حزب العمال الكردستاني يقرر حل نفسه ووقف القتال مع تركيا
علي المخلافي أ ف ب، رويترز، د ب أ، أ ب
١٢ مايو ٢٠٢٥
قرر حزب العمال الكردستاني -الذي قاتل الدولة التركية منذ أكثر من 40 عاما- حل نفسه ووقف الصراع المسلح والتخلي عن أسلحته في إطار مبادرة سلام، وفق إعلام كردي. وقال متحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا إن هذا القرار خطوة مهمة.
أرشيف - نشطاء سياسيون يرفعون صور زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في إسطنبول بتركياصورة من: Umit Bektas/REUTERS
إعلان
أعلن حزب العمال الكردستاني اليوم الإثنين اليوم الإثنين (12 مايو/أيار 2025) حل نفسه وانتهاء أكثر من أربعة عقود من "الكفاح المسلح" ضد الدولة التركية، بحسب ما أفادت وكالة فرات للأنباء المقربة من المجموعة. وجاء في بيان للحزب بعدما عقد مؤتمره الأسبوع الماضي "قرر المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني حل البنية التنظيمية لحزب العمال الكردستاني وإنهاء كفاحه المسلح".
وقال متحدث باسم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الإثنين إن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه خطوة مهمة نحو "تركيا خالية من الإرهاب". وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي، قال المتحدث إن عملية حل الحزب ستخضع لمراقبة ميدانية دقيقة من قبل مؤسسات الدولة. وأضاف أن التنفيذ العملي والكامل لقرار حزب العمال الكردستاني سيكون نقطة تحول.
ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها مؤسس الحزب عبد الله أوجلان المسجون في سجن جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول منذ 1999 حثّ من خلالها في شباط/فبراير مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب. ورد حزب العمال الكردستاني الذي تتحصن قيادته في جبال شمال العراق، إيجابا في الأول من آذار/مارس 2025 على دعوة زعيمه التاريخي لوضع حد لأربعين عاما من القتال ضد سلطات أنقرة. وأعلن يومها الحزب -الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية"- وقف إطلاق النار بأثر فوري.وفي خطاب ألقاه السبت، ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن أنباء حل الحزب قد تأتي في أي لحظة، مؤكدا عزم حكومته على "إنقاذ بلادنا من آفة الإرهاب". وقال "إننا نتقدم بخطوات ثابتة على الطريق نحو هدف جعل تركيا خالية من الإرهاب".
وقال طيب تمل نائب الرئاسة المشتركة لحزب المساواة والديمقراطية للشعوب التركي المؤيد للأكراد اليوم الإثنين إن قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه له أهمية بالغة للشعب الكردي ومنطقة الشرق الأوسط ككل. وقال تمل لرويترز إن "قرار حزب العمال الكردستاني بإنهاء وجوده والشروع في تحول جديد سيتطلب أيضا تحولا كبيرا في عقلية الدولة الرسمية في تركيا، وسيمهد إلى تبني نموذج جديد".
أوجلان يدعو للسلام
02:10
This browser does not support the video element.
وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة "إرهابية". وأطلق تمردا مسلحا ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكلون حوالي 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة. ومنذ سجن أوجلان في عام 1999 جرت محاولات عديدة لإنهاء النزاع الذي خلف أكثر من 40 ألف قتيل.
وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ حوالى عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها عبر وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب -في أكتوبر/ تشرين الأول 2024- على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة.
ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحل حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه. وفي شمال العراق تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان.
تحرير: حسن زنيند
ماردين التركية- رمز الانفتاح ومهد الحضارات تهددها النزاعات
مدينة ماردين التركية هي مهد العديد من الحضارات. كما تعد منذ قرون رمزا للانفتاح على العالم. غير أن مواجهات الجيش التركي مع حزب العمال الكردستاني، وكذلك الحرب الأهلية السورية تضع المدينة، متعددة الأعراق، أمام اختبار صعب.
صورة من: DW/C. Roman
تقع مدينة ماردين على "طور عابدين" أي "جبل العابدين" في جنوب شرق تركيا، على مقربة من الحدود السورية. ومنذ قرون تختلط في هذه المدينة مختلف الثقافات والأديان، إذ يعيش المسلمون بجوار المسيحيين بشكل سلمي. وبجانب التركية يتكلم الناس هنا اللغة العربية والآرامية والكردية. هذا التنوع جعل ماردين مدينة معروفة، حتى خارج تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
يعمل بايرام صائغا للفضة، حيث يقوم بصناعة أساور وأقراط بنقوش فنية مميزة تسمى "تلكاري". وتعتبر مدينة ماردين مركزا لهذه الصناعة التقليدية. لكن الشاب الكردي البالغ من العمر 30 سنة، مستاء من الوضع الحالي ويقول :"هناك إقبال ضعيف، فمنذ بداية الحرب لا يأتي السياح إلى هنا." فمنذ فصل الصيف، تشهد ضواحي مدينة ماردين مناوشات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.
صورة من: DW/C. Roman
"أريد أن أعيش في سلام، لكنني لست مستعدا للتخلي عن هويتي ككردي، كما تطالب الحكومة"، يقول بايرام، الذي يزور عائلته كثيرا قدر الإمكان في قرية مجاورة، تشهد مواجهات بين القوات الحكومية والأكراد. الطريق إلى القرية يستغرق 20 دقيقة ولكن: "أحيانا يتم توقيفي ثلاث مرات من قبل الشرطة كأنني مجرم، وهذا فقط لأنني كردي"، على حد تعبيره.
صورة من: DW/C. Roman
يبلغ عدد سكان ماردين نحو 90 ألف نسمة، معظمهم من الأكراد. ويتعاطف كثير منهم علنا مع حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل ضد الجيش التركي منذ أكثر من ثلاثين عاما بهدف إقامة دولة مستقلة. وفي يونيو/ حزيران 2015 فشلت محادثات السلام مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين يوجد قتلي يوميا تقريبا.
صورة من: DW/C. Roman
" يجب أن يتوقف الأكراد عن إثارة المشاكل"، يقول إمري، الذي يعمل خبازا. إمري لا يدعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، والحاكم في مدينة ماردين، وإنما يؤيد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، الذي يرأسه أردوغان. إمري ينتمي إلى الأقلية العربية، الموجودة في تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
في أعلى مكان في مدينة ماردين توجد قلعة قديمة يعود تاريخها لآلاف السنين، يطلق عليها"عش النسر". من هنا توالى على الحكم العديد من الملوك والسلاطين: البابليون والفرس والعثمانيون. ومنذ سنوات عديدة كان من المفروض أن يتم ترميم القلعة من أجل جذب المزيد من السياح، لكن أعمال البناء متوقفة، فالجيش التركي يستخدم القلعة كبرج مراقبة ضد حزب العمال الكردستاني.
صورة من: DW/C. Roman
"لن يكون هناك فائز في هذا الصراع"، تقول فيبرونيي أكيول، عمدة المدينة البالغة من العمر 27 عاما. فيبروني من الأقلية الآشورية وهي المسيحية الوحيدة في هذا المنصب في تركيا. وتسعى أكيول في مهمتها للحفاظ على تماسك العديد من المجموعات العرقية المختلفة في المدينة، وتناشد الجميع: "يجب أن تتوقف الحرب، وإلا سنكون جميعا خاسرين - سواء كنا أتراكا أو أكرادا أو آشوريين أو عربا."
صورة من: DW/C. Roman
الحرب الأهلية في سوريا لها انعكاسات أيضا على ماردين. والعديد من المسيحيين يبحثون عن ملجأ في "كيركلار كيليسيسي" أو "كنيسة الأربعين شهيدا". الطائفة الأرثوذكسية السورية تحاول مساعدتهم بتقديم الغذاء، والسكن والمساعدة الروحية. الأموال المخصصة لذلك يأتي جزء كبير منها من جمعيات كنسية أخرى وآشوريين يعيشون بالخارج، لكنها تبقى قليلة رغم ذلك.
صورة من: DW/C. Roman
"كان عندنا اليوم مرة أخرى 100 شخص، ومعظمهم قادمون من بلدة الحسكة الحدودية "، يقول غبريل أكيوز، راعي كنيسة كيركلار. عندما تكون هناك أموال يقوم راعي الكنيسة بتوزيع قسائم للغذاء بقيمة 25 ليرة تركية (حوالي ثمانية يورو). ويقول إن كل لاجئ يحصل على قسيمة واحدة فقط مرة في الشهر ويضيف: "لا يمكننا فعل أكثر من ذلك. المساعدة يجب أن تأتي من الحكومة."
صورة من: DW/C. Roman
عندما يكون الطقس جيدا يمكن رؤية سوريا من البلدة القديمة، فالمدينة تبعد 30 كيلومترا فقط عن الحدود. كثير من السوريين يهربون من الحرب الأهلية و إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية". وكثير منهم يبحثون عن ملاذ آمن في تركيا، حتى في ماردين. وهو ما يشكل اختبارا آخر للتسامح في مجتمع متعدد الأعراق.