ذكرت مجلة "ساينس" الأمريكية العلمية المرموقة عشرة اكتشافات رائدة لهذا العام، مثل التجسيد ثلاثي الأبعاد للبروتينات. ومع ذلك، هناك أيضاً ثلاثة تطورات سلبية مثيرة للقلق قد تؤثر على بقاء الجنس البشري.
إعلان
المسبار إنسايت والبحث في أعماق المريخ
04:49
ليست جائزة نوبل هي وحدها التي تُمنح عادة للباحثين، وغالبتهم من المسنين، لتتويجهم عن اكتشافاتهم الرائدة، التي توصلوا إليها قبل عقود من الزمن. إذ يوجد هناك تتويج آخر لا يقل أهمية يتمثل في القائمة السنوية لمجلة "ساينس" Science العلمية المرموقة التي تدرج فيها أسماء أهم المكتشفين وما توصلوا إليه.
وهذه القائمة تتكون في الغالب من الاكتشافات والباحثين الذين يضطلعون بأهمية كبيرة في الوقت الراهن، أو من تلك التي برزت بشكل سلبي ومثير للكثير من القلق.
اختراق العام 2021
في عام 2021 كرّمت مجلة "ساينس" التكنولوجيا الثورية" باعتبارها "اختراق العام" الذي سيساعدنا أيضاً في مجابهة وباء كورونا الحالي، إذ تُظهر لنا التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي بشكل سريع وواضح للغاية كيف تبدو البروتينات وكيف تعمل. وبفضل التكنولوجيا الجديدة بات بالإمكان تحليل البروتينات المتناهية في الصغر وعرضها في ثلاثة أبعاد بدقة أكبر من أي وقت مضى.
وحسب مجلة "ساينس" تعد العملية ثورية بمعنى الكلمة على غرار مقص الجينات الجزيئي CRISPR / Cas9، الذي تُوج من جديد هو الآخر وبات مؤخراً أداة قياسية في البيولوجيا الجزيئية، إذ يمكن استخدامه في إجراء التعديلات الجينية بسهولة ودقة.
تتكون البروتينات من سلاسل طويلة وتشكّل كرات معقدة تؤدي مهاماً محددة، فمثلاً يمكن لبعض البروتينات كالإنزيمات أن تكسر جزيئات السكر. أما الأحماض الأمينية فتحدد كيفية بناء هذه السلاسل. وتسلسل الأحماض الأمينية بدوره محدد سلفاً في ما يقرب من 20 ألف جين لدى الجنس البشري.
تحليل بنية البروتين بشكل أسرع وأرخص
حتى وقتنا الراهن لم يتمكن العلماء من تحليل هياكل سوى قرابة ثلث البروتينات البشرية فقط، لأنه حتى وقت قريب كانت تُحدد بنية البروتينات باستخدام التصوير البلوري بالأشعة السينية والفحص المجهري فائق البرودة، ما يجعلها أمراً شاقاً ومكلفاً للغاية.
لكن الآن بات هذا التحليل أسرع وأرخص بكثير بفضل أداتي الذكاء الاصطناعي الجديدة AlphaFold و RoseTTAFold. إذ يتعين على الباحثين فقط إدخال تسلسل الأحماض الأمينية الموجودة في الجينوم لبروتين ما في الكمبيوتر، لتبدأ التكنولوجيا الجديدة بخلق النموذج ثلاثي الأبعاد لها.
تمكن فريق جون جمبر، وهو مطور أداة AlphaFold، بالفعل من تحديد الهياكل المتكافئة لجميع البروتينات البشرية تقريباً، لأن الأداة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تبحث في جميع هياكل البروتينات المخزنة سلفاً في قواعد البيانات، وبالتالي فإنها عملياً تدرب نفسها بنفسها أثناء تلك العملية.
معارف أساسية لتطوير الأدوية
لا يمكن للباحثين فهم وظيفة البروتين في الجسم إلا من خلال معرفتهم لتركيب هذا البروتين ووظيفته الدقيقة. لكن المعرفة الجديدة تساعد كذلك في تطوير الأدوية المصممة بدقة لبروتينات بعينها.
خلال فترة جائحة كورونا الحالية يستخدم الباحثون تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة لتحديد آثار الطفرات على شكل بروتين سبايك، حيث يلتصق فيروس كورونا بخلايا الجسم. وعلى سبيل المثال بات العلماء يحسبون في الوقت الحالي ما إذا كان متحور أوميكرون لفيروس كورونا لم يعد مُهدداً بالأجسام المضادة البشرية أيضاً وما إذا كانت الحماية المناعية قد انخفضت لهذا السبب.
تسعة إنجازات عملية أخرى
بالإضافة إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة تسلط مجلة "ساينس" العلمية أيضاً الضوء على التطورات العلمية الجديدة التي تركت بصمات واضحة على مختلف العلوم في 2021.
تجدر الإشارة بشكل خاص إلى طريقة يستفيد منها علم الآثار وأبحاث ما قبل التاريخ على وجه التحديد، حيث يمكن استخدام الطريقة الجديدة لاستخراج الحمض النووي البشري من التربة السطحية، على سبيل المثال من إنسان نياندرتال البدائي. وحتى وقت قريب كان هذا الأمر يتطلب دائماً الحمض النووي من شظايا العظام المكتشفة.
كما انطوت القائمة أيضاً على دراسات رائدة حول المهيجات النفسية المسماة بالإنجليزية Psychedelics، ما يفتح آفاقاً جديدة تماماً لعلاج الاضطرابات النفسية. لكن رغم ذلك، تختلف التقييمات بشكل كبير حول ما إذا كان ينبغي استخدام هذه العقاقير بالفعل لمعالجة القلق والاكتئاب.
كما أن دراسة عن نمو الأجنة البشرية بدون إخصاب يمكن أن تحدث ثورة في عمل الباحثين.
ومن الاكتشافات المثيرة للإعجاب حقاً أيضاً هو تفاعل الاندماج الهائل الذي تم إحداثه في منشأة الإشعال الوطنية الأمريكية (NIF)، ما قد يساعد يوماً ما ربما في حل مشاكل الطاقة على كوكبنا. وأُصيب الفيزيائيون بالدهشة من الاكتشاف الجديد في فيزياء الجسيمات، حيث أُعلن في أبريل/ نيسان الماضي عن تباين يبلغ 2.5 جزء في المليار، ما قد يشير إلى جسيمات جديدة كامنة فوق أفق الطاقة العالي.
وأكد فريق بحثي من مختبر أبحاث "فيرمي" الوطني الواقع بالقرب من شيكاغو الأمريكية أن نتائج تجاربهم الأخيرة على أحد الجسيمات دون الذرية، ويُدعى "الميون"، تُشير إلى أننا على مسافة خطوة واحدة فقط من أول خرق صريح لأدق نظرية في تاريخ الفيزياء بأسره.
وفي اكتشاف آخر مكّنت البيانات المأخوذة من مسبار "إنسايت" التابع لوكالة "ناسا" الأمريكية من استخلاص استنتاجات على قدر كبير من الأهمية حول تكوين باطن كوكب المريخ الأحمر.
ومن الخطوات العلمية الرائعة بالطبع هو تطوير أجسام مضادة اصطناعية وأدوية لفيروس كورونا SARS CoV-2.
ثلاثة تطورات سلبية
بالإضافة إلى قائمة "أهم الاختراقات في العام" الرائدة، أطلقت مجلة "ساينس" أيضاً اسم "BreakDOWNS"، أي التطورات السلبية لهذا العام.
ووفقاً للمجلة تتضمن هذه القائمة بوضوح الأمل المتضائل في الاستمرار في تحقيق الهدف الطموح لاتفاقية باريس للمناخ بخفض درجة حرارة كوكبنا الأزرق 1.5 درجة.
كما صنفت المجلة سلبياً أيضاً الخلاف المربك حول العقار الجديد لمعالجة ألزهايمر المحتوي على المادة الفعالة أدكانيماب (Aducanumab)، وهو جسم مضاد أحادي النسيلة.
ويبقى أن نذكر أن المجلة العلمية المرموقة أعربت عن قلق كبير من أن جائحة كورونا الحالية باتت تهدد الباحثين بشكل متزايد أيضاً.
ألكسندر فرويند/ ع.غ
جائزة نوبل للفيزياء .. اختراعات واكتشافات غيرت وجه البشرية
أشعة غير مرئية وشمس حارقة وذرات تتحلل تلقائياً، الفيزياء علم غير عادي. في هذه الجولة المصورة تتعرف على أهم الاختراعات والاكتشافات الاستثنائية التي حازت على جائزة نوبل للفيزياء على مر السنين وغيرت مجرى البشرية.
صورة من: Bosch
1901: أشعة تظهر العظام
أول جائزة نوبل في الفيزياء مُنحت للألمانيّ فيلهلم كونراد رونتغن بعد أن اكتشف الأشعة السينية. وحتى يومنا هذا ما يزال الأطباء يستخدمون اكتشافه لتحديد كسور العظام أو التهاب جذور الأسنان. لكن هذه الأشعة العالية الطاقة يمكن أن تتسبب في الإصابة بالسرطان. وعلى الرغم من أن رونتغن اسماها بالأشعة السينية، لكن العلماء سموها باسمه فيما بعد تكريماً له.
