"لهذا لا تنتقد الدول الإسلامية معاملة الصين للإيغور"
٥ ديسمبر ٢٠١٩DW: نظام المراقبة وإعادة التأهيل في شينجيانغ ظهر حجمه الكامل خطوة تلو الأخرى. كيف تنظرين إلى هذا النظام في إطار نظام الهيمنة الذي تتبعه جمهورية الصين الشعبية؟
سوزانه شروتر: الحكومة الصينية هي حكومة مستبدة للغاية تقمع أي شكل من المعارضة بجميع الوسائل. وهذا لا يطال فقط المعارضة الإيغورية، بل أيضا أولائك الذين يطالبون بالليبرالية أو تحقيق الديمقراطية وأقليات مختلفة. وفي الماضي تعرضت حركة فالون غونغ للقمع ومثال إضافي يتمثل في اضطهاد أنصار الدالاي لاما في التبت. وبالتالي ليس مفاجئا طريقة تعامل الدولة الصينية مع المعارضة الإيغورية. ومعسكرات إعادة التأهيل كانت وسيلة معتادة تماما في تاريخ الصين الشيوعية في القرن العشرين لتلقين الناس تبني نهج الحزب الشيوعي وتخويف المارقين. وهذه الإجراءات شملت جميع المجموعات، التي اتُهمت بأنها تتحرك بشكل ما ضد القيادة السياسية الصينية.
كيف يمكن تفسير العواقب الخاصة النابعة من التحرك في شينجيانغ؟
الإيغور شكلوا حركة استقلال. وفي أعين القيادة الصينية هذا سبب كاف للتحرك بكل قساوة ضدهم. كما لا يوجد فقط حركة انفصالية سياسية في شينجيانغ، وإنما أيضا في إطار إسلامي. وما يُسمى "الحركة الإسلامية التركمانية الشرقية" يتم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية بأنها مجموعة إرهابية. وقد وقعت في السنوات الماضية اعتداءات مثيرة من قبل متطرفين إيغور، مثلا في عام 2014 في محطة كونمينغ التي أوقعت أكثر من 30 قتيلا. والقيادة الصينية عللت إجراءاتها ضد الإيغور بهذه الاعتداءات. وعلى هذا النحو تصرفت الحكومة الصينية في الماضي مع أي نوع من المعارضة. وجاء رد الفعل باضطهاد واسع وتخويف كبير وبإقامة معسكرات اعتقال واسعة يتم فيها إعادة التأهيل. وإلى حد الآن نجحت القيادة الصينية بهذه الأساليب. فالإيغور لم يعد لهم أي مجال للتحرك بسبب المراقبة التامة والاضطهاد. وكون إجراءاتها خرقا صارخا لحقوق الإنسان من كافة النواحي، فهذا جانب، لكن النتيجة النهائية هي لا وجود لمقاومة تحت هذه الظروف، وهذا ما تتطلع له الحكومة الصينية.
فإذا لم تكن المقاومة ممكنة من الداخل، فلا تبقى إلا المعارضة من الخارج، ونتوقعها في الحقيقة من بلدان إسلامية.
الانتقاد لقمع الإيغور يأتي إلى حد ما من الغرب. وقبل سنوات قليلة كانت تركيا قد ساندت الإيغور. وأردوغان تحدث في عام 2009 عن إبادة جماعية. ولقد ساند طويلا حركة الاستقلال واستقبل قياديين من الإيغور ومنحهم اللجوء وإمكانية العمل سياسيا. وهذا يأتي من وعي أردوغان كقائد لحركة عموم الأتراك أو بالأحرى عموم المسلمين وكحام للإيغور.
وهذا تغير تماما. ووزير الخارجية التركي أعلن في 2017 عن نهج متشدد ضد الإيغور في المنفى. ومظاهرات وأنشطة الإيغور السياسية داخل تركيا لم تعد تحصل على التراخيص، بل تم اعتقال إيغور. وأردوغان، خلال زيارته إلى الصين في صيف 2019، عبر من مدحه لسياسة الأقليات التي تنهجها الصين.
إذن هو تحول في موقف أردوغان. كيف يمكن تفسيره؟
هذا يعود بشكل ملموس لأمرين. أولا للعلاقة المتدهورة لتركيا مع الغرب. فتركيا تبحث عن بديل سياسي وتبحث عن التضامن مع الصين. والأمر الآخر هو العلاقات التجارية. فتركيا تعاني من أزمة اقتصادية وتحتاج بشدة إلى علاقات تجارية جيدة. ومع الغرب تتدهور العلاقة باستمرار، لأن قضية حقوق الإنسان هناك تظهر أيضا من الناحية الاقتصادية. والصينيون في المقابل لا يهمهم ما إذا كان أردوغان يقمع معارضته أم لا.
وكيف هو الموقف لدى البلدان الإسلامية الأخرى؟
حتى من جانب إيران لا يوجد بصيص من الانتقاد لسياسة الأقليات الصينية. فالصين هي أهم مشترٍ للنفط الإيراني وتشارك في مشاريع للنفط والغاز وتوسع علاقاتها الإقتصادية مع إيران.
وباكستان والعربية السعودية هما الأخرييان لا تنتقدان سياسة الصين لأسباب اقتصادية. فولي العهد السعودي محمد بن سلمان أشاد بشكل صريح بالصين في سياسة الأقليات. وسلسلة كاملة من الدول العربية عبرت عن الموقف نفسه. وهنا أيضا تبقى العلاقات الاقتصادية السبب الراجح. والكثير من البلدان الإسلامية يسودها حكم مستبد وتُنتقد من طرف حكومات غربية بسبب خرق حقوق الإنسان. وهذا ينطبق على مصر وكذلك على دول الخليج وباكستان وإيران وبلدان كثيرة أخرى. والصينيون لا تهمهم على ما يبدو حقوق الإنسان. ويمكن إبرام صفقات معهم دون الخوف من أن يعلقوا على خروقات ضد حقوق الإنسان أو ينتقدونها.
*** البروفيسورة سوزانه شروتر مديرة مركز البحوث حول الإسلام العالمي بجامعة غوته بفرانكفورت.
أجرى المقابلة روديون ابيغهاوزن