1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حقوقي: المحاكم الجماعية مؤشر على خلل في القضاء المصري

خالد الكوطيط - القاهرة٢٧ أبريل ٢٠١٤

للمرة الثانية ستبتّ محكمة مصرية في قضية جماعية ضد مئات المتهمين من جماعة الإخوان المسلمين. ويرى حقوقي ومحام مصري أن هذا الارتفاع في عدد القضايا الجماعية يدلّ على عدم استقلالية القضاء المصري وأن هناك خللاً به.

Gericht in Alexandria verurteilt zwei Mursi-Anhänger zu Tod
صورة من: picture-alliance/dpa

من المقرر أن تبتّ محكمة بمدينة المنيا المصرية غداً الاثنين في قضية جماعية ضد 683 متهماً، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. ومن بين التهم الموجهة إليهم التحريض على العنف وتخريب منشآت عامة وخاصة والقتل. ومن المقرر أيضاً أن تعيد نفس المحكمة في اليوم ذاته النظر في قضية المتهمين الـ528 والذين كان قد صرت بحقهم أحكام بالإعدام نهاية الشهر الماضي، بعد يومين فقط من المداولات.

في السنوات الثلاث الأخيرة، شهدت مصر ارتفاعاً مطرداً للمحاكمات الجماعية، كالتي سيتم التباحث فيها غداً بالمنيا، وهو أمر لم تعرفه البلاد منذ نشأة النظام القضائي في مصر قبل حوالي قرنين. إضافة إلى ذلك، يُحاكم لأول مرة رئيسان سابقان لمصر، هما حسني مبارك ومحمد مرسي، اللذان يواجهان تهماً مختلفة. حيثيات كل هذه المحاكمات والأحكام التي صدرت عنها ولدت نوعاً من انعدام الثقة في النظام القضائي المصري، سواءً داخل المعارضين المصريين أو في أوساط المراقبين الدوليين.

ارتفاع كبير في عدد المحاكم الجماعية

المحاكم الجماعية توجه حالياً في الغالب ضد أعضاء أو من يشتبه في كونهم أنصاراً لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تم إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية في مصر. لكن معارضين آخرين اعتقلوا في أعقاب التغييرات السياسية التي شهدتها مصر خلال السنوات الثلاث الماضية يتعرضون أيضاً لمحاكمات. والمفارقة في ذلك هو كون العديد منهم قد اعتقلوا في عهد الرئيس السابق محمد مرسي خلال مظاهرات ضد الإخوان المسلمين، وهم يواجهون الآن تهماً بالانتماء للمنظمة التي كانوا يتظاهرون ضدها. وجود هذه الحالات يرجعه الخبراء الحقوقيون إلى خلل في السلطة القضائية بمصر. أما النشطاء السياسيون المعارضون، فهم يصفون هذه المحاكمات بالمسيّسة.

يرى الحقوقي ومدير المركز العربي لاستقلال القضاء، ناصر أمين، في المحاكمات الجماعية دليلاً على غياب استقلالية القضاءصورة من: DW

ويرى ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء في مصر، أن القضاء المصري ليس مستقلاً، فمصر، كما يقول ناصر أمين لـDWعربية "شهدت تغيرات جذرية في السنوات الثلاث الأخيرة. لكن الجهاز القضائي بقي على ما كان عليه في عهد مبارك، وحتى المناصب ما زال يشغلها نفس الأشخاص"، ما لا يعني بالضرورة الولاء الكامل لنظام مبارك.

وبالإضافة إلى أنه مدير المركز العربي لاستقلال القضاء، فإن المحامي ناصر أمين عضو في هيئة الدفاع عن نشطاء سياسيين معروفين معتقلين، كأحمد دومة مثلاً، ومعرفته بالقضاء المصري لا تقتصر على ذلك أو على بحوثه داخل المركز فحسب، بل وتمتد إلى تعرضه للاعتقال في نهاية الثمانينيات، قبل أن تبرأه محكمة في القاهرة من التهم الموجهة إليه.

العديد من القضاة يمارسون عملهم بشكل مستقل

ورغم اقتناعه بعدم استقلالية الجهاز القضائي المصري في الوقت الحالي، يشير أمين إلى أن "هناك قضاة يعملون بشكل مستقل". فإلى جانب القوانين الموجودة، يؤثر كل من المستوى الثقافي والقناعات السياسية والدينية للقاضي على الحكم الذي ينطق به. لذلك، وحسب أمين "نجد في مصر أحكاماً مختلفة تماماً رغم تشابه الحالات ونوعية المحاكم التي صدرت فيها".

مجال الحرية هذا لدى القضاة يسميه الخبير القانوني المصري بـ"الاستقلال الفردي للقاضي" ويرجعه إلى تقاليد النظام القضائي في مصر والمكانة الاجتماعية التي تحظى بها المهنة. ويتابع ناصر أمين بالقول: "مبارك استطاع أن يخترق كل دوائر الدولة لكنه لم ينجح تماماً مع القضاة ... لذا اضطر لإحالة القضايا ضد خصومه السياسيين إلى المحاكم العسكرية حتى يضمن صدور أحكام تناسبه". وبحسب مدير المركز العربي لاستقلال القضاء، فقد شكل استعمال نظام مبارك المبالغ فيه للمحاكم العسكرية في قضايا ضد المعارضين أحد الأسباب التي أدت إلى سقوطه.

أحد الأمثلة السلبية لاستقلالية القاضي الفردية في نظر ناصر أمين هو حكم الإعدام الذي صدر في حق أكثر من خمسمائة شخص في المنيا الشهر الماضي، ما شكل صدمة حتى داخل الأوساط القضائية المصرية. ويقول أمين: "بعد الثورة حدثت بلبلة في استيعاب المهام بمصر. فهناك قضاة اعتقدوا أن من واجبهم الحفاظ على الأمن في البلاد فينطقون بأحكام كهذه. وهناك رجال شرطة يعتقدون أن من واجبهم تحقيق العدالة ما قد يجعلهم يقتلون شخصاً في الشارع لاشتباههم في قتله شخصاً آخر".

الخلل في علاقة الادعاء العام بالسلطة

لكن القضاة لا يمثلون سوى جزء من النظام القضائي وهم لا يبدأون عملهم الا إذا كانت هناك قضية. رفع القضايا يدخل ضمن اختصاصات الادعاء العام، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الجماعية أو القضايا السياسية. وهنا يكمن الخلل في النظام القضائي المصري، الذي تستغله السلطة للتخلص من معارضيها، كما يرى ناصر أمين.

ويوضح أمين ذلك بالقول: "النائب العام يتبع مباشرة لوزير العدل" وبالتالي للحكومة. أما ممثلو السلطة القضائية في مصر فهم لا يدلون بتصاريح منتظمة للصحافة حتى يتمكن الرأي العام من رؤية هذه السلطة بشكل أوضح أو استيعاب خلفيات القضايا والمحاكمات.

هذا ويبقى ناصر أمين متأكداً من أن أغلب المتهمين في القضايا الجماعية سيحكم عليهم بالبراءة في النهاية، وعلى أبعد تقدير عندما تصل قضاياهم إلى محكمة النقض، التي ينظر فيها تسعة قضاة في القضية وليس كما هو الحال في محاكم الجنايات، التي يجلس فيها ثلاثة قضاة فقط. ويقول أمين إنه "لأقرب من المستحيل إقناع كل القضاة التسعة بدلائل الاتهام".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW