حقوق الملكية في العالم العربي ـ فضيحة مها الصغير مثالا
سدوس الجهمي
٨ يوليو ٢٠٢٥
تسلط واقعة سرقة المصرية مها الصغير للوحة لفنانة دنماركية الضوء على ثغرة قانونية وثقافية في العالم العربي فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، لكن أيضا سرعة كشف عملية السرقة يشير إلى أي مدى أصبح العالم قرية رقمية صغيرة.
سرقة لوحات تكشف ضعف حماية حقوق المبدعين في العالم العربي وسط تحديات الفن الرقمي والذكاء الاصطناعيصورة من: picture alliance/Zoonar
إعلان
أشعلت الإعلامية المصرية مها الصغير جدلاً واسعاً مؤخراً بعد اعترافها بعرض لوحات فنية على شاشة برنامج "معكم منى الشاذلي" ونسبها إلى نفسها. تركزت الانتقادات على عرض لوحة للفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسون بعنوان "صنعتُ لنفسي أجنحة"، والتي قالت الصغير خلال الحلقة إنها هي من رسمتها، لتخرج الفنانة الدنماركية لاحقا وتكشف أنها صاحبة اللوحة.
لم تمر أيام حتى ظهرت الفنانة الدانماركية ليزا لاش نيلسون، عبر حسابها الرسمي على إنستغرام، لتفجر مفاجأة مدوية: "اللوحة التي ظهرت في البرنامج هي عملي الفني الذي رسمته عام 2019، واستُخدم في مناسبات عدة كرمز للكفاح من أجل الحرية.. لكن مها الصغير نسبت العمل لنفسها، والتلفزيون المصري لم يذكر اسمي، بل تجاهل أي إشارة إليّ".
من جانبها، تداركت إدارة برنامج "معكم منى الشاذلي"الموقف بإصدار بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أكدت فيه أن اللوحة موضوع الجدل تعود للفنانة الدانماركية ليزا لاش نيلسون، وقالت: "نحترم المبدعين الحقيقيين، ونقدر إبداعاتهم الأصلية في كل المجالات".
وأوضحت الصغير أنها تمر بظروف شخصية صعبة لكنها لا تبرر ما حدث، مؤكدة احترامها للفن وأهله.
ولم تقتصر الاتهامات على هذه اللوحة فقط، إذ ظهر لاحقاً فنان تشكيلي فرنسي معروف باسم "سيتي" يتهم مها الصغير أيضاً بسرقة ثلاث لوحات له، هي «Dwarka» و«Kigali» و«Bushido»، مؤكداً أن أعماله ظهرت بوضوح في الصور المعروضة بالبرنامج. وكتب الفنان الفرنسي عبر حسابه على إنستغرام: "بعد كل هذه السنوات… تتم سرقة فني بهذه الطريقة، في وضح النهار، وبهذا القدر من الوقاحة… أمر لا يمكن قبوله".
كذلك
تسلط هذه الواقعة الضوء على ثغرة قانونية وثقافية في العالم العربي، حيث لا تزال قضايا حقوق الملكية الفكرية، خصوصاً في مجال الفنون، تواجه ضعفاً التقنين وفي التطبيق والرقابة. رغم أن معظم الدول العربية منضمة إلى اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، واتفاقية تريبس (TRIPS) التي تلزم الدول الأعضاء بتوفير حماية فعالة للأعمال الفنية والأدبية، إلا أن الوقائع تثبت أن القوانين كثيراً ما تبقى حبراً على ورق.
كيف نشأ قانون حقوق الملكية الفكرية؟
02:23
This browser does not support the video element.
وفي تقرير حديث للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، ورد أن الدول العربية أحرزت تقدماً تشريعياً في مجال حماية حقوق المؤلف، لكنها ما تزال تعاني من ضعف في تطبيق القوانين بسبب قلة الوعي المجتمعي وضعف الكوادر القانونية المتخصصة.
إعلان
الفن الرقمي يزيد التحدي
يصبح أكثر تعقيداً مع الفنون الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات من السهل نسخ الأعمال الفنية أو استخدامها دون إذن أصحابها. ومع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى بصري، تتعقد الصورة أكثر، إذ تُنشأ أعمال جديدة ربما تعتمد على أساليب أو صور لفنانين آخرين دون تعويض أو إذن، ما يطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية كبيرة.
في بعض الدول العربية، مثل الإماراتوالأردن، ظهرت محاولات جادة لمعالجة هذه الثغرات عبر إنشاء محاكم متخصصة وتسريع الإجراءات القانونية، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً حتى تتحقق حماية حقيقية للمبدعين في المنطقة.
واقعة مها الصغير قد تكون مجرد نموذج بين نماذج كثيرة تمر دون ضجيج إعلامي، لكنها تظل ناقوس خطر يُذكّر بأن حماية الإبداع ليست مجرد نصوص قانونية، بل مسؤولية أخلاقية ومجتمعية لضمان حق الفنانين في ملكية نتاجهم الفكري والفني.
أبرز السرقات الفنية خلال القرنين الماضيين
مسلحون أو متنكرون بزي الشرطة .. يسطو اللصوص على اللوحات الفنية العالمية القيّمة والمقتنيات الثمينة. ومؤخراً سجل متحف بوده ببرلين سرقة لعملة نقدية ذهبية ثقيلة جداً قُدر ثمنها بأربعة ملايين دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hiekel
اقتحمت مجموعة من اللصوص متحف "القبو الأخضر" في قصر مدينة دريسدن الألمانية. وقد كشفت الشرطة النقاب عن القطع المسروقة ومن بينها هذه المجموعة الماسية وكذلك وسام النسر البولندي الأبيض المرصع بالألماس والياقوت والذهب والفضة من تصميم جان جاك بالارد (1746 – 1749). وهي آخر مجوهرات ما يعرف بـ "المجموعة الماسية الحديثة" التي تعد أثمن مجموعة مجوهرات من عهد الملكية الساكسونية البولندية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Jürgen Karpinski/Grünes Gewölbe/Polizeidirektion Dresden
تعرضت لوحة الموناليزا الشهيرة للفنان ليوناردو دافنشي للسرقة عام 1911، حين قام رجل إيطالي يدعى فينشينزو بيروجي بسرقتها من متحف اللوفر بباريس، إذ تمكّن من إخفائها في ملابسه مرتدياً زي طاقم العمل في المتحف. غير أن اللوحة ظهرت من جديد عام 1913 حين أبلغ تاجر إيطالي الشرطة مباشرة عقب التعرف على اللوحة.
صورة من: picture alliance/Mary Evans Picture Library
لم تُسرق لوحة رامبرانت "جاك دي غين الثالث" مرة واحدة فقط، بل أربع مرات في أعوام 1966 و1973 و1981 و1986. لذلك لقبت بـ"اللوحة المسروقة". ولحسن الحظ، استعيدت بعد كل سرقة.
صورة من: picture-alliance/akg-images
أثارت عملية السطو على 13 لوحة من متحف إيزابيلا ستيوارد غاردنر الاهتمام الدولي عام 1990. اقتحم لصان متنكران بزي الشرطة المتحف في مدينة بوسطن بالولايات المتحدة وأزالوا اللوحات ومن ضمنها لوحة "Chez Tortoni" لإدوارد مانيت و"Concert" ليوهانس فيرمير (في الصورة). وما زالت الإطارات الفارغة معلقة على الجدران.
صورة من: Gemeinfrei
عام 1991 استطاع رجل الاختباء في دورة المياه بمتحف فان غوخ بأمستردام. وبمساعدة حارس المتحف تمكن من سرقة 20 لوحة فنية، من ضمنها لوحة رسمها فان غوخ لنفسه. غير أن الشرطة استطاعت أن تستعيد اللوحات بعد ساعة واحدة فقط من عملية السرقة، وألقت القبض على اللصوص بعد عدة أشهر من العملية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Van Weel
قُدرت قيمة لوحة ليوناردو دافنشي (العذراء تغزل النسيج)، التي سرقت من القلعة الاسكتلندية عام 2003، بحوالي 70 مليون يورو. دخل رجلان كسائحين إلى المعرض وتغلبوا على حارس الأمن في قلعة "دروملانريغ" وهربوا باللوحة الثمينة. وظلت مختفية حتى عام 2007.
صورة من: picture-alliance/dpa
في عام 2004 سُرقت لوحتا "الصرخة" و"مادونا" للفنان إدوارد مونش في أوسلو بالنرويج، حيث اقتحم لصان مسلحان متحف مونش أمام أعين العديد من الزوار وسرقا اللوحتين. لكن الشرطة تمكنت من استعادتهما، ولكن ليس قبل أن يلحق بلوحة "الصرخة" ضرر كبير.
صورة من: picture-alliance/dpa/Munch Museum Oslo
في عام 2008 سطا لصوص مسلحون على لوحات قدرت قيمتها بـ180 مليون فرنك سويسري (182 مليون دولار) من مجموعة "بورله" في زيوريخ بسويسرا. لوحة "الولد بالسترة الحمراء" لبول سيزان ولوحة "لودفيك ليبك وبناته " لإدغار ديغا و"تفتّح أغصان الكستناء" لفان غوخ، و "حقل الخشخاش قرب فيتويل" لكلود مونيه (في الصورة). ولحسن الحظ تم استعادت جميع تلك اللوحات بنجاح.
صورة من: picture-alliance/akg-images
ومؤخراً في آذار/ مارس 2017، سُرقت قطعة نقدية ذهبية يبلغ وزنها مائة كيلوغرام من متحف "بوده" ببرلين. قدرت قيمة العملة المادية المحضة بأربعة ملايين دولار، ومن المرجح أن اللصوص دخلوا إلى المتحف من النافذة. يُذكر أن القطعة النقدية كندية الأصل يبلغ ارتفاعها 53 سنتيمتراً وسماكتها ثلاثة سنتيمترات، ونُقش على جانبها صورة الملكة إليزالبيث الثانية. إنيس إيزيليه/ ريم ضوا