دعا حلف شمال الأطلسي الجمعة (الرابع من أيلول/ سبتمبر 2020)، إلى تحقيق دولي بشأن عملية تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني، مطالبا  موسكو بالكشف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن برنامجها المرتبط بغاز "نوفيتشوك" للأعصاب.

وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي الجمعة "أي استخدام للأسلحة الكيماوية يكشف عن استهانة تامة بأرواح البشر، ويمثل انتهاكا غير مقبول للمعايير والقواعد الدولية". وشدد بعد اجتماع لسفراء الحلف في بروكسل "اتفق حلفاء الأطلسي على أن هناك أسئلة خطيرة يتعين على روسيا الإجابة عليها، وأن على الحكومة الروسية أن تتعاون بشكل كامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تحقيق دولي محايد".
وقال ستولتنبرغ "يجب محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم وتقديمهم للعدالة. لقد رأينا مرارا وتكرارا قادة معارضة ومنتقدين للنظام الروسي يتعرضون لهجمات وتهديدات لحياتهم، بل وقُتل بعضهم".

ووصف قضية نافالني بأنها "هجوم على الحقوق الديمقراطية الأساسية" وقال إن أعضاء الحلف سيواصلون التشاور بشأن الحادثة و"النظر في تداعياتها".

 كما أضاف الأمين العالم للحلف أن جميع الدول الأعضاء الثلاثين نددت بـ "الجريمة الشنعاء" لمحاولة قتل المعارض الروسي. ورفض ستولتنبرغ التكهن برد فعل دولي محتمل. 

وكان مصدر قد ذكر قبل الاجتماع أن ألمانيا ستطلع خلاله أعضاء الحلف على نتائح الأبحاث بخصوص هذا الملف، والتي خلصت إلى أن نفالني تمّ تسميمه بمادة مستخلصة من غاز الأعصاب "نوفيتشوك" التي تمّ تطويرها من قبل قبل خبراء روسيين في عام 1970 إبان فترة الاتحاد السوفياتي.

ومَرِض نافالني (44 عاما)، المحامي الذي يعد من أشد منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما كان في رحلة جوية الشهر الماضي وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين.

روسيا تنفي

من جهتها، تواصل موسكو نفيها لصحة نتائج الأبحاث الألمانية، وصرح خبير روسي في علم السموم حلّل الملف الطبي لأليكسي نافالني اليوم الجمعة أن المعارض قد يكون ضحية مشكلة في الهضم أو تعاطي الكحول أو الإجهاد، معللا التدهور المفاجئ في الوضع الصحي لنافالني إلى "أي عامل خارجي" أو إلى "مجرد عدم تناول وجبة الفطور أو مشكلات في الجهاز الهضمي". وتابع "قد يكون السبب ليس فقط النظام الغذائي بل أيضا تعاطي الكحول (...) ربما كان سببه التوتر أو التعب". كما أن الخبير الروسي لم يستبعد بأن يكون تدهور صحته "مرتبطا بدرجات الحرارة. فالتعرض لأشعة الشمس أو البرد لفترة طويلة" قد يتسبب في ذلك.

ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن الخبير الروسي إنه لم يتم الكشف عن أي أثر للتسمم بعد تحليل رئتي نافالني وكبده وكليتيه.

ويقول الأطباء الروس إنهم لم يجدوا أي آثار لمادة "نوفيتشوك" على عكس النتائج التي توصلت إليها السلطات الألمانية.

قضية نافالني ومستقبل "نورد ستريم 2"

وفجرت قضية نافالني الشكوك حول مصير مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي يهدف إلى نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا مباشرة عبر بحر البلطيق. ولم يرغب المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت اليوم الجمعة في تكرار تصريح سابق للمستشارة أنغيلا ميركل بأن قضية نافالني ومستقبل نورد ستريم 2 يجب أن يُنظر إليهما بشكل منفصل.

وكانت ميركل قد أوضحت الأسبوع الماضي أنها لا تريد ربط قضية نافالني بنورد ستريم 2، وقالت: "أعتقد أننا يجب أن نرى ذلك منفصلا عن ذاك"، مشيرة إلى أن نورد ستريم 2 هو في الأساس مشروع تجاري، لكن له آثار سياسية.

وجاءت تصريحات ميركل قبل أن تعلن أول أمس الأربعاء أن مختبرا خاصا تابعا للجيش الألماني قد توصل إلى نتيجة واضحة مفادها أن "أليكسي نافالني كان ضحية هجوم بغاز أعصاب كيميائي من مجموعة نوفيتشوك"، مشيرة إلى أن هناك الآن أسئلة جدية للغاية لا يمكن سوى للحكومة الروسية الإجابة عليها ويتعين عليها القيام بذلك، مضيفة أنه من المقرر إجراء مناقشات مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، موضحة أنه سيُجرى اتخاذ القرار بشأن رد فعل مناسب ومشترك "في ضوء البيانات الروسية".

وأكد زايبرت هذه التصريحات اليوم الجمعة، مضيفا أنه سيُجرى إطلاع الرأي العام بكيفية رد الفعل في أقرب وقت ممكن.

ص.ش/و.ب (أ ف ب، د ب أ، رويترز)