1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبراء عن سد النهضة.. "ليس نذير صراع"

٩ أبريل ٢٠٢٣

مع اكتمال 90 بالمئة من سد النهضة الإثيوبي تحول الموقف السوداني من منتقد إلى داعم للمشروع فيما مازالت مصر تنتقد البناء. ورغم ذلك يستبعد الباحثون أن يكون السد نذير صراع إذ يرجحون أن يجر فوائد لدولتي المصب والمنطقة بأسرها.

سد النهضة الأثيوبي العملاق - صورة بتاريخ 19 فبراير 2023
يقول خبراء إن سد النهضة قد يصب في صالح المنطقة إذ جرى الاتفاق على إدارة مشتركة مع مصر والسودان بشأن تدفقات نهر النيلصورة من: Minasse Wondimu Hailu/AA/picture alliance

منذ بدء إثيوبيا تشييد مشروعها الضخم في بناء  سد النهضة  عام 2011، مازال الجدل يرافق هذا المشروع العملاق الذي تصل تكلفته أكثر من 4 مليارات دولار أي ما يعادل 3.6 مليار يورو.

ومع بدء البناء، أعربت دولتا المصب  مصر  والسودان  عن مخاوفهما من أن يؤدي السد إلى انخفاض تدفق المياه في  نهر النيل  مما يُفاقم من مشكلة نقص المياه التي تعاني منها المنطقة بسبب مواسم الجفاف و تداعيات ظاهرة تغير المناخ. ومع احتفال أديس أبابا بالذكرى الـ 12 لوضع  حجر أساس لسد النهضة، أعلنت السلطات الإثيوبية اكتمال 90 بالمائة من بناء سد النهضة.

وتؤكد إثيوبيا أن السد سوف يحقق لها الكثير من الإنجازات وسيكون علامة فارقة للبلد الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 110 ملايين نسمة، إذ  تتوقع أن يُنتج السد نحو 6500 ميغاواط  ما يعادل ضعف إنتاجها السنوى من الكهرباء ما يمهد الطريق أمام توفير الكهرباء لـ 60 في المئة من سكان البلاد.

تزامن هذا مع تغيير السودان وجه نظره حيال السد إذ يأمل السودان في أن يساعد السد الإثيوبي في تنظيم الفيضانات السنوية التي تدمر الكثير من الأراضي السودانية.

الجدير بالذكر أن نصف سكان السودان، البالغ خمسة وأربعين مليونا، يعيشون على 15 بالمائة من مساحة البلاد بمحاذاة النيل الذي يوفر 67 بالمائة من احتياجات البلاد من المياه. ففي يناير/ كانون الثاني الماضي أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان في ختام اجتماع في الخرطوم مع رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد أنّ البلدين "متوافقان ومتّفقان حول كافة قضايا سدّ النهضة".

وتقف مصر على النقيض من ذلك إذ لم تغير رأيها تجاه المشروع الإثيوبي العملاق منذ الوهلة الأولى، معتبرة أن إنشاء سد على النيل الأزرق الذي يشكل أكثر من 80 بالمائة من المياه المغذية لنهر النيل، سوف يعرض إمداداتها من المياه للخطر.

تقول الحكومة الإثيوبية إن سد النهضة سيكون علامة فارقة في تاريخها ومسار تحديثها وتطورهاصورة من: Minasse Wondimu Hailu/AA/picture alliance

يشار إلى أنه يعيش 97 بالمائة من سكان مصر البالغ عددهم 106 ملايين على شريط مواز لنهر النيل يمثل أقل من 8 بالمائة من مساحة البلاد حيث يعد نهر النيل المصدر الرئيسي للشرب والري لذا يعتبره المصريون شريان حياتهم.

وفي منتصف مارس/ آذار الماضي، نُقل عن وزير الخارجية المصري سامح شكري قوله إن "جميع الخيارات مفتوحة في أزمة سد النهضة وتظل كافة البدائل متاحة ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكانياتها".

ويأتي ذلك رغم أن مصر قد نجحت في تعويض كميات المياه التي خسرتها جراء ملء خزان مياه سد النهضة بسعة 74 مليار متر مكعب (2600 مليار قدم مكعب) منذ عام 2020، فيما تمكنت القاهرة من زيادة المياه المخزنة عند بحيرة ناصر أمام السد العالي.

استبعاد الخيار العسكري

ورغم الانتقادات التي مازالت تصدر عن مسؤولين مصرييين، إلا أن خبراء يستبعدون  انزلاق الأزمة بين مصر وإثيوبيا  إلى مواجهة عسكرية. وفي حوار مع DW، قال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إن "نافذة حدوث أي هجوم محتمل على السد قد أُغلقت في ضوء أن خزان السد بات شبه ممتلئ. سيؤدي أي هجوم على السد إلى فيضانات عارمة تجتاح السودان وهو الأمر الذي لا يرغب الجانب المصري في حدوثه".

وتتفق في هذا الرأي جميمه أوكي، الباحثة في مجال المياه والأمن الغذائي في الشرق الأوسط والتي تقيم في الأردن. وفي حوار مع DW، قالت أوكي، الزميلة في شركة "أزور استراتيجي" للاستشارات ومقرها لندن، إن مصر "تفتقر إلى الموارد الاقتصادية والدعم الجيوسياسي لشن أي عمل عسكري ولن يصب ذلك في صالحها فضلا عن أن أي هجوم عسكري سيفتقر إلى الأسس والمبررات. ولا يوجد أي ضمان على أن أي هجوم سوف يتسبب في تحسن الوضع المائي في مصر".

الأبعاد السياسية والإقليمية لسد النهضة

بدوره، قال توبياس زومبرغل، الباحث المتخصص في قضايا تغير المناخ في الشرق الأوسط بجامعة هايدلبيرغ الألمانية، إن مشروع السد يعد "مثلا توضيحا يؤكد على المدى الذي يُجرى فيه تسريع تنفيذ مشاريع التحديث الوطنية والاعتمادات البيئية بسبب التهديد المستمر جراء ظاهرة تغير المناخ".

وأضاف الخبير الألماني في حوار مع DW بالقول: "نحن نتحدث عن أزمة مائية منذ وقت طويل، وهي مشكلة في حد ذاتها، لكن يجب ألا نغفل حقيقة مفادها أن المنطقة بأكملها باتت مهددة بزعزعة استقرارها". ويوضح زومبرغل أن السعودية ودول الخليج الأخرى أبدت استعدادها لدعم مصر في مطالبها بضمان الحصول على إمدادات مياه كافية من إثيوبيا.

يقول هاغن كوخ إنه في حالة تشغيل السد العالي وسد النهضة "معا"، فإن هذا "قد يصب في صالح البلدين من الناحية العلمية."صورة من: Minasse Wondimu Hailu/AA/picture alliance

ورغم ذلك، اتهمت القاهرة تل أبيب في عدة مرات بالعمل ضد مصالحها فيما يتعلق بسد النهضة رغم أن العلاقات بين البلدين قوية منذ توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام عام 1979 فيما تعد العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وإثيوبيا أيضا قوية.

تأثير تغير المناخ على الموارد المائية

ورغم ذلك، يشير الباحثون إلى أن هناك طرقا سياسية وعلمية يمكن أن تساعد في تسوية الأزمة. في هذا السياق قالت جميمه أوكي إن الخيار "الأكثر واقعية وفعالية فيما يتعلق بالتكلفة وأيضا التأثير على السلم الإقليمي يتمثل في قيام مصر والسودان بإبرام اتفاقية لتبادل البيانات مع إثيوبيا حيال إدارة تدفقات المياه من سد النهضة".

وأضافت أن هذه الاتفاقية يمكن أن تشمل ضمانات حيال تدفقات المياه خلال أوقات الجفاف، مشيرة إلى أن هذا الأمر سوف "يعزز الثقة والتعاون بين الأطراف بما يمهد الطريق أمام إدارة ثلاثية مستدامة ومتأنية لتدفقات المائية لنهر النيل". تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا قد رفضت في عدة مناسبات إبرام مثل هذه الاتفاقية بالإضافة إلى أي اتفاقيات سياسية ذات صلة.

بدوره، يرى هاغن كوخ، العالم البارز في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، أنه في حالة تشغيل السد العالي في مصر وسد النهضة في إثيوبيا "معا"، فإن هذا "قد يصب في صالح البلدين من الناحية العلمية". وفي حوار مع DW يضيف العالم الألماني البارز بالقول: "يقع سد النهضة في المرتفعات فيما يقع السد العالي على ارتفاع أقل بكثير حيث ترتفع درجات الحرارة فيما يبلغ حجم بحيرة ناصر أربعة أضعاف خزان سد النهضة، لذا في حالة إدارة هذا الأمر بشكل معقول بما يشمل تخزين المزيد من المياه في سد النهضة مقارنة ببحيرة ناصر، فسوف ينجم عن ذلك خسائر تبخر أقل وبالتالي سيكون لدى كلا البلدين المزيد من المياه المتاحة لتوليد الطاقة الكهرومائية من سد النهضة والسد العالي".

وفي ضوء هذه المعطيات، سينتظر المراقبون إمكانية توصل الدول الثلاث إلى اتفاق مع اكتمال بناء سد النهضة عام 2024 أو عام 2025 اعتمادا على حجم الأمطار التي تسقط خلال موسم الأمطار.

جنيفر هوليس / م.ع

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW