خبراء يحذرون من إلزام المهاجرين بزيارة المعسكرات النازية
١٢ يناير ٢٠١٨
نظرا لتنامي معاداة السامية يناقش خبراء فرض زيارات إلزامية على لاجئين شباب إلى معسكرات الاعتقال النازية السابقة لوضعهم مباشرة في مواجهة مع الماضي الألماني الأليم. لكن العديد من الخبراء يحذرون من فكرة الزيارات الإلزامية.
صورة من الأرشيفصورة من: Imago/Rainer Weisflog
إعلان
ماتياس هايل له تحفظات. لا يمكن توقع "أن يخلق نصب تذكاري مفعولا تعليميا، وأن يساعد خلال ساعتين ونصف من الوقت في خلق موقف معاد لليمين المتطرف ولمعاداة السامية أو ما شابه ذلك". المؤرخ هايل يرأس الخدمات التعليمية للنصب التذكارية في ولاية براندبورغ، وله تجربة طويلة مع مجموعات الزوار في رافنسبورغ ومواقع أخرى. وهو يحذر في حديث مع DW (دويتشه فيله) من فرض زيارات المواقع التذكارية لفظائع النازيين.
وكانت كاتبة الدولة سوسن شبلي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد أثارت النقاش حول الزيارات الإلزامية للنصب التذكارية للنازيين. وقالت في نهاية الأسبوع في مقابلة صحفية إنه "من المعقول" إذا قام كل واحد يعيش في هذا البلد بإلزام نفسه بزيارة نصب تذكاري نازي على الأقل مرة واحدة في حياته.
وهذا ينطبق أيضا على المهاجرين، وبالتالي وجب أن تصبح هذه الزيارات جزءا من دروس الاندماج. والخلفية هي تكرار حالات من أعمال معاداة السامية لا يتورط فيها دوما لاجئون. وحصل وصف دراماتيكي لتجاوزات ضد تلاميذ يهود جعلت أحيانا الشباب يغادرون المدرسة. وكانت اللجنة اليهودية الأمريكية قد تناولت في دراسة هذا الموضوع.
التعلم من التاريخ الألماني
ويدعم رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا جوزيف شوستر مطلب فرض زيارات إلزامية للنصب التذكارية لصالح الشباب. وهذا ينطبق أيضا على المهاجرين الذين يأتون إلى ألمانيا، كما قال شوستر. فالشخص الذي يعيش الهرب والتهجير يمكن له تفهم إلى أين يؤدي الاضطهاد والكراهية.
جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانياصورة من: Getty Images/AFP/D. Roland
وفي هذه النقطة بالذات تكون لماتياس هايل تحفظات، إذ يتحدث لـ DW (دويتشه فيله) عن خطر "إعادة الصدمة لأولئك الذين يأتون إلى هنا تاركين خلفهم التجارب الفظيعة مع الحرب والاضطهاد". وليس من الإيجابي منذ البداية زيارة نصب تذكاري نازي.
فموظفوه، كما يقول، عايشوا في السنوات السابقة حالات أشخاص جاءت عائلاتهم بعد الحرب في يوغوسلافيا السابقة إلى ألمانيا وزاروا معسكر اعتقال سابق، وتجددت لديهم خلال الزيارة مشاهد الألم بصفة مؤثرة، وهو عايش سابقا أن زيارات مجموعات من الشباب لا يتم الإعداد لها جيدا، ويؤكد أنه لا يكفي القول ببساطة: "إنهم يريدون العيش هنا ـ لذلك عليهم إذن مواجهة تاريخنا السيء".
واجهة غير ملائمة
الموقف نفسه يعبر عنه في هذه الأيام مسؤولون متعددون عن نصب تذكارية في ألمانيا. فهم يشيرون مرة إلى التجارب من زمن ألمانيا الديمقراطية سابقا عندما سادت زيارات إلزامية لنصب تذكارية نازية. وتارة أخرى يعبرون من خشيتهم أن يتم تحميل النصب التذكارية ما يجب أن تؤديه دروس الاندماج: التلقين الشامل والتمييز التاريخي للحدث.
وهذا لا يمكن اختزاله في زيارة النصب التذكارية خلال ساعتين ونصف من الوقت في عين المكان. وفيما يرتبط ببعض الطلبات "ينكشف بسرعة"، كما يقول هايل أن الأمر يتعلق بتبديد "مواقف معادية لإسرائيل ومعاداة السامية من خلال زيارة هذا النصب التذكاري".
وقد تكون هناك تصورات مبدئية لها علاقة بالجانب المدرسي. فرئيس مؤتمر وزراء الثقافة الألمان، وزير التعليم بولاية تورينغن هلموت هولتر قال بأنه لا يستبعد طرح الموضوع من قبل هذا المؤتمر. ويشير هولتر إلى أنه يفضل مبدأ الاختيارية، لأن إجبار الناس على شيء ما لا ينفع. فمن الأفضل إيجاد حوافز كي يكتشف الشباب هذا الموضوع ويتعاملون معه.
كريستوف شتراك/ م.أ.م
بالصور: بوخنفالد.. معسكر للتعذيب والموت
قبل 75 عاما، وبالتحديد في 15 يوليو/ تموز 1937، وغير بعيد عن مدينة فايمار شرق ألمانيا. تم بناء معسكر بوخنفالد، الذي أصبح لاحقاً مكاناً لمعاناة وموت عشرات الآلاف من الضحايا من جميع أنحاء أوروبا.
صورة من: Peter Hansen
بوابة الجحيم
في تموز/ يوليو عام 1937، قامت قوات الأمن الخاصة SS التابعة للحزب النازي ببناء معسكر جديد قرب مدينة فايمار شرق ألمانيا. معتقلون من جميع أنحاء أوروبا تم سجنهم وتعذيبهم داخل المعسكر. وحتى عام 1945 تم اعتقال حوالي 250.000 شخص. وتعتبر هذه البوابة المدخل الرئيسي إلى عالم الرعب. وخلفها توجد ساحة الاستعراض ومنطقة ثكنات عسكرية.
صورة من: Peter Hansen
نقل المعتقلين
في البداية كان السجناء يجبرون على الذهاب مشيا على الأقدام من محطة قطارات فايمار إلى المعسكر. وفي وقت لاحق أرغم الأسرى على بناء محطة قطار قرب بوخنفالد، حيث أصبحت تصل وسائل النقل، كما يظهر في هذه الصورة. المعتقلون كان يتم ترحيلهم داخل قاطرات مزدحمة دون طعام أو عناية لأيام عديدة. والكثير منهم يموت جراء ذلك. ومن هنا أيضا كانت تتجه القطارات إلى معسكر أوشفتس..
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
ظروف عيش كارثية
كان الأسرى يصلون إلى المعسكر عبر ممر كراشو، مرورا بالمباني التابعة لإدارة المعسكر والقيادة العسكرية. وغالبا ما تكون المساكن داخل المعسكر مكتظة. عشرات الآلاف من المعتقلين يتم إرغامهم على العمل في مجال التسليح وغيرها من المشاريع دون توفير الأدوات والمعدات اللازمة. ظروف العمل والمأوى كانت مزرية وكارثية.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
تجريد المعتقلين من جميع الممتلكات
السجناء كانوا يرغمون على تسليم كل ممتلكاتهم الشخصية بما فيها الملابس والأمتعة وأغراض الحياة اليومية أيضا. و كانت وحدات SS الأمنية تصادر المجوهرات الثمينة وتخزنها بكميات كبيرة في غرف خاصة.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
البؤساء
نظرة على "معسكر صغير"، كان بالأصل عبارة عن 12 اسطبلا للخيول، وفي عام 1943 تم تحويله إلى معسكر اعتقال. مساحة صغيرة، ودون نوافذ ولا تتوفر فيه أي مرافق صحية أو أسرة. وفي الوقت الذي كان كل اسطبل يأوي 50 حصانا، أصبح المكان يضم حوالي 2.000 شخص.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
أعمال شاقة
كان المعتقلون عرضة للاستغلال في أعمال شاقة ومهينة. والكثير من شركات البناء وصناعة الأسلحة وغيرها من الشركات استفادت من العمل الجبري للمعتقلين، الذي كان يعتبر من الإجراءات العقابية التي تفرضها وحدات الأمن SS النازية. وفي هذا المحجر مثلا كان المعتقلون يقومون بأعمال شاقة ومتعبة. ومن لا يتحمل عناء العمل الشاق يتم قتله على الفور أمام أعين الجميع.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
شباب بوخنفالد
