حصيلة ثقيلة بعد انفجار هائل لصهريج وقود شمال لبنان
١٥ أغسطس ٢٠٢١
قُتل عشرون شخصاً على الأقل جراء انفجار صهريج وقود شمالي لبنان، فيما يبدو أنه لا يزال هناك أشخاص في عداد المفقودين، فيما طالب الرئيس ميشال عون بالتحقيق في ملابسات الانفجار وأمر بمعالجة الجرحى على نفقة وزارة الصحة.
إعلان
قُتل 20 شخصاً على الأقلّ وأصيب 79 بجروح جرّاء انفجار صهريج وقود في منطقة عكّار في شمال لبنان على ما أعلن الصليب الأحمر اليوم (الأحد 15 أغسطس/ آب 2021)، وسط أزمة محروقات حادة تشل المرافق العامة والخدمات في هذا البلد. ولم ترد أي تفاصيل في الوقت الحاضر حول سبب الانفجار الذي وقع في وقت يعاني لبنان منذ أسابيع طويلة من نقص في المحروقات ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في موقع الانفجار. وقال رجل في شريط فيديو نشرته إحدى وسائل الإعلام المحلية ولم تتمكن مصادر مستقلة من التثبت من صحته، "انظروا كيف تحترق الناس". وأوضح الصليب الأحمر على تويتر أنّ فرقه "نقلت 20 جثّة" من موقع انفجار صهريج وقود في عكّار إلى مستشفيات في المنطقة. وأضاف أنّ 79 شخصاً آخرين أصيبوا بجروح.
وقال ياسين متلج، وهو موظف في أحد مستشفيات عكار، إنّ ما لا يقل عن سبع جثث وعشرات المصابين بحروق نقلوا إلى المستشفى. وصرح أن الجثث "محروقة إلى حدّ لا يمكننا التعرف إليها. بعضها بلا وجوه وبعضها بلا أياد". وأوضح أن المستشفى اضطر إلى رفض استقبال معظم الجرحى لأنه غير مجهز لمعالجة المصابين بحروق بالغة، فنقل بعضهم إلى مستشفى السلام في طرابلس على مسافة 25 كلم، وهو الوحيد المجهز لذلك في المنطقة.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، تسببت بفقدان الليرة أكثر من تسعين في المئة من قيمتها فيما بات 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر و36 في المئة في فقر مدقع، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام نقلا عن مندوبها أن "ظروف وملابسات حصول الانفجار لا تزال غير واضحة بانتظار نتائج التحقيق" مشيرة إلى أن المصابين "كانوا بغالبيتهم ممن تجمعوا حول الخزان "لتعبئة الوقود منه".
وذكر المندوب أن "قوة من الجيش حضرت في حينه لمعالجة الأمور وبعد مغادرة الجيش المكان ليلاً، حصل تدافع كبير من قبل أبناء المنطقة لتعبئة ما تبقى من البنزين في الخزان، حيث حصل الانفجار". وأوردت الوكالة أن "عملية بحث تجري في محيط انفجار خزان البنزين بحثاً عن مفقودين محتملين".
ووقع الانفجار في عكّار بعد أقل من أسبوعين على إحياء لبنان الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس 2020 والذي أودى بحياة حوالي 200 شخص. ونتج الانفجار من كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها. إلا أنّ التحقيق المحلي يراوح مكانه وسط اتهام الطبقة السياسية بعرقلته.
وأعرب الرئيس اللبناني العماد ميشال عون عن ألمه الشديد على ضحايا الانفجار، ووفقاً للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فقد طالب عون باستنفار القوى والأجهزة الأمنية والصحية في المنطقة لمكافحة الحريق والعمل على نقل المصابين إلى المستشفيات والمراكز الصحية وتقديم الإسعافات لهم على حساب وزارة الصحة.
كما طلب من القضاء المختص إجراء التحقيقات اللازمة لكشف الملابسات التي أدت إلى وقوع الانفجار، وتكثيف البحث للتأكد من عدم وجود مفقودين.
بدوره علق رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري على تويتر مؤكداً أن "مجزرة عكار لا تختلف عن مجزرة المرفأ" مضيفاً "لو كان هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها بدءا برئيس الجمهورية إلى آخر مسؤول عن هذا الإهمال".
وتشكلت صفوف انتظار طويلة جداً السبت أمام محطات الوقود فيما اعترض مواطنون غاضبون صهاريج وقود في بعض المناطق، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية. وأعلن الجيش السبت أنه باشر "عمليات دهم محطات الوقود ومصادرة الكميات المخزنة من مادة البنزين". ونشر الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً يظهر فيها جنود يوزعون بأنفسهم البنزين على السيارات في محطات وقود. وكان الجيش أكد في بيان أن وحداته "ستصادر كل كميات البنزين التي يتمّ ضبطها مخزّنة في هذه المحطات على ان يُصار الى توزيعها مباشرة على المواطن دون بدل".
ح.ز/ ع.غ (أ.ف.ب / د.ب.أ)
في صور.. عام على جراح لم تندمل لدى اللبنانيين!
تحل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت المروع وجراح اللبنانيين لم تندمل. انهيار اقتصادي متسارع فاقمته تداعيات مأساة المرفأ وتفشي فيروس كورونا، فيما تعجز القوى السياسية على التوافق وتشكيل حكومة تضمد جراح لبنان.
