خبراء: قضية خاشقجي تهدد سمعة السعودية وصورة بن سلمان
٧ أكتوبر ٢٠١٨
في حال تأكد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وضلوع السعودية في ذلك، يتوقع محللون عواقب وخيمة على العلاقات التركية-السعودية المتدهورة، بالإضافة إلى تضرر صورة المملكة وولي العهد بن سلمان الذي يقدم نفسه كـ "إصلاحي" في الغرب.
إعلان
يرى محللون أنه في حالة تأكد مقتل الصحفي جمال خاشقجي من قبل السلطات السعودية ، التي تنفي أي علاقة لها باحتفائه، فإن هذه القضية سيكون لها تداعيات على صورة المملكة في العالم وصورة ولي عهدها الشاب محمد بن سلمان.
يذكر أن مصدرا مقرّبا من الحكومة التركية أعلن أنّ الشرطة التركية "تعتقد في استنتاجاتها الأوّلية، أنّ الصحافي جمال خاشقجي قُتل داخل القنصليّة بأيدي فريق أتى خصيصًا إلى إسطنبول وغادر في اليوم نفسه". ونددت الرياضبـ"اتهامات عارية عن الصحة"، بينما يؤكد خبراء وجوب توخي الحذر لحين تأكيد ما حدث.
وينتهج ولي العهد الشاب (33 عاما) سياسة القبضة الحديدية في الملفات الرئيسية في المملكة. وكان قد أثار جدلا كبيرا العام الماضي وتعرض لانتقادات في تشرين الأول/أكتوبر حين قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض ولم يغادرها لمدة أسبوعين، بعد تدخل فرنسا.
وسلطت الأضواء على سياسته هذه مرة أخرى عندما تم اعتقال عشرات الشخصيات السعودية من أمراء ورجال أعمال واتهامهم بـ "الفساد" واحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" في العاصمة.
وتعرض ولي العهد الشاب أيضا لانتقادات بسبب سلسلة اعتقالات طالت ناشطات في مجال حقوق المرأة منذ أيار/مايو الماضي، على الرغم من السماح للمرأة بقيادة السيارة.
والصحفي خاشقجي هو أحد الصحافيين السعوديين القلائل الذين انتقدوا حملات توقيف طالت شخصيات ليبرالية وناشطات في سبيل حقوق المرأة رغم الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد.
واندلعت أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين السعودية وكندا بعد تغريدة للسفارة الكندية في آب/أغسطس الماضي طلبت فيها "الإفراج الفوري" عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان موقوفين في المملكة.
مقتل خاشقجي يهدد سمعة السعودية
ويتوقع محللون أنه في هذه المرة فإن قضية خاشقجي قد يكون لها عواقب وخيمة في الغرب، في حال التأكد من مقتله وضلوع الرياض في ذلك.
ويرى الباحث في جامعة "رايس" كريستيان أولريشسن أن هذا قد يعزز النظرة في واشنطن بأن "السعودية بقيادة محمد بن سلمان عرضة للممارسات المتهورة في ظل ما يبدو أنه تفكير محدود جدا بالعواقب، سواء أكان حصار قطر أو احتجاز سعد الحريري أو الخلاف مع كندا بدون الحديث حتى عن حرب اليمن" التي تدخلت فيها السعودية عام 2015.
تركيا والسعودية.. تاريخ طويل من المد والجزر وأشياء أخرى
على مدى قرنين من الزمن، مرت العلاقة بين السعوديين والأتراك بفترات مختلفة: حروب وقطيعة، برود وتباعد، استقرار وازدهار، انتكاسة وتوتر. مزيد من الضوء على هذا الموضوع في ملف الصور التالي.
حرب فتاكة
شهدت العلاقات بين آل سعود والعثمانيين تاريخ طويل من التوتر وصل حد الحرب. وعلى سبيل المثال شنت الدولة العثمانية وإبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا والي مصر، بين عامي 1811 و1818 حرباً على الدولة السعودية الأولى انتهت بهزيمة السعوديين واندثار دولتهم الأولى وتدمير عاصمتها الدرعية.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
عهد جديد
في الثالث من آب/ أغسطس 1929، شهدت العلاقات الحديثة بين تركيا والسعودية بداية جديدة، إذ اعترفت تركيا بالسعودية. وفي هذه الفترة بالذات، وقع البلدان اتفاقية سلام وصداقة مشتركة، ولكن بقيت تلك العلاقات تتسم بالبرود حتى ثمانينات القرن العشرين، رغم أن البلدين كان مناهضين للمعسكر الشيوعي/الشرقي في الحرب الباردة.
الثمانينات.. المصالح تقرب البعيد
كانت تركيا والسعودية أكثر الدول المتضررة من أزمة النفط التي تسببت فيها الحرب بين العراق وإيران، ما نتج عنه تقارب بين البلدين؛ ولأن تركيا كانت تستورد النفط من السعودية عبر العراق، فقد زار الرئيس التركي آنذاك "كنعان إيفرين" السعودية عام 1984. وفي نفس العام، زار رئيس الوزراء التركي "تورغوت أوزال" أيضاً السعودية. الغاية كانت البحث عن طرق جديدة لتمديدات النفط وبناء علاقات حيوية واستراتيجية بين الطرفين.
صورة من: picture alliance/UPI
التسعينات..الحيوية والفعالية في العلاقات
كان لاحتلال العراق للكويت في بداية التسعينات، دوراً فعالاً في إيصال العلاقات بين أنقرة والرياض إلى أعلى مستوى من الحيوية والفعالية. حيث دعم الرئيس التركي حينها تورغوت أوزال، الموقف السعودي المعارض لهذا الاحتلال. هذا الدعم، دفع بالسعودية إلى التعبير عن امتنانها لتركيا ليس فقط برسائل وإنما بتقديم مليار دولار لصالح الخزينة المالية للجيش التركي، بالإضافة إلى هبة نفطية بمقدار 1,2 مليار بدون أي مقابل.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2003.. انتعاش بعد جمود في العلاقات
طرأت الكثير من التغيرات على الحكومات التركية وغاب الاستقرار عن أوضاعها في الجانب السياسي والاقتصادي مما جعل العلاقة بين تركيا والسعودية تعرف نوعاً من الجمود. لكن عام 2003، سيجد البلدان نفسيهما في حاجة إلى التعاون خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، وظهور مستجدات سياسية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
صورة من: AP
زيارات وصفقات تسليح
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، زار الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز تركيا، لكن الأمر لم يتوقف هنا وإنما تكررت الزيارات بين البلدين وذلك لتقوية العلاقات من الجانبين العسكري والاقتصادي. حيث تم توريد بعض الأسلحة التركية إلى السعودية، كما اهتمت شركات تركية بتصليح وتحديث المعدات العسكرية السعودية وأيضاً التوقيع على عقود لطائرات بدون طيار والعربات المدرعة وغيرها.
صورة من: AP
الأزمة السورية.. اتفاق ثم اختلاف
عززت الثورة السورية التقارب بين الرياض وأنقرة. إذ سعى الطرفان إلى إسقاط نظام بشار الأسد. لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Suleyman
حرب اليمن.. بداية الصراع العلني
توتر العلاقات برز أكثر في الأزمة اليمنية. إذ أنه بالرغم من أن تركيا وقفت إلى جانب السعودية في عملية "عاصفة الحزم"، إلا أن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.
صورة من: Reuters/Saudi Press Agency
الأزمة القطرية.. تباين في التوجهات
في 5 يونيو/ حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر؛ مبررين ذلك بتدخلها في شؤونهم الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث حتى أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 يونيو/حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.
صورة من: picture-alliance/abaca/K. Ozer
2017.. حرب إعلامية
كانت السنة الفائتة سنة استثمار سعودي كبير في تركيا. إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. إذ شكل موقف تركيا من القدس مادة دسمة للإعلام السعودي. في حين انهارت "الهدنة" التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين.
صورة من: picture alliance /dpa/Saudi Press Agency
2018.. عام تبديد الخلافات؟
بالرغم من أن التنافس بين السعودية وتركيا حول قيادة العالم الإسلامي قد يبدو جلياً للبعض، إلا أن وسائل الإعلام التركية قد أعلنت عن زيارة مرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى أنقرة، وهو ما جعل البعض ينتظر هذه الزيارة التي من الممكن أن تذيب أي خلاف يكون قد نشب مؤخراً ويعيد للعلاقات حيويتها من جديد. إعداد: مريم مرغيش
صورة من: picture alliance/Photoshot
11 صورة1 | 11
فيما تعتقد الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية بسمة مومني، أنه حال التأكد من موت خاشقجي فإن "صورة ولي العهد ستصبح أكثر صعوبة للاستيعاب وخصوصا في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى".
ويذهب المحللجيمس دورسي أن قضية خاشقجي سيكون لديها عواقب "كبيرة" في الخارج. ويشير دورسي إلى الصعوبات التي تواجهها السعودية في اليمن وخطر أن يقوم نواب في دول مختلفة بالحشد من أجل منع بيع الأسلحة إلى الرياض.
ولا يستبعد دورسي أن تؤدي قضية خاشقجي إلى تدهور في العلاقات السعودية- التركية مشيرا إلى إمكانية حصول قطع في العلاقات من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أمد أنه ينتظر نتائج التحقيق ووعد بإعلانها أمام العالم.
ويشير اولريشسن الى أنه "في حال ثبت ارتباط السعوديين بموت خاشقجي، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى اندلاع أزمة دبلوماسية" بين البلدين.
وكان خاشقجي دافع عن الإخوان المسلمين، ويشير دورسي الى أن آرائه "ليست بعيدة كثيرا" عن أراء الحزب الحاكم في تركيا التي "لا يمكنها قبول مقتل أشخاص بأيدي عملاء أجانب" على أراضيها.
وبالإضافة إلى قطر والإخوان المسلمين، يشير دورسي إلى أن ايران هي أيضا موضع خلاف بين أنقرة والرياض خصوصا مع موقف السعودية الداعم لواشنطن لجهة العقوبات ضد طهران.
م.أ.م/ع.ج.م (أ ف ب)
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker