يجسد الرئيس العراقي صدام حسين، الذي تم إعدامه فجر اليوم مرحلة هامة تتميز بالعنف والحروب والصراعات الداخلية في بلاد الرافدين. جمع صدام بين الدهاء والميل إلى إستخدام العنف المفرط ضد أعدائه في رحلة صعوده من بداياته المتواضعة إلى سدة الحكم حيث مارس سلطة مطلقة في العراق على مدى ثلاثة عقود. لكن طموحه المفرط وميله النسبي إلى جنون العظمة دفعه لغزو ايران والكويت وتحدى حلفائه الامريكيين السابقين، الذين اتهموه بتطوير أسلحة كيماوية ونووية أدى الى تدمير اقتصاد العراق الغني بالنفط وسقوطه في نهاية الامر.

سلطة مطلقة لصدام

ولد صدام حسين في 28 أبريل/ نيسان 1937 بقرية العوجة على بعد 175 كيلومترا شمال غرب بغداد. وفي عام 1957 انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي. وبعد ذلك بعامين شارك في محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم الذي اطاح بالملكية في العراق. وفي عام 1968 شارك في انقلاب أوصل حزب البعث إلى الحكم وبات الرجل القوي في بلده إبان عهد الرئيس احمد حسن البكر. وفي يوليو/ تموز من عام 1979 تولى صدام القيادة خلفا للبكر الذي استقال لأسباب صحية. وقد أصبح على إثرها رئيس الدولة ورئيس الوزراء والأمين العام القطري لحزب البعث ورئيس مجلس قيادة الثورة والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وبعيد وصوله إلى الرئاسة قام بعملية تطهير واسعة في صفوف حزبه شملت إعدام 23 من المسؤولين فيه حينها. ولم يتوان يوماً عن تصفية خصومه أياً كانت انتماءاتهم ودرجة صداقتهم وقرابتهم منه.

حروب ومغامرات عسكرية

وفي عام 1980 بدأ حربه الذي استمرت 8 سنوات ضد إيران، والتي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من العراقيين والإيرانيين. وخلال فترة حكمه ارتكب صدام حسين مجازر شنيعة بحق أبناء شعبه كمجزرة مدينة حلبجة التي أمر بقصفها بالأسلحة الكيميائية في مارس / آذار عام 1988، مما أسفر عن سقوط خمسة آلاف قتيل. وبعد انتهاء الحرب العراقية- الإيرانية اجتاحت قواته الأراضي الكويتيه عام 1990، مما ادى الى تدخل عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة تحت مظلة الامم المتحدة. وفي أعقاء حرب خاطفة تم طرد القوات العراقية من الكويت بعد ذلك بعام. ثم فرضت الامم المتحدة على العراق حظرا استمر 13 عاما.

وبعد أشهر من التوتر بين صدام والمجموعة الدولية غادر مفتشو الأمم المتحدة المكلفين بنزع السلاح العراقي بغداد في عام 1998 قبل أن يقوم الأمريكان بعملية "ثعلب الصحراء" التي أطلقوا من خلالها 500 صاروخ على أهداف عراقية خلال ثلاث ليال. وسبق ذلك غارات مماثلة استهدفت مختلف أنحاء العراق في عامي 1993 و 1996. وفي 17 مارس/ آذار من عام 2003 وجه الرئيس جورج بوش الابن إنذاراً مدته 48 ساعة لصدام حسين خيّره فيه بين اختيار المنفى أو الحرب. وبعد رفض صدام للإنذار بدأت القوات الأمريكية والبريطانية غزوها للعراق في 20 من الشهر المذكور. وفي التاسع من أبريل/ نيسان سقطت بغداد ومعها نظام صدام الذي فر إلى مكان مجهول. وفي 13 ديسمبر/ كانون الاول اعتقلته القوات الاميركية في مسقط رأسه تكريت واحتجزته في مكان سري.

وفي أوائل يناير/ كانون الثاني من عام 2004 أعلنت واشنطن رسميا ان وضع اسرى الحرب يطبق على صدام حسين. وفي بداية يوليو/ تموز من نفس العام مثل صدام أمام قاض وجه إليه سبع تهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية منها قصف حلبجة بغاز الخردل وسحق تمرد شيعي في 1991. بعد ذلك بعام تم الإعلان عن انتهاء التحقيق وتوجيه التهمة له بقتل 148 شيعيا في الدجيل شمال بغداد في 1982. وفي الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي صدرت أحكام بالإعدام عليه وعلى وبرزان التكريتي وعواد البندر في قضية الدجيل. وثبتت هذه الأحكام في 26 كانون الاول/ديسمبر الجاري من قبل المحكمة العراقية العليا. وفي صباح اليوم الواقع في الثلاثين من هذا الشهر نفذ حكم الإعدام شنقا بحق صدام.

دويتشه فيله + وكالات (ا.م)