حرب وتخريب وإهمال.. المواقع الأثرية اليمنية في خطر!
١٨ مارس ٢٠٢٢
أصبحت المواقع التاريخية باليمن في حالة يرثى لها. فبينما تعرضت بعض المواقع للقصف والتخريب، يهدد الإهمال معالم التاريخ الغني للبلد الذي تمزقه الحرب. ويرى خبراء أن هناك "تجاهلاً وجهلاً بمستوى الخسارة التي لا تعوّض".
إعلان
تتراكم النفايات وأعقاب السجائر في قلعة صيرة التاريخية في مدينة عدن الجنوبية التي خطّت على جدرانها شعارات وأسماء، في تجلّ واضح للإهمال الذي يلحق بآثار المنطقة الساحلية الغنية والمتنوعة، نتيجة الحرب المتواصلة في اليمن منذ أكثر من سبع سنوات. وتشهد عدن بكنائسها ومتاحفها ومعابدها الأثرية، على تاريخ غني عاصرته المدينة، لكن هذا الموروث مهدّد بفعل الإهمال والحرب.
وتقول أستاذة التاريخ في جامعة عدن الدكتورة أسمهان العلس، التي تشغل أيضاً منصب الأمينة العامة للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، لوكالة فرانس برس: "عدم وجود رؤية رسمية للدولة اليمنية في صون وحفظ التراث الثقافي والمحافظة على الهوية الثقافية للبلاد وتوظيفها لصالح التنمية، انعكس سلباً". وتشير العلس إلى أن هناك "تجاهلاً وجهلاً بمستوى الخسارة التي لا تعوّض اعتقاداً أن السعي للسيطرة والحكم هو الأهم".
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بدء هجومهم في 2014. وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
وكتب أحدهم كلمة "أحبك" على أحد البرجين الأسطوانيين المتقابلين في قلعة صيرة التي تعود إلى القرن الحادي عشر ميلادي والتي شكّلت حصناً منيعاً لحماية مدينة عدن من الغزاة في ذلك الوقت. وتقع القلعة على قمة جبل فوق جزيرة صخرية يحيط بها البحر من أربع جهات، وهي مطلة على ميناء عدن القديم.
في موقع "صهاريج" عدن، نحتت في الصخر خزانات ضخمة، وكان الغرض منها تخزين مياه الأمطار وإعادة توزيعها وتغذية الآبار الموجودة في المدينة. ولكن حالها اليوم يبدو سيئاً، وتبدو السلسلة المتواصلة من أحواض المياه المخصصة لحفظ الماء مطمورة، وتعاني من الإهمال والبناء العشوائي على جانبي الجبل المحيط بها.
قصف وتخريب
وبسبب النزاع الدائر في اليمن، واجهت السلطات المحلية صعوبات في جمع الأموال من أجل صيانة المواقع المهمة في البلاد. بينما تعرضت مواقع أخرى للقصف والتخريب والهجمات. وتقدم المتمردون باتجاه عدن في عام 2015 وبقوا فيها لأشهر عدة، قبل أن تطردهم في تموز/يوليو من العام نفسه القوات الموالية للحكومة اليمنية.
وتضرر المتحف الحربي في المدينة بفعل قصف في عام 2015. ويعود تاريخ المتحف إلى عام 1918، حين كان مدرسة ثم تم تحويله في عام 1971 إلى متحف. وتعرض المتحف بعد القصف إلى نهب محتوياته. في أيلول/سبتمبر الماضي، أقر التحالف الذي تقوده السعودية باستهداف المتحف عام 2015. وقال الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن إن القصف جاء "على هدف عسكري مشروع"، مشيراً الى تجمعات لعناصر مقاتلة تابعة للمتمردين الحوثيين.
ويقول نائب مدير مكتب آثار عدن عثمان نصر عبد الرحمن لفرانس برس إن هناك "إهمالاً وهدماً ممنهجاً لمعالم وآثار مدينة عدن"، ويضيف: "حتى لو حصلنا على القليل من الدعم، هذا لا يكفي لتغطية جزء بسيط جداً مما نحتاجه". ولا تتجاوز ميزانية المكتب المئتي دولار شهرياً. ويتابع عبدالرحمن: "هذا لا يكفي حتى لشراء القرطاسية"، ويضيف بأسى: "أشعر بالاحباط واليأس. في بعض الأحيان أتمنى لو لم أدرس علم الآثار ولم أدخل هذا المجال".
م.ع.ح/ع.ش (أ ف ب)
جدلية الحرب والحياة.. مشاهد من صراع اليمنيين من أجل البقاء
من وسط المأساة يتعطش اليمنيون لحياة طبيعية، فلا تكاد وطأة الحرب تخِفّ حتى تبدأ الحياة بالانتعاش فتفتح أسواق وحدائق ويعود كثيرون إلى بيوتهم بعد نزوحهم عنها. جولة مصورة تعكس إصرار اليمنيين على الحياة وصراعهم من أجل البقاء.
صورة من: Essa Ahmed/AFP/Getty Images
يعاني سكان اليمن عموما ليس فقط من شح المياه ولكن أيضا من صعوبة الوصول إليها. مصدر الماء الآبار والأمطار الصيفية، وضاعفت الحرب من معاناة الحصول عليها...
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
والحصول على المياه النظيفة، في بعض الأحيان، صار هما من هموم اليمنيين الكثيرة. ويضطر السكان لشراء المياه، أو الاعتماد على فاعلي الخير الذين يوزعون المياه في حاويات موزعة في شوارع المدينة.
صورة من: Farouk Moqbel
خلّف النزاع في اليمن عشرات آلاف من القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3.3 ملايين شخص. والمأساة ما تزال مستمرة..
صورة من: Farouk Moqbel
أطفال اليمن هم أكثر الفئات تضررا من الحرب وتداعياتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقدرت اليونيسيف أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في اليمن قد يصل إلى 2.4 مليون بنهاية عام 2020.
صورة من: Reuters/K. Abdullah
من أسباب الوضع الكارثي على سكان اليمن انهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ووجود إصدارين من العملة الوطنية (قديم وجديد)، وما نجم عن ذلك من ارتفاع جنوني في أسعار السلع المستوردة. وزاد الوضع المعيشي تعقيدا عدم صرف مرتبات موظفي الدولة منذ سنوات، وفقد الآلاف لمصادر دخلهم.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
الحصول على الاحتياجات الأساسية بات مهمة شاقة في الكثير من الأحيان. أزمات إسطوانات الغاز المنزلي المتكررة شاهد على تردي الخدمات.
صورة من: Farouk Moqbel
عادت بعض الأسر اليمنية إلى استخدام الأدوات التقليدية كالحطب بسبب أزمات الخدمات المتكررة والأوضاع الاقتصادية الصعبة
صورة من: Farouk Moqbel
يطل اليمن على البحرين الأحمر والعربي الغنيين بالثروة السمكية، لكن غلاء الأسعار والمعارك وارتفاع تكاليف الصيد والنقل والمخاطر الأمنية جعلت الحصول على السمك رفاهية لا يستطيع المعدم أن يحلم بها (الصورة من عدن)
صورة من: Getty Images/AFP/S. Al-Obeidi
حتى تصل الأسماك إلى "سوق الصيد" في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) تكون أسعارها قد تضاعفت.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
ترتفع أسعار المواد الخضار والفواكه خصوصا في المدن التي تدور داخلها أو حولها المعارك، مثل مدينة تعز (الصورة). وفي هذه الحالة يلجأ الباعة إلى إدخال المواد الغذائية من خلال طُرُق بديلة وعرة ملتفة وهو ما ينعكس على ارتفاع أسعارها.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
المقابر في اليمن تحولت إلى مزارات تشبه الحدائق، لكنها ليست للفسحة، بقدر ما هي تعبير عن زيادة أعداد قتلى الحرب أو موتى الأمراض والأوبئة.
صورة من: Farouk Moqbel
على الجانب الموازي هنا الفرح فوق ركام الحرب! شباب يحتفلون في عرس في الشارع. الموسيقى تصدح وتطغي أحيانا على صوت الرصاص. لكن في اليمن إطلاق الرصاص ليس فقط بسبب الحرب، ففي الأعراس يطلق الرصاص عادة في الجو للتعبير عن الفرح، إلأ أن ذلك اصبح يثير الرعب لدى البعض بسبب الحرب.
صورة من: Eman Al-Mekhlafi/DW
رغم الحرب والأوضاع الصعبة، وقيود العادات والتقاليد الاجتماعية والتضييق على الحريات، إلا أن الحياة تستمر. شباب وشابات قرروا أن يعزفوا للحب وللحياة ولمستقبل أفضل..