حكم إعدام في تونس بسبب منشور على فيسبوك منتقد للرئيس سعيد
علي المخلافي رويترز، د ب أ
٣ أكتوبر ٢٠٢٥
في حكم أثار انتقادات واسعة وفي عقوبة مشددة غير مسبوقة في مجال حرية التعبير عبر الإنترنت في تونس، حكمت محكمة تونسية بالإعدام على تونسي نشر تدوينة على موقع فيسبوك، بتهمة "نشر أخبار غير صحيحة واستهداف الرئيس"، بحسب محامين.
تواجه السلطات التونسية اتهامات من منظمات حقوقية بالسعي إلى وأد حرية التعبير منذ أن سيطر الرئيس قيس سعيِّد على معظم السلطات في عام 2021.صورة من: Fauque Nicolas/Images de Tunisie/ABACA/picture alliance
إعلان
قال رئيس رابطة حقوق الإنسان ومحام لرويترز اليوم الجمعة (الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2025) إن قاضيا تونسيا أصدر حكما بالإعدام بحق رجل لإدانته بتهمتين هما إهانة الرئيس والاعتداء على أمن الدولة بسبب منشورات على فيسبوك، في حكم أثار انتقادات واسعة.
ويمثل هذا الحكم عقوبة غير مسبوقة ومشددة في مجال حرية التعبير عبر الإنترنت في تونس، التي تواجه السلطات فيها اتهامات من منظمات حقوقية بالسعي لوأد حرية التعبير منذ أن سيطر الرئيس قيس سعيد على معظم السلطات في 2021.
ونقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن مصدر بفرع هيئة المحامين في ولاية نابل، صدور حكم الإعدام ليل الأربعاء في حق شخص بتهم تتعلق بـ "نشر أخبار زائفة تستهدف موظفا عموميا وإتيان أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة".
وأفاد المحامي بأن هيئة الدفاع عن المتهم الموقوف، شرعت في إجراءات الطعن ضد الحكم. وأكد محامون آخرون أيضا صدور الحكم، من بينهم المحامي والسياسي المعارض سمير ديلو والمحامي سامي بن غازي.
عقوبات الإعدام في تونس لم تُنَفذ منذ عقود رغم صدورها
ولم تصدر تعليقات من المحكمة بشأن الحكم المثير للجدل، في وقت تواجه فيه السلطة التي يقودها الرئيس قيس سعيد انتقادات من المعارضة بممارسة ضغوط على الجهاز القضائي.
وقال أسامة بوثلجة، المحامي الذي يمثل صابر شوشان (56 عاما) الذي صدر بحقه الحكم، لرويترز: " قاض في محكمة نابل (في ولاية نابل) حكم بالإعدام على صابر بسبب منشورات فيسبوك منتقدة للرئيس. إنه حكم صادم وغير مسبوق". وأضاف أنه قدم طلبا للطعن على الحكم. وأشار إلى أن الرجل ليس سياسيا بل شخصا عاديا محدود التعليم يكتب ويعيد فقط نشر منشورات تنتقد الرئيس.
ولم يتسنَّ بعد الحصول على تعليق من وزارة العدل.
وقال المحامي عبد القادر بن سويسي إن محكمة متخصصة في الإرهاب كانت نظرت بداية في القضية لكنها تخلت عنها لاحقا لعدم وجود صبغة إرهابية. ورغم إصدار المحاكم في تونس من آن لآخر أحكاما بالإعدام فإن العقوبة الفعلية لم تنفذ منذ أكثر من ثلاثة عقود. وقال بسام الطريفي رئيس رابطة حقوق الإنسان إن القاضي نُقل إلى مكان آخر بعد صدور الحكم، في إشارة إلى إمكانية مراجعة الحكم.
وقال جمال شوشان، شقيق صابر المسجون منذ العام الماضي لرويترز: "لا نصدق الحكم. نحن عائلة تعاني من الفقر المدقع، والآن أضيف إلى الفقر.. الظلم والقهر". وذكر المحامي ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي، أن الرجل الموقوف عامل يومي وأب لثلاثة أطفال وتحظى صفحته على فيسبوك بمتابعة محدودة.
إعلان
موجة واسعة من الانتقادات والسخرية
وعلى الفور، أثار الحكم موجة واسعة من الانتقادات والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي بين الناشطين. ووصف بعضهم الحكم بأنه محاولة متعمدة لبث الخوف بين منتقدي الرئيس، محذرين من أن مثل هذه الإجراءات القاسية تخنق حرية التعبير أكثر وتعمق التوتر السياسي في البلاد.
