1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حلب: حين يصبح الماء سلاحاً في يد أطراف النزاع

١٥ أكتوبر ٢٠١٥

في ظل انقسام مدينة حلب السورية إلى غرب تسيطر عليه الحكومة وشرق خاضع لسيطرة فصائل المعارضة تمكن كل جانب من حرمان الآخر من الماء، الأمر الذي يجعله بحسب الأمم المتحدة والصليب الأحمر "سلاحاً" ضد المدنيين في خراب المدينة.

UNICEF Syrien Flüchtlingslager
صورة من: UNICEF/Asad Zaidi

على الرغم من القصف الكثيف ومقتل أصدقائها أمام عينيها والعيش بلا كهرباء استطاعت ليانا درويش أن تصمد عبر أكثر من أربع سنوات من الحرب الأهلية، بل إنها حصلت على شهادتها الجامعية وسط كل هذا الخراب. لكن ما دفعها للرحيل أخيراً لم يكن القناصة أو القنابل بل المعاناة الدائمة للعثور على مياه آمنة.

اكتوى المدنيون بنار القتال بين قوات الحكومة السورية ومجموعة من جماعات المعارضة المسلحة في حلب المقسمة والتي كانت العاصمة التجارية لسوريا. تلك المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، حيث وضعت الحافلات والسيارات المحطمة فوق بعضها البعض لحماية السكان من نيران القناصة.

وفي ظل انقسام المدينة إلى غرب تسيطر عليه الحكومة وشرق خاضع لسيطرة المعارضة تمكن كل جانب من حرمان الآخر من المياه وهو الأمر الذي تقول الأمم المتحدة والصليب الأحمر إنه يصل إلى حد استخدامه "كسلاح حرب" ضد المدنيين.

وقالت درويش (28 عاماً) والتي غادرت الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة من حلب وانتقلت إلى تركيا قبل بضعة أسابيع: "أزمة المياه هي الكارثة". وأضافت قائلة لرويترز عن طريق الإنترنت "هل تستطيع أن تتخيل الحياة بلا كهرباء؟ حاولنا ذلك. استطعنا التكيف مع كافة أنواع النقص والمخاطر. لكن المياه مسألة مختلفة. كيف يمكن أن نعيش بدونها؟".

وقالت إن السكان لجأوا إلى حفر الآبار. لكن المياه التي تستخرج منها قد تكون غير صالحة للاستهلاك. وأصيب شقيقها الذي شرب من مياه الآبار بمرض في الكلى.

الصليب الأحمر: كانت حلب تحصل على المياه النقية في المتوسط لنصف الشهر فقط.صورة من: Getty Images/AFP/Z. Al-Rifa

من جانبه قال موظف يعمل لحساب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إنه تم الإبلاغ عن حالات إصابة بالتيفود والسلمونيلا بسبب المياه الملوثة. وقال فؤاد حلاق، وهو عامل إنقاذ متطوع في شرق حلب، إن الأسر الفقيرة تضطر للاختيار بين شراء الطعام أو المياه النظيفة.

وأضاف لرويترز: "يبلغ ثمن عبوة المياه سعة 1.5 لتر نحو 75 ليرة سورية (0.40 دولار). لا يمكن أن تنفق أسرة من ستة أفراد هذا المبلغ على المياه وحدها لن يتبقى لهم شيء للطعام".

وقال ماهر غفاري الموظف في اليونيسيف إنه ليس بالضرورة أن تكون المياه المعبأة التي تبيعها الشركات الخاصة آمنة ولكن على الرغم من ذلك تصطف الأسر في طوابير بالساعات لشرائها. وأضاف بالقول: "انتظرت فتاة صغيرة في الصف لأربع أو خمس ساعات لتكتشف أن الجالونين اللذين يجب أن تحملهما ثقيلان للغاية فسقطت وأخذت تبكي".

ضعف الإمدادات

من جانبه، قال بافل كرزيسيك من الصليب الأحمر الذي تحدث من دمشق إن سكان حلب يحصلون على المياه النقية في المتوسط لنصف الشهر فقط. وأضاف "هذا لا يكفي حتى إذا حاول الناس اتخاذ إجراءات طوارئ مثل خزان للمياه".