بدءا من عام 1944 تم جلب الشباب من مخيمات أخرى في شرق أوروبا إلى بوخنفالد. ولكي يبقوا على قيد الحياة كان يتوجب عليهم القيام بأشغال شاقة، في حين تم وضع أسماء الضعفاء على قوائم الموت، ليتم ترحيلهم بعدها إلى معتقل أوشفيتس، حيث يتم تصفيتهم. مساعدة المعتقلين الشباب للسجناء المسنين والضعفاء أنجى الكثير منهم من القتل. وعندما تم تحرير معسكر الاعتقال كان ضمن 21000 من الناجين 900 من الأطفال والمراهقين.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
أطفال بوخنفالد
هذا هو يانيك شلايشتاين، أحد الأطفال الناجين، والصورة التقطت له قبيل نقله إلى منزل للإغاثة في سويسرا. لينجو من مصير أسود واجه أقرانه، حيث توفي حوالي 1600 من الأطفال والشباب في مخيمات بوخنفالد أو قتلوا هناك. بعضهم نجا بفضل حماية الكبار خاصة في الثكنة 8 و66.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
نيل الحرية
في أوائل نيسان/ أبريل 1945 بدأت قوات الأمن الخاصة SS بإخلاء المعتقل بسبب قرب الجيش الأميركي من المنطقة، آلاف السجناء خرجوا في ما يسمى بمسيرات الموت. وسرعان ما فرت قوات الأمن الخاصة SS. وفي 11 نيسان/ أبريل دخل الجنود الأمريكان إلى المعتقل من أجل تحريره. ولم تعد البوابة "بوابة إلى الجحيم" بعد اليوم.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
حقائق موجعة
كما هو الحال في العديد من المناطق في ألمانيا ادعى سكان مدينة فايمار أنه لم تكن لهم دراية بما كان يقع. ولكن الجيش الأمريكي قام باتخاذ تدابير وإجراءات لإطلاع الأهالي على حقيقة ما حدث: الآلاف من المواطنين من مدينة فايمار أجبروا على زيارة المعتقل. وفي ساحة المحرقة، تم مواجهتهم بجثث حقيقية. يذكر أن حوالي 400 من المعتقلين ماتوا بعد عملية التحرير.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
عيون العالم تتجه نحو بوخنفالد
بعد وقت قصير فقط من عملية التحرير وصلت الصحافة الدولية إلى عين المكان من أجل توثيق الأحداث. هذه الصورة تظهر محررين أميركيين في الطابق السفلي من محرقة الجثث. ويقدر عدد الوفيات بحاولي 56000 شخص هنا، أو في أماكن أخرى من المعسكر.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
مصير المعسكر
بعد الحرب تم تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق محتلة. وكانت بوخفالد تتواجد في منطقة احتلال الاتحاد السوفيتي. وفي أغسطس 1945 قامت السلطات السوفياتية بإنشاء "معسكر خاص" لمن كانوا يدعون أنهم من النازيين أو مجرمي الحرب المزعومين. ولكن تلك الادعاءات كانت غالبا خاطئة. ومع ذلك، بدأ الإرهاب ضد المعارضين، ليعود التعذيب والترحيل من جديد، خاصة إلى سيبيريا.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
الطريق إلى الحرية
المعسكر السوفياتي الخاص في بوخنفالد لم يكن معسكر عمل. ولكن السجناء كانوا يعيشون ظروفا صعبة، حيث كانوا في عزلة عن العالم الخارجي. وظروف النظافة والسلامة الصحية كانت منعدمة. الآلاف من المعتقلين دفنوا في مقابر جماعية. وبعض المحظوظين تم إطلاق سراحهم، كهؤلاء الذين يظهرون في الصورة.
صورة من: Gedenkstätte Buchenwald
ذكرى وعبرة
في عام 1950 تم إغلاق "المعسكر الخاص" أيضا وتم السكوت عنه فيما بعد في جمهورية ألمانيا الشرقية. ولكن بعد توحيد ألمانيا بدأ مرة أخرى البحث في هذه النقطة السوداء من تاريخ البلاد. ركائز معدنية وضعت للدلالة على مقابر جماعية تم اكتشافها في الغابة. كما وضعت نصب تذكارية في بوخنفالد لتتذكر الأجيال تلك الفترة المؤلمة.