1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حلفاء إسرائيل يصعدون ضغوطهم - هل تتغير توجهات حكومة نتنياهو؟

٢٩ يوليو ٢٠٢٥

تواجه حكومة نتنياهو ضغوطاً دولية متصاعدة من أقرب حلفائها بسبب تفاقم المجاعة في غزة، مما دفعها لتقديم تنازلات إنسانية محدودة وصفها المحللون بأنها تكتيكية لكسب الوقت وليست تغييراً استراتيجياً حقيقياً.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرأس اجتماعًا لمجلس الوزراء الأمني، 17 يناير/ كانون الثاني 2025
يرى محللون سياسيون أن نتنياهو، بتغييره سياسة إسرائيل تجاه غزة، يُواصل تكتيكه القديم المتمثل في كسب الوقت بدلاً من الالتزام بقرارات استراتيجيةصورة من: Koby Gideon/AFP

تواجه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة ضغوطاً دولية متصاعدة وخصوصاً من أقرب حلفاء إسرائيل. يأتي ذلك على خلفية تصاعد المجاعة في غزة ونقص الغذاء الذي وصل إلى مراحل كارثية في القطاع المحاصر.

وأثارت صور الجياع والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية إدانة دولية واسعة، ما دفع الحكومة الإسرائيلية للقول بإنها ستسمح بدخول المزيد من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة. كما سمحت إسرائيل بعمليات إنزال جوي إنساني. ويوم الأحد، قامت كل من إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة بإسقاط بالمظلات لمنصات محملة بالمساعدات على غزة.

هولندا

مساء يوم الاثنين (28 يوليو/ تموز) أعلنت الحكومة الهولندية أنها ستستدعي سفير إسرائيل في البلاد للتنديد بالوضع "الذي لا يحتمل ولا يمكن الدفاع عنه" في غزة، وأنها فرضت حظراً على وزيرين في الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، يمنعهما من دخول هولندا.

ولن يُسمح للوزيرين في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بدخول هولندا، التي تتهمهما بالتحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين والدعوة إلى "تطهير عرقي" في قطاع غزة.

القرار الهولندي يأتي في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج الشهر الماضي.

ألمانيا

أعلنت الحكومة الألمانية أنها تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ إجراءات محددة لزيادة الضغط على إسرائيل من أجل تحسين الوضع الكارثي في قطاع غزة.

وفي أعقاب جلسة استمرت لأكثر من ساعتين لمجلس الوزراء الأمني المصغر، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في برلين يوم الاثنين إن المجلس لم يتخذ بعد قرارات لكنه ناقش الخيارات المتاحة، وأردف زعيم الاتحاد المسيحي الألماني:" نحتفظ لأنفسنا بحق اتخاذ مثل هذه الخطوات". ولم يذكر ميرتس تفاصيل بشأن الإجراءات المحتملة، لكنه أوضح أن ألمانيا يمكنها فقط تقديم اقتراح إلى المفوضية الأوروبية.

وتواترت تقارير بشأن احتمال إيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل وتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

على جانب آخر، أعلن ميرتس أن بلاده ستقيم مع الأردن "جسراً جوياً للمساعدات الإنسانية" مع قطاع غزة، بهدف مساعدة سكانه الذين يواجهون "مستويات مقلقة" من سوء التغذية، بحسب الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، قال موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن ألمانيا ستزيد الضغط على إسرائيل إذا لم يتم تحقيق تقدم في أزمة الجوع في غزة.

وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، في إشارة إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها المستشار الألماني فريدريش ميرتس مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤخراً: "كان المستشار واضحا تمامًا في المحادثة الهاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي... بأن الحكومة الاتحادية مستعدة لزيادة الضغط إذا لم يُحرز تقدم". وأضاف: "من حيث المبدأ، نحن مستعدون لاتخاذ خطوات إضافية، وهو أيضًا هدف اجتماع الأمن الذي عُقد بعد ظهر يوم الاثنين".

فرنسا

بعد أيام من تعهدها بالاعتراف بفلسطين كدولة، دعت فرنسا الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على إسرائيل للموافقة على حل الدولتين مع الفلسطينيين، في أحدث تصعيد من جانب فرنسا في سعيها لإنهاء حرب غزة الدامية.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، للصحفيين في الأمم المتحدة بأنه في حين أن هناك إجماعًا دوليًا على أن الوقت قد حان للتوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن القوى العالمية بحاجة إلى دعم أقوالها بالأفعال، وقال: "على المفوضية الأوروبية، نيابةً عن الاتحاد الأوروبي، أن تعرب عن توقعاتها وأن تُظهر الوسائل التي يمكننا من خلالها تحفيز الحكومة الإسرائيلية على الاستجابة لهذا النداء".

وحثّ بارو المفوضية الأوروبية على دعوة إسرائيل إلى رفع الحصار المالي المفروض على ملياري يورو، يقول إن الحكومة الإسرائيلية مدينة بها للسلطة الفلسطينية، ووقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، الذي يهدد وحدة أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية، وإنهاء نظام توصيل الغذاء "المُسلّح" في غزة.

بريطانيا

واستدعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعضاء حكومته  لإجراء محادثات عاجلة بعد ظهر اليوم الثلاثاء (29 يوليو/ تموز) حول خطة سلام لغزة قد تمهد الطريق للاعتراف بدولة فلسطينية. وقد طلب ستارمر من الوزراء الرئيسيين قطع عطلتهم الصيفية لعقد هذا الاجتماع. 

وأورد مكتب رئيس الوزراء البريطاني أن ستارمر أطلع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته الأخيرة لإسكتلندا، على "الخطط التي يعمل عليها مع القادة الأوروبيين لتحقيق سلام دائم" في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء إن الخطة تستند إلى "التعاون المتواصل حتى الآن، والذي يمهد لحل طويل الأمد على صعيد الأمن في المنطقة".

ويواجه ستارمر ضغوطاً متزايدة للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، حيث قال المتحدث الرسمي باسمه: "يركز رئيس الوزراء هذا الأسبوع على إيجاد طريق نحو السلام يضمن إغاثة فورية للمدنيين على الأرض، ويقود إلى حل دائم على أساس الدولتين".

الولايات المتحدة

 أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القلق بشأن الوضع الانساني في قطاع غزة، وحث نتنياهو على اتخاذ إجراءات في هذا الشأن، مع ظهور صور لأطفال في القطاع يعانون من الهزال.

وخلال زيارته إلى إسكتلندا قال ترامب إن الولايات المتحدة وغيرها يقدمون الأموال والغذاء إلى غزة، وأنه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "إدارة هذا الأمر بشكل ما". وأضاف ترامب: "أريده أن يتأكد من حصولهم على الغذاء .. أريد أن أتأكد أنهم يحصلون على الغذاء".

وأجاب ترامب، رداً على سؤال بشأن ما إذا كان يتفق مع تصريحات نتنياهو بأن المخاوف من حدوث مجاعة جماعية في غزة مبالغ فيها، قائلاً: "لا أعرف، أعنى أنه بناء على مشاهد التليفزيون، أقول إنني لا اتفق معه بشكل خاص لأن هؤلاء الأطفال يبدون في غاية الجوع".

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية  عن ترامب قوله: "نريد المساعدة. إنه موقف فظيع. الأمر بأكمله فظيع"، مضيفاً أنه سيثير هذه المسألة مع نتنياهو عندما يتحدثان مرة أخرى.

المفوضية الأوروبية

اقترحت المفوضية الأوروبية يوم الاثنين، تعليق مشاركة إسرائيل في أجزاء من برنامج تمويل الأبحاث "هورايزون أوروبا"، وذلك بسبب تدهور الأوضاع في قطاع غزة.

وقالت المفوضية في بيان الاثنين: "بينما أعلنت إسرائيل وقفاً إنسانياً يومياً للقتال في غزة والتزمت ببعض تعهداتها بموجب التفاهم المشترك بشأن المساعدات والوصول الإنساني، لا يزال الوضع خطيراً".

وسيؤثر القرار، إذا تم تنفيذه ، على مشاركة إسرائيل في مسرع مجلس الابتكار الأوروبي. وكانت عدة دول في الاتحاد الأوروبي، من بينها ألمانيا والنمسا والمجر وجمهورية التشيك، قد أعربت مراراً عن معارضتها لفرض عقوبات على إسرائيل.

