1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حين يدرس الطغاة في أوروبا

نيلس نويمان/ ريم نجمي١٦ أبريل ٢٠١٣

درس العديد من الحكام الطغاة في بلدان غربية، غير أن احتكاكهم بالغرب لم يظهر جليا في أسلوب حكمهم ولا في تدابيرهم السياسية. فلماذا يحرص الطغاة على تدريس أبنائهم في الجامعات الغربية؟ ولماذا لا يتأثر الأبناء بالنموذج الغربي؟

Syria's President Bashar al-Assad attends Eid Al Fitr prayers at al-Hamad mosque in Damascus August 19, 2012, in this handout photograph released by Syria's national news agency SANA. REUTERS/Sana/Handout (SYRIA - Tags: POLITICS RELIGION) FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS. THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. IT IS DISTRIBUTED, EXACTLY AS RECEIVED BY REUTERS, AS A SERVICE TO CLIENTS
Portät Bashar al-Assadصورة من: Reuters

تبدأ القصة من إحدى المدارس السويسرية، حيث درس شاب هادئ لا يلفت النظر من كوريا الشمالية. اللغة الألمانية لم تكن مادته المفضلة، وكان غالبا ما يرتدي ملابس رياضية من ماركة "نايك". باقي التلاميذ كانوا يجدونه غريبا. اسم هذا التلميذ هو: أون باك، ومن المفترض أنه كان ابن أحد الدبلوماسيين الكوريين الشماليين. في سنة 1997 جاء هذا التلميذ إلى مدرسة "ليبفيلد شتاينهولتسي" السويسرية القريبة من برن، وذلك ليلتحق بالصف السادس الابتدائي.

جاو ميكائيلو كان زميلا لهذا التلميذ الغريب وواحد من أصدقائه القلائل. يقول ميكائيلو إن التلميذ الكوري الشمالي اسره في يوم من الأيام بالقول:"أنا لست ابنا لأحد الدبلوماسيين وإنما أنا ابن رئيس كوريا الشمالية."

بعد هذا الاعتراف ، قام التلميذ الكوري الشمالي بإظهار صورة له مع الرئيس الكوري الشمالي آنذاك كيم جونغ إل. و اعتقد ميكائيلو ساعتها أن ادعاءه كاذب مفضوح، غير أنه بعد حين من الزمن أيقن أن زميل دراسته الغريب، ما هو إلا كيم جونغ ديكتاتور كوريا الشمالية. لكن لم يصدر أي تأكيد رسمي لهذه المعلومة من الجانب الكوري الشمالي.

كيم جونغ أون درس في سويسرا لكن لم تُظهر سياسته تأثرا بالغربصورة من: picture-alliance/dpa

السلطة بأي ثمن

في سنة 2012 قامت صحيفة " زونتاغ تسايتونغ" السويسرية بانتداب أحد الخبراء الانثروبولوجيين، وهو مختص في تحليل معالم الوجه. قام الخبير "راوول بيرو" بإجراء مقارنة بين صورة التلميذ الكوري الشمالي وصورة ديكتاتور كوريا الشمالية الحالي. النتيجة كانت تطابقا بنسبة 95 %. " بالنسبة لي " يقول الخبير:" إنها حقيقة واضحة: التلميذ أون باك هو كيم جونغ أون."

حتى  سنة 2011 ظل التلميذ الكوري الشمالي في المدرسة السويسرية، ثم اختفى بعد هذا التاريخ. بعد ظهور الشائعات الأولى حول التلميذ الكوري الشمالي الذي درس في مدرسة سويسرية، تمنى كثير من المراقبين أن يكون لدراسة كيم في الغرب تأثيرا على طريقة حكمه، غير أنه لم تظهر حتى الآن إشارات توحي بذلك. صحيح أن كيم يحب بعض الأشياء المنحدرة من الغرب، غير أن الأهم بالنسبة له هو التمسك بالسلطة وبأي ثمن كان.

ظهرت شخصية القذافي الابن الحقيقية أثناء الثورةصورة من: AP/Zintan Media Center

الديمقراطية؟ لا شكرا

"أولاد الحكام الطغاة لا يأتون إلى الغرب لتعلم الديمقراطية" حسب ما يقول العالم السياسي غونتر ماير. عوض ذلك يتعرفون على ظروف المعيشة في الغرب، ويتلقون تكوينا تعليميا جيدا. وبعد الحصول على الشهادة الدراسية يعودون أدراجهم بنفس العقلية وبنفس التصورات القديمة. ويقول الخبير السياسي:"إنهم منغمسون في بنية سلطوية، من الصعب عليهم الانعتاق منها." لأنهم  إذا أرادوا اعتماد بنية ديمقراطية، سيعرضون بذلك سلطتهم وسلطة حاشيتهم للخطر.

مثال آخر على أبناء الحكام الطغاة هو بشار الأسد، الذي قضى أيضا جزءا من شبابه في الخارج، حيث درس الطب في لندن لمدة قاربت 18 شهرا. عندما تولى الأسد الحكم أمِل عديد من المراقبين أن يقوم الطبيب الشاب بإجراء إصلاحات ديمقراطية. "لقد كان يُنظر إليه حينها كحاكم ليبرالي سيجلب الديمقراطية إلى سوريا" ، كما يتذكر الخبير في شؤون الشرق الأوسط غونتر ماير، الذي يضيف:"سرعان ما تعرض الأسد لضغوط مرتبطة بالظروف السياسية التي تضمن بقائه في السلطة و بضغط من حاشيته ومن الأجهزة الأمنية، فلم تعد له أي إمكانية للخروج من ذلك الوضع، فهو أمام خيارين: أما البقاء في السلطة أو أن يعرّض نفسه و حاشيته للخطر." وبذلك أكمل بشار الأسد مسيرة والده المتسمة بالاستبداد.

الديكتاتور الكمبودي بول بوت من الطغاة الذين درسوا في أوروباصورة من: picture-alliance / dpa

السلطة هي الأهم والباقي لا يهم

الأمل في تصدير الديمقراطية لأبناء الحكام الطغاة عن طريق الدراسة أمر مضلل جدا، فسيف الإسلام القذافي، نجل الديكتاتور الليبي القذافي، كتب أطروحة واعدة في كلية لندن للاقتصاد بعنوان: "دور المجتمع المدني في دمقرطة مؤسسات الحكم العالمية." يبدو العنوان جيدا. لكن في الصراع حول السلطة الذي شهدته ليبيا في أيام الثورة، ظهرت شخصية القذافي الابن الحقيقية، الذي نسي أو تناسى كل ما تعلمه في الغرب، وحمل السلاح ضد الشعب الليبي، بل وكان أول من ظهر على التلفزيون الليبي مع انطلاق شرارة الثورة مهددا ومتوعدا الثوار.

مسألة أن لا يتعلم الطغاة الديمقراطية والمبادئ الإنسانية من أوروبا، ليست بالمسألة الجديدة، فقبل عقود أظهر الديكتاتور الكمبودي بول بوت ذلك، حينما تحول إلى قاتل جماعي، بالرغم من دراسته في إحدى أرقى الجامعات الفرنسية ألا وهي جامعة السوربون.

ولكن لا يصح القول إن كل الطلاب الأجانب الذين درسوا في أوروبا لم يستفيدوا من مبادئ الديمقراطية والترويج لها. يقول ماير:"هناك أمثلة لا تحصى من الطلاب المنتمين إلى الدول العربية، الذين ساهموا بشكل كبير في تدابير ليبرالية وعَلْمَنة بُلدانهم." وربما كان الاقتصاد هو المستفيد الوحيد من دراسة أبناء الحكام الطغاة في الغرب، حسب ما يعتقد غونتر ماير:" لأن العلاقات تُبنى، والاقتصاد الألماني يستفيد من ذلك بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بمنح العقود."

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW