حرق الأعلام في ألمانيا.. بين المسموح والممنوع قانونيا!
١١ ديسمبر ٢٠١٧
أحرق متظاهرون في برلين في نهاية الأسبوع الماضي علما إسرائيليا في خضم تظاهرة احتجاجية على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل. المستشارة ميركل طالبت بالتزام معايير دولة القانون. ولكن ماهي تلك المعايير؟
إعلان
المعايير القانونية بشأن تنظيم المظاهرات لا تسمح للمتظاهرين بحمل السلاح، كما تمنع الملثمين من المشاركة فيها، خصوصا إذا كان المقصود من ذلك منع التعرف على هويته. إلى جانب ذلك يمنع القانون ممارسة العنف أثناء التظاهر، وهذه القضية بالذات تستند إلى أرضية قانونية مفادها أنه لا يجوز التعرض للسلم المجتمعي. ويأخذ القانون في هذه القضية جانبين: الأول يخص تهديد الناس من قبل بعض المتظاهرين من خلال استخدام العنف أو تمجيد العنف والثاني هو التحريض على العنف.
لكن الشرطة ورجال مكافحة الجريمة يتفاعلون بحساسية كبيرة إزاء عمليات حرق الأعلام، كما حدث ذلك يوم الجمعة المنصرم في برلين عندما أحرق متظاهرون علما إسرائيليا امام السفارة الأمريكية احتجاجا على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتكرر الحدث مرة أخرى يوم الأحد في مظاهرة أخرى شارك فيها أكثر من 2500 شخص انطلقت من نيوكولن وتوجهت إلى منطقة كرويتسبيرغ، حيث أحرق متظاهرون علما إسرائيليا. عملية حرق العلم الإسرائيلي أثارت الكثير من الانتقادات الشديدة ومن كل الجهات.
المستشارة ميركل قالت تعقيبا على حرق الأعلام يوم الاثنين" نحن ضد كل نوع من معاداة السامية وكراهية الأجانب". وتابعت " على الدولة أن تستخدم كل السبل القانونية لمنع ذلك". أما المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت فكان أكثر وضوحا في تعليقه على الأمر، حيث قال" إن حرية التعبير عن الراي والتظاهر ليست رخصة مفتوحة لإطلاق العنان لمعاداة السامية والتحريض والعنف".
وإثر ذلك تم اعتقال عشرة أشخاص. لكن المدعي العام في برلين اشار إلى أن التحريات لن تجري بسبب حرق الأعلام.
والحقيقة تكمن في أنه ليس من السهل قانونيا متابعة حرق الأعلام الإسرائيلية. فها هي المادة 104 من قانون العقوبات التي تفرض غرامة مالية أو عقوبة السجن لمدة قد تصل على سنتين على كل من " يتعرض لعلم دولة أجنبية مرفوع علنا بسبب موقعها القانوني لدى الدولة أو بسبب تقاليد أو مناسبة وطنية، بالتدمير أو الحاق الضرر به. المادة القانونية هنا تتحدث فقط عن علم دولة أجنبية مرفوع على ناصية مبنى السفارة ويتعرض للدمار أو يلحق الضرر به( كتمزيقه وإسقاطه من الناصية). لكن الأعلام الإسرائيلية التي أحرقت في مظاهرات برلين جلبها المتظاهرون بأنفسهم والبعض منها لوّنها بأيديهم.
في مثل هذه الحالات يمكن لرجال الشرطة أن تشترط على المتظاهرين عدم حرق الدمى أو الأعلام كشرط لترخيص المظاهرة. وهذا ما حدث بالفعل يوم الأحد في المظاهرة التي شهدتها بلدية نوي كولن حيث أحرق المتظاهرون مرة أخرى أعلاما إسرائيلية، رغم ان الشرطة اشترطت على منظمي المظاهرة بعدم حرق الأعلام مقابل الترخيص لها. ويمكن للشرطة أن تفرض ألان غرامة مالية على منظمي المظاهرة لعدم التزامهم بشرط ترخيصها. أما في المظاهرات التي لم يشترط عليها شيء من هذا القبيل، فيمكن للشرطة أن تتدخل وتمنع ذلك بحجة وجود مخاطر مفترضة لعلميات حرق من هذا النوع.
كما لا تجد المادة القانونية الخاصة بمنع التحريض العام والتي تحمل الرقم 130 في قانون العقوبات طريقها للتطبيق في هذه الحالات، كما يشير إلى ذلك برنامج "تاغيسشاو". فالمادة القانونية هذه تشير على أن التحريض المحرم قانونيا يجب أن توفر صفات التحريض على كراهية جماعة تعتبر جزءا من السكان. وإذا كان حرق العلم الإسرائيلي عملا ضد الدولة الإسرائيلية وليس ضد اليهود المقيمين في ألمانيا، فإن شروط تنفيذ هذه المادة القانونية لم تعد متوفرة.
حرية التعبير عن الرأي مفهوم واسع
إذن يمكن القول إن الحدود بين مفهوم حرية التعبير عن الرأي وحدود الدعوة إلى التحريض على العنف وتعريض الأمن العام للخطر ليست دائما واضحة المعالم. ففي قضية في عام 2015 اثارت مزاج الرأي العام والتي تمثلت في رفع أحد المتظاهرين المشاركين في مسيرة حركة بيغيدا المعادية للمهجرين والإسلام لمشنقة مصنوعة من عود الثقاب مهددا المستشارة ميركل، اغلق المدعي العام القضية بحجة أن "المشنقة الكارتونية" لم تكن دعوة واضحة لارتكاب جرائم ولم تشكل تهديدا للسلم المجتمعي. وبدلا من الملاحقة القانونية، صنف العمل في إطار "حرية الفن".
ورغم أن رفع المشنقة الكارتونية والدعوة لمظاهرات معادية لإسرائيل في برلين مظاهر غريبة ومثيرة للتساؤل، إلا أنها تبقى خارج إطار العقوبات القانونية في ألمانيا. ورغم ذلك يبقى من المهم بالنسبة لألمانيا ولأسباب تاريخية أن تكون حذرة بشكل خاص إزاء مثل هذه الأحداث.
ليوني هامرشتاين/ح.ع.ح
بالصور.. "جمعة غضب" ضد قرار ترامب حول القدس
اعتبر اليوم "يوم غضب" ليس فقط في الأراضي الفلسطينية وإنما أيضا في دول عربية وإسلامية وحول العالم، مثل ألمانيا. حيث خرج المحتجون بالآلاف للتنديد بقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. يوم الغضب الفلسطيني في صور.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
"يوم الغضب"
شهدت الأراضي الفلسطينية عقب صلاة يوم الجمعة (8 ديسمبر/ كانون الأول 2017) مظاهرات عارمة في مدن فلسطينية مختلفة. كما شارك مئات الآلاف من المتظاهرين في عدد من الدول العربية والإسلامية وحول العالم في الاحتجاج على قرار الرئيس ترامب بالاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل.
صورة من: picture-alliance/AA/I. Rimawi
مظاهرات أمام المسجد الاقصى
ومع انتهاء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى شق المصلون طريقهم صوب أبواب البلدة القديمة مرددين هتافات مثل "القدس لنا.. القدس عاصمتنا". وكانت إسرائيل قد نشرت المئات من ضباط الشرطة عقب الدعوات الفلسطينية إلى الاحتجاجات بعد صلاة الجمعة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Gharabli
قنابل الغاز في مواجهة المتظاهرين
وفي الخليل وبيت لحم ونابلس ألقى عشرات من الفلسطينيين الحجارة على الجنود الإسرائيليين، الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Coex
جرحى بالمئات
وأسفرت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين عن مقتل فلسطينيين وإصابة نحو 700 آخرين الجمعة في مواجهات في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن "جمعة الغضب" نصرة للقدس. وقالت مصادر فلسطينية إن شابا (30 عاما) قتل جراء إصابته بعيار ناري من قوات إسرائيلية المتمركزة خلف السياج الفاصل شرق مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.
صورة من: Reuters/I. A. Mustafa
الأردن
وتابع اللاجئون الفلسطنيون في المخيمات بالأردن الأربعاء الماضي خطاب الرئيس الأمريكى، الذي أعلن فيه الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وشارك اليوم الجمعة أكثر من 20 ألف شخص في مظاهرة عقب الصلاة، من أمام المسجد الحسني الكبير وسط عمان. كما نفذ العشرات وقفة احتجاجية عصر الجمعة قرب السفارة الأمريكية وسط اجراءات أمنية مشددة.
صورة من: Reuters/M. Hamed
العراق
في بغداد، تظاهر مئات العراقيين في مدينة الصدر شرق العاصمة، بعدما أقاموا صلاة الجمعة في الشارع. كما شهدت العديد من المناطق العراقية مظاهرات نددت بقرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إلى القدس. وهتف المتظاهرون بشعارات تطالب ترامب بسحب قراره، معتبرينه أمراً يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.
صورة من: Reuters/E. al-Sudani
لبنان
وشهد المسجد الأموي في بعلبك اعتصاما بعد صلاة الجمعة، تلبية لدعوة مشتركة من مفتي بعلبك الهرمل و"تيار المستقبل"، بمشاركة فاعليات دينية وهيئات من المجتمع المدني. كما نفذ شباب طرابلس اعتصاماً. وخرج الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات مدينة صور في مسيرات غضب، ورددوا شعارات وهتافات شجب للقرار الامريكي وما أسموه "الصمت العربي". يذكر أن نحو400 ألف لاجئ فلسطيني متواجدون في 12 مخيماً في أنحاء لبنان.
صورة من: DW/A.Vohra
مصر
في مصر تظاهر المئات في ساحة الجامع الأزهر بعد صلاة الجمعة، وردد المتظاهرون الهتافات المناهضة للقرار الأمريكي، وأكدوا على ضرورة تكاتف الدول العربية والإسلامية ضد العدوان الإسرائيلي وضد القرار الأمريكي وتنفيذ مقاطعة تجارية واقتصادية للولايات المتحدة.
صورة من: Reuters/M. A. E. Ghany
تونس
وفي تونس استمرت المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية اليوم الجمعة لليوم الثاني على التوالي تنديدا بقرار الرئيس الأمريكي. وانطلقت مسيرة حاشدة ضمت الآلاف من أمام مقر الاتحاد التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية في تونس، في وسط العاصمة تونس شاركت فيها أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني ومحامون وقضاة وطلاب مدارس وجامعات وجابت شارعي الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس أكبر شوارع العاصمة وسط إجراءات أمنية مشددة.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
تركيا
وخرج آلاف الأشخاص عقب صلاة الجمعة في إسطنبول في مسيرة من مسجد الفاتح وسط المدينة التركية حيث هتفوا "القدس لنا وستبقى كذلك". ويُذكر أن تركيا وإسرائيل قد أعلنتا العام الماضي انتهاء أزمة بينهما تسبب فيها اقتحام وحدة من القوات الإسرائيلية سفينة مساعدات كانت متوجهة نحو غزة في 2010، ما أسفر عن مقتل عشرة نشطاء أتراك.
صورة من: Reuters/O. Orsal
إيران
كما تظاهر إيرانيون في أنحاء مختلفة من البلاد، وأذاع التلفزيون الرسمي في إيران لقطات لمتظاهرين يتحركون في مسيرة ويهتفون "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" ويرفعون الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها "القدس للمسلمين". وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن متظاهرين في عدة مدن أحرقوا دمى تمثل ترامب.
صورة من: picture-alliance/AA/Stringer
برلين
وشهدت برلين مظاهرة احتجاجاً على إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتجمع الجمعة حوالي 1200 شخص أمام بوابة براندنبورغ بالعاصمة الألمانية. ولوح المحتجون، الذين احتشدوا قرب السفارة الأمريكية ببرلين بالعديد من الأعلام الفلسطينية. وقالت الشرطة إن المسيرة مرت دون إزعاج كبير. وأمنت مكان المسيرة بـ 450 من رجالها. إعداد: إيمان ملوك