خبير : "ألمانيا تملك القدرة على التوسط بين إسرائيل وإيران"
١٣ فبراير ٢٠١٨
وصل النزاع الإسرائيلي الإيراني بعد الهجمات الجوية الأخيرة إلى درجة تصعيد جديدة، كما يقول خبير شؤون الشرق الأوسط جيل مورسيانو الذي أوضح أيضا أن سوريا قد تتحول إلى مسرح لهذا النزاع في حوار حصري مع DW.
إعلان
استاذ مورسيانو، إسرائيلقصفت في نهاية الأسبوع الماضي قاعدة تشتبه بانها إيرانية في سوريا، فجرى خلال الغارة إسقاط مقاتلة إسرائيلية. هل تتحول سوريا إلى مسرح لمواجهة مفتوحة بين إسرائيل وإيران؟
في سوريا تتحول فوضى الحرب الأهلية إلى نظام جديد تحاول فيه إيران جني الثمار وتقوية تأثيرها. إيران تريد بناء قواعد بحرية وجوية في سوريا وتقوية حزب الله. وفي الجانب الآخر نجد أن الإسرائيليين راهنوا في زمن الفوضى على عدم التدخل، إلا أنهم يجدون أنفسهم الآن في مواجهة وضع جديد يجعلهم ضعفاء من الناحية الاستراتيجية. فلأول مرة يجدون أنفسهم فيما وراء الحدود في مجابهة عدوهم اللدود إيران التي تعمل على تحويل سوريا إلى قاعدة للعمليات ضد إسرائيل. والآن يغير الإسرائيليون كليا سياستهم ويخاطرون من أجل وقف ديناميكية هذه الأحداث.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يستبعد القيام بعمليات عسكرية إضافية. إلى أي مدى يمكن لإسرائيل أن تتحرك؟
في نهاية هذا الأسبوع شاهدنا استعداد إسرائيل لمهاجمة قوات إيرانية. وإلى حد الآن حاول الإسرائيليون دوما تفادي مواجهة مباشرة مع الإيرانيين. إذن هذه درجة جديدة، وبها تزيد إمكانية أن تتحول الحلقة المفرغة من عمليات عسكرية وردود فعل إلى تصعيد مفتوح. ومن وجهة نظر إسرائيلية لا يدور السؤال حول هل ستأتي درجة التصعيد المقبلة، بل فقط متى.
ما هو عدد القوات الموجودة في سوريا التي تقع حاليا تحت إمرة إيران؟
فيما يتعلق بالميليشيات الموالية لإيران، فإننا نتحدث عن 7000 إلى 10.000 مقاتل. ويضاف إليهم بضع مئات الخبراء الإيرانيين من الحرس الثوري وفيلق القدس. لكن ما يثير قلق الإسرائيليين هو تغير مركز السلطة بين إيران ونظام بشار الأسد المضيف. فقبل الحرب الأهلية كان بإمكان نظام الأسد مراقبة قوة التأثير الإيراني في سوريا. والآن يبقى وجوده مرهونا بإيران التي يمكن لها تحقيق مصالحها الذاتية. كتشييد قواعد فوق التراب السوري يمكن لاحقا شن عمليات انطلاقا منها ضد إسرائيل وإدماج عسكريين إيرانيين في داخل الجيش السوري ليتمكنوا من إرسالهم فيما بعد إلى الحدود الإسرائيلية.
ولكن هل نظام الأسد فعلا مستعد لإتاحة المجال لإيران لشن حرب ضد إسرائيل انطلاقا من الأرض السورية؟
يبدو في الغالب أن إيران ونظام الأسد يتحدثان بكلمة واحدة. لكن هناك تحت السطح خلافات: فقبل شهور تقدم قائد إيراني إلى سوريا بلائحة من الطلبات في مجال الاقتصاد والأمن شملت فيما شملت حقوق التنقيب واستخراج اليورانيوم وكذلك بناء قواعد لعمليات عسكرية. والسوريون عارضوا هذه الطلبات الإيرانية و نجحوا في رفضها. فنظام الأسد يحاول في هذا الوضع الهش تفادي المواجهة المباشرة مع إسرائيل ومحاصرة تأثير إيران. وهذا ما يحاوله الروس أيضا .
ما هو إذن موقف روسيا من النزاع بين إسرائيل وإيران؟
الروس يوافقون على الضربات الجوية لإسرائيل، لكنهم يسمحوا أيضا بأنشطة إيران في سوريا. هم يحاولون بصفة عامة الحفاظ على الحياد. ومصلحتهم الرئيسية تتمثل في مساندة نظام الأسد ليستعيد طاقته الذاتية والمستقلة. والروس لم يعد لهم ما يكسبونه في سوريا، حيث يهتمون بالحد من حجم الخسارة. وفي المستقبل أعتقد أنهم سيركزون على عدم مساندة أي طرف.
هل بإمكان إسرائيل أن تعول على دعم الولايات المتحدة الأمريكية في حال نشوب مواجهة مباشرة مع إيران في سوريا؟
في الماضي كان الأمريكيون يشكلون عاملا هاما في سياسة إسرائيل تجاه سوريا ولبنان. واليوم نشاهد بأن الولايات المتحدة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بسوريا غائبة. فالأمريكيون يتركون الساحة للروس. وهذا أحد الأسباب التي تجعل إسرائيل تمارس منذ سنتين دبلوماسية نشطة تجاه روسيا. فالسياسة الأمريكية لا تشمل تغطية قضية سوريا.
