لاجئون على "يوتيوب" في دعاية مضادة للقنوات اليمينية
٢٠ أبريل ٢٠١٦
من يبحث عن مقاطع فيديو في موقع "يوتيوب" تروج للأفكار اليمينية أو المعادية للاجئين والمهاجرين في ألمانيا، سيتفاجأ بفيديو دعائي مضاد مقدم من قبل لاجئين. الحملة نجحت في استقطاب بعض اللاجئين المعروفين على "يوتيوب".
إعلان
هناك بعض الحقائق، مثل أن لوتس باخمان، مؤسس حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) في ألمانيا، محكوم عليه جنائياً، وأن 99 في المائة من اللاجئين الجدد القادمين إلى ألمانيا ليسوا مجرمين أو متهمين بقضايا جنائية. رغم ذلك لا يود أنصار حزب "البديل من أجل ألمانيا" سماع هذه الحقائق. لذلك، قررت مبادرة "سيرتش راسيزم فايند تروث" (ابحث عن العنصرية ستجد الحقائق) عرض فمقاطع فيديو دعائية في موقع "يوتيوب" تظهر قبل المقاطع التي تروج للأفكار اليمينية أو المعادية للإسلام واللاجئين والمهاجرين في ألمانيا، أو قبل مقاطع فيديو مؤسس حركة "بيغيدا" باخمان.
رموز عديدة ومتنوعة - ومناهضة الإسلام القاسم المشترك
لئن تميزت أغلبية الألمان بالانفتاح وحب التنوع الثقافي، إلا أن البعض يرى في التعددية الثقافية والدينية وخاصة في الإسلام تهديدا يجب وقفه. جولة في الرموز التي تستخدمها الحركات اليمينية المتطرفة للتعبير عن مناهضتها للإسلام.
صورة من: picture-alliance/Ralph Goldmann
استغلت الحركات المعادية للإسلام على غرار حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) توافد مئات الآلاف من اللاجئين وأغلبهم من سوريا والعراق وأفغانستان لإثارة الخوف من "غزو المسلمين لألمانيا"، حيث اختارت صورة للمستشارة أنغيلا ميركل يحيط بها السواد وأسفلها شباب ذوو ملامح شرقية يصرخون: "قادمون يا أماه". وفي نهاية كلمة "Mutti" - التي تعني أمي - رُسم بدل نقطة هلال في إشارة إلى الإسلام.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
اليمينيون المتطرفون يرفضون التعددية الثقافية ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية، حيث يحمل أحد المتظاهرين هنا ضمن الاحتجاجات التي نظمتها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) في مدينة دريسدن الألمانية لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
"سكان ولاية سارلاند ضد السلفيين" - شعار يحمله متظاهرون ينتمون إلى حركة "هوليغانز ضد السلفيين"، وهي حركة تأسست من قبل "مثيري الشغب في الملاعب" ضد السلفيين، على حد قولهم، فيما يتهمها مراقبون بأنها مناهضة للإسلام والمسلمين ككل. هذه الحركة التي ذاع صيتها خلال مشاركتها في احتجاجات يمينية متطرفة في مدينة كولونيا عندما اشتبكت مع الشرطة يصنفها بعض المراقبين بأنها حركة عنيفة وذات ميول يمينية متطرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Roberto Pfeil
مناهضة الإسلام في ألمانيا تتجلى أيضا في رفض البعض لبناء دور عبادة إسلامية مبررين ذلك بخوفهم من اندثار الثقافة الألمانية المسيحية. وما انفكت حركة "من أجل ألمانيا" (برو كولونيا) اليمينية المتطرفة، التي ظهرت منتصف التسعينات، تنظم احتجاجات ضد بناء المساجد، كانت أكبرها خلال عامي 2007 و2008 ضد بناء الجالية التركية لمسجد كبير على الطراز العثماني في مدينة كولونيا الألمانية.
صورة من: picture-alliance/Ralph Goldmann
الشعارات المناهضة للإسلام لم تقتصر على الاحتجاجات اليمينية المتطرفة بل استخدمت أيضا خلال الحملات الانتخابية في الانتخابات المحلية التي شهدتها بعض الولايات الألمانية في مارس/آذار. هذ الملصق الانتخابي للحزب الألماني القومي (النازيون الجدد) يصور ثلاثة أفراد ذوي ملامح أجنبية: إفريقي على اليمين وامرأة محجبة في الوسط ورجل شرقي بعمامة وشارب طويل على بساط من الريح وكتب عليه "رحلة طيبة إلى أوطانكم".
صورة من: DW/M. El-Maziani
معاداة المسلمين من قبل اليمينيين المتطرفين في ألمانيا ليست جديدة وإن كانت ضمن معاداة الأجانب بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية. وقد كان الأتراك - أكبر جالية أجنبية ومسلمة بألمانيا - هدف الاعتداءات العنصرية، على ما تظهر هذه الرسوم والكتابات على أحد الجدران التي يعود تاريخها إلى عام 1992: حيث يصور ثلاثة أشخاص، أحدهم يمسك بعصا أو آلة حادة وهو يلاحق الآخرين وقد كتب عليها: "ارحلوا أيها الأتراك".
