حماس تحول الحصص الرياضية في مدارس غزة إلى تدريب عسكري
٤ أكتوبر ٢٠١٢ما إن بدا العام الدراسي الجديد مطلع شهر سبتمبر الحالي حتى تفاجأ أولياء الأمور وطلبة المراحل الثانوية باستبدال حصص الرياضة البدنية بمشروع أُطلق علية "الفتوة". وزارة الداخلية في حكومة حماس تقول إن جهازها للأمن الوطني بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بدأ فعليا بتنفيذ مشروع "الفتوة". وزير التعليم العالي أسامة المزيني يشير إلى أن البرنامج يستهدف 100 ألف طالب في المدارس الثانوية الحكومية لصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر.
وبالفعل شاهدت DW عربية ضباطا متخصصين في المدارس بتدريب الطلبة على الشق النظري الذي يهدف، حسب مسؤولي حماس، إلى تعزيز روح الانضباط والالتزام والحس الأمني. وسيبدأ التدريب العملي في وقت لاحق من البرنامج على الوسائل القتالية وتفكيك المتفجرات والتدريبات البدنية. ووفق مقابلات DW عربية مع بعض الطلبة وأولياء الأمور انقسم هؤلاء بين مرحب ومُعارض للمشروع، بينما رفض محمد أبو زيد وكيل وزارة وزارة التربية والتعليم في حكومة رام الله التعليق. كما لم ترصد DW عربية أي ردود فعل على الجانب الإسرائيلي حول المشروع.
"مشروع الفتوة يهدف إلى عسكرة جيل ينتمي لحماس"
المُشرف العام على المشروع العقيد محمد النخالة أكد في إحدى زياراته للمدارس الثانوية حرص وزارة الداخلية على انجاز البرنامج، مبينا أن نحو ثمانين ضابطا من قوات الأمن الوطني الحاصلين على الشهادات الجامعية، الذين خضعوا لدورات تدريبية متقدمة، يتولون مهام التدريب النظري والعملي موزعين على المدارس الثانوية بتكليف من وزير الداخلية وبمتابعة مشتركة من لجنة عليا مُنبثقة من وزارة التربية والتعليم.
لكن لماذا "الفتوة" وفي هذه الفترة بالذات؟ جواب النخالة يأتي وكأنه أمر بديهي إذ يقول: "لأنه مصطلح عربي قديم عند العرب يشير إلى القوة والفروسية والأهمية ولهذا نهدف لإعداد جيل من الشباب الأقوياء المنضبطين بالجدية والرجولة". لكن الباحث السياسي محمد عليان يرى أن الخطوة تهدف "إلى إعداد عسكرة جيل مقاوم ذي انتماءات إيدلوجية لحركة حماس في المقام الأول وهذا ما يتضح وفق التعريف الواضح لأهداف المشروع".
وفقا للمشرفين على المشروع فإنه محدد بفترة زمنية تمتد حتى الخامس عشر من شهر نيسان/ أبريل لعام 2013. ويبدو أن حكومة حماس تعيره اهتماما شديدا، إذ شدد قائد جهاز الأمن الوطني لحكومة حماس اللواء جمال الجراح، في كلمة له أمام الطلاب في مدرسة شهداء الزيتون، على ضرورة انضباط والتزام الطلاب المشمولين به مؤكدا على وضع الداخلية كامل إمكانياتها لإنجاز وإنجاح المشروع.
"المشروع سينعكس سلبا على سلوك الشباب"
وينفي المشرفون على المشروع أن يكون هدفه عسكرة جيل شاب، ويؤكدون أن له أهدافا متنوعة كـ "تدريب الطلبة على كيفيه التعامل مع الأجسام المشبوهة إلى جانب محاضرات في الإسعافات الأولية والدفاع المدني ومكافحة المخدرات وقواعد المرور. بالإضافة إلى بعض المهارات العسكرية". المشرف على المشروع من وزارة التعليم محمد صيام لفت أن البرنامج كان مُطبقا في عهد الحكم المصري لقطاع غزة قبل عام 1967 و"الاحتلال الإسرائيلي كان سببا في إلغائه"، منوها إلى أن توسعيه ليشمل مدارس الفتيات هو قيد الدراسة.
الخبير التربوي إسماعيل صالح تحدث بشكل نقدي عن المشروع واصفا إياه في حوار مع DW عربية بالخطوة "الإجبارية"، مضيفا "نرحب بالانضباط ..لكن كان يجب استشارة الأطباء وخبراء الصحة النفسية قبل تنفيذ القرار". وعن أهميه ذلك؟ يعتبر صالح أن التفاوت والفروق النفسية والصحية للطلبة في قرار لم يتم التمهيد له من قبل "قد ينعكس سلبيا على السلوك". ويعرب صالح عن اعتقاده أن المشروع لو كان اختياريا "لكان ايجابيا". متسائلا عن مصير حصص التربية الرياضية ومستقبلها؟. ويشدد صالح على أن خطوة كهذه "ستكون على حساب الأشبال ودورهم الرياضي في المستقبل وأنشطتهم المختلفة".
"المشروع سيلهي الطلاب عن الدراسة"
"المشروع جيد يصقل شخصية أبنائنا الطلبة بالالتزام علشان الجيل يقدر يحمل هموم البلد والدفاع عنه"، قالها بتفاؤل محمد الشريف ولي أمر أحد الطلبة. ويشاركه التفاؤل عدد لا بأس به ممن حاورتهم DW عربية. ويؤكد القائمون على المشروع ومدراء بعض المدارس أن مشروع الفتوة لقي قبولا ايجابيا من الطلبة وأولياء الأمور. ويشير النخالة أن هؤلاء" كانوا فرحين وأقبلوا على مرحلة جديدة وأبدوا تفاؤلا بنتائجه وفوائده الجسمانية والوعي الأمني". بينما يعارض وينتقد هذه التصريحات عدد كبير من الطلبة وأولياء الأمور.
عبد الناصر أحد الطلبة يقول لـDW عربية "هذا قرار خاطئ إحنا مع التثقيف بس مش مع التجنيد والتدريب البدني الإجباري". ويعارض القرار كذلك الطالب (م.ا) بالقول "بدهم يلهونا عن الدراسة علشان نتعلم فك المتفجرات ويطلعوا جيل يحافظ على كراسيهم". ويعتبر أبو بلال ولي أمر أحد الطلبة أن القرار" سيعرض الطلبة الى مخا طر التدريبات العنيفة اللي ما بقدر عليها %90 منهم لأنهم غير مؤهلين لهيك". ويوافق طالب آخر على هذا الرأي ويقول لنا "شوف الدول اللي بره وين وصلوا في التعليم المتقدم ..وحماس بدها تحول مدارسنا لعسكرية عفا عليها الزمان".