خبير أمني ألماني: لابد من وجود قوة إغاثة أوروبية موحدة
٢٨ يوليو ٢٠١٧
انتقد الخبير الأمني الألماني زيباستيان برونز عدم وجود سياسة أوروبية مشتركة في البحر المتوسط، مشيراً الى أنّ أزمة اللاجئين جعلت أوروبا تنقسم على نفسها ومؤكداً على ضرورة وجود قوة إغاثة أوروبية موحدة.
إعلان
في وقت تشهد فيه القارة العجوز انقسامات كبيرة تجلت واضحة في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، وتنامي التيارات الشعبوية، بالإضافة إلى خلافات بين دولها حول سياسة التعامل مع أزمة اللاجئين، يدعو بعض الخبراء إلى ضرورة وجود موقف أوروبي متماسك في التعامل مع الأزمات التي تواجهها القارة، والذي سيكون عاملاً هاماً لإيقاف تدفق المهاجرين غير القانونيين عبر البحر المتوسط إليها. DW تحدثت مع الخبير الأمني الألماني زيباستيان برونز حول هذا الموضوع فكان هذا الحوار:
DW : ليبيا دولة فاشلة من جهة وإيطاليا منهكة من جهة أخرى، ما هي المخاطر الجلية في هذا القسم من البحر المتوسط الذي يتوسطهما؟
زيباستيان برونز: المنطقة الواقعة بين ليبيا وإيطاليا هي من أضيق أجزاء البحر المتوسط، وهي الطريق الرئيسي للمهاجرين غير القانونيين ولشبكات التهريب ولليائسين من الإفريقيين وبعض الآسيويين أيضاً. منذ التشديد على طريق البلقان وهذه الموجات من المهاجرين تبحث عن طريق آخر، وقد وجدت ضالتها في هذا الطريق. وبالتزامن مع مهمة القوى البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط "صوفيا"، توجد عمليات متواصلة من قبل بعض الدول الأوروبية لانقاذ أولئك المهاجرين، وهذا يزيد من احتمالية أن ينجو المرء بالفعل دون أن يغرق.
-لماذا لا يتم وضع هذه المنطقة تحت السيطرة؟
المساحة الكبيرة هي عامل أساسي في ذلك: المساحة الكلية لـ"صوفيا" تعادل مساحة جمهورية ألمانيا الاتحادية تقريباً. ولدى المهمة الأوروبية هذه دائماً بين ست الى ثمان سفن نشطة، يضاف إليها منظمات الإغاثة البحرية، والتي تبذل جهدها من أجل إنجاز عمليات الإنقاذ البحري، ولكنها لا تكفي، لأنّ منطقة كبيرة كهذه يجب تغطيتها من خلال العديد من الطائرات، كما هو الحال الآن، من أجل تكوين صورة واضحة للوضع، وإحكام السيطرة على كل شيء. لكن هذا إجراء صعب، يتطلب في النهاية الإرادة السياسية من أجل حضور دائم. لكنّ مسألة اللاجئين جعلت أوروبا تنقسم على نفسها. ويضاف إلى ذلك عدم وجود خفر سواحل أوروبي متكامل، بل خفر سواحل و قوى بحرية تخص دولاً معينة. ورغم أنّ وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" لديها تفويض بحري، إلا أنها مُهمَلة من قبل دول الاتحاد الأوروبي ولا تملك سفناً أو طائرات كبيرة.
-أعلنت إيطاليا عزمها منع تمديد مهمة "صوفيا". وهكذا يجري التشكيك في مهمة الاتحاد الأوروبي هذه. ما الذي يجب فعله لتحسين الوضع؟
بالتأكيد لا يكن الالتفاف حول حقيقة مكافحة مسببات اللجوء على الأرض. ما تفعله السفن ومنظمات الإغاثة البحرية ووكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس"، من حيث المبدأ، ليس سوى مكافحة للأعراض. في ليبيا يجب بناء الهيكليات التي تمنع تهريب البشر، وفي جنوبي قارة إفريقيا يجب أن يتم مكافحة مسببات اللجوء. هذه مهمة الأجيال. ولدينا أيضا مشكلة أنّ الموارد التي يعمل الأوروبيون على توفيرها محدودة. من جهة يتم التخطيط لتطبيق "خطة مارشال" في إفريقيا- وأنا أشك في هذا الأمر كثيراً، ومن جهة أخرى ليست هذه المنطقة الوحيدة التي تتطلب وجود القوى البحرية الأوروبية فيها. هنالك نقاط ساخنة أخرى يجب أن تحضر فيها تلك القوات لاسيما في الفترة الآخيرة، لأنّ شراسة روسيا تزداد منذ 2014 في سوريا وشرق البحر المتوسط وشمال الأطلسي وبحر الجنوب وفي القطب الشمالي. أرى محاولة الإيطاليين لمنع تمديد مهمة "صوفيا" عملاً يائساً إلى حد ما. -ما هي الأفكار الممكنة من أجل اتخاذ تدابير بديلة فيما يتعلق بالأمن البحري، من أجل العمل بصورة أكثر فاعلية في البحر الأبيض المتوسط؟
أولا، منذ عام 2016، هنالك بعثة للاتحاد الأوروبي من أجل المساعدة على إدارة الحدود الليبية، والتي تعمل على تشكيل وحدات خفر السواحل الليبية. ويبدأ هذا بتدريب البحارة وبعد ذلك تأمين التدريب والسفن والمعدات اللازمة. لكن في ليبيا، هناك جنرالات حرب مختلفون، وحكومات متنافسة فاعلة على الأرض لا تثق ببعضها وتحارب بعضها البعض. وهذا ما من يجعل من الصعب للغاية إنشاء قوات خفر سواحل وطنية. والأمر ليس متعلقاً بخفر السواحل فقط، ولكن بشرطة موانئ وادعاء عام ومحاكم متكاملة– أي جميع الجوانب المرتبطة ب "الإدارة الجيدة"، وهذه مهمة شاقة للغاية.
ثانياً كان ينبغي أن تكون هنالك قوة إغاثة أوروبية في هذه المنطقة من البحر المتوسط – هذا ما طرحته في أحد المقالات. وهذا لا يعني أنّ على قوات خفر السواحل أن ترسل بنفسها مدمراتها وسفنها حربية إلى المنطقة، بل أن تتشارك دول الاتحاد الأوروبي - من خلال مشاركة قوات خفر السواحل وشرطة حماية المياه الإقليمية - مع كل هذه الوحدات الصغيرة، التي ليست مجهزة بالضرورة لمطاردة الغواصات في المحيط الأطلسي. هكذا يمكن التخفيف على القوات البحرية الأوروبية قليلا.
وفي قوة الإغاثة هذه يمكن بالطبع تجميع عدد أكثر من طواقم الإنقاذ الخاصة، وذلك من أجل أن يتسنى فيما بعد تعزيز التكامل بين المدنيين والعسكريين وعناصر الشرطة.
في ليبيا والمنطقة البحرية هذه، هناك العديد من الأطراف المختلفة المتنافسة التي لم يتم دمجها بعد، وربما ستكون قوة إغاثة بحرية كهذه وسيلة لتحقيق هذا الشيء. -أنت تدعو لقوة إغاثة أوروبية موحدة: كيف يمكن تنفيذ ذلك؟
اقتراحي سيكون في النهاية أخذ موضوع بناء قوة خفر سواحل أوروبية بمحمل الجد: أي إنشاء بنية متكاملة يمكن من خلالها أن تعمل الشرطة وقوى الجيش وقوى الإغاثة المدنية في البحر وتنسق مع بعضها البعض. و يجب أن تدعم الإرادة السياسية أيضاً هذه المسألة. بالنسبة للاتحاد الأوروبي، هذه ستكون فرصة، وعاملاً أساسياً. وهذا يتطلب الصدق أيضاً: من أجل ماذا ينبغي تحريك قوة خفر السواحل الأوروبية هذه، ماذا ينبغي أن تفعل؟ لابد من تجنب أن يكون هذا الأمر ورقة توت لا أكثر. لا يمكننا تجنب مناقشة كيف نريد المضي قدما في مجال السلامة البحرية. ولكن قوة خفر سواحل أوروبية هكذه هي بالتأكيد الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
د. زيباستيان برونز يدير قسم استراتيجية القوات البحرية و الأمن في معهد السياسة الأمنية في جامعة كيل.
أديلهايد فايلكه/ م.ع.ح
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.