد أفادت الاستخبارات الألمانية بأن الخسائر اليومية في الجانب الأوكراني تقدر بالمئات مع توقعات بارتفاع خسائر الجانب الروسي. ومؤخرا قال الرئيس الأوكراني إنه سيتم الدفاع عن المنطقة "ولكن ليس بأي ثمن".
صورة من: LIBKOS/AP/dpa/picture alliance
بايدن في كييف
قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة مفاجئة إلى كييف يوم الاثنين (20/2/2023)، معلنا عن مساعدات جديدة ومعدات عسكرية لأوكرانيا، بالإضافة إلى مزيد من العقوبات ضد موسكو، في عرض رمزي للغاية للدعم مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي الكامل. وقال بايدن: "بعد عام واحد تنهض كييف وتنهض أوكرانيا والديمقراطية تنهض". دانيلو بيلك/ م.ع
صورة من: UKRAINIAN PRESIDENCY/AP/picture alliance
18 صورة1 | 18
توظيف النفوذ الصيني لتحقيق السلام؟
سبق للصين وأن أصدرت وثيقة، تزامنا مع ذكرى مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، تدعو فيها لهدنة بين طرفي النزاع، تمهيدا لإجراء مفاوضات. غير أن ردود الفعل في العواصم الغربية جاءت متشككة تجاه الوثيقة الصينية المكونة من 12 نقطة، لا تتضمن أية مبادرة جديدة، فضلا عن كون بيكين حليفة وثيقة لموسكو. وانتقد المستشار شولتس الصين أمام البوندستاغ وناشدها ممارسة ضغط على روسيا من أجل سحب قواتها من أوكرانيا. وقال "فلتستعملوا تأثيركم على موسكو من أجل الحث على سحب القوات الروسية. لا توردوا أسلحة للمعتدي الروسي".
غير أن شولتس أشاد في الوقت ذاته بالرئيس الصيني حين عارض بشكل واضح "أي تهديد باستخدام أسلحة نووية أو استخدامها في الحرب الروسية ضد أوكرانيا"، إلا أن المستشار استطرد منتقدا بكين، التي امتنعت خلال الاجتماع الأخير لوزراء مالية دول مجموعة العشرين بالهند "لتأكيد ما كان هناك إجماع عليه خلال قمة المجموعة في العام الماضي في بالي، وهو: إدانة واضحة للهجوم الروسي".
يذكر أن الاستخبارات المركزية الأمريكية سبق وأن أعربت عن اعتقادها بأن الصين لا تزال تدرس احتمال تزويد روسيا بالأسلحة. فيما حذرت الخارجية الأمريكية بيكين من عواقب خطة صينية لمساعدة حليفها الروسي في الحرب، منتقدة ازدواجية الموقف الصيني حيال النزاع.
برلين تُوسع دعمها العسكري لأوكرانيا
زادت شحنات الأسلحة الألمانية إلى أوكرانيا بشكل تدريجي خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، حيث قدمت برلين مساعدات عسكرية لكييف بقيمة 2.6 مليار يورو. ولا تزال ألمانيا متأخرة مقارنة بمستوى الدعم الأمريكي، ولكنه دعم متواز تقريبا مع دعم بريطانيا الدولة المانحة الثانية في العالم لأوكرانيا. ووفقًا لبيات معهد كيل الألماني للاقتصاد الدولي، فإذا تم قياس المساعدة العسكرية التي تقدمها برلين لأوكرانيا من حيث القوة الاقتصادية، فإن ألمانيا تحتل المرتبة 18 فقط من بين 30 دولة في حلف الناتو، ذلك أن دول البلطيق الثلاث وبولندا على سبيل المثال تتقدم بفارق كبير على المساهمة الألمانية. ومن المتوقع أن يشهد قطاع صناعة الأسلحة قفزة كبيرة إلى الأمام بعد إعلان المستشار شولتس العام الماضي عن حزمة مائة مليار يورو لقطاع الدفاع.
المعركة الدعائية في حرب أوكرانيا
01:29:48
وحتى الآن لم يتم استخدام سوى جزء صغير من هذه الأموال، ولم يتم تسجيل طلبات شراء دبابات أو مدفعية حتى مطلع عام 2023. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن السنة السابقة كانت خاضعة في البداية لميزانية مؤقتة، ما جعل من الصعب منح عقود جديدة لشراء أسلحة.
وقد سبق وأن انتقد أندريه فوستنر، رئيس رابطة الجيش الألماني، الوضع الحالي للجيش الألماني. وقال في تصريح لصحيفة "بيلد أم زونتاغ" (26 فبراير/ شباط): "بالنسبة للجنود لم يتحسن الوضع بشكل ملموس حتى الآن (..) هناك حاجة لمزيد من السرعة، سواء في توفير مواد أو أفراد أو بنية تحتية، وهناك حاجة لتحول حقيقي وملموس في القوات خلال هذه الفترة التشريعية". كما أوضح أن توريد معدات لأوكرانيا أدى إلى نشأة ثغرات أخرى. وتابع قائلا: "أشكك في إذا ما كان يمكننا الالتزام بتعهداتنا تجاه الناتو بدءا من عام 2025، إذا لم نسرع وتيرتنا؛ ألمانيا تعهدت بنحو 60 طائرة و20 سفينة و20 ألف جندي و7000 مركبة".
ألمانيا في حاجة متزايدة لتحالفها مع واشنطن
بعد جلسته في البرلمان، غادر المستشار شولتس بلاده متوجها إلى واشنطن ليعقد اجتماعا منفردا مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيكون في طليعة جدول أعمالها العدوان الروسية على أوكرانيا. وليس من المزمع عقد مؤتمر صحفي مشترك بين الجانبين بعد اللقاء، كما لا يرافق شولتس صحفيون على متن رحلته من برلين، وهو أمر غير معتاد أيضا، وفق ما أفاد به مراقبون. ويذكر أن العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو شهدت تعقيدات بالغة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبهذا الصدد كتبت صحيفة "فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ" (الثاني من مارس/ آذار) منتقدة الإيقاع الذي تسير به إصلاحات المستشار وكتبت "ألمانيا غير قادرة حاليًا على الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم، كما اعترف بذلك وزير الدفاع بيستوريوس نفسه (..) وبالتالي، فإن ألمانيا تعتمد على الدعم الدفاعي الأمريكي أكثر من أي وقت مضى، منذ نهاية الحرب الباردة الأولى. ألمانيا وأوروبا الحرة بأكملها محظوظة للغاية لأن ترامب لم يعد جالسًا في البيت الأبيض، وإنما جاء مكانه رئيسٌ يدرك قيمة التحالف عبر الأطلسي".
وماذا عن وضع اللاجئين الأوكرانيين؟
انتقدت صحيفة "أوغسبورغه ألغماينه" الألمانية (الثاني من مارس/ آذار) ما أسمته تقليل المستشار شولتس في خطابه من شأن تأثير تداعيات الحرب على المواطنين الألمان، خاصة بشأن اللاجئين الأوكرانيين. وكتبت بهذا الشأن معلقة: "بسبب الحرب في أوكرانيا، اكتظت ملاجئ اللاجئين في المدن الألمانية. من ناحية، هذا أمر لا مفر منه، بالطبع يجب على الرجال والنساء والأطفال أن يجدوا الأمان والمأوى هنا من فظائع الحرب. ومن ناحية أخرى، يختزل السكن كل المشاكل. البلديات استنفذت امكانياتها القصوى. في بعض الأحيان، يتعين على المستأجرين الانتقال من منازلهم لإفساح المجال للاجئين. يُوظف اليمين المتشدد هذه الوضعية لنشر خطاب الكراهية والدعاية المتطرفة. كلما طال أمد حرب أوكرانيا، جاء المزيد من اللاجئين. هناك خطر متزايد من أن يتغير المزاج".
