1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حلم الخلود .. بين قصر المرادية والجامع الأعظم

حسن زنيند
٣ يناير ٢٠١٩

يبدو أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يستعد لإطلاق حملته الانتخابية والإعلان عن ترشحه لعهدة خامسة خلال زيارة مرتقبة للجامع الأعظم، مشروع عملاق يطمح لتخليد اسم الرئيس ويجسد بكل المقاييس المفارقات الغريبة لعهده.

Algerien Präsident Abd al-Aziz Bouteflika
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg

تجري الأشغال على قدم وساق لإنهاء قاعة الصلاة الكبرى في جامع الجزائر الأعظم تحسبا لزيارة مرتقبة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وذهبت تقارير صحفية إلى القول إن تلك الزيارة، إن حدثت بالفعل، فستكون مؤشرا قويا على رغبة الرئيس المريض في مواصلة البقاء في السلطة والترشح لعهدة خامسة، ولما لا إطلاق شرارة حملة انتخابية شبه رسمية. خبر الزيارة كشفت عنه صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، نقلا عن مصدر حكومي جزائري، وذلك تزامنا مع ما أعلنه عمار غول، رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، الموالي للرئيس، بإن دعوته إلى "مؤتمر وطني" لبحث إرجاء الانتخابات "لا تعني أبداً أن الانتخابات لن تجري في موعدها"، ما يؤشر إلى أن بوتفليقة قد يقطع فعلا الشك باليقين ويعلن ترشيحه، خصوصا وأن قانون الانتخابات ينص على أن الدعوة لانتخابات رئاسية تتم ثلاثة أشهر قبل موعد التصويت. ومن المقرر أن تنتهي ولاية الرئيس الرابعة رسميا في 18 أبريل / نيسان المقبل.

أشغال الجامع الكبير انطلقت عام 2012، وكان من المفترض أن تنتهي عام 2017، غير أن موعد التسليم تأخر لأكثر من مرة، فيما تضاعفت الميزانية مرتين لتصل لرقم  فلكي قدره ملياري دولار. وتتباين آراء الجزائريين بين مؤيد ومعارض للمشروع، ففي حوار مع DW أكد الدكتور يوسف بن يزة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة أن "الجزائريين يعتبرون الجامع رمزا ومركزا لتجسيد مرجعية دينية بالنظر لوجود تيارات متشددة" واستطرد بن يزة موضحا "بغض النظر عن دوافع الرئيس بوتفليقة، وعما إذا كان المسجد سيحمل اسمه وقد يحتضن مستقبلا ضريحه، فإن هذا الجامع إضافة نوعية للجزائر". غير أن وجهة النظر هذه لا تعكس بالضرورة كامل أطياف مواقف الجزائريين من هذا المشروع الضخم.

ورش بناء الجامع الأعظم في الجزائرصورة من: Getty Images/AFP

ثالث أكبر مساجد العالم!

وضع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حجر أساس الجامع الأعظم ليكون أكبر مسجد في إفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين، وبأطول مئذنة في العالم بطول قدره 265 مترا. مسجد سيسمح لحوالي 120 ألف من المصلين بأداء شعائرهم الدينية. المشروع يذكر إلى حد كبير بمسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء المغربية الذي دشنه العاهل المغربي الراحل عام 1993، في حينها كثالث أكبر مساجد العالم. فبعد العشرية السوداء وما خلفته، استغل بوتفليقة الارتفاع الصاروخي لأسعار البترول وما أسماه بـ"البحبوحة المالية" لإطلاق عدد من المشروعات العملاقة أبرزها الجامع الأعظم لترسيخ الهوية الإسلامية للبلاد وسحب البساط من تحت أرجل الإسلام السياسي.

غير أن عددا من المعارضين السياسيين يعتبرون ثمن بناء المسجد باهضا، ويعكس من وجهة نظرهم سوء الحكامة وفشل السياسة الاقتصادية في البلاد. وقدر مكتب دراسات شهير، بطلب من صحيفة لوبوان الفرنسية (2 فبراير/ شباط 2018) التكلفة النهائية للمشروع بحوالي أربع مليار دولار وليس مليارين كما أشرنا إلى ذلك أعلاه. واستشهدت الصحيفة بالإعلامي الجزائري ياسين تملالي، الذي أكد أنه لو افترضنا نظريا أن القيمة الكلية لهذا المشروع لن تتجاوز 1.5 مليار دولار، فإن ذلك يمثل 2% من عائدات الجزائر المالية أو ثلثي صادرتها من المنتوجات غير البترولية.

 

مرض الرئيس وتأخر الإنجاز

يقول معارضون للسلطة في الجزائر، إن معضلة البلاد هو أن بوتفليقة تحول إلى "رئيس شبح"، على حد تعبيرهم، فنادرا ما يُشاهد علانية، منذ أن أقعدته جلطة في السابع والعشرين من أبريل / نيسان 2013 على كرسي متحرك. بل لم يتوجه بخطاب مباشر إلى شعبه منذ ذلك الحين، مما يؤجج التكهنات حول صناع القرار الحقيقيين الذين يديرون دفة الحكم من وراء الكواليس في قصر المرادية أو في هيئة أركان الجيش الوطني الشعبي. "رئيس فكر في بناء أكبر مسجد في إفريقيا وليس أكبر مستشفى فيها" حسب كمال داوود في إشارة إلى تنقل الرئيس المستمر للعلاج في الخارج في غياب مؤسسات صحية ملائمة في الداخل.

المليارات التي صرفت على الجامع الأعظم قد تغضب بعض الجزائريين، إلا أن الدكتور بن يزة يرى أن الكثيرين منهم يعتبرونه هدية من بوتفليقة، فهناك مليارات أكثر بكثير ضاعت في قنوات الفساد، معتبرا أن المسجد سيبقى في نهاية المطاف مفخرة للشعب الجزائري، غير أن ذلك لا يعني، يقول بن يزة، أنهم مستعدون لقبول عهدة خامسة رغم التقدير والاحترام الذي يُكنونه لرئيسهم في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد، مرحلة تتميز بغموض الوضع الإقليمي في سياق تداعيات "الربيع العربي" وبتراجع أسعار النفط، الذي يعتبر أهم مورد اقتصادي للبلاد، ووسط انفجار ديموغرافي غير مسبوق. لا شك أن بوتفليقة يجد اليوم نفسه في موعد مع التاريخ، فإذا أصر على البقاء في الحكم بأي ثمن، فسيكون ذلك خيارا قد يُدخل البلاد في متاهات وربما يضعها أمام عواقب وخيمة.

 

null
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW