"حرب سيبرانية"؟ الانترنت ساحة نزاع جديدة بين الجزائر والمغرب
١٠ أبريل ٢٠٢٥
حمّلت وسائل إعلام مغربية قراصنة جزائريين مسؤولية الهجوم السيبراني، الذي تم خلاله سرقة بيانات أنظمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمغرب ونشرها في "تلغرام". فماذا قال القراصنة الذي شنوا الهجوم السيبراني عن دوافعهم؟
حملت وسائل إعلام مغربية قراصنة جزائريين مسؤولية الهجوم، ووصفته بأنه حلقة في حرب سيبرانية أكبر بين البلدين.صورة من: Kacper Pempel/REUTERS
إعلان
أعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في المغرب عن سرقة عدد كبير من البيانات من أنظمته في هجوم سيبراني هذا الأسبوع، مما أدى إلى تسريب معلومات شخصية على تطبيق المراسلة تليغرام.
ويتولى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في المغرب إدارة المعاشات والاستحقاقات التأمينية لملايين من العاملين في القطاع الخاص، بدءا من عمال خطوط التجميع إلى المديرين التنفيذيين في الشركات.
وقال الصندوق في بيان، أمس الأربعاء (التاسع من أبريل/ نيسان)، إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن التسريب نتج عن تمكن قراصنة إنترنت (هاكرز) من اختراق أنظمة الحماية الخاصة بالصندوق. ولم يحدد الصندوق الجهة التي يعتقد أنها مسؤولة عن التسريب، لكنه أكد أيضا في الوقت ذاته أن العديد من الوثائق التي تم نشرها كانت "مضللة أو غير دقيقة أو غير مكتملة". وقال القراصنة الذين نشروا الوثائق على تطبيق تلغرام إن الهجوم كان ردا على ما وصفوه بـ "التحرش" المغربي المزعوم بالجزائر على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهدوا بشن هجمات سيبرانية إضافية إذا تم استهداف المواقع الجزائرية.
وحملت وسائل إعلام مغربية قراصنة جزائريين مسؤولية الهجوم، ووصفته بأنه حلقة في حرب سيبرانية أكبر بين البلدين.
ويذكر أن العلاقات بين الجزائر والمغرب قد تدهورت مؤخرا إلى أدنى مستوياتها في التاريخ. وسحبت الدولتان سفيريهما، وأغلقتا سفارتيهما وأجواءهما الجوية. ويعد دعم الجزائر لجبهة البوليساريو، وهي حركة مؤيدة للاستقلال تقاتل المغرب على خلفية السيطرة على الصحراء الغربية المتنازع عليها، من بين جذور التوترات القائمة.
بيانات "بالغة الحساسية"
وتتعلق بعض المعلومات المسربة بقضايا بالغة الحساسية في المغرب. ومن بين الوثائق المسربة توجد معلومات حول الرواتب، التي إذا كانت دقيقة، فإنها تعكس التفاوتات الواسعة التي لا تزال تؤرق المغرب على الرغم من تقدمها في مجال التنمية الاقتصادية. وتتضمن الوثائق المسربة بيانات مالية غير موثوقة تتعلق بمديرين تنفيذيين في شركات مملوكة للدولة، وأحزاب سياسية، وشخصيات مرتبطة بالشركة القابضة التابعة للعائلة المالكة وصندوقها الخيري، وكذلك مكتب الارتباط الإسرائيلي في الرباط.
وقالت اللجنة الوطنية لحماية البيانات الشخصية في المغرب، اليوم الخميس، إنها مستعدة للتحقيق في الشكاوى المقدمة من الأشخاص الذين تم استهدافهم في التسريب.
وربط مصطفى بايتاس، المتحدث باسم الحكومة المغربية، الهجوم بما قال إنه تزايد الدعم الذي تحظى به المغرب من جانب المجتمع الدولي في النزاع على الصحراء الغربية، وهو أمر أكد أنه "يزعج أعداء بلادنا إلى حد محاولة الإضرار بها من خلال هذه الأعمال العدائية." ويذكر أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد صرح في وقت سابق هذا الأسبوع بأنه يدعم خطة المغرب بشأن الإقليم المتنازع عليه، وهو تصريح انتقدته الجزائر اليوم الخميس.
خ.س/ ص.ش (أ ب، د ب أ)
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)