غير أن الحكومة الألمانية تبدو واعية بأهمية هذه المعضلة، حيث سبق وأن دعت على لسان وزيرة الداخلية نانسي فيزر إلى توزيع أكثر عدلا للاجئين القادمين من أوكرانيا بين باقي دول الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنه إذا استمرت الحرب التي بدأت قبل عام، فسوف يتعين مساعدة البلدان التي تستقبل الجزء الأكبر من اللاجئين.
واستقبلت بولندا حتى الآن أكثر من 1.5 مليون لاجئ من أوكرانيا. واستقبلت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ من أوكرانيا، فيما لا يتعدى عدد اللاجئين الذين استقبلتهم إسبانيا على سبيل المثال 160 ألف أوكراني.
وتكررت الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة في عدد من الولايات الألمانية ضد إيواء اللاجئين كان بعضها عنيفا. وشهدت كذلك بعض الأوساط في ألمانيا نقاشا حول وجود لاجئين من "الدرجة الأولى" و"الدرجة الثانية" وذلك في ظل السماح للاجئين القادمين من أوكرانيا بالبقاء بشكل فوري بناء على توجيه من الاتحاد الأوروبي والحصول على إعانة الدخل الأساسي للمواطن بينما لا يُسْمَح بذلك للاجئين الآخرين.
حسن زنيند
بالصور.. نساء أوكرانيا يعشن معاناة الحرب واللجوء!
بعضهن يختبئن مع أطفالهن في أقبية المشافي والملاجئ خوفاً من القصف، بينما تضطر أخريات للجوء إلى الدول المجاروة، ومنهن من تحمل السلاح للدفاع عن بلدها. ألبوم صور يسلط الضوء على معاناة النساء الأوكرانيات خلال الغزو الروسي.
صورة من: Abbas Al-khashali/DW
لم تنس غيتارها رغم الحرب!
الحرب في أوكرانيا دفعت أكثر من 1,5 مليون شخص للجوء إلى البلدان المجاورة، ومنهم الطفلة الأوكرانية ليليا التي لم تنس غيتارها رغم الحرب، وجلبته معها في رحلة لجوئها إلى الحدود البولندية. تجلس ليليا مع شقيقتها وقريبات لهما على جذع شجرة مقطوع ومغطى بالبطاطين. تعزف أغنية حزينة والجميع ينصت إليها، تبتسم، لكن يلوح من عينيها خوف كبير.
صورة من: Abbas Al-khashali/DW
نساء وأطفال
تشكل النساء والأطفال الغالبية العظمى من لاجئي أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، لأن كييف منعت خروج الذكور من سن 18 إلى 60 عاماً بسبب حالة الطوارئ، ليبقوا في البلاد ويدافعوا عنها. في الصورة عشرات اللاجئات الأوكرانيات يأخذن قسطاً من الراحة في معبر ميديكا الحدودي بعد دخولهن إلى بولندا.
صورة من: Visar Kryeziu/AP/picture alliance
إنقاذ ما يمكن إنقاذه!
ورغم اضطرار اللاجئات الأوكرانيات إلى الهرب دون أزواجهن أو إخوتهن، فقد جلبن معهن ما استطعن إنقاذه. مثل هذه الفتاة التي استطاعت إنقاذ قطتها من براثن الحرب. في الصورة التي التقطت بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب، كانت الفتاة في طريقها إلى معبر ميديكا الحدودي مع بولندا.
صورة من: Kunihiko Miura/Yomiuri Shimbun/AP/picture alliance
وداع وقلق!
حزن على فراق الأهل وقلق عليهم وخوف من المستقبل: قد تكون هذه بعض المشاعر التي تعكسها نظرة هذه السيدة الأوكرانية في الصورة، التي تظهر فيها وهي تلوح لأهلها، بينما يتم إجلاؤها بقطار مع أطفالها من مدينة بالقرب من كييف.
صورة من: Chris McGrath/Getty Images
نساء في الملاجئ ومحطات المترو!
أما النساء اللواتي لم يستطعن الخروج بسبب الحرب، فيضطررن إلى التوجه إلى الملاجئ ومحطات المترو لحماية أنفسهن وعائلاتهن من القصف الروسي. في الصورة نساء وفتيات أوكرانيات يحتمين في محطة مترو بالعاصمة كييف.
صورة من: AFP via Getty Images
أمهات ومواليدهن في قبو المستشفى
بالنسبة للنساء المرضى واللواتي أنجبن حديثاً، يتم نقلهن إلى أقبية المستشفيات. في الصورة أطفال مرضى وحديثو الولادة بجانب أمهاتهم، تم نقلهم إلى قبو بمستشفى الأطفال في كييف لحمايتهم من عمليات القصف. فحتى المستشفيات لم تسلم، إذ تعرض المستشفى المركزي في قلب المدينة للقصف، كما تم استهداف محطات للطاقة والكهرباء في ضواحي المدينة.
صورة من: Emilio Morenatti/AP/picture alliance
حرب في أوروبا بعد عقود من السلام!
وتعاني النساء المسنات من الحرب بشكل خاص، مثل هذه السيدة التي تحمل عكازها في الصورة، والتي يتم إنقاذها من قبل فرق الطوارئ من على جسر في كييف استهدفه القصف الروسي. ولعل هذه السيدة لم تكن تتوقع مثل كثيرين أن تشهد أوروبا حرباً كهذه بعد عقود من السلام.
صورة من: Emilio Morenatti/dpa/AP/picture alliance
مدافعات عن البلد مهما كان السن
لكن التقدم في السن لم يمنع بعض النساء الأوكرانيات من تعلم كيفية الدفاع عن بلدهن. في الصورة تتعلم فالنتينا (79 عاماً) كيفية استخدام السلاح في دورة نظمها الحرس الوطني الأوكراني، لتساهم في الدفاع عن بلدها ضد الغزو الروسي.
صورة من: Vadim Ghirda/AP/picture alliance
مدافعات عن حقوق الإنسان
كانت تاتيانا، التي تنتمي إلى أقلية الروما الغجربة، تجهز لعرسها وتستعد لتسلم وظيفة جديدة عندما بدأت الحرب. لكنها قررت البقاء في مدينتها الواقعة بين العاصمة كييف ومدينة خاركيف، وذلك لنقل الصورة الصحيحة وتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان. تقول تاتيانا التي تعمل مدافعة عن حقوق الأقليات: "ما تقوم به روسيا جريمة حرب".
صورة من: Privat
زواج رغم الحرب!
ظروف الحرب لم تمنع أوكرانيات من التطلع إلى المستقبل، مثل ليزا الجندية في الجيش الأوكراني، والتي لم تمنعها ظروف الحرب ومعاناتها عن الاحتفال بزواجها من حبيبها فاليري، الجندي الأوكراني. احتفل الزوجان بزواجهما في السادس من آذار/مارس 2022 وهما في جبهة الدفاع عن العاصمة كييف. في الصورة يقدم فاليري باقة ورد لزوجته.
صورة من: Genya Savilov/AFP/Getty Images
صحفيات يغطين الحرب!
تفرض الحرب تحديات كبيرة على الصحفيات أيضاً. مراسلة DW فاني فاكسار تغطي الأحداث في أوكرانيا. وفي الصورة تتحدث عن الأوضاع في مدينة تشيرنيفتسي الأوكرانية بالقرب من الحدود مع رومانيا. تقول فاني: "يسأل الناس في تشيرنيفتسي: متى ستعود حياتهم إلى ما كانت عليه قبل 24 شباط/ فبراير؟".
صورة من: DW
متى تنتهي الحرب؟
حتى الآن لا يعرف أحدٌ متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا، لكن تبقى الآمال بأن تنتهي قريباً ليلتئم شمل العائلات الأوكرانية من جديد، كما تأمل هذه الفتاة الأوكرانية التي لجأت إلى الحدود البولندية.
إعداد: محيي الدين حسين/عباس الخشالي