صورة من: Imago/Sommer
بعض أنصار حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" فضل خلال أحد الاحتجاجات التي شهدتها مدينة دريسدن الألمانية رفع الصليب في إشارة إلى المسيحية، الدين الذي تنتمي إليه الأغلبية في ألمانيا - للتعبير عن رفضهم للإسلام والمسلمين.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
كثيرا ما يحمل أنصار الحركات المناهضة للإسلام والمسلمين على غرار "برو كولونيا" أو "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) العلم الألماني لتأكيد رفضهم لكل ما لا ينتمي لألمانيا - متناسين أن هناك ألمانا من أصول عربية وتركية وغيرها وذوي انتماءات دينية متعددة يدينون أيضا بالولاء لألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Wüstneck
8 صورة1 | 8
تعتمد الحملة الدعائية المضادة على تقنية خاصة تسمى استهداف القنوات والكلمات المفتاحية، والتي تعني وضع كلمات بحث يتم استعمالها في موقع "يوتيوب" للبحث عن مقاطع تحرض على الأجانب، مثل فيديو "بيغيدا مباشر من ساحة ألتمارك في دريسدن"، أو "الحقيقة المطلقة حول اللاجئين"، أو "أطردوا اللاجئين". ومن يقوم بكتابة بعض هذه المصطلحات في موقع "غوغل" بألمانيا، سيضطر إلى مشاهدة الدعايات المقدمة من مبادرة "سيرتش راسيزم فايند تروث" قبل أن يتمكن من عرض الفيديو الذي يود مشاهدته.
ويتحدث اللاجئون في هذه المقاطع الدعائية لمدة 30 ثانية بلطف وبشكل مباشر عن الأحكام المسبقة ضدهم، ويتكلمون عن أسباب تركهم بلدانهم وعن أحلامهم للمستقبل. وفي نهاية الفيديو، يظهر إعلان عن فيديو إضافي يتحدث عن معلومات أخرى عن اللاجئ، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن الخروج من الإعلان قبل انتهائه إلا عن طريق مغادرة الفيديو بالكامل.
يشار إلى أن مبادرة "سيرتش راسيزم فايند تروث" مشروع ممول من منظمة "مرحباً باللاجئين" التي تعمل على التوسط في إيجاد سكن خاص للاجئين. وعانى موظفو المنظمة أنفسهم من حملات الكراهية الموجهة ضدهم من قبل الأطراف اليمينية، كما أشارت مارايكه غايلينغ من المنظمة لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ". وقبل أربعة أشهر قدمت وكالة دعاية طلباً لعمل مشروع مضاد مشترك مع المنظمة.
لكن الحملة الدعائية المضادة لها أثر سلبي قد يساهم في تمويل مقاطع الفيديو التي تروج ضد الأجانب، إذ تعمل الدعاية في موقع "يوتيوب" على دفع نسبة من المبالغ التي تستوفيها الشركة لأصحاب قنوات الفيديو التي تنشر هذه الأفلام في الموقع.
أي أن المنظمة التي تريد أن تروج لمقاطع فيديو مضادة للقنوات والحسابات اليمينية تعمل على تمويل هذه القنوات والحسابات بصورة غير مباشرة. لكن غايلنغ ترى أن هذه المشكلة لا تعد سبباً لإيقاف تمويل البرنامج، كون أن المبالغ التي تدفع للقنوات التي تنشر مقاطع الفيديو هذه ضئيلة جداً، في حين أن فحوى الإعلانات أكبر وأعمق. وأضافت غايلنغ: "نعتقد أن القنوات في يوتيوب التي تنشر مثل هذه المقاطع ستوقف خاصية الدعاية في أفلامها، لأن أصحاب هذه الحسابات سيقولون إننا لا نريد هذا النوع من الإعلانات في أفلامنا"، نقلاً عن صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ".
ونجحت المنظمة في استقطاب عدد جيد من اللاجئين للقيام بالدعايات المضادة، مثل السوري فراس الشاطر، الذي يحظى بشهرة في ألمانيا عبر قناته وأفلامه التي يبثها في موقع "يوتيوب". ويقول فراس في الإعلان وبطريقته الساخرة:"عندما أحيي شخصاً ما، سيقوم الشخص بتحيتي. وعندما ابتسم لشخص ما سيبتسم لي أيضاً. هل ترون ذلك؟ عندما نكون منفتحين على الآخر سيكون من السهل علينا التحاور. اضغط هنا للخروج وعدم رؤية الفيديو بدلاً عن مشاهدة مقاطع فيديو محملة بالأحكام المسبقة".