خلال الأشهر الماضية طالما اقترن الحديث عن حلم إنشاء مكتبة إليكترونية عالمية بذكر مشروع Google.print. تتخلص فكرة هذا المشروع في قيام شركة غوغل Google العملاقة للبرمجيات بتصوير وفهرسة الكتب وتخزينها في بنك معلوماتي خاص على شبكة الانترنت. و لاقى المشروع في بداياته استحساناُ عالمياً بعد أن وافقت كبريات الجامعات الأمريكية والبريطانية على وضع معظم كتبها تخت تصرف غوغل. وعلى إثر هذه الموافقة قامت شركة غوغل في الفترة ما بين كانون أول/ديسمبر 2004 وآب/أغسطس 2005 بتصوير ما يقرب من 15 مليون كتاب باللغة الإنكليزية وتخزينههم على شبكة الإنترنت.

ومن أهم مزايا هذا المشروع كونه يخلص الباحث من مشقة الذهاب والبحث واستعارة الكتب المطلوبة من المكتبات العادية. وتقدم غوغل على موقعها لائحة مرتبة للكتب بالمجان، أما تكلفة قراءة هذه الكتب فتتعلق بحقوق النشر، إذ أن الكتب القديمة يمكن قراءاتها مباشرة على شبكة الإنترنت، نظراً لسقوط حقوق النشر بمرور السنين. أما بالنسبة للكتب الحديثة فيختلف الأمر، إذ أن الاتفاقيات التي أبرمتها غوغل مع بعض دور النشر تنص على المحافظة الصارمة على حقوق الطبع والتوزيع التي يتمتع بها الناشر، لذلك فإنه من الممكن في بعض الأحيان قراءة نبذة عن كتاب ما أو بعض المعلومات عن مؤلفه بالمجان، ودفع رسوم معينة من اجل الإطلاع على محتويات هذا الكتاب. من المعروف أنه كان من المقرر بعد الانتهاء من هذا المشروع الكبير أن يصبح بإمكان الباحث الإطلاع إلى ما يقرب من 4.5 مليار صفحة كتاب من خلال غوغل، لكن الأشهر القليلة الماضية أثبتت أن هذا المراد ليس سهل المنال.

مشروع متعثر

في شهر آب/أغسطس الماضي أوقفت غوغل العمل بهذا المشروع بعد أن قام بعض الكتاب الأمريكيون بملاحقتها قضائياً بدعوى انتهاك حقوق الملكية الفكرية. وبعد تسوية النزاع كان من المقرر أن تقوم غوغل بمباشرة أعمال المشروع في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الحالي، لكن المشروع اصطدم مجدداً بدعاوى قضائية من قبل أهم دور النشر الأمريكية هذه المرة، وهي دور نشر ماكجروهيل وبيرسون اديوكيشن وبنجوين وسايمون أند شوستر وجون وايلي. ويطمح المدعون في أن تعلن المحكمة أن غوغل تتعدى على حقوق الملكية الخاصة بالناشرين بنسخها بعض الكتب الكترونياً دون تصريح من الناشرين. أما في ألمانيا فلم تكلل مساعي غوغل الرامية إلى توسيع المشروع ليشمل كتباً باللغة الألمانية بالنجاح، وذلك بالرغم من أن غوغل قد برعت في الدعاية إلى هذه الفكرة خلال معرض فرانكفورت الدولي للكتاب لعام 2006.

"نزع الملكية الفكرية بكل برود"

ووصف الفرع الألماني للإتحاد الدولي للكتاب PEN مشروع غوغل بأنه نزع صريح لملكية المؤلفين الفكرية، فعلى حد قول فيلفريد شولر، السكرتير العام لـ PEN في ألمانيا، فإن "هذا المشروع يمثل خطراً على حقوق المؤلفين، والتي من الواجب بذل كل الجهود الممكنة لحمايتها" وخاصة بعد أن أظهرت دراسة أجرتها لجنة خاصة تابعة للمجلس النيابي الألماني (بندستاغ) تدني متوسط دخل الكتاب الألمان إذ يصل إلى 800 يورو شهرياً، "لذلك فإنه من البديهي أن نرفض المشروع بصورته الحالية، وأن ندافع عن مستحقات المؤلفين والكتاب،". وبالرغم من هذا الرفض فإنه غير متوقع أن يقوم الكتاب الألمان بمقاضاة غوغل كما فعل أقرانهم الأمريكيون، على حد تعبير شولر.

تحالف منافس

ولايشكل Google.print خطراً على حقوق الكتاب والمؤلفين فحسب، فمن ناحية أخرى ستقوم غوغل من خلال هذا المشروع الضخم باحتكار عميلة تحويل الكتب إلى بيانات إليكترونية صالحة للنشر على شبكة الانترنت. لكن من الواضح أن هذا ليس بالخطر المحدق، إذ أن ِشركات عالمية ضخمة أخرى على غرار Microsoft مايكروسوفت تنوي منافسة غوغل في هذا المجال، وذلك من خلال تشكيل تحالف تجاري مع كبار منافسي غوغل التقليدين، وهو التحالف الذي أعلن عنه بيل غيتس، مدير شركة مايكروسوفت العالمية. ومن المفترض أن تتحد جهود Microsoft مع جهود كل من Yahoo و شركة إنتاج الحاسوب Hewlett Packard وشركة البرمجيات العالمية Adope من أجل وضع حد لطموحات غوغل.

تقرير: مايك مويسر / إعداد: علاء الدين سرحان