القضاء التونسي يفرج عن معارضيّن سياسيّين
02:16
This browser does not support the video element.
ومنذ حل سعيد البرلمان المنتخب في 2021 وبدأ الحكم بموجب مراسيم، تواجه السلطات في تونس انتقادات متزايدة من منظمات حقوقية بشأن ما تقول إنه تآكل في استقلالية القضاء وتراجع كبير في حرية الصحافة والتعبير. وينفي سعيد باستمرار التضييق على الحريات ويقول إن الحريات مضمونة بالقانون وإنه لن يكون ديكتاتورا. ويقبع غالبية قادة المعارضة في السجن بتهم مختلفة. ويصفهم سعيد بأنهم خونة.
وفي أبريل/ نيسان الماضي 2025، تم إصدار أحكام مشددة بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما ضد العشرات من رموز المعارضة من الليبراليين والإسلاميين ورجال أعمال في قضية التآمر على أمن الدولة، في جلسات عن بعد قوبلت بانتقادات من منظمات حقوقية ومن شركاء تونس في الخارج.
تحرير: عماد غانم
من بورقيبة إلى سعيّد.. رؤساء تعاقبوا على حكم تونس
تُجرى في تونس الأحد (السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2024) انتخابات رئاسية، تُعد الثالثة منذ اندلاع "الربيع العربي" عام 2011. ومنذ استقلالها عن فرنسا، تعاقب على حكم تونس سبعة رؤساء، كان أولهم زعيمها التاريخي بورقيبة.
صورة من: Moncef Slimi/DW
الحبيب بورقيبة ..الزعيم المصلح (1957 ـ1987)
بعد قيادته للحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال عن فرنسا، ثم توليه رئاسة الوزراء في الحكومة المؤقتة بعد الاستقلال، أصبح الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية في عام 1957. وحكم بورقيبة تونس ثلاثين سنة عمل خلالها على تحديث المجتمع التونسي ومنح المرأة هامشا من الحقوق لم تكن تتمتع به من قبل، كما شهد حكمه مبادرات نهضت بالمجتمع والاقتصاد التونسيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
الحبيب بورقيبة .."رئيس مدى الحياة !" (1957 ـ1987)
لكن بورقيبة الذي يشبهه البعض بالزعيم التركي كمال أتاتورك تعرض لانتقادات بسبب إزاحته لعدد من معارضيه وإعدام العديد منهم، وإصداره قانونا في 1974 يسمح له بالرئاسة مدى الحياة. وبعد كبر سنه وتردي وضعه الصحي، انقلب عليه رئيس وزرائه زين العابدين بن علي، الذي أعلن نفسه في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 رئيسا جديدا للجمهورية التونسية.
صورة من: picture alliance/United Archives
زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011)
حكم زين العابدين بن علي بقبضة من حديد لمدة 23 عاما، ولم يتوقع هو أيضا أن تهب رياح ثورة تجبره على مغادرة البلاد، إلى منفاه الأخير بالسعودية، حيث ظل فيها إلى أن وافته المنية عن عمر ناهز 83 عاما. كرس بن علي خلال فترة رئاسته حكم الحزب الواحد، وخاض حربا ضد الإسلاميين، ثم ضد كل المطالبين بالديمقراطية وإرساء حقوق الإنسان وحرية التعبير.
صورة من: Ammar Abd Rabbo/picture alliance/abaca
فؤاد المبزغ .. "الرئيس المؤقت" (من يناير/ كانون الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول 2011)
شغل فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بالإنابة بعد إعلان المجلس الدستوري التونسي شغور منصب الرئيس بشكل نهائي، بسبب "هرب" الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2011. وشغل المبزع مناصب مهمة، من بينها إدارة الأمن الوطني، وتولى وزارة الشباب والرياضة والصحة والشؤون الثقافية والإعلام، خلال فترة حكم كل من بورقيبة وبن علي.
صورة من: Hassene Dridi/picture alliance/AP
الدكتور منصف المرزوقي ..أول رئيس يُختار ديمقراطيا بعد الثورة (2011 ـ 2014)
جرى انتخاب الدكتور منصف المرزوقي رئيسا لتونس في المرحلة الانتقالية أواخر عام 2011. وكان المرزوقي الذي عاش سنوات في المنفى بفرنسا من أبرز المعارضين لنظام زين العابدين بن علي وهو من مؤسسي الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أعرق المنظمات الحقوقية بالعالم العربي. وعمل المرزوقي خلال فترة حكمه على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسعى لتأسيس نظام سياسي جديد يعتمد على التعددية الحزبية وحرية التعبير.
صورة من: picture alliance/Mustafa Yalcin/AA
الدكتور منصف المرزوقي ..حقوقي في قصر قرطاج (2011 ـ 2014)
شهدت فترة حكم المرزوقي كتابة واعتماد دستور جديد لتونس في يناير/ كانون الثاني 2014، والذي يعد من أبرز إنجازاته. ودامت فترة حكم المرزوقي ثلاث سنوات كان فيها أول رئيس في العالم العربي يأتي إلى سدة الحكم ديمقراطيا ويسلم السلطة ديمقراطيا بعد انتهاء حكمه إلى الباجي قائد السبسي الذي تنافس معه في الظفر بكرسي الرئاسة.
صورة من: Yassine Gaidi/picture alliance / AA
الباجي قايد السبسي ..الرئيس المخضرم (2014 ـ 2019)
بعد سقوط نظام بن علي مطلع عام 2011 تم تعيينه وزيرا أول في الحكومة الانتقالية بهدف قيادة تونس نحو الديمقراطية. تصدر حزبه "نداء تونس" نتائج أول انتخابات تشريعية تفضي إلى برلمان دائم بالبلاد بعد سقوط نظام بن علي، كما تمكّن من الفوز في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في 21 ديسمبر/كانون الأول 2014 بحصوله على 55.68% مقابل 44.32% لمنافسه منصف المرزوقي.
صورة من: Julien Mattia/picture alliance / NurPhoto
الباجي قايد السبسي..سياسة الانفتاح على الخارج (2014 ـ 2019)
توفي السبسي، السياسي التونسي المخضرم، الذي شغل أيضا مناصب بعهديْ الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، في 25 يوليو/ تموز الماضي وتسلم رئيس البرلمان محمد الناصر منصب الرئاسة بشكل مؤقت كقائم بمهام الرئيس. وكان الباجي قايد السبسي خلال توليه رئاسة الديبلوماسية التونسية في ثمانينيات القرن الماضي أو توليه لرئاسة تونس (2014-2019) ينتهج سياسة منفتحة على الخارج.
صورة من: picture alliance / Kay Nietfeld/dpa
محمد الناصر..رئيس مؤقت (يوليو/ تموز 2019 ـ أكتوبر/ تشرين الأول 2019)
في 25 يوليو/ تموز 2019 أدى محمد الناصر اليمين الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، وذلك بعد اجتماع لمكتب البرلمان، عقب إقرار الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي. ويعتبر الناصر سياسيا تونسيا مخضرما، تولى عددا كبيرا من الوظائف السامية في كافة العهود السياسية منذ الاستقلال، وأصبح رئيسا للبرلمان التونسي في 2014.
صورة من: Nicolas Fauque/Images de Tunisiepicture alliance/abaca
قيس سعيّد .. إجراءات مثيرة للجدل(منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019)
انتخب قيس سعيد في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 في الجولة الثانية بأغلبية كاسحة على منافسه نبيل القروي. وبدأ سعيد فترة رئاسته في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، ليكون بذلك الرئيس السابع لتونسي. في يوليو/ تموز 2021 اتخذ سعيد قرارات أثارت جدلا داخل وخارج تونس بعدما قام بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة ثم تغيير الدستور المصادق عليه بإجماع سنة 2014 من طرف المجلس التأسيسي الذي انتخب بعد الثورة.
صورة من: Tunisian Presidency/APA Images/ZUMA/picture alliance
قيس سعيد .."مهمّة إلهية لإنقاذ تونس" (منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019)
الرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيّد يحتكر السلطة منذ 3 سنوات وهو مرشح لولاية ثانية في الانتخابات المقررة الأحد (السادس من أكتوبر/ تشرين الأول)، مقتنع بأنه مؤتمن على "مهمّة إلهية" لإنقاذ تونس من "المؤامرات الخارجية". وتندّد منظمة العفو الدولية "بتراجع مقلق في الحقوق الأساسية في مهد "الربيع العربي" و"بالانحراف الاستبدادي"، مع تراجع على مستوى إنجازات الثورة التي أطاحت ببن علي عام 2011. إعداد ع.ش