خبير ألماني:علينا أن نكون أكثر يقظة مع اليمين المتطرف
٢٨ أبريل ٢٠١٧
اعتُقل جندي ألماني بتهمة الاشتباه في التخطيط لـ"عمل إرهابي" وذلك بدافع معاداة الأجانب. ونحج الجندي في تسجيل نفسه كلاجئ تحت اسم مستعار. الخبير في موضوع اليمين المتطرف هايو فونكه يجيب على أسئلة متعلقة بهذه القضية.
إعلان
ألقت السلطات الألمانية القبض على جندي بالجيش الألماني، وصديق له بتهمة الاشتباه في التخطيط لـ"عمل إرهابي خطير". وذكر الادعاء العام اليوم الخميس (27 نيسان/ أبريل) في مدينة فرانكفورت أن الجندي الذي قبض عليه في ولاية بافاريا ادعى أنه لاجئ سوري، وأنه حصل على أموال من مخصصات اللجوء، وذلك تحت اسم مستعار. الدويتشه فيله حاورت البروفيسور هايو فونكه المتخصص في قضايا اليمين المتطرف بألمانيا.
DW: قصة الجندي الذي كان يقدم نفسه وقت فراغه على أنه لاجئ، وألقي عليه القبض مؤخراً بتهمة الاشتباه في التخطيط لعمل إرهابي، تبدو (قصة) غامضة. إلى أي حد فاجأك الكشف عن هذه القصة؟
هايو فونكه: يجب علينا الانتظار. ما قلته الآنهي تلك المعلومات الأولية المتوفرة، وهي معلومات صادرة عنالمؤسسات التي ينبغي على المرء طبعا أن يثق بها. لكن في نهاية الأمرلم نتفاجأ وذلك للأسباب التالية: بالنسبة للمتطرفين اليمينيين فإلصاق بعض الأمور بالسوريين والمسلمين والمهاجرين أمر معروف عنهم. ويتعلق الأمر بشيء يقومون به منذ فترة طويلة بشكل متوازي، وهو الرغبة في القيام بأعمال عنف كبيرة تشد إليها الاهتمام لدى الرأي العام.
هل هذا يعني أنه يجب علينا أن نكون حذرين أكثر مع العنف الصادر عن اليمين المتطرف؟
نعم يجب علينا أن نكون أكثر يقظة. أنا ممتن بأنه تم الآن الكشف عن هذه القضية، بغض النظر عن التفاصيل التي ستظهر لاحقا. كانت لدينا قضية أخرى تتعلق بحالة عامري، حيث لعب فيها فشل الاستخبارات الألمانية دوراً كبيرا. لكن من الجيد أننا أصبحنا نعرف الآن الأماكن التي يجب على الجهات الأمنية أن تعمل فيها على نحو أفضل. ألمانيا تمر بمرحلة حساسة سيتم فيها ربط كل هجوم جديد أو تأويله في إطار الحملات الانتخابية للاستحقاق البرلماني القادم. وبالنظر لمخاطر حدوث سوء الفهم وإطلاق العنان لمشاعر الاستياء تجاه جماعات بأكملها، أصبح من المهم جداأن يكون لدينا رأي عام يقظ.
ماذا تقصد ب"الرأي العام اليقظ"؟.
بأن يقوم المرء بتمحيص المعلومات وأن يسعى لمعرفة تفاصيل أكثر عنها. لكن يمكن القول منذ الوهلة الأولى إن تكتل هذه المجموعة مثير للاستغراب إلى حد كبير. الأمر يبدو تقريبا وكأنه شبيه بجماعة إرهابية. وهذه الحالة تتوفر فيها كل مقومات خطة تنفيذ هجوم إرهابي من طرف جماعة إرهابية. كيف يمكن للمرء إيداع سلاح في المطار؟. كل شيء يبدو غريبا. وبالنسبة لي فالأمر ليس واضحا، خاصة فيما يتعلق بالإستراتيجية المتبعة في التحضير. ولذلك فمن المهم أن نعرف كل التفاصيل. حينها فقط يمكننا أن نتحلى باليقظة، دون السقوط في خطأ فقدان الثقة واتهام جماعات بكاملها.
تحدثت عن منظمة إرهابية، هل يمكن أن يكون لها بعد يشبه منظمة NSU اليمينية السرية المتطرفة؟
بالنظر إلى ما نعرفه حتى الآن من معلومات من قبل السلطات، لم يظهر شيء يجعلنا نربط بين الأمرين. ولا نعرف بعد السياق الذي تطرف فيه الرجلان، وكيف لم يتمكن الجيش الألماني ومراكز إيواء اللاجئين من كشف هذا التضليل. إن ما حدث لن يعطي انطباعاً جيداً عن المؤسسات المعنية.
كيف كان بالإمكان أن يحدث هذا؟. وكيف كان بإمكان جندي ألمانيأن يدعي بأنه لاجئ سوري؟
إما أن الشخص لجأ إلى وسائل احتيال يصعب الكشف عنها، وإما أن هذه المؤسسات المعنية ضعيفة، وهي الجيش ومركز الاستقبال الأولي للاجئين.
ألا ينتبه الجيش الألماني، بالقدر الكافي، إلى احتمال وجود عناصر يمينية متطرفة في صفوفه؟
نحن نعرف أن الأمر كذلك. الجيش هو مؤسسة يحاول عناصر اليمين المتطرف دخولها خدمة لإيديولوجيتهم التي تستند على فكرة الدفاع عن الوطن. إضافة إلى ذلك يدخلون للجيش من أجل تعلم مهارات استخدام الأسلحة. ويقظة الجيش الألماني أصبحت مطلوبة بدرجة أكبر من أي وقت مضى.
انشغلت كثيراً بموضوع إرهاب اليمين المتطرف. هل يتعلق الأمر في هذه الحالة في نظرك بحالة كلاسيكية للإرهاب اليميني؟
الأدلة تذهب في هذا الاتجاه. وحسب الوضع الحالي يجب على المرء أن يفترض أن لديهم رغبة في الوصول إلى أهداف كبيرة. وهناك رغبة في استهداف الزاوية الأكثر حساسية في النقاش الحالي في ألمانيا عن طريق اتهام السوريين بالوقوف وراء أي اعتداء. من العار تخطيط ذلك وافتراض أن إلصاقذلك العمل الإرهابي بالسوريين سيؤدي إلى وقف سياسة اللجوء بشكل كامل. ولهذا يجب إدانة تلك المساعي المعروفة لحد الآن والتعامل معها. فالأمر صعب ويمكن أن يؤثر على الحملة الانتخابية.
درس البروفيسور هايو فونكه حتى فترة تقاعده عام 2010 بمعهد "آم أوتو-سوهر "Otto-Suhr-Institut للعلوم السياسية، التابع لجامعةبرلين الحرة. ويعد أحد أهم الخبراء في موضوع اليمين المتطرف بألمانيا، كما كان خبيرا معتمدا في لجنة محاكمة التنظيم اليميني السري بألمانيا NSU.
حاوره ستيفاني هوبنر/ عبد الرحمان عمار
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.