ويعمل الصليب الأحمر على تسهيل الحصول على مياه جوفية نظيفة فيوفر خرائط على الإنترنت حتى يتسنى للسكان تحديد أقرب مصدر لهم.

وسببت التلفيات التي لحقت بإمدادات المياه والكهرباء نقصاً كبيراً. وقال كرزيسيك إنه خلال الاشتباكات الأخيرة أصيب خط للكهرباء ومنعت الاشتباكات المهندسين من الوصول اليه لإصلاحه.

لكن جماعات إغاثة دولية تقول إن أزمة المياه ترجع أيضاً إلى أساليب تستخدمها الأطراف المتحاربة التي تحرم المدنيين من الاحتياجات الأساسية عمداً. وقالت اليونيسيف في أغسطس/ آب إنها سجلت 18 حالة لقطع المياه بشكل متعمد خلال العام.

وإمدادت المياه لحلب ضعيفة جدا لأنها خلال رحلتها تمر بمناطق خاضعة لسيطرة أطراف مختلفة. ويسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على محطة الضخ الأساسية على نهر الفرات، بينما تخضع محطة الضخ التالية في منطقة سليمان الحلبي لجماعات معارضة متنافسة. أما المحطة الأخيرة فهي في أيدي الحكومة.

الأسر الفقيرة تضطر للاختيار بين شراء الطعام أو المياه النظيفة.صورة من: Reuters

الخراب يهيمن على المدينة

وقطع التنظيم المتشدد الإمدادات من نهر الفرات لبضعة أيام أوائل العام الماضي. ويقول غفاري إنه في يوليو/ تموز من هذا العام تم خفض الإمدادات إلى 40 في المئة فقط من كميتها الطبيعية وهو ما أدى إلى نقص شديد في شهرين شديدي الحرارة بفصل الصيف.

وأضاف أن مقاتلي جبهة النصرة، وهي جماعة إسلامية متشددة منافسة، استغلوا سيطرتهم على منطقة سليمان الحلبي فقطعوا المياه لثلاثة أسابيع في يوليو/ تموز للضغط على الحكومة لتعيد الكهرباء.

ويتوقف تشغيل جميع محطات الضخ على إمدادات الكهرباء التي تسيطر عليها الحكومة. وبينما تواجه مدن في مختلف أنحاء سوريا نقصاً يقول سكان حلب إنهم لا يحصلون على الكهرباء في المعتاد إلا لساعة واحدة فقط يومياً وأحياناً يمضون يومهم بلا كهرباء على الإطلاق.

وحين لا تتوفر الكهرباء لتشغيل محطة الضخ بمنطقة سليمان الحلبي، تضيع المياه في كثير من الأحيان في نهر قويق الذي يجري بينها وبين المحطة الأخيرة. وقال غفاري إن اليونيسيف تساعد في تركيب الخزانات ووحدات التنقية لتخزين هذه المياه.

وحتى الآن لا توجد بوادر تذكر على أن الحكومة أو جماعات المعارضة المختلفة ستتمكن من إنهاء جمود الموقف والسيطرة على حلب حتى تعود الحياة إلى طبيعتها. لكن المدنيين يكتوون بنار القتال. وتشن الأطراف المتحاربة هجمات متبادلة تسفر في معظمها عن سقوط قتلى من المدنيين. وبينما تسقط القوات الحكومية البراميل المتفجرة على شرق حلب رد مقاتلو المعارضة بقصف غرب المدينة عشوائياً.

وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن من بين 577 شخصاً قتلوا في مدينة حلب من يناير/ كانون الثاني حتى سبتمبر/ أيلول كان هناك 559 مدنياً. وتحولت مناطق شاسعة إلى أنقاض.. فقد طال الدمار الأسواق والمساجد في المدينة القديمة في حلب المدرجة ضمن قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للتراث العالمي.

وقالت درويش اللاجئة السورية التي انتقلت إلى تركيا: "تستغل أطراف الصراع هذه الحرب على ما يبدو والمدنيون يدفعون الثمن... لا أحد يرى أملا في حل".

ع.غ/ ح.ع.ح (رويترز)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW