بالرغم من تباين أيديولوجية كل منهما، إلا أن هناك عدة قناعات ومفاهيم تجمع بين الإسلامويين واليمينيين المتطرفين، منها القناعة المتمثلة في "غزو الأجنبي"، بحسب رأي خبيرة التطرف النمساوية يوليا إبنر في مقابلة مع DW
إعلان
تحدثت يوليا إبنر، وهي باحثة وخبيرة نمساوية في التطرف والإرهاب من معهد لندن للحوار الاستراتيجي (ISD)، في مقابلة لها مع DW، عن وجود العديد من أوجه التشابه الأيديولوجية بين كل من الإسلامويين واليمينيين المتطرفين، وقالت إن "الإسلامويين المتشددين واليمينيين المتطرفين يشتركان في القناعة بوجود صراع بين الغرب والإسلام أو حتى بين الثقافات والأجناس".
قناعة "الغزو الأجنبي"
وذكرت إبنر أنه بالإضافة إلى هذه القناعة، هناك قناعات ومفاهيم أخرى يتشارك فيها الإسلامويون واليمينيون المتطرفون، حيث أن كلاهما ينشران نظريات المؤامرة المعادية للسامية، بالإضافة إلى وجود تشابه كبير في مفاهيم كل منهما حول دور المرأة أو العائلة، ورغبتهما في عكس التطورات الاجتماعية للحداثة بحجة العودة إلى مجتمع أفضل. كما أن كلاهما ينشر نظريات المؤامرة حول دور النخب العالمية، ويتحدثان بشكل درامي عن ما تطلق عليه الخبيرة النمساوية "الغزو الأجنبي".
وشرحت إبنر مفهوم "الغزو الأجنبي" بأنه "(يرادف) عند الإسلامويين ... سلطة الغرب على الشرق الأوسط. أما بالنسبة لليمينيين المتطرفين، فإنه مرتبط لديهم بموجة الهجرة إلى الدول الغربية".
استقطاب أفراد المجتمع
وساقت خبيرة التطرف والإرهاب مثلاً آخر عن أوجه التشابه الموجودة في القناعات والمفاهيم بين الإسلامويين واليمينيين المتطرفين، وهو أن كلاهما يحاول بشكل محتد استقطاب مجتمعاتهما. وأضافت إبنر: "من خلال استقطاب أفراد مجتمعاتهما، يريد كل من الإسلامويين واليمينيين المتطرفين حرباً يخرجون منها مقتنعين بأنهم يحدثون تغيراً داخل مجتمعاتهما بشكل سريع".
وترى يوليا إبنر أن للتطرف اليميني والإسلاموي على مستوى العالم خلفية سياسية واجتماعية تفسرها بالقول: "لقد مر العالم بسلسلة من الأزمات على مدار السنوات القليلة الماضية، وشعر الكثير من الناس في الغرب، وكذلك في الشرق الأوسط، بالوحدة وتراكمت الإحباطات بين الناس، خاصة بين النشطاء الشباب. وفي تقديري، هذا الأمر قام بتعزيز الانطباع عن وجود صراع كبير بين الشرق والغرب، خاصة بين جيل الشباب نتيجة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك".
كيرستين كنيب/ إ.م
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.