1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير استراتيجي فرنسي: تدخل الجيش المصري في ليبيا سيكون أفضل حل

٦ مارس ٢٠١١

يفسر الباحث الاستراتيجي الفرنسي ماثيو غيدار صعوبة تقدم الثوار نحو مناطق غرب ليبيا بعوامل قبلية وعسكرية. وفي ظل تفادي العواصم الغربية خيار التدخل العسكري في ليبيا يعتقد الخبير الفرنسي أن تدخلا للجيش المصري سيكون"أفضل حل".

أحد الثوار يستكشف بمنظاره الطريق نحو مدن غرب ليبياصورة من: AP

يرى الباحث الفرنسي في الشؤون الإستراتيجية ماثيو غيدار، إن صعوبة تقدم الثوار نحو الغرب حيث مدينة سرت (مسقط رأس العقيد معمر القذافي) والعاصمة طرابلس، ليس فقط تفوق القوات الموالية للقذافي من حيث العتاد والتدريب - رغم أهمية هذا العنصر- وإنما مردها بالأساس إلى خارطة الولاءات القبلية.

وفي حوار مع دويشته فيله، قال الخبير الفرنسي في شؤون الأمن بالعالم العربي،إن الدول الغربية لا تحبذ خيار التدخل العسكري في ليبيا تفاديا لتكرار الأخطاء التي وقعت في تدخلاتها في دول عربية ومسلمة أخرى، وجاء كلام الخبير الفرنسي تعليقا على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في القاهرة، قال فيها إن أي تدخل عسكري غربي في ليبيا ستكون له "انعكاسات سلبية" وأشار جوبيه إلى دور يمكن أن تلعبه الدول المجاورة لليبيا. وفي تعليقه قال الخبير الفرنسي: "لو يقبل الجيش المصري والسلطات المصرية الحالية بالتدخل في ليبيا، فسيكون ذلك طبعا أفضل حل يمكن أن يصل إليه الجميع".

وفيما يلي نص الحوار مع ماثيو غيدار:

دويتشه فيله: ما هي قراءتك من الناحية الإستراتيجية للمعارك التي تدور بين الثوار وكتائب القذافي، وخصوصا في بعض المدن شرق العاصمة طرابلس، أو الزاوية القريبة من ناحية الغرب؟

ماثيو غيدار باحث استراتيجي متخصص في شؤون الأمن بالعالم العربي.صورة من: Mathieu Guidère

ماثيو غيدار: اعتقد أن هذه المعارك ينبغي النظر إليها قبل كل شيء كمعارك ذات خلفيات قبلية، وطبعا هنالك جانب استراتيجي فيها، وأعني به النفط والمرافئ النفطية في هذه المناطق. وإنما يكمن البعد الأهم في هذه المعارك، برأيي، في كونه صراعا من أجل السيطرة على الأراضي سواء تعلق الأمر بمحاولة القبائل الموالية للقذافي الإبقاء على سيطرتها أو سعي القبائل المعارضة له وهي قبائل أصيلة بتلك المناطق الدفاع عنها أو استعادتها. ومن هذا المنطلق، ينبغي أن يُنظر أولا لهذه المعارك من زاوية طبيعتها القبلية وكمسألة داخلية متصلة بتركيبة المجتمع الليبي.

وهل البعد القبلي هو ما يفسر صعوبة المعارك الدائرة في مصراتة وصولا إلى سرت (مسقط رأس القذافي)، مقارنة بسهولة سيطرة الثوار على مدن أخرى في شرق البلاد؟

أجل، نفس التحليل ينطبق على المعارك الدائرة في المناطق التي أشرت إليها، لأن هذه المناطق كانت خاضعة تاريخيا لسيطرة قبائل وِرفلَّة وقبائل أخرى من الشرق الليبي، أما عندما تتقدم نحو طرابلس حيث أراضي القبائل الغربية، فهذه الأخيرة لا تقبل بسهولة، ولذلك يتعين أن يجري تفاوض مع شيوخ تلك القبائل، والتوصل إلى توافق فيما بين شيوخ القبائل وتعاقد فيما بينهم، ضد القذافي. وإلا فسيكون من الصعب أن تقبل قبيلة أو عشيرة دخول قوات من قبيلة أو عشيرة أخرى إلى أراضيها والسيطرة عليها، حتى وإن كان الهدف هو الإطاحة بالقذافي، قبل أي شيء آخر.

هل يعني ذلك أن المعارك في تلك المناطق ربما تطول بسبب الحساسيات والتداخلات القبلية؟

نعم، ما لم نحل العقدة القبلية، بمعنى ما لم يتم تفاوض وتوافق مع شيوخ القبائل، خصوصا أن القذافي يستغل هذه الحساسيات والروابط القبلية إلى حد أنه أقدم على احتجاز رهائن من أبناء كل القبائل الموجودة في المناطق الغربية، بهدف منع شيوخها من إعلان ولائهم للثورة في شرق البلاد.

يعني أن صعوبة تقدم الثوار نحو الغرب، ليس مردها فقط إلى