صورة من: Fotolia/Denis
1903: ذرات تتحلل تلقائياً
وجد عالم الفيزياء الفرنسي أنطوان هنري بيكريل أن النواة الذرية لبعض المعادن الثقيلة تتحلل تلقائياً مثل اليورانيوم الواضح في الصورة. وأثناء ذلك تبعث النوى الذرية إشعاعات عالية الطاقة. وهكذا اكتشف بيكيل النشاط الإشعاعي. عملت ماري كوري وزوجها بيير على دراسة هذه الظاهرة بدقة. حصل الثلاثة بعد ذلك على جائزة نوبل للفيزياء.
صورة من: PD
1921: قوة شعاع الضوء
يمكن للضوء أن يطرد الجزيئات الصغيرة من قطعة معدنية. درس ألبرت أينشتاين هذا التأثير الكهروضوئي بمزيد من التفاصيل. وتمكن من تفسيره على هذا النحو: الضوء والمادة وجهان لعملة واحدة ويمكن تحويلها إلى بعضها البعض. لذلك، فإن أشعة الضوء لديها القدرة على تغيير المعدن. تعتمد خلايانا الشمسية على هذا المبدأ اليوم.
صورة من: Ramona Heim/Fotolia
1956: أصل أجهزة الكمبيوتر الحديثة
نحن اليوم مدينون للأمريكيين وليام شوكلي وجون باردين ووالتر براتين باكتشافهم الأساس الذي طورنا عليه تقنيات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الآيباد. إذ كانوا أول من قام باختراع ترانزستورات الدوائر الإلكترونية التي تحول من حالة إلى أخرى بسرعة البرق. تتكون معالجات كمبيوتر اليوم كالواضح في الصورة من عدة ملايين من هذه الدوائر. أما هذه العملة فمن أجل مقارنة الحجم فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
1964: حزم الضوء الخارقة
العديد من الأشعة الضوئية المتشابهة التي تنطلق في الاتجاه ذاته، هذا هو التعريف المبسط لليزر، الذي يجعلنا نستمتع بالعروض الضوئية ويمكننا من قص المعادن القاسية وحتى إزالة بقع الجلد المريضة. حصل الأمريكي تشارلز تاونز والروسيان نيقولاي باسوف وألكساندر بروخوروف على جائزة نوبل عن اكتشفاهم هذا.
صورة من: Mehr
1967: جحيم النجوم
درس الأمريكي من أصول ألمانية هانس ألبريشت بيته المولود في ستراسبورغ السبب في أن النجوم مثل شمسنا شديدة الحرارة في الواقع، ليكتشف أن النجوم تدمج في باطنها ذرات الهيدروجين في ذرات الهيليوم الكبيرة. هذا الانصهار النووي يطلق الكثير من الطاقة التي تصل إلى كوكبنا الأزرق على شكل إشعاع شمسي.
صورة من: AP/NASA
1971: صور ثلاثية الأبعاد تثير الدهشة
يعود الفضل في التصوير المجسم أو ثلاثي الأبعاد إلى المهندس المجري دينيس غابور. إذ قام أول الأمر بتجسيد هذه الصور ثلاثية الأبعاد. وتبدو هذه الصور المجسمة وكأنها تطفو بحرية في الفضاء وتتغير حسب زاوية الرؤية. لكنها ليست مجرد حيلة جميلة فقط، فالصور ثلاثية الأبعاد على العملات تجعل من الصعب تزويرها.
صورة من: picture-alliance/dpa
1986: إظهار ما تعجز عن رؤيته العين
نظرة ثاقبة لعالم الأشياء المتناهية في الصغر والكائنات الموغلة في الدقة يقدمها لنا الألماني إرنست روسكا باختراعه. فقد ابتكر روسكا المجهر الإلكتروني، الذي يمكننا من أن نرى هذا البرغوث الواضح في الصورة على هذا الشكل. دقة الصورة تزيد بأكثر من ألف مرة عما هو موجود في المجاهر الضوئية العادية. وبفضل روسكا بات بإمكاننا رؤية كل الأشياء المخفية عن أعيننا بسبب صغرها.
صورة من: picture-alliance/dpa
1988: جزيئات أولية متناهية الصغر
نعم، النيوتريونات موجودة بالفعل! هذا ما أكده الأمريكيون ليون ماكس ليدرمان وملفين شوارتز وجاك شتاينبرغر بتجاربهم في معجل الجسيمات كما هو موضح هنا في الصورة. النيوترونات هي جسيمات أولية للمادة بكتلة أصغر كثيراً من كتلة الإلكترون وليست لها شحنة كهربية. المشكلة أنها بالكاد تتفاعل مع المادة على أرضنا. ووفقاً لذلك، فإن إثبات وجودها في التجارب يبقى أمراً معقداً حقاً.
صورة من: AP
1989: معرفة الوقت بدقة متناهية
وضع عالم الفيزياء الأمريكي نورمان رامسي الأساس لقياس الوقت بدقة متناهية، إذ جعل من الممكن تطوير ساعة ذرية، وهي الساعة الأكثر دقة في العالم. في عام واحد تسجل الساعة انحرافاً عن الوقت الذي نعرفه بمقدار لا يزيد عن 25 مليار جزء من الثانية. توجد أربع ساعات ذرية في براونشفايغ الألمانية. ويجري ضبط الوقت في ألمانيا من خلالها رسمياً.
صورة من: Fotolia/Paylessimages
2007: تخزين بيانات كبيرة في أصغر مساحة ممكنة
محركات الأقراص الصلبة لأجهزة الكمبيوتر المحمولة تزداد صغراً من عام إلى آخر، ولكن في الوقت ذاته تزداد قدرتها التخزينية للبيانات. وبات ذلك متاحاً بفضل المقاومة المغناطيسية العملاقة، التي تنشأ عند صناعة وسائط تخزين بطريقة محددة للغاية. اكتشف هذا التأثير الألماني بيتر غرينبرغ والفرنسي ألبرت فيرت وحصلا على جائزة نوبل للفيزياء مقابل ذلك.
صورة من: DW/A. Bach
2009: تصفح أسرع
قام تشارلز كوين كاو، وهو عالم فيزياء أمريكي من أصل صيني، بتطوير كابل الألياف الضوئية، ينقل المعلومات بسرعة ودون خسارة بعضها، مثل محتوى موقع الويب أو محادثة هاتفية. لهذا الغرض يتم تحويل البيانات الإلكترونية إلى ومضات من الضوء الفائق وإرسالها عبر كابل الألياف الضوئية ونقلها مرة أخرى إلى الهدف وإعادتها على شكل نبضات كهربائية.
صورة من: picture-alliance/dpa
2011: الكون يتوسع باستمرار
أظهر الباحثون الأمريكيون شاول بيرلموتر وبريان شميت وآدم ريس أن الكون يتمدد ويزداد اتساعاً. لم يتمكن العلم من تفسير سبب ذلك بالضبط. لكن من يكتشف هذا الأمر، فهو بالتأكيد جدير بالحصول على جائزة نوبل للفيزياء.
صورة من: Fotolia/miket
2013: جسيم هيغز
قبل ما يقرب من 50 عاماً وصف الفيزيائي الشاب بيتر هيغز جسيماً له أهمية حاسمة. يعطي جميع الجزيئات الأولية الأخرى كتلتها. وتوقع بيتر هيغز وزميله البلجيكي فرانسوا انغلرت هذا الجسيم نظرياً. فقط في العام 2012 تم إثبات وجوده عبر المركز الأوروبي للبحوث النووية بالقرب من مدينة جنيف.
صورة من: 2012 CERN
2014: نتريد الغاليوم دايود باعث للضوء الأزرق
حصل العلماء إيسامو أكاساكي وهيروشي أمانو وشوجي ناكامورا على جائزة نوبل لتطويرهم الثنائيات الباعثة للضوء التي ينبعث منها الضوء الأزرق. وهذا ما جعل مصابيح LED البيضاء مصادر إضاءة ساطعة وموفرة للطاقة بشكل كبير مقارنة بالمصابيح الأخرى.
صورة من: Ansgar Pudenz/Deutscher Zukunftspreis
2018: نبضات ليزر قصيرة للغاية وملاقط بصرية
بات الليزر جزءا لا غنى عنه في حياتنا. وضعت الكندية دونا ثيو ستريكلاند والفرنسي جيرار ألبرت مورو في أبحاثهما الأساس لأشعة الليزر النبضية الفائقة. وبفضل هذه النبضات يمكن معالجة المواد بدقة فائقة. وتقاسم الاثنان الجائزة مع آرثر أشكين لابتكاره الملاقط البصرية وتطبيقها على النظم البيولوجية عن طريق الليزر. ويمكن من خلالها الكشف على الفيروسات والبكتريا والتعامل معها دون الإضرار بها. بيرغيت أوسترات/ع.غ