خبراء ألمان يستغربون هدر السعودية استثمارات بالمليارات
حسن زنيند
٧ فبراير ٢٠٢٠
لعله أسوأ توقيت ممكن، ذلك الذي اختاره صندوق الثروة السيادي السعودي قبل بضعة أشهر لبيع أسهمه في شركة تسلا الأمريكية والتي تقدر بـ ثمانية مليون سهم. وهذه ليست المرة الأولى التي تُهدَر فيها مليارات من الاستثمارات السعودية.
إعلان
يستغرب عدد من المعلقين الاقتصاديين الألمان من بعض القرارات الاستثمارية السعودية الكبرى. فقد كتب ألكسندر ديمينغ من صحيفة "هاندسبلات" الاقتصادية في عددها الصادر في (الخامس من فبراير/ شباط 2020) معلقا على الاستثمارات السيادية للرياض: "يستثمر صندوق الثروة السيادي السعودي مليارات الدولارات في شركات ذات توجه مستقبلي، غير أنه يرتكب في ذلك كل الأخطاء التي يمكن ارتكابها".
يُذكر أن وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية كشفت أن الصندوق السعودي باع معظم أسهمه في شركة "تسلا" الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية مؤخراً. عوُرفت تسلا في الماضي بتخصصها في بطاريات "الليثيوم أيون" التي تستخدم في القطارات الكهربائية. كما تسعى للإنتاج الكمي للسيارات الكهربائية، بخفض تكلفتها لتكون في متناول المستهلك المتوسط.
وقالت الوكالة إن الرياض أبقت على حوالي 39 ألف سهم فقط من أصل 8.2 مليون سهم إلى نهاية عام 2019، وهو ما كان في حينه يعادل 5% من مجموع قيمة الشركة. صحيح أن أسهم تسلا هي موضوع مضاربات في السوق الأمريكية وتعرضت لتذبذبات عدة، لكن الصندوق السيادي السعودي بددها دفعة واحدة كمن يكب المياه في الرمال. فقد كانت السعودية ضمن خمسة أكبر مالكين لأسهم الشركة بما قيمته حينها بـ 3.2 مليارات دولار، وذلك عندما زار ولي العهد السعودي الولايات المتحدة في مارس / آذار 2018.
بيع بالخسارة؟
في نهاية سبتمبر/ أيلول 2019، ارتفع سعر تسلا من 221 دولارا للسهم الواحد ليصل في ذروته إلى 887 دولار قبل أن يتراجع إلى 735 دولارا حاليا. وهو ما يمثل خسارة للصندوق السعودي تقدر بالمليارات. فلو باع أسهم تسلا في ذروة ارتفاعها في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، لبلغ الربح الإجمالي حوالي 5.5 مليار يورو، أما لو باعها اليوم بعد تراجعها النسبي الأخير فسيحصل على ما لا يقل عن 4.2 مليار يورو.
كما أن الصندوق قام باستثمارات أخرى على سبيل التحوط، كضمان للتعويض عن خسائر تسلا المحتملة، استثمارات قد تكون انخفضت قيمتها اليوم، ما يعني أن الرياض قد تكون تكبدت خسائر كبيرة في النهاية. ويرى ألكسندر ديمينغ أن الاستثمار في شركات تكنولوجيا المستقبل تتطلب التحلي بالصبر ورباطة الجأش والنفس الطويل، وهي صفات قد يكون صناع القرار في الصندوق السايدي السعودي يفتقدونها.
أغرب صفقة لابن سلمان؟
ليست هذه هي المرة الأولى خلال السنوات الأخيرة التي يتخذ فيها الصندوق السيادي السعودي قرارات خاطئة. ففي عام 2018 كشف ماسايوشي سون، مدير مجموعة "سوفت بنك" اليابانية عن كيفية إقناعه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، باستثمار 45 مليار يورو في "صندوق الرؤية" (Vision Fund) للتكنولوجيا. وفي لقاء تلفزيوني في برنامج ديفيد روبنشتاين (تلفزيون بلومبيرغ) الأمريكي، سأل المذيع ماسايوشي سون عن كيفية تمكُّنه من إقناع بن سلمان باستثمار 45 مليار دولار في ساعة واحدة، فقاطعه الأخير قائلاً "قولك ساعة واحدة أمر غير دقيق، استغرق الأمر مني 45 دقيقة فقط، فأقنعته بـ45 مليار دولار".
غير أن المجموعة اليابانية أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 عن تكبدها لخسائر فصلية بقيمة قدرها سبع مليارات دولار، ما ألقى ظلالا من الشكوك حول الاستراتيجية التي تعتمدها المجموعة، وهي التي تستثمر في الشركات التكنولوجية الناشئة التي تستنفد السيولة النقدية بشكل سريع لتمويل نموها.
وبهذا الصدد كتب كريستوف ساكمان (موقع فوكوس الألمانية) يوم (الجمعة السابع من فبراير/ شباط 2020) أنه "من الصعب تحديد كيفية نمو استثمارات هذا الصندوق، وبالتالي الأسهم السعودية فيه، فقيمتها تعتمد فقط على (الحقن) المالية من القطاع الخاص".
الاستثمارات السيادية السعودية يجب فهمها في سياق "رؤية 2030" لمحمد بن سلمان، التي تسعى لتنويع مصادر الدخل ببناء اقتصاد حديث مستقل عن ريع النفط. صندوق الثروة السيادي أحد أدوات تحقيق هذه الرؤية بشرط تصحيح الأخطاء وعدم تكرارها.
أرقام وحقائق .. هل تعاقب السعودية الشركات الألمانية؟
تراجعت صادرات ألمانيا إلى السعودية بنسبة 5 بالمئة خلال النصف الأول من 2018، وذلك بعد أنباء تحدثت عن رغبة سعودية بمعاقبة ألمانيا بسبب انتقادها لسياسات السعودية. وهذه قائمة بأهم الصادرات والواردات الألمانية السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
السعودية تسحب سفيرها في برلين
تصاعدت الخلافات بين ألمانيا والسعودية قبل نحو ثمانية أشهر، بعدما انتقد وزير الخارجية الألمانية آنذاك زيغمار غابرييل السعودية وتحدث حينها عن "مغامرة" تتعلق بالسياسة الخارجية. واستدعت المملكة حينها سفيرها من برلين إلى الرياض احتجاجا على ذلك. وحتى الآن لم يتم إعادته. وذكرت أنباء في أيار/ مايو الماضي بأن السعودية تريد أن تعاقب الشركات الألمانية بسبب التوترات السياسية بين البلدين.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Vogler
تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية
أعربت أوساط اقتصادية ألمانية عن استيائها من استمرار تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية. وقال رئيس قسم التجارة الخارجية بغرفة التجارة والصناعة الألمانية فولكر تراير إن الصادرات الألمانية تراجعت بنسبة 5 بالمئة وانخفضت بذلك إلى نحو ثلاثة مليارات يورو خلال النصف الأول من العام الجاري. وأشار تراير إلى أن حجم الصادرات إلى السعودية بلغ 6.6 مليار يورو في 2017، وكان يبلغ 9.9 مليار يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
صناعات الدواء والعقاقير الطبية
حذرت اتحادات صناعة دواء دولية وألمانية السعودية بشأن شروط التوريد الصارمة التي طبقتها الرياض ردا على انتقادات لسياساتها. ويقول مسؤولون ألمان إن شركات مثل سيمنس هيلثينيرز وباير وبوهرنغر إنغلهايم أصبحت مستبعدة من مناقصات الرعاية الصحية العامة بالسعودية. وقال أوليفر أومز من غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالرياض "على مدى الأشهر الستة الأخيرة تجد شركات ألمانية صعوبة في العمل في السعودية".
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Nolte
السعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط
حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية في ولاية بافاريا، وصلت قيم صادرات الدواء والعقاقير الطبية إلى السعودية إلى 600 مليون يورو في عام 2017. وكانت في ارتفاع مستمر في السنوات الأخيرة. والسعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط وإفريقيا بمبيعات بلغت 7.6 مليار دولار العام الماضي وفقا لشركة معلومات الرعاية الصحية إكفيا. وتخلو قائمة أكبر عشرة موردي أدوية إلى المملكة من باير وبوهرنغر.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Sahib
صادرات السلاح
شهد قطاع بيع السلاح والمعدات العسكرية تراجعا كبيرا أيضا في 2018. ووافقت الحكومة الألمانية على 4 صفقات أسلحة للسعودية بقيمة 161.8 مليون يورو هذا العام. ويعود انتقاد تصدير أسلحة للسعودية بسبب حرب اليمن. وكان التحالف المسيحي بقيادة المستشارة ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي اتفقا خلال مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم على إيقاف صادرات الأسلحة لكافة الدول المشاركة "على نحو مباشر" في حرب اليمن.
صورة من: Imago/teutopress
صادرات كيماوية
انخفضت قيمة المنتجات الكيماوية في عام 2017 بصورة طفيفة عن عام 2016 ووصلت إلى 604 مليون يورو، بعد أن كانت 624 مليون يورو. فيما شهدت الصادرات الكيماوية أكثر ارتفاع لها في عام 2012 ووصلت حينذاك إلى نحو 800 مليون يورو.
صورة من: Fotolia/Franz Pfluegl
معدات معالجة البيانات وأخرى إلكترونية وبصرية
ارتفعت قيم هذه الصادرات إلى السعودية عام 2017 ووصلت إلى 593 ميلون يورو بينما كانت 455 مليون يورو في 2016، حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة في ولاية بافاريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
معدات كهربائية
انخفضت قيم صادرات الأجهزة والمنتجات الكهربائية إلى 401 مليون يورو في 2017، في حين كانت 686 مليون يورو في العام الذي سبقه. وهو أقل مبلغ لهذه الصادرات منذ عام 2011.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
صادرات زراعية
حافظت الصادرات الزراعية الألمانية على قيمها في العام الماضي مقارنة بالأعوام الماضية وبلغت 445 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Mirgeler
السيارات وقطع غيار السيارات
استمرت هذه الصادرات في انخفاضها الحاد ووصلت عام 2017 إلى 705 مليون يورو بينما كانت قد وصلت إلى رقم قياسي في عام 2015 وبلغت آنذاك مليار و 600 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
صناعة المكائن
قطاع صادرات المكائن الألمانية إلى السعودية هو الأكبر في مجال التجارة بين البلدين على الإطلاق. وبلغ مليار و 64 مليون يورو في عام 2017، لكنه أيضا في انخفاض في الأعوام الأخيرة، إذ كان قد وصل إلى أكثر من مليار و800 ميلون يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
الواردات السعودية إلى ألمانيا
بلغت قيمة الواردات السعودية إلى ألمانيا 802 مليون يورو عام 2017 وبارتفاع قدره 28 بالمائة عن عام 2016، إذ بلغت فيه قيم الواردات 623 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
النفط
أهم الواردات السعودية كانت النفط والغاز التي وصلت إلى 313 مليون يورو عام 2017. وهي في ارتفاع مقارنة بعام 2016 حيث بلغت آنذاك 200 مليون يورو، لكنها بعيدة جدا عن أرقام عامي 2012 و 2013 حيث تجاوزت مليار و 200 مليون يورو سنويا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Haider
المنتجات الكيماوية
المنتجات الكيماوية كانت في المركز الثاني في قائمة الواردات السعودية في ألمانيا وبلغت قيمها 266 مليون يورو وبارتفاع وصل إلى 30 بالمائة عن عام 2016.
صورة من: picture-alliance/epa
منتجات سعودية أخرى
تستورد ألمانيا أيضا منتجات بلاستيكية ومطاطية بقيمة 22 مليون يورو، ومنتجات فحمية ومنتجات نفطية بقيمة 23 مليون يورو، ومنسوجات بـ 17 مليون يورو، ومعادن بقيمة نحو 10 ملايين يورو وقطع غيار سيارات بقيمة 8 ملايين يورو.