حين تطالب سياسية يمينية ألمانية بإطلاق النار على اللاجئين!
DW/ عـادل الشـروعات٣٠ يناير ٢٠١٦
بلغ السجال حول اللاجئين في ألمانيا إلى حد مطالبة زعيمة "حزب البديل من أجل ألمانيا" فراوكه بيتري بإطلاق النار لمنعهم من دخول البلاد إن اقتضى الأمر. تصريحات بيتري الجديدة شكلت صدمة في ألمانيا وأثارت ردود فعل غير مسبوقة.
إعلان
حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني الشعبوي ارتفاعاً ملحوظاً في شعبيته في استطلاعات الرأي على خلفية أزمة اللاجئين والنقاش الذي يدور حولها في ألمانيا. وقد دفع هذا الأمر زعيمة الحزب فراوكه بيتري للتمسك بمواصلة سياستها الشعبوية التي كللتها بمطالبة الشرطة الاتحادية بإطلاق النار إن اقتضى الحال على اللاجئين الذين يحاولون دخول ألمانيا بطريقة غير شرعية.
وقالت بيتري في حوار لصحيفة "مانهايمر مورغن" الألمانية "يجب منع دخول مزيد من اللاجئين غير المسجلين عبر الحدود النمساوية". وتابعت السياسية الألمانية "لا يوجد أي شرطي يسعى لإطلاق النار على اللاجئين، لكن يجب عليه أن يمنع عبور الحدود بطريقة غير شرعية، وإن اقتضى الأمر باستعمال سلاحه. فهذا ما ينص عليه القانون". واستطردت بيتري بالقول "أنا أيضاً لا أريد أن يحصل ذلك، ولكن كحل أخير لابد من استعمال قوة السلاح". وطالبت بيتري إلى عقد اتفاقيات مع النمسا وتشديد الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لوقف تدفق اللاجئين حتى "لا نضطر إلى كل هذا".
يشار إلى أن ألمانيا قد أعادت إجراءات المراقبة مؤقتا على الحدود في 13 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وذلك في مواجهة تدفق أعداد اللاجئين بشكل غير مسبوق. وكان وزير الداخلية الألماني قد أكد في مؤتمر صحافي حينها أن إجراءات السلطات الألمانية تنسجم مع مقتضيات نظام شينغن حول حرية التنقل بين الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاقية. ومدد وزير الداخلية الألماني إجراءات مراقبة الحدود عدة مرات، ولا تزال هذه الإجراءات سارية المفعول حتى 13 من فبراير/ شباط القادم.
وفي حوارها مع "مانهايمر مورغن"، لم تعط بيتري جوابا شافيا حول كيفية مراقبة الحدود مع النمسا التي يبلغ طولها 800 كيلو متر. وقالت بيتري "بالطبع يجب الاستعانة بعدد كاف من رجال الشرطة، كما أنه يجب علينا ألا نخجل من إعادة اللاجئين من حيث أتوا". وطالبت زعيمة الحزب المثير للجدل بتفعيل ذلك عن طريق بناء "منشآت حدودية إن اقتضى الأمر".
وفي أولى ردود الفعل على تصريحات بيتري، اتهم توماس أوبرمان، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك الثاني في الائتلاف الحاكم في برلين، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا بأنها "تحرض بطريقة لا تطاق ضد اللاجئين". وقال أوبرمان إن مطالبة بيتري بمراقبة الحدود باستعمال قوة السلاح تذكره "بأوامر إطلاق النار" التي كانت سائدة في ألمانيا الشرقية السابقة. وقال أوبرمان "إن بيتري ضلت الطريق سياسيا".
2015..عام اللجوء واللاجئين
لم يسبق وأن كان عدد البشر الفارين من ديارهم واللاجئين بمثل عددهم في عام 2015. كثيرون منهم جاؤوا إلى ألمانيا وأوروبا. وقالت المستشارة الألمانية واصفة موجات اللاجئين بأنها "اختبار تاريخي". شاهد تطور قضية اللاجئين بالصور.
صورة من: Getty Images/J. Mitchell
نجح هؤلاء الشبان السوريون بتخطي مرحلة خطيرة من رحلة اللجوء، بوصولهم الأراضي اليونانية وبالتالي إلى أوروبا. لكنهم لم يصلوا إلى هدفهم بعد وهو ألمانيا أو السويد، وهما هدف معظم اللاجئين في 2015.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
الطريق التي سلكوها محفوفة بالمخاطر. إذ كثيرا ما تغرق القوارب غير المهيأة لأعالي البحار، لكن هذا الأب السوري وأطفاله كانوا محظوظين، وأنقذهم صيادون يونانيون قبالة جزيرة ليزبوس.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
الطفل أيلان كردي وعمره ثلاث سنوات لم يكن من المحظوظين، ففي بداية سبتمبر غرق هو وأخوه وأمهما في بحر إيجه قرب شاطئ جزيرة كوس اليونانية. وقد انتشرت صورة هذا الطفل السوري بسرعة هائلة وهزت ضمير العالم.
صورة من: Reuters/Stringer
جزيرة كوس اليونانية القريبة من الساحل التركي هي هدف الكثير من اللاجئين. وهنا حيث يكون السواح عادة، نجحت هذه المجموعة من الباكستانيين بالوصول إلى شاطئ النجاة اليوناني.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
الوصول إلى جزيرة كوس لا يعني السماح للاجئين بالانتقال إلى اليابسة إلا بعد إتمام إجراءات التسجيل. وحدثت توترات في الصيف الماضي حين حبست السلطات اليونانية لاجئين في ملعب كرة قدم تحت الشمس الحارة وبدون مياه.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
ونظراً للحالة التي لا توصف للاجئين، حدثت أعمال شغب، ولتهدئة الوضع استأجرت السلطات اليونانية سفينة فيها 2500 سرير، واستخدمتها كمركز لإيواء اللاجئين وتسجيلهم.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
الحدود اليونانية المقدونية: حرس الحدود لا يسمحون للاجئين بالعبور. أطفال يبكون بعد فصلهم عن ذويهم. وقد توجت هذه الصورة من منظمة اليونيسيف كصورة للعام وهي بعدسة جيورجي ليكوفسكي.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Licovski
في نهاية الصيف الماضي كانت بودابست رمزاً لفشل الحكومة وكراهية الأجانب. آلاف اللاجئين تجمعوا حول محطة القطارات في العاصمة المجرية والسلطات منعتهم من مواصلة السفر إلى غرب أوروبا، فقرر كثيرون منهم المشي إلى ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
ليلة الخامس من سبتمبر كانت نقطة تحول في قضية اللاجئين: المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والمستشار النمساوي فيرنر فيمان تجاوز البيروقراطية والسماح للاجئين بمتابعة السفر من شرق أوروبا. وفعلاً وصلت قطارات عديدة إلى فينا وميونيخ محملة باللاجئين.
صورة من: picture alliance/landov/A. Zavallis
آلاف اللاجئين وصلوا ألمانيا خلال ساعات قليلة، بلغ عددهم نهاية الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 20 ألف لاجئ. وقد تجمع عدد لا يحصى من الأشخاص في محطة القطارات الرئيسية في ميونيخ لاستقبال اللاجئين ومساعدتهم.
صورة من: Getty Images/AFP/P. Stollarz
وبينما احتفى اللاجئون وطالبوا اللجوء السياسي بالمستشارة ميركل، أثارت قراراتها استياء في ألمانيا. وكان رد ميركل : "إذا توجب علينا الآن الاعتذار لأننا لطيفين وساعدنا أناساً في حالة طوارئ، فهذه البلاد ليست بلادي". لتصبح عبارة "نحن نستطيع فعل ذلك" شعار ميركل.
صورة من: Reuters/F. Bensch
في نهاية سبتمبر نشرت الشرطة الألمانية الاتحادية صورة حركت المشاعر. فتاة لاجئة رسمت الصورة وأهدتها إلى رجل شرطة من مدينة باساو في جنوب ألمانيا. ويظهر في الرسمة المعاناة التي عاشها الكثير من اللاجئين ومدى سعادتهم بأنهم الآن في أمان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundespolizei
مع نهاية شهر أكتوبر كان أكثر من 750 ألف لاجئ قد وصلوا إلى ألمانيا. لكن موجات الهجرة لم تتوقف مما فاق قدرات دول ما يسمى بـ"طريق البلقان"، فقررت إغلاق حدودها والسماح فقط لمواطني سوريا وأفغانستان والعراق بالدخول. واحتجاجاً على هذه السياسة قام مواطنو دول أخرى بتخييط شفاههم.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Licovski
"ساعدينا يا ألمانيا"، كتب لاجئون عالقون في مقدونيا على ملصقاتهم خوفا من الشتاء الأوروبي القارس. وحتى السويد المعروفة بمواقفها إزاء الصديقة للاجئين، قررت التدقيق مؤقتاً في الهويات على حدودها. وتتوقع أوروبا وصول ثلاثة ملايين لاجئ جديد إليها في عام 2016.
صورة من: Reuters/O. Teofilovski
14 صورة1 | 14
أما فولكر بيك، المسؤول عن ملف الشؤون الداخلية الألمانية في حزب الخضر المعارض، فقال إن "حزب البديل من أجل ألمانيا في حالة حرب مع مبادئ دولة القانون"، واصفا حزب بيتري بـ "الخطير جدا".
وتجدر الإشارة إلى أن البديل من أجل ألمانيا، الذي عرف بمناهضته لليورو، بات يحظى بتأييد متنام من خلال مطالبه المتشددة المتعلقة بالنقاش الدائر حول أزمة اللاجئين، حتى إن شعبيته في استطلاعات الرأي ارتفعت بصورة ملحوظة ليصبح ثالث أقوى حزب سياسي في البلاد بعد تحالف المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي وشريكها في الائتلاف الحاكم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، متقدما بذلك على حزبي اليسار والخضر المعارضين.