ويندرج هذا المسرع تحت برنامج "هورايزون أوروبا" ويمول الشركات الناشئة والصغيرة التي تطور تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج مثل الأمن السيبراني والطائرات المسيرة والذكاء الاصطناعي.

واتهم البيان إسرائيل بشكل خاص بتقييد إيصال المساعدات الإنسانية بشدة لنحو مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المحاصر خلال الأشهر الأخيرة. ومن المقرر أن يناقش سفراء الاتحاد الأوروبي المقترح في بروكسل اليوم الثلاثاء، لتحديد كيفية المضي قدماً.

انتقادات للسيسي بسبب أزمة غزة.. هل هي مبررة؟

37:45

This browser does not support the video element.

قلق إسرائيلي من الضغوط المتزايدة

وزارة الخارجية الإسرائيلية بدورها سارعت إلى إدانة التوصية، ووصفتها بأنها "خاطئة ومؤسفة وغير مبررة". وحذرت من أن فرض عقوبات على إسرائيل في الوقت الذي تخوض فيه حرباً ضد حركة حماس "لن يؤدي إلا إلى تقوية" الجماعة المسلحة. وأكدت إسرائيل أنها ستعمل على منع اعتماد هذا الإجراء.

وفي داخل اسرائيل يتزايد القلق من حجم الضغوط الدولية المتصاعدة، ويقول جوناثان كونريكوس، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن حملة الضغط العالمية تساعد حماس وأنها هي السبب في عدم موافقتها حتى الآن على وقف إطلاق النار.

وأضاف أن "هناك جهد منظم وممول ومنسق تشارك فيه حماس، لكن منظمات أخرى، وهيئات للأمم المتحدة، وغيرها، تشارك فيه، ويهدف إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي على إسرائيل"، بحسب ما نقل موقع صحيفة يديعوت أحرونوت.

وقال إن "حماس تعتقد أنها تستطيع الاستمرار في تجويع المدنيين في غزة، ومحاربة إسرائيل، واحتجاز الرهائن" لأنها "تحظى بدعم دولي". وقال إن حملة الضغط العالمية هذه لن تكون في صالح الفلسطينيين أو الرهائن، ولن تُنهي الحرب. بل ستكون في صالح حماس، وقد تُجبر إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار في ظل بقاء حماس في السلطة.

الأمم المتحدة : نحو ثلث سكان غزة محرومون من الطعام

02:20

This browser does not support the video element.

وفي ظل هذا الضغط المتزايد، نفّذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعديلات سياسية محدودة وصفها المحللون بأنها تكتيكية وليست استراتيجية. فقد بدأت إسرائيل بالسماح بدخول المزيد من شاحنات المساعدات الغذائية إلى غزة، واستأنفت إمداد محطة معالجة مياه حيوية بالكهرباء، مما يُمثل تحولاً سياسياً بعد قرابة خمسة أشهر من تضييق الخناق على دخول المساعدات الإنسانية.

وقال محللون سياسيون إن نتنياهو، بتغييره سياسة إسرائيل تجاه غزة، يُواصل تكتيكه القديم المتمثل في كسب الوقت بدلاً من الالتزام بقرارات استراتيجية. يُشير هذا النمط إلى أنه على الرغم من نجاح الضغط العالمي في فرض بعض التنازلات الإنسانية، إلا أنه لم يُغير بشكل جذري أهداف إسرائيل الاستراتيجية في غزة.

و تواجه حملة الضغط العالمية قيودًا هيكلية في داخل إسرائيل نفسها. فبصفته رئيسًا لائتلاف هش يضم أحزابًا يمينية متطرفة ملتزمة بمواصلة الحرب، فإن أي تحول كبير في السياسة قد يُهدد بإسقاط حكومة نتنياهو، مما يضعه في خلاف مع الرأي العام الإسرائيلي والواقع الدبلوماسي الإقليمي.

ويرزح قطاع غزة البالغ عدد سكانه نحو 2,4 مليون نسمة، تحت وطأة حصار تفرضه إسرائيل منذ اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحماس والتي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية.

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW