خبراء: مع تدخل تركيا وروسيا تتجه ليبيا للسيناريو السوري
٣١ ديسمبر ٢٠١٩
يرى محللون أنه مع التدخل التركي والروسي في ليبيا فإن هذا البلد يتجه إلى سيناريو يشبه النزاع السوري مع مخاطر تفاقم الفوضى ميدانيا. ومع تراجع الأوروبيين إلى الصف الثاني تتصدر تركيا وروسيا المشهد الليبي.
إعلان
شهدت حرب الأشقاء القائمة في ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، تسارعا في 2019 مع تزايد إجراءات تركيا في الأيام الأخيرة. ومن المقرر أن يصوت البرلمان التركي الخميس (الثاني من يناير/ كانون الثاني 2020) على نشر جنود أتراك في ليبيا دعما لحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج المهددة بحملة عسكرية لقوات خليفة حفتر.
ومع موافقة البرلمان ستنضم تركيا رسميا للمسرح الليبي إلى جانب قوى أخرى، علما أنها موجودة عمليا هناك، خصوصا من خلال تزويد حكومة السراج بأسلحة وطائرات مسيرة. وهي تنوي من خلال نشر جنودها صف بيادقها في مواجهة روسيا ومصر والإمارات التي تدعم حفتر.
ويرى خبراء أنه يبدو أن حفتر يحرز تقدما في حملته على العاصمة طرابلس بفضل تعزيزات من مئات المرتزقة الروس، وذلك بعد أن فشلت هجماته الأولى في نيسان/ أبريل 2019. وهذا الحضور الروسي الذي تنفيه موسكو باستمرار، أكده مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة الذي عبر عن قلقه إزاء تفاقم تدويل النزاع.
"النموذج السوري يتكرر في ليبيا"
وأكد محللون معلومات تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي عن وصول مقاتلين سوريين لحساب تركيا إلى طرابلس رغم نفي حكومة السراج. وقال الباحث الليبي في هولندا جلال الحرشاوي إنه كما حدث في سوريا نشهد "كوريغرافيا معقدة جدا وشديدة التضارب" بين فاعلين، تركيا وروسيا، "لا يجمعهما ود وليسا حليفتين" لكن يمكن أن تلتقي مصالحهما".
وكانت روسيا وإيران، أبرز داعمي النظام السوري، وتركيا التي تدعم المعارضة السورية، التقت ضمن عملية أستانا للسلام التي دشنت في 2017 بعد فشل عدة جولات تفاوض نظمتها الأمم المتحدة في جنيف. كما اجتاحت تركيا مدعومة من مسلحين سوريين موالين لها، منطقة في شمال شرق سوريا بداعي التصدي لمجموعات مقاتلة كردية سورية.
وتساءل غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، في عدد صحيفة لوموند الفرنسية يوم أمس "هل يمكن أن يتكرر أمر مماثل (للنموذج السوري) في ليبيا؟" مضيفا "جوابي نعم". فيما أضاف الحرشاوي قائلا: "لم يسبق أن حدثت مواجهة مباشرة بين أتراك وروس على الأراضي السورية، وعلى غرار ذلك لن تحدث بينهما مواجهة متعمدة ومقصودة ومكثفة على الأرض الليبية".
بيد أنه في المقابل، وبحسب الحرشاوي، ستحدث "أخطاء وانزلاقات" بين الليبيين من خلال "جهات راعية" (قوى خارجية) متعارضة "ولن يكون الأمر جيدا، سيموت ليبيون".
"يالطا" جديدة
وسيعني هذا التدخل الروسي التركي المزدوج انحسار نفوذ الأوروبيين وأولهم فرنسا، في نزاع يدور على أبوابهم مع ما يحمله من تهديدات إرهابية وتدفق مهاجرين.
وتابع المحلل الليبي قائلا: "في نهاية المطاف الزعامة لن تكون غربية. وسيبرم الروس والأتراك يالطا جديدة في ليبيا"، في إشارة إلى تقاسم النفوذ الأميركي السوفيتي في 1945، مضيفا "إنهما يواصلان نفس المنطق المناهض لأوروبا ولفترة ما بعد (النفوذ) الأميركي" مع انكفاء واشنطن داخليا.
ولزمت فرنسا، التي كانت حاولت القيام بوساطة في ليبيا بعد انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون في 2017 وفتحت قنوات حوار مع حفتر وأغضبت إيطاليا المستعمر السابق لليبيا. ويقول كثيرون إن باريس تدعم بحكم الأمر الواقع حفتر لكن السلطات الفرنسية تنفي ذلك.
تركيا تريد تسوية تضمن مصالحها
وأخذت ألمانيا (عن كاهل فرنسا) الملف مع هدف جمع الداعمين الدوليين وأبرز الفاعلين في الأزمة حول طاولة حوار في كانون الثاني/ يناير في برلين في إطار عملية تشبه عمليات مفاوضات الأمم المتحدة، لكن يبدو أن فرص نجاحها تتضاءل.
ويرى عماد الدين بادي، الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن تركيا تريد "التوصل إلى تسوية سياسية تضمن إنقاذ حكومة الوفاق الوطني" وتحفظ مصالحها الاقتصادية في ليبيا.
ويضيف الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد "راند" الأميركي للأبحاث في واشنطن ناتان فيست أن "كل ذلك يندرج ضمن تنافس أوسع، على الموارد والنفوذ، بين تركيا من جهة ومصر والإمارات من جهة أخرى علاوة على اليونان وقبرص وإسرائيل بدرجة أقل".
وكانت تركيا قد وقعت في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 اتفاقا مع حكومة السراج يسمح لها بحقوق على مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط غنية بالمحروقات.
ص.ش/أ.ح (أ ف ب)
أبرز القوى المسلحة المتصارعة على النفوذ في المشهد الليبي
البعض يقول إنها حوالي 30، في حين يصل البعض الآخر بالرقم إلى 1600. إنها الجماعات والميلشيات التي تحمل السلاح في ليبيا. DW عربية ترصد في هذه الجولة المصورة أبرز القوى المسلحة في المشهد الليبي الديناميكي والمتداخل.
صورة من: Reuters TV
العاصمة طرابلس
قوة حماية طرابلس، وهي تحالف يضم مجموعات موالية لحكومة الوفاق. وأبرزها: "كتيبة ثوار طرابلس" وتنتشر في شرق العاصمة ووسطها. قوة الردع: قوات سلفية غير جهادية تتمركز خصوصاً في شرق العاصمة وتقوم بدور الشرطة ولها ميول متشددة. كتيبة أبو سليم: تسيطر خصوصا على حي أبو سليم الشعبي في جنوب العاصمة. كتيبة النواسي: إسلامية موجودة في شرق العاصمة حيث تسيطر خصوصا على القاعدة البحرية.
صورة من: Reuters/H. Amara
"الجيش الوطني الليبي"
قوات اللواء السابق خليفة حفتر المسماة "الجيش الوطني الليبي"، تسيطر على معظم مناطق الشرق من سرت غرباً إلى الحدود المصرية. وتسيطر قوات حفتر على مناطق الهلال النفطي على ساحل المتوسط شمالاً إلى مدينة الكفرة ونواحي سبها جنوباً وتسعى حاليا للسيطرة على طرابلس. قوات حفتر هي الأكثر تسلحا وقوامها بين 30 و45 ألف مقاتل، وضمنهم ضباط سابقون في الجيش الليبي وتشكيلات مسلحة وعناصر قبلية إضافة إلى سلفيين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Doma
كتائب مصراتة
فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.
صورة من: picture alliance/abaca
"فجر ليبيا"
كان تحالفاً عريضاً لميلشيات إسلامية، يربطها البعض بجماعة الإخوان المسلمين (حزب العدالة والبناء)، وضم ميلشيات "درع ليبيا الوسطى" و"غرفة ثوار طرابلس" وكتائب أخرى من مصراته. في 2014 اندلعت معارك عنيفة بين هذا التحالف و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة حفتر، خرج منها حفتر مسيطراً على رقعة كبيرة من التراب الليبي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
فصائل منكفئة في الزنتان
انكفأت فصائل الزنتان بعد طردها من طرابلس في 2014 إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب العاصمة. تعارض هذه الفصائل التيارات الإسلامية، ويبقي عدد منها على صلات مع حكومة الوفاق الوطني و"الجيش الوطني الليبي" في الوقت نفسه. وتسيطر هذه الفصائل على حقول النفط في غرب البلاد. وعينت حكومة الوفاق أخيرا ضابطا من الزنتان قائدا عسكريا على المنطقة الغربية.
صورة من: DW/D. Laribi
جماعات متحركة في الصحراء
تعتبر فزان أهم منطقة في الجنوب الليبي تنتشر فيها عمليات التهريب والسلاح..وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود ما لا يقل عن سبعة فصائل إفريقية، تنحدر من تشاد ومالي والسودان والنيجر والسنغال وبروكينافاسو وموريتانيا، في المناطق الحدودية في الجنوب الليبي. ومن أبرز الجماعات المسلحة في الجنوب الليبي: الطوارق، وجماعات تابعة لقبائل التبو، وجماعات جهادية(القاعدة وداعش) تتنقل على الحدود بين دول الساحل والصحراء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Delay
"داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلامياً باسم "داعش" ليبيا في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. وفي كانون الأول/ديسمبر من نفس العام تبنى التنظيم أول اعتداء بعد تمركزه في البلاد مستغلاً غياب السلطة. ويمارس التنظيم لعبة الكر والفر، كما حقق مكاسب، إذ سيطر في فترات على النوفلية وسرت ودرنة وغيرها، ليعود ويخسر بعض الأراضي. وفي شباط/فبراير 2015 خرج شريط بثه التنظيم الإرهابي يظهر ذبح 21 قبطياً مصرياً.
صورة من: picture-alliance/militant video via AP
"القاعدة" وأفراخها
في 2012 قتل أربعة أميركيين بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي. واتهمت واشنطن مجموعة "أنصار الشريعة" المرتبطة بالقاعدة بتنفيذ الاعتداء. وقبل ثلاثة أشهر قضت محكمة أمريكية بسجن أحمد أبو ختالة، الذي يعتقد أنه كان زعيماً لـلمجموعة، لمدة 22 عاماً بعدما دانته بالتورط في الهجوم. وتحدثت تقارير إعلامية أن فصائل تنشط على رقعة واسعة من التراب الليبي مرتبطة بالقاعدة وتعمل تحت مسميات مختلفة.
صورة من: Reuters
بين 2011 و2018
ذكرت تقارير للأمم المتحدة أنه يوجد في ليبيا ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح بين خفيفة ومتوسطة وثقيلة. وبدوره قدر رئيس الوزراء الليبي الأسبق، محمود جبريل، عدد الميلشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا مسلحة، بعد أن كانوا 18 تشكيلاً عسكريا فقط يوم سقوط العاصمة في آب /أغسطس 2011.
إعداد: خ.س/ م.س