1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حسين الموزاني ـ رحيل مفاجئ للكاتب الذي حمل العراق في قلبه

٨ ديسمبر ٢٠١٦

شكل الرحيل المفاجئ للكاتب حسين الموزاني صدمة كبيرة، إذ نعاه عدد كبير من المثقفين، الذين اعتبروه فاعلا أساسيا في ربط الجسور الثقافية بين العالم العربي وألمانيا بالإضافة لشخصيته الاستثنائية التي جمعت ألم المنفى وحب الحياة.

Hussain Al- Mozany Schriftsteller und Übersetzer
صورة من: DW/A. Fracis

لم يستطع أصدقاء وزملاء الكاتب والمترجم العراقي حسين الموزاني أن يصدقوا خبر رحيله، إذ ظل الكثير منهم ينتظر أن يطل عليهم حسين ليكذب الخبر ويقول لهم إنه مجرد مزحة عابرة. ولعل ما جعل خبر رحيله ثقيلا هو أن حسين الموزاني كان عاشقا للحياة، ويعرف أصدقاؤه كمّ المشاريع الأدبية التي كان يود إنجازها، وكذا الأحلام التي كان يرسمها لمرحلة ما بعد التقاعد، هو الذي عاش في المنفى منذ أن غادر العراق سنة 1978.

رحل حسين الموزاني قبل أن يحقق حلم العودة النهائي إلى العراق، بعد أن أنهكته سنوات المنفى التي قاربت الأربعين عاما. وهو الحلم الذي لم يتوقف عن تكراره، حتى عندما أصيب بخيبة أمل عندما زار العراق بعد عام على سقوط نظام صدام حسين ولم يجد البلد الذي كان مرسوما في ذاكرته. يومها وجد، وكما كان يقول: "حالة من الانهيار في المجتمع العراقي بجميع أطيافه ونخبه، ووطننا مفككا تبلدت فيه المشاعر الإنسانية". وكان حسين قد تناول تجربة المنفى في كتابه "أعوام الجمر والرماد -تأملات نقدية حول المنفى والثقافة والهوية الوطنية" الصادر عن دار الجمل سنة 2015.

حداد في الساحة الأدبية العربية

حالة من الحزن الممزوج بالذهول عبر عنها الكثير من المثقفين والأدباء العرب برحيل الكاتب والمترجم حسين الموزاني. لائحة طويلة من صناع المشهد الأدبي بكت الموزاني واعتبرت رحيله خسارة للمشهد الأدبي العربي والعراقي  وخسارة  أيضا على المستوى الإنساني نظرا لأنه عرف عنه تعلقه بقيم إنسانية، ودافع عن الجمال والحب والمرأة والحرية. وعن رحيله كتب الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد: "خبر مؤلم. الله يرحمك يا حسين. الدنيا دي مالهاش في الجمال."

كما خلف رحيل الموزاني ألما لدى الأدباء العراقيين خاصة الذين يتقاسمون معه قدر المهجر إذ كتب الشاعر العراقي أحمد ضياء على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "حسين الموزاني لا تُعلن موتك الآن مازلت كبيرا ولديك إبداع جميل لم يخرج". كما نعته الكاتبة العراقية بلقيس حسن: "كيف هكذا يرحل وهو إنسان تلقائي لا يعرف الالتواء، لم أصدق بعد".

وكتب الدكتور عبده عبود أستاذ الأدب المقارن في جامعة دمشق على صفحته في موقع الفيسبوك: "رحيل حسين الموزاني هو خسارة كبيرة للعلاقات الأدبية الألمانية-العربية". فحسين الموزاني لم يكتف بترجمة نصوص مهمة من الأدب الألماني إلى العربية كترجمته لعمل فذ وصعب هو "الطبل الصفيح" للكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل غونتر غراس، وإنما كتب باللغة الألمانية روايته الصادرة سنة 2002 "منصور أو رائحة بلاد الغرب".

حاز حسين الموزاني سنة 2007  على جائزة شميسو الألمانية والتي تمنح لأفضل الكتاب الأجانب الذين يكتبون بالألمانية. وبالرغم من هذا التكريم إلا أن حسين الموزاني كان دائما ما يشعر أنه "لم يحظ بالتقدير اللازم لأعماله من الجانب الألماني لأن أعماله لم تكن تقدم صورة نمطية عن العالم العربي كان ينتظرها الناشرون والقراء الألمان"، كما كان يردد بألم. ويقول حسين عن روايته الألمانية: "لم يصبني منها سوى الصيت، وليس هناك شيء آخر سواه، لكنّه لم يكن صيتاً مدويّاً على ما يبدو!".

حسين الموزاني جمع بين البهجة وألم دفين

ولد الموزاني في عام 1954 في مدينة العمارة في العراق وعاش ودرس في العاصمة بغداد. اضطر لمغادرة العراق بسبب نشاطه السياسي ومعارضته لنظام البعث فهرب إلى لبنان حيث عمل صحافياً في بيروت، قبل أن يختار ألمانيا كبلد لمنفاه حيث جاء سنة 1980 حيث درس الأدب الألماني واللغة العربية والعلوم الإسلامية في جامعة مونستر. كما عمل لسنوات محررا في مؤسسة دويتشه فيله (DW). إذ عمل في البداية في الإذاعة والموقع الإلكتروني للقسم العربي في مدينة بون ثم انتقل بعد ذلك إلى تلفزيون DW عربية في برلين.

ومن يعرف الموزاني يعرف كيف أن هذا الرجل، وبالرغم من ألم الغربة والوطن الضائع ظل يشع البهجة من حوله، من خلال حكاياته وتجاربه الحياتية الكثيرة والطريفة. فقد كان الكلام بالنسبة له دواء يخفف به شعوره الدائم بالوحدة والغربة، وهو الذي أحبه الكثير من الناس من خلال متابعة كتاباته اليومية على صفحته على الفيسبوك.

ظل بيته البرليني قبلة للأدباء العرب من المحيط إلى الخليج، وكانت زيارة صاحب رواية "اعترافات تاجر اللحوم" تعد ركيزة أساسية في رحلتهم البرلينية. وهو البيت الذي شكل له وطنا صغيرا يخفف عنه ثقل الغربة والمنفى في قلبه، حيث كان يذوب وسط كتبه وأوراقه، أو محاطا بأولاده الذين أحبهم فوق كل شيء واعتبرهم ربحه الوحيد من سنوات المنفى. كما كان حسين عاشقا للطبيعة ويقضي ساعات في حديقته الصغيرة وهو يشذب الشجيرات ويزرع الزهور بحب وصبر في انتظار أن تزهر، لكنه هذه المرة أخلف موعده معهم ورحل في هدوء قبل مجيء الربيع.

ريم نجمي

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW