حرب غزة وظلالها الحزينة على يوم الصلاة العالمي للمرأة
١ مارس ٢٠٢٤
تحتفل النساء المسيحيات في جميع أنحاء العالم، اليوم الجمعة، بـ"يوم الصلاة العالمي للمرأة". كيف خيمت الحرب بين إسرائيل وحماس على الفعالية هذا العام؟
إعلان
إنه قداس الأحد في كنيسة المخلص اللوثرية في البلدة القديمة بالقدس. القس سالي عازار، مسيحية فلسطينية، تقود الصلوات لمجموعة صغيرة من المتدينين المجتمعين حول مذبح الكنيسة. والجمعة (الأول من آذار/مارس 2024)، ستكون سالي عازار واحدة من القساوسة الذين سيقيمون قداس "يوم الصلاة العالمي للمرأة".
"نشأت هنا في الكنيسة، وشاركت على الدوام بهذه المناسبة"، تقول سالي عازار في حوار مع DW، وتضيف "يا له من يوم رائع للنساء، إنه لشرف كبير أن نحافظ على هذا التقليد". وسارة البالغة من العمر 27 عاماً من القدس الشرقية، هي أول أنثى يتم ترسيمها كقس لوثري في الأراضي المقدسة. وهذا العام، أعدت "اللجنة الوطنية الفلسطينية" يوم الصلاة العالمي للمرأة، وهو حركة شعبية مسيحية عالمية. تم الاحتفال به لأول مرة في جميع أنحاء العالم في عام 1927، وتقام الخدمة المسكونية لهذا اليوم في 150 دولة حول العالم كل أول يوم جمعة من شهر آذار/مارس. ويشمل الاحتفال به إقامة الصلوات والقداديس التي تركز على اهتمامات المرأة وآمالها، وهو أكبر حدث مسكوني للنساء المسيحيات.
"قدوة" للنساء
"بالنسبة للكثير من النساء [الفلسطينيات]، من المهم جداً أن تعكس الفعالية الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة، وأن يتم تصوير المعاناة التي تواجهها النساء بسبب الاحتلال [الإسرائيلي] الذي نعيشه طوال السنوات الماضية"، تقول سالي عازار وتشرح.
كثيرا ما توصف سالي عازار بأنها "رائدة" للنساء في المنطقة. "لقد تم ترسيمي منذ ما يقرب من عام تقريباً، وكان الأمر جديداً بالكامل على كثير من للناس؛ إذ لا يعرف كل الناس كيفية التعامل مع امرأة قس. ولكن على الأقل في الطائفة اللوثرية، الناس أكثر استعداداً لتعلم المساواة". وتُعد الكنيسة اللوثرية منفتحة على دور المرأة في الكنيسة، بعكس كنائس أخرى كالأرثوذكسية اليونانية أو والكاثوليكية.
الحرب بين إسرائيل وحماس
ألقى هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل، حيث قتل المسلحون 1200 شخص واحتجزوا أكثر من 240 رهينة، بظلاله على الحياة اليومية لكل الفلسطينيين.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية انتقامية، متعهدة بهزيمة حماس، المدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى. وبعد خمسة أشهر تقريباً، لا يزال نحو 130 رهينة محتجزين في غزة. وقد قُتل أكثر من 29 ألف فلسطيني، وفقاً للسلطات الصحية التابعة لحماس، وأصبح جزءا كبيرا من غزة غير صالح للسكن.
في أعقاب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، ظهرت انتقادات واتهامات بمعاداة السامية في ألمانيا فيما يتعلق بالشعائر الدينية (المسيحية) الفلسطينية والصلوات. "كان من المؤلم للغاية أن نرى أن ألمانيا هي الوحيدة بين جميع أنحاء العالم التي غيرت الشعائر. قالوا إنهم يريدون وضع الأشياء في سياقها" تقول عازار. ولكنها ترى بأن "وضع الأمور في سياقها شيء والذهاب بعيداً شيء آخر، كما يرى الكثيرون. شعرنا وكأن أحداً ما يقول لنا كيف نصلي والكلمات التي يجب أن نستخدمها لوصف حالتنا وما نشعر به".
تضامن من ألمانيا
في المقابل ورغم الجدل المثار، خرجت من ألمانيا أصوات متضامنة مع المرأة في الأراضي الفلسطينية. تقول أولريكه غوكن-هويسمان، رئيسة "يوم الصلاة العالمي للمرأة"، لـ DW: "بالطبع، نحن ندعم اليوم العالمي للصلاة، ونحن جزء من الشبكة العالمية في حوالي 150 دولة".
وفي ضوء هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، تم وضع النصوص المخطط لها "بعناية وحذر شديدين" في سياقها. وتمضي أولريكه غوكن-هويسمان بالقول إن "التغييرات لقيت استحسان النساء المؤمنات في ألمانيا"، مستشهدة بردود الفعل التي وردت عبر البريد الإلكتروني أو في المحادثات الهاتفية. وأضافت: "نحن نتضامن مع النساء المسيحيات في فلسطين"، مردفة أنه على الرغم من أن العلاقة لم تكن سهلة في الأشهر الأخيرة، إلا أن الحوار استمر.
مستقبل الأونروا مع تزايد الاحتياجات الإنسانية في غزة
02:44
صلاة لمن يعانون
ستقام في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة، عدة صلوات اليوم الجمعة. ولكن هنا لن يتمكن الجميع من الحضور. فقد أصبح الوصول إلى الأماكن المقدسة وفرص اللقاء أكثر صعوبة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول بالنسبة للفلسطينيين. بشكل عام، يتعين على الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة تقديم طلب إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على إذن بدخول القدس.
خلال السنوات الأخيرة، لم يحصل المسيحيون من غزة إلا على عدد محدود من التصاريح لزيارة أقاربهم في القدس والضفة الغربية، وذلك فقط خلال عيد الميلاد وعيد الفصح. "لقد كان الأمر صعباً للغاية. وفيما يخص طائفتنا، فلدينا ستة تجمعات في الكنيسة اللوثرية، واحدة في الأردن وواحدة في القدس وأربع في الضفة الغربية. وبالنسبة لكنائس الضفة، لا يمكننا الحصول على إذن لهم جميعاً. منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر". ويأتي ذلك بعد إغلاق المزيد من نقاط العبور في الضفة الغربية المحتلة أو تقليل ساعات عملها. وهناك مخاوف من أن الوصول إلى الأماكن المقدسة سيكون أكثر تعقيداً خلال أسبوع عيد الفصح القادم.
ونظراً للوضع الراهن، فإن الاحتفال بـ"يوم الصلاة العالمي للمرأة" له أهمية خاصة هذا العام، على حد قول سالي عازار: "أضفنا صوات خاصة من أجل المدنيين الذين يعانون من الحرب".
أعده للعربية: خالد سلامة
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance