حياة بلقاسم.. محاولة هجرة تنتهي برصاصة وغضب يجتاح المغرب
٢٨ سبتمبر ٢٠١٨
حاولت الشابة المغربية حياة بلقاسم الفرار من ظروف معيشية سيئة في بلدها فتلقت رصاصة قاتلة من حرس السواحل المغربية. مواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت غضباً لمقتل حياة، فيما اعتبر آخرون أن البحرية المغربية كانت تؤدي دورها.
إعلان
حياة بلقاسم أو "شهيدة الهجرة" كما أصبحت تلقب اليوم.. فتاة مغربية قصتها ليست ككل القصص. حاولت الفتاة الفرار من حياة الفقر والعوز فعادت إلى أهلها قتيلة بطلقة رصاص تلقتها من أحد جنود البحرية الملكية المغربية.
قررت حياة، طالبة القانون الدولي العام بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان أن تهاجر إلى إسبانيا عبر البحر متخذة الطريق الصعب الذي سار فيه شباب مغاربة قبلها، لكنها لم تكن تعلم أن حلمها في حياة أفضل لها ولعائلتها سينتهي بهذه السرعة بعد أن استقلت واحدة من "مراكب الموت".
تقول السلطات المغربية إن الزورق بقيادة شخص يحمل الجنسية الإسبانية تسلل إلى المياه المغربية بشكل غير قانوني وحاول المغادرة بعد أن حمل معه نحو 15 شاباً مغربياً على متن القارب، ورغم مطالبة قوات خفر السواحل المغربية للزورق بالتوقف وإطلاق أعيرة تحذيرية إلا أنه رفض الانصياع وواصل المضي في طريقه فأطلقت الدورية عدة طلقات أخرى كانت إحداها رصاصة الموت لحياة، فيما أصيب ثلاثة شبان من مرافقيها بجراحٍ، أحدهم في حالة صحية حرجة.
تضيف السلطات المغربية بأنها مارست واجبها في حماية الحدود ومنع اختراقها بأي شكل غير مشروع، مؤكدة استمرارها في محاربة الهجرة غير القانونية واختراق الحدود بأي طريقة وممارسة سيادتها على مياهها الإقليمية ووقف عصابات تهريب البشر، بحسب ما قال مصطفى الخلفي المتحدث باسم الحكومة المغربية.
الحادث أثار حزناً عارماً في المغرب خصوصاً بين أوساط الشباب الذين أطلقوا وسماً على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان #كلنا_حياة:
وحمّل مدونون ومغردون الحكومة المغربية المسؤولية عن مقتل حياة "إثر محاولتها للخروج من بلد أفقر الفقير وزاد من إغناء الأغنياء" على حد تعبير المدون:
آخرون قارنوا بين حياة بلقاسم ونجاة بلقاسم الفرنسية مغربية الأصل، التي تولت الإشراف على وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث الفرنسية:
وانضم إلى المحتجين الأمير مولاي هشام بن عبد الله ابن عم الملك محمد السادس فغرد قائلا:
لكن وعلى الجانب الآخر هناك من رأى أن المسؤول عن الحادث هو قائد الزورق وأن قوات حرس الحدود أدت واجبها:
واتفق معه آخر على أن دور الدولة ذات السيادة أن توقف أي حركة غير مشبوهة وغير قانونية على حدودها بما فيها قوارب الهجرة السرية
جنازة حياة كانت حاشدة وشهدت حزناً عارماً امتزج بغضب، حيث اعتبر الكثير من الحاضرين أن الممارسات السيئة لإدارة الدولة تسببت في تزايد معدلات الفقر، ما دفع الشباب - خصوصاً الحاصلين منهم على مؤهلات عليا - لأن يخاطر بحياته سعياً وراء حياة أفضل.
تقول الإحصاءات الرسمية الصادرة عن السلطات المغربية إن المملكة منعت هجرة نحو 54 ألفاً شخصاً عبر حدودها بشكل غير قانوني منذ مطلع العام 2018، جاء أغلبهم من دول جنوب الصحراء؟
الرباط أكدت أكثر من مرة على صعوبة تصديها لهذا الكم الهائل من محاولات الهجرة غير القانونية بإمكانيها الفردية، خاصة مع عدم كفاية الدعم الأوروبي المقدم لها في هذا الشأن وخصوصاً حماية الحدود.
عماد حسن
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.