قررت الحكومة الألمانية إرسال طائرات تورنادو لقتال "داعش" في سوريا وينوي كاميرون تعزيز الوجود العسكري البريطاني هناك. خبير الشؤون الأمنية نِك ويتني من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في حديثه ل DW يرى أن ذلك غير مجد.
إعلان
قررت الحكومة الألمانية إرسال طائرات تورنادو حربية لقتال تنظيم "داعش" في سوريا ودعم فرنسا هناك، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بدوره طالب مجلس العموم بمزيد من العمليات العسكرية ضد التنظيم الإرهابي.DWحاورت خبير الشؤون الأمنية نِك ويتني من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حول ذلك.
DW: ما رأيك بهذه الإجراءات خاصة وأن الحرب ضد "داعش" مستمرة منذ فترة؟
نيك ويتني: من الناحية العملية: حتى لو زادت فرنسا وبريطانيا ضرباتها الجوية – وحظيت بدعم من طائرات استطلاع ألمانية – فإن هذا لن يكون له تأثير كبير في الواقع على الأرض.
الضربات الجوية متواصلة منذ ما قبل هجمات باريس، فهل حققت واحدا من أهدافها المرجوة؟
يشن الغرب هجمات جوية منذ سنة تقريبا في سوريا والنجاح الذي تم تحقيقه غير ملموس. وليس الأمر أن قوة نيران سلاح الجوي الأمريكي ضعيفة. ومن الصعب التصديق بأن بعض القنابل الفرنسية والبريطانية ستحدث الفرق الآن. وقد قال كاميرون فعلا إن هذه الحرب لا يمكن كسبها من الجو. إذن فنحن نحتاج إلى قوات برية مثلما حدث في العراق. وهذا وضع مختلف تماما. وفي هذه الحالة ستكون الضربات الجوية حاسمة، مثلما دعمت المقاتلات الأمريكية الأكراد في استعادة مدينة سنجار العراقية.
ماذا يجب أن يحدث إذن؟
هناك تصريح من هيلاري كلينتون عن هذه الموضوع وهو من أذكى التصريحات. كلينتون قالت إن كسب هذه الحرب ليست من مهامنا، وإنما يجب على العرب والأتراك تولي أمرها، وعليهم أخذ زمام المبادرة في أسرع وقت ممكن.
لكنني أخشى أن الغرب يقدم ذريعة للقوى الإقليمية (تركيا والسعودية وإيران وغيرها، التي أرادت التخلص من داعش نظريا) بأن لا تفعل شيئا بهذا الخصوص، حين يتدخل الغرب نفسه عسكريا دائما، قبل أن تقوم القوى الإقليمية المسلمة، والتي تمتلك سلطة تؤهلها للتوجه إلى المواطنين وتقول لهم: هذا يكفي ويجب القضاء على هذه العصابة المتطرفة.
ولإضفاء لمسة تفاؤلية على الموضوع، فإنّ مؤتمر فينا حول سوريا قبل أسبوعين لاح منه بريق أمل بأن وجهة النظر هذه قد تحدث.
ما هو التأثير المحتمل للتدخل العسكري الأوروبي في سوريا؟
أنا أرى خطورة بل و ربما نتائج عكسية من تزايد عدد الدول الأوروبية المتدخلة في الحرب بسوريا. هذا يؤجج أسطورة الجهادية ضد الحملة الصليبية الجديدة التي تأتي لتدمير الخلافة الإسلامية. ماذا فعلنا حين ألقى الرئيس السوري الأسد البراميل المتفجرة على المسلمين في حلب؟ لكننا الآن كلنا مستعدون لتوجيه ضربات جوية "للمؤمنين الحقيقيين" في مدينة الرقة. أعتقد أن هذا يصب في مصلحة "داعش" وهذا هو ما يُبقي التنظيم على قيد الحياة.
كما أخشى أن يزيد هذا من الخطر في شوارع بريطانيا، ولا أرى سببا يحول دون حدوث ذلك خاصة بعد هجمات سيناء وباريس. لقد كانت هجمات انتقامية وأنا قلق من أن يحدث الشيء نفسه في بريطانيا.
لكن في نهاية المطاف، يمكنني تفهّم لماذا تفعل حكوماتنا ذلك. فقد طلبت فرنسا التضامن، والدعم العسكري هو وسيلة لإظهار التضامن. وهذا أمر مهم، لكني أتمنى لو كنا اخترنا طرقا أكثر ذكاء لإظهار التضامن.
الجيش الألماني- ستون عاما من المهام العسكرية
تمثلت المهمة الرئيسية للجيش الألماني، عند تأسيسه سنة 1955، في الدفاع عن حرمة الأراضي الألمانية، لكن منذ منتصف تسعينات القرن العشرين تغيرت مهمته لتشمل المشاركة في مهمات عسكرية خارجية. جيش ألمانيا في البوم صور.
صورة من: picture-alliance/dpa
صادقت الحكومة الألمانية في الثاني من نيسان/أبريل 1993 على قرار مشاركة جنود ألمان في مهمات لحلف الناتو في يوغوسلافيا. السابقة وكانت تلك أول عملية عسكرية للجيش الألماني خارج حدوده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Stephanie Pilick
تمثلت مهمة القوات الألمانية في يوغوسرفيا السابقة بمراقبة قرار حظر الأسلحة في البحر الأدرياتيكي وإقامة منطقة حظر جوي فوق البوسنة. أثارت المهمة جدلا كبيرا، لإنها تجاوزت نطاق عمل الناتو المسموح به. المعارضة الألمانية وصفت المهمة بالمخالفة للدستور الألماني الذي يمنع إرسال قوات عسكرية خارج حدود البلد.
صورة من: picture-alliance/dpa
خولت المحكمة الدستورية العليا في الثاني عشر من يوليو/تموز 2012 الجيش الألماني القيام بعمليات عسكرية في إطار مهمات للأمم المتحدة ولحلف الناتو، نظرا لعضوية ألمانيا في المنظمتين. لكن المحكمة اشترطت ضرورة مصادقة البرلمان على كل مهمة يقوم به الجيش خارج البلاد.
صورة من: Getty Images
شارك الجيش الألماني في أول مهمة عسكرية كبيرة في تاريخه ضمن عمليات للناتو بداية 1999. مقاتلات التورنادو قامت بعمليات استطلاع عسكرية و ساهمت في تدمير دفاعات جوية صربية. أثارت مشاركة الجيش جدلا كبيرا في ألمانيا، لعدم وجود تفويض أممي للتدخل العسكري في كوسوفو.
صورة من: picture-alliance/dpa
تأجج الوضع السياسي في ألمانيا بعد إرسال إئتلاف الحزب الإشتراكي وحزب الخضر الحاكم آنذاك قوات عسكرية إلى كوسوفو. المعارضة اتهمت الحكومة بإعلان حرب مخالفة للدستور. الخلافات ألقت بظلالها على مؤتمر حزب الخضر السنوي سنة 1999، إذ تعرض وزير الخارجية يوشكا فيشر (حزب الخضر) إلى اعتداء بالكرات الملونة.
صورة من: picture-alliance/dpa
غداة اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر2001، شكل حلف الناتو، بموجب الفصل الخامس من معاهدة تأسيس الحلف، تحالفا دوليا لمحاربة الإرهاب، شاركت فيه ألمانيا.الحكومة الألمانية أرسلت جنودا للقتال في أفغانسان ضمن عملية "الحرية الدائمة"، وارسلت قطعات اخرى إلى سواحل القرن الإفريقي.
صورة من: AP
أثارت مشاركة الجيش الألماني في الحرب على الإرهاب خلافات كبيرة داخل إئتلاف الحزب الإشتراكي والخضر الحاكم آنذاك. المستشار غيرهارد شرودر أبدى تضامن بلاده المطلق مع الولايات المتحدة، ومنحه البرلمان الألماني بأغلبية ضئيلة الثقة لإرسال قوات عسكرية لأفغانسان.
صورة من: picture-alliance/dpa
يشارك الجيش الألماني منذ 2002 في مهمة عسكرية ضمن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان. قتل 54 جنديا خلال 13 سنة وانهيت المهمة القتالية عام 2014. ومنذ ذلك الحين يعمل 850 جنديا ألمانيا على تدريب قوات الأمن الأفغانية ضمن مهمة تدريبية.
صورة من: picture-alliance/dpa
في الرابع من سبتمبر/أيلول 2009، أدت غارة جوية ألمانية على شاحنتين تنقلان البنزين تابعتين لطالبان إلى مصرع 100 شخص بينهم أطفال. العقيد غيورغ كلاين هو من أعطى تعليماته باطلاق الغارة.
صورة من: AP
نشرت ألمانيا في ديسمبر/كانون الأول 2012 منظومة صواريخ باتريوت الدفاعية في جنوب شرق تركيا، الحليف الأساسي في الناتو، وذلك تحسبا لإطلاق صواريخ من سوريا. يتمركز 256 جنديا ألمانيا في مدينة مهرش في الأناضول، على بعد 100 كيلومتر من الحدود الشمالية لسوريا. وستنتهي المهمة في شهر يناير/كانون الثاني 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
أرسلت ألمانيا في كانون الأول / ديسمبر 2008 قوات بحرية إلى منطقة القرن الإفريقي، قبالة السواحل الصومالية و في خليج عدن، لحماية حركة البواخر ومرور المساعدات الإنسانية ولمكافحة القرصنة ضمن مهمة "أتلانتا". وهي مهمة أوروبية يشارك فيها 318 جنديا ألمانيا.
صورة من: Bundeswehr/FK Wolff
يساهم 320 جنديا من القوات البحرية الألمانية منذ شهر نيسان/أبريل 2015 في إنقاذ اللاجئين في البحر المتوسط. سيتم توسيع نطاق عمل المهمة لمطاردة سفن عصابات تهريب المهاجرين في السواحل الليبية والإيطالية. ويحق للبوارج الألمانية احتجاز سفن المهربين وتدميرها في حالات خاصة.
صورة من: Bundeswehr/PAO Mittelmeer/dpa
لقي 106 جنود المان مصرعهم إبان الاعوام الستين الماضية في مهام عسكرية خارج البلاد. و في الثامن من أيلول/ سبتمبر 2008 شُيد في برلين نصب تذكاري للجنود الألمان الذين فقدوا اروحهم في مهام عسكرية.
صورة من: picture-alliance/dpa
13 صورة1 | 13
اهتمامنا بسوريا وهجمات باريس، هل يجري على حساب مشاكل أخرى في أوروبا؟
من الطبيعي أن يتركز اهتمامنا على سوريا، لكن أزمة اللاجئين كبيرة جدا ونصف اللاجئين يأتون من أفريقيا. وحتى ولو حُلت الأزمة السورية غدا، ستبقى أزمة اللاجئين في أوروبا. صحيح أنّ التركيز الآن هو على ألمانيا، لكن اللاجئين سيواصلون القدوم إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط. وهذا قد يستغرق جيلا كاملا، إذا لم نعمل أكثر من أجل استقرار أفريقيا.
*نك ويتني خبير في الشؤون الأمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.