حواجز سنِية شيعِية أعاقت التحاق البحرين بالربيع العربي
٣ يناير ٢٠١٣جيهان كازروني تجلس على كرسي مريح في غرفة معيشة كبيرة في شقتها الواقعة في حي راقٍ في العاصمة البحرينية المنامة. وتشرح كيف شاركت في الانتفاضة التي عاشتها بلادها بالقول: "عندما بدأت الثورة في 14 فبراير/ شباط من العام الماضي، لم أكن من المشاركين فيها. كنت مؤيدة للحكومة، لأنني لم أكن أعرف بوجود فقراء لدينا في البحرين".
كازروني كانت تعمل في بنك استثماري وتعيش حياة رغيدة وتنحدر من عائلة شيعية مرموقة. ومعظم الشيعة في البحرين أيدوا الاحتجاجات المعارضة. ولكن خلفية كازروني الطبقية لعبت دورا أكثر أهمية من انتمائها الديني في رد فعلها الأولي على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.
وتقول الناشطة البحرينية: "صدقت تلفزيون البحرين في ادعائه بأن المتظاهرين كان لديهم أسلحة وأخذوا أكياس الدم من المستشفى وسكبوها على أنفسهم كنوع من الدعاية ... وفي أحد الأيام قلت لنفسي لأذهب وأستكشف ما يحدث".
زارت دوار اللؤلؤة، حيث مركز الاحتجاج. وكان يحتشد فيه عشرات الآلاف من البحرينيين - الشيعة والسنة. وتتابع كازروني روايتها: "عندما وصلت (إلى دوار اللؤلؤة)، رأيت شيئا لن أنسه بقية حياتي ... ولم أستطع النوم لمدة ثلاثة أيام بعدها. رأيت الشرطة تهاجم المتظاهرين العزل".
وفي غضون أيام تحولت كازروني من قطاع الشركات والأموال إلى مدافعة عن حقوق الإنسان. أصبحت باحثة في مركز البحرين لحقوق الإنسان، المنظمة الرائدة في مجال حقوق الإنسان في البلاد.
قاعدة "فرِق تسد"
كازروني تتذكر تضامن السنة والشيعة في تلك المظاهرات المبكرة. ولكن منذ ذلك الحين، كما تقول، عملت الحكومة بجهد كبير لتقسيم البلد على أسس طائفية من أجل إضعاف المعارضة.
كثير من السنة يعرفون بأن الحكومة هي ديكتاتورية فاسدة ولكن تخشى من امتداد أكثر للشيعة إلى مركز السلطة، وفقا لفريدة غلام، القيادية في "وعد"، وهو حزب معارض من يسار الوسط. أقنعتهم الحكومة بأن الشيعة يسعون لإقامة دولة دينية على غرار النموذج الإيراني.
وتضيف غلام بأن الحكومة عززت من نشوء جو صار السنة فيه لا يثقون بأصدقائهم القدماء من الشيعة، "نسوا بأنهم كانوا جيران ... واستنكروا دعمهم للمعارضة. إنها مثل المكارثية في الولايات المتحدة".
علي سلمان، رئيس جمعية الوفاق الإسلامية، أكبر جماعة معارضة في البحرين، يقر بالأحكام المسبقة والانحياز لدى الجانبين. وهو يأخذ على النظام الملكي استخدامه الذكي لقاعدة "فرِق تسد". ويقول: "الحكومة قالت لنا أن نكره أهل السنة، وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين ... وبنفس الوقت تقول الحكومة لقوى المعارضة العلمانية بأن حركة الوفاق رجعية بشكل ميئوس منه".
كل مجموعة لا تثق بالجهة الأخرى، كما يقول سلمان ويضيف: "اتصالهم الوحيد يكون فقط بالعائلة المالكة".
صلات بالشيعة في إيران
الحكومة تنفي تأجيج الخلافات الطائفية. كما يقول عبد العزيز آل خليفة، ابن عم الملك والمتحدث باسم الحكومة: "ليس لدينا مشكلة مع أي طائفة إسلامية فيما تتوافق عليه مع الحكومة أو ترفضه ... المشكلة هي عندما تجنح عناصر داخل الجماعة إلى العنف للتعبير عن آرائها. وللأسف هي آراء سياسية ودينية".
وفي الوقت نفسه أشار إلى أن الشيعة مرتبطون بزعمائهم الدينيين: "إنه صعب للغاية بالنسبة لهم (الشيعة) أن يفصلوا بين توجيهات مشايخهم الدينية وتوجيهات حركة سياسية". ثم يتابع بالقول: "هناك أعداد كبيرة يرغبون باتباع نظام الدولة الموجود اليوم في إيران ... كانت هناك دعوات لإقامة جمهورية إسلامية في الماضي، وأعتقد أن هناك كثيرين يؤمنون بهذا الشكل من الحكومة".
تاريخيا، كانت هناك علاقات بين الشيعة في البحرين وإيران عبر الخليج العربي. جمعية الوفاق الإسلامية استمدت الإلهام من الثورة ضد الشاه في ايران عام 1979. لكن رئيس جمعية الوفاق، سلمان لا يعتبر الحكومة الإيرانية الحالية نموذجا للبحرين. ويقول إن النظام الإيراني أبعد ما يكون عن الكمال: "رأيي هو أن المزيد من الحرية سيكون أفضل في إيران". زعيم"الوفاق" يدعم أيضا الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري، ما يضعه على خلاف مع دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد.
وبينما تقر الطائفة الشيعية بالخلافات بين الحكومة الإيرانية والحركة المعارضة في البحرين، فإن العديد من السنة لا يرون نفس الشيء. ومهما كان سبب الانقسام، يتفق كلا الجانبان على أن هذا الانقسام يزداد اتساعا.
ومؤخرا عزمت الناشطة في مجال حقوق الإنسان جيهان كازروني أن تفعل ما في وسعها من أجل سد الفجوة بين السنة والشيعة. وساعدت في تأسيس "BRAVO"، وهي منظمة إعادة التأهيل ومناهضة العنف في البحرين. وتقول عن ذلك: "نحن نركز الآن على إعادة تأهيل ضحايا التعذيب، جسديا ونفسيا". المنظمة تعامل السنة والشيعة دون تمييز. مساعدة هؤلاء الضحايا هو وسيلة كازروني للتغلب على الانقسامات الدينية وبناء بحرين جديدة وغير طائفية.