هل بوسع الأوروبيين التدخل كوسطاء؟
أعتقد أن الاتحاد الأوروبي وفي هذه الحالة بوجه خاص ألمانيا تملك قوة خاصة. فألمانيا من جهة تمثل شريكا استراتيجيا لإسرائيل ومن ناحية أخرى لها منفد نحو إيران وتتمتع بثقتها. فألمانيا هي الفاعل الوحيد في العالم الغربي الذي له تجربة في التوسط في تفاهمات غير رسمية بين إسرائيل وإيران وحزب الله. وهنا أعني تبادل الأسرى الذي كانت فيه ألمانيا المفاوض والوسيط الرئيسي. فهي تملك الوسائل والإمكانيات ـ ومصلحة كبيرة في كسر الحلقة المفرغة للتصعيد، لأن صدمة حرب ثالثة في هذه المنطقة سيكون لها مفعول يتجاوز البحر المتوسط. وفي لبنان يعيش في النهاية 1،5 مليون لاجئ قد يقرعوا في حال الحرب أبواب أوروبا.
+ جيل مورسيانو خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين. وصدر له مؤخرا كتاب حول إسرائيل وتأثير إيران المتزايد في سوريا.
أجرى المقابلة كلاوس داهمان
أطراف عسكرية متعددة في سوريا.. من هي وما أهدافها؟
تميزت الحرب في سوريا بديناميكية سريعة جداً وكثرة اللاعبين فيها، إن بشكل مباشر أو من وراء الكواليس. ماذا ربح أو خسر أهم الفاعلين العسكرييين بعد قرابة سبع سنوات من الصراع الدامي الذي دخلت فيه جماعات إرهابية على الخط؟
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Al-Bushy
جيش الأسد
خسر الجيش السوري الكثير من مواقعه وقُتل أو انشق الآلاف من جنوده. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن جيش الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق استراتيجية كان قد خسرها سابقاً كحلب وحمص ودير الزور، مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيل الأسد قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Presidency
المقاتلون الأكراد
كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، إذ سيطروا على مناطق غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. كما يشكّلون ركيزة "قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم التحالف الدولي، فضلاً عن إقامتهم "إدارة ذاتية" في مناطق سيطرتهم. بيدَ أن عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي في عفرين ضد المقاتلين الأكراد، أدت إلى خسارتهم عدة مساحات، فضلاً عن مقتل المئات بينهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Ronahi TV
المعارضة المسلّحة
ظهرت المعارضة المسلّحة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها خسرت لاحقا الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في المواقف الإيديولوجية، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها، كما تعرضت لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها أراضٍ كانت تحت سيطرتها.
صورة من: picture alliance/AA/A. Huseyin
الجيش الروسي
قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري لصالح نظام الأسد؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مؤتمر سوتشي" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تياراً في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Golovkin
الجيش الأمريكي
تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه، كما أن تسليحها للمقاتلين الأكراد كان من أسباب توتر علاقتها بأنقرة. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة، بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها داخل البلد..
صورة من: picture alliance/AP Images/M. Rourke
القوات الإيرانية
لم تتخلّ إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، كما تتوّفر على ميليشيات مسلحة داخل البلد، يقودها قاسم سليماني ممّا أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية.
صورة من: picture alliance / AA
الجيش التركي
دعّم أردوغان المعارضة السورية كثيراً، لكن تداعيات الحرب أرهقت نظامه، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، كما عانت تركيا من هجمات نفذها "داعش" بترابها. غير أن القوات التركية تدخلت مؤخراً بقوة في شمال سوريا في إطار عملية "غصن الزيتون" الهادفة لقصم ظهر المقاتلين الأكراد، واستفاد أردوغان في العملية من قلق دولي لم يكن كافياً لثنيه عن الاستمرار، ضامناً بذلك توسيع مناطق تسيطر عليها أنقرة داخل سوريا.
صورة من: Getty Images
حزب الله
أحد أقوى الأطراف الشيعية في سوريا، قدم دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخل حزب الله العسكري لصالح الأسد سلباً على صورته في العالمين العربي والإسلامي. في المقابل، ساهم في الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع طهران ودمشق وبشكل أقل موسكو، ممّا أكسبه نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
القوات الفرنسية
دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
جماعات إرهابية تدخل على الخط
وضع التحالف الدولي الجماعاتَ الإرهابية كهدف رئيسي في استراتيجيته العسكرية بسوريا، وتكبد "داعش" هزائم كبيرة في سوريا كما في العراق، ولاسيما في الرقة (عاصمة "خلافته" المزعومة) لكن خطره لم ينتهِ بعد. كما تراجعت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) التي فكت ارتباطها مؤخرا بتنظيم القاعدة، لكنها لا تزال في إدلب وقامت مؤخرا بإسقاط مقاتلة روسية، ممّا جعل موسكو أن هدفها حاليا هو القضاء على هذه الجبهة.