حرب غزة.. وإيقاظ حلول المستقبل
٥ أغسطس ٢٠١٤ لم تكن الحرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة سهلة بالنسبة لإسرائيل، رغم تفوقها العسكري الكبير على حماس، إذ شعرت إسرائيل بصعوبة الموقف الدولي تجاهها، كلما زاد عدد القتلى من المدنيين واتساع نطاق الدمار في قطاع غزة.
الدفاع عن الدولة - إسرائيل - التي بناها الآباء والأجداد في مقابل الأزمة الأخلاقية الناشئة عن عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في غزة، يطرح مشكلة وجودية لإسرائيل، مثلما كتب جون لويد، وهو مؤسس مشارك في معهد رويترز لدراسة الصحافة بجامعة أكسفورد.
وفي محاولة منه لاستعراض أراء كتاب إسرائيليين للموقف. كتب لويد مستشهداً برأي آري شافيت الصحفي في هآرتس في كتابه "أرضي الموعودة": "يثير شافيت بشكل متكرر ولاذع أخطر سؤال مطروح على بلاده: كيف نعيش كشعب حر على أنقاض شعب يعيش في حرمان؟ كيف نداوي جراح العرب المطرودين؟ وكيف نرعى الدولة - الحصن التي دفعنا فيها ثمنا غاليا؟".
ضد الحرب... لكن
ورغم أن إسرائيليين بارزين مثل الكاتب ديفيد جروسمان يرفعون أصواتهم ضد الهجوم على غزة، ورغم أنه كانت هناك مسيرات احتجاج صغيرة في إسرائيل فقد ظلت معارضة الإسرائيليين للحرب مكبوحة، بينما بقيت الغالبية بين مؤيد ومحايد.
ويقول تمار هيرمان وهو باحث في علوم السياسة وناشط سابق في "حركة السلام الآن" ومؤلف الدراسة الشاملة عن الحركة إن اليسار المؤيد للسلام "فقد الصلة بالتيار الرئيسي". وحتى غروسمان الذي قُتل ابنه في حرب 2006 في لبنان، كتب يقول إن منطق الطريق المسدود الراهن يدفع إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها وكتب ذلك، رغم أنه منتقد قوي لرفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مد يده لحماس أو الحديث بنية صافية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم المعسكر الفلسطيني المعتدل.
حرب عنيفة بشكل غير متناسب
من جانب يقول نتنياهو "ليس هناك بالفعل حرباً أكثر عدلاً من هذه"، بينما يقول خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس "أريد أن أعيش بدون احتلال". ويعرف مشعل جيداً أن الحرب التي يرفض إنهاءها، عنيفة بشكل غير متناسب، فسلاح حماس الرئيسي - الصواريخ- يصل إلى مدى في إسرائيل أكثر من ذي قبل، لكنه فشل إلى الآن في إحداث أضرار مادية حقيقية. في حين يملك الجيش الإسرائيلي التفوق العسكري بمختلف أشكاله على مقاتلي حماس. وإذا استمرت الحرب فإن الهزيمة أياً كان ما تعنيه سوف تكون بالتأكيد لحماس.
ما تمتلكه حماس
لكن أقوى سلاح لدى حماس هو شاشات التلفزيون المنتشرة في العالم. فصور الأحياء السكنية التي دمرتها القنابل في غزة ومقتل الأطفال الفلسطينيين، أشياء مفزعة يلوم المشاهدون في الدول المسالمة والليبرالية إسرائيل عليها. والتعبير المتزايد عن ذلك يمثله الآن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي وصف الدمار بأنه "لا أخلاقي"، مطالباً بالمحاسبة عنه والمعاقبة عليه.
وفي الوقت نفسه فإن أقوى حلفاء إسرائيل -الولايات المتحدة- عبرت عن "بالغ القلق" لأن المشردين الفلسطينيين لا يجدون الأمان في المنشآت التابعة للأمم المتحدة والتي تحولت إلى ملاجئ. فيما أقصى ما يطرحه أي زعيم غربي هو الدعوة إلى هدنة. والهدنة التي تريدها حماس وبشروطها تتضمن بشكل خاص رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة وتخفيف التدابير الأمنية التي تطبقها مصر على حدودها مع القطاع.
وفي عرض لكتاب "أرضي الموعودة" يرصد جوناثان فريدلاند رئيس التحرير التنفيذي للغارديان بعض الحركة في اتجاه "هدف ضروري" يتمثل في الاعتراف بأعمال القمع التي تمت في الماضي والحاجة إلى اقتسام الأراضي. ويعتقد غروسمان من حانبه أن الرأي الإسرائيلي ينضج تحت الضغط بما يكفي لأن يكون قادراً على تشكيل حركة فلسطينية-إسرائيلية يمينية- يسارية قوية للتفاوض والوصول إلى تسوية صعبة تتجاوز مواقف القادة السياسيين الإسرائيليين المتحجرة.
ومع ذلك يبقى السؤال الوجودي معلقاً فوق رأس كل إسرائيلي: "ماذا إذا كان حل الدولتين غير ممكن؟" إنه السؤال الرهيب لأن الأمر إذا كان كذلك فإن كل ما يبقى على نحو واقعي هو الحرب التي ستمتد إلى المستقبل المنظور. غزة يمكن أن تكون مقدمة لما قد يحدث.
ع.خ/ ع.غ (رويترز)