قضى حوالي 500 طفل سوداني جوعا منذ بدء الحرب قبل أربعة أشهر بالبلاد، وفق منظمة (أنقذوا الأطفال) غير الحكومية. وهناك مخاوف من أن يزداد الوضع سوءاً بعد عجز منظمات إنسانية عن استئناف نشاطها وسط المعارك.
إعلان
أفادت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" (أنقذوا الأطفال) غير الحكومية الثلاثاء (22 أغسطس/آب 2022) أنّ ما لا يقلّ عن 498 طفلاً "وربّما مئات آخرين" ماتوا جوعاً في السودانخلال أربعة أشهر من الحرب.
وحذّر عارف نور، مدير المنظمة في السودان، في بيان من أنّه في بلد كان يعاني ثلث سكانه قبل الحرب من الجوع، "يموت الأطفال من الجوع في حين كان من الممكن تجنّب ذلك تماماً".
وأضاف أنّ "ما لا يقلّ عن 498 طفلاً في السودان وربما مئات آخرين ماتوا جوعا" منذ بدء الحرب في 15 نيسان/أبريل. "لم نتخيّل قط رؤية هذا العدد الكبير من الأطفال يموتون جوعاً، لكن هذا هو الواقع الجديد في السودان".
وهناك كذلك خشية من أن يزداد الوضع سوءاً بعد أن اضطُرّت المنظمة غير القادرة على استئناف نشاطها وسط المعارك، إلى التوقف عن علاج "31,000 طفل يعانون من سوء التغذية". وفي أيار/مايو، تعرض المصنع الذي كان ينتج 60% من العلاجات الغذائية للأطفال للدمار.
وتسبّبت الحرب التي يخشى خبراء أن تستمر سنوات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مقتل حوالي 5000 شخص منذ 15 نيسان/أبريل، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "بيانات موقع النزاع المسلح وأحداثه" (أكليد) غير الحكومية. كما أجبرت الحرب أكثر من أربعة ملايين شخص على الفرار.
تحذيرات من خروج الوضع في السودان عن السيطرة
02:31
وفي مواجهة هذا الوضع الرهيب، تخلف المجتمع الدولي عن تمويل المساعدات الضرورية للنازحين واللاجئين والجرحى وغيرهم من ضحايا العنف الجنسي، في حين تشعر هيئات العدالة الدولية بالقلق إزاء "جرائم الحرب" المرتكبة في السودان.
ويكرّر العاملون في المجال الإنساني الذين منعتهم السلطات من الدخول إلى البلاد أو التنقل فيها أو تعرّضوا لهجمات، أنهم لم يتلقوا سوى 27% من احتياجاتهم التمويلية.
تواصل القتال في الخرطوم ودارفور
ميدانيًا، تواصلت أعمال العنف الثلاثاء، خاصة في الخرطوم ودارفور في غرب البلاد، وهي منطقة مترامية الأرجاء يعيش فيها ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة.
وتتركز المعارك في الإقليم في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث خلّفت منذ 11 أغسطس/آب "60 قتيلاً و250 جريحاً و50 ألف نازح"، بحسب الأمم المتحدة. وأفاد الجيش بمقتل قائد قواته في نيالا الإثنين.
وبينما يمنع القتال وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية، قال المستشفى التركي، وهو المستشفى الوحيد الذي ما زال يعمل في نيالا، إنه يتلقّى أعدادًا كبيرة من الجرحى تفوق طاقته.
وفي الآونة الأخيرة، وصلت الحرب أيضًا إلى الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بعد أن أحرقت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها ما لا يقل عن 27 بلدة في دارفور، وفقًا لمختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل الأميركية.
وأكد ناثانيال ريموند، مدير هذا المختبر الذي يتعاون مع مرصد النزاع، أنّ "لا أحد يقف في وجه قوات الردع السريع، فهم يتحركون بحرية بينما الجيش متحصّن في قواعده".
هـ.د/ح.ز (أ ف ب)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.