صورة من: Reuters/A. Taher
شرارة الاحتجاجات
إعلان الحكومة اللبنانية أواخر عام 2019 عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل واتساب، فجّرغضب لبنانيين لمسوا قبل أسابيع مؤشرات أزمة اقتصادية حادة، أبرز ملامحها كان انهيار سعر الليرة وأزمة الخبز فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار ورغبتهم في إسقاط النظام. من هنا انطلقت شرارة الإحتجاجات مع توالي الأزمات على اللبنانيين، أسوؤها انفجار مرفأ بيروت.
صورة من: Marwan Bou Haidar/Zuma/picture alliance
استقالة حكومة الحريري
على الرغم من تراجع حكومة سعد الحريري عن فرض الرسم المالي، استمرت الاحتجاجات الشعبية. وخلال أيام بلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد مطالبين برحيل الطبقة الحاكمة التي لم يمسها تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد وبعدم الكفاءة. على وقع غضب الشارع، استقالت حكومة سعد الحريري في 2019.
صورة من: Imago-Images/ITAR-TASS
أزمة كورونا
في فبراير/ شباط 2020، سجل لبنان أول إصابة بفيروس كورونا. وتراكمت الأعباء تدريجياً على القطاع الصحي الذي أنهكه الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد. وفي طل غياب الخطط الحكومية للتعامل مع الفيروس وتوالي الأزمات الاقتصادية والسياسية بدأ الوضع الوبائي للبلاد يتخذ منحنى أكثر سوءاً مع تفشي المتحور دلتا.
صورة من: Emma Freiha/Reuters
فشل حكومة دياب
في السابع من مارس/ آذار 2020 أعلنت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب عن خطة إنعاش اقتصادي في لبنان وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي. بعد نحو أسبوعين انطلقت المفاوضات بين الطرفين، إلا أنها توقفت في صيف 2020 بعد عدة جلسات جراء خلافات بين الفرقاء اللبنانيين أنفسهم.
صورة من: Getty Images/AFP
انفجار مرفأ بيروت
في الرابع من أغسطس / آب 2020، دوى انفجار ضخم في بيروت دمر أحياء فيها وقتل أكثر من مئتي شخص. بعد ساعات قليلة على وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزنة في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت منذ عام 2014. ألحق الانفجار، الذي يعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، دماراً ضخماً في المرفأ والأحياء القريبة منه، وأسفر عن مقتل 214 شخصاً وإصابة 6500 آخرين.
صورة من: Ahmad Terro/picture alliance
الانفجار يفاقم مآسي لبنان!
شكل الانفجار صدمة غير مسبوقة لللبنانيين، الذين أنهكتهم الأزمات المتتالية. بدأ سكان بيروت في اليوم التالي يبحثون عن المفقودين ويتفقدون منازلهم وأبنيتهم المتضررة، فيما انهمك عمال الإغاثة بالبحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض. ووصف محافظ بيروت مروان عبود وقتها الوقع بأنه "كارثي". وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت المساعدة الدولية تتدفق إلى البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naamani
ماكرون يمدّ يد الإنقاذ
في السادس من أغسطس/ آب زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة وسط حشد من اللبنانيين الغاضبين على طبقة سياسية متهمة بالفساد وسوء الإدارة. في ختام زيارته، دعا إلى "تغيير" في النظام. ثم رعى مؤتمراً دولياً لدعم لبنان، تعهد خلاله المجتمع الدولي بتقديم مساعدة طارئة بقيمة نحو 300 مليون دولار، على ألا تمر عبر مؤسسات الدولة.
صورة من: Reuters/G. Fuentes
استقالة حكومة دياب
في الثامن من أغسطس/ آب، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين الذين حمّلوهم مسؤولية مأساة انفجار مرفأ بيروت. وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأعلن عدة وزراء تباعاً استقالتهم، إلى أن أعلن رئيس الحكومة حسان دياب في العاشر من آب/أغسطس استقالة حكومته.
صورة من: Reuters/H. Mckay
أزمة تليها أخرى!
على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء، فيما ارتفعت أسعار المواد والبضائع كافة، حتى أن أسعار مواد غذائية أساسية ارتفعت بأكثر من 70 في المئة خلال عامين. كما تشهد البلاد منذ أسابيع أزمة وقود وشحاً في الدواء وتقنيناً شديداً في الكهرباء يصل الى 22 ساعة.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
إجهاض تشكيل حكومة جديدة
بعد تسعة اشهر من تكليفه، اعتذر سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة وتم تكليف نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومتين في 2005 و2011، بتشكيل حكومة جديدة. عادة ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً.
صورة من: Dalati Nohra/Lebanese Official Government/AP Photo/picture alliance
الدعم مقابل الاستقرار السياسي
منذ عام كامل، لم يعلن القضاء اللبناني عن تحقيق أي تقدّم في التحقيق بشأن انفجار مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم المخزنة منذ سنوات في مرفأ بيروت من دون أي إجراءات وقاية. كما لا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تسريع تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
صورة من: Aziz Taher/REUTERS
لبنان في ذكرى أسوأ أزماته
في الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت، ينظم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا دوليا من أجل مساعدة لبنان، وهو الثالث بالتعاون مع الأمم المتحدة. تسعى باريس من خلال هذا المؤتمر إلى جمع مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 350 مليون دولار من أجل شعب لبنان، الغارق في أزماته الاقتصادية والأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، كما صنفها البنك الدولي. فهل تندمل جراح لبنان قريباً؟ إعداد: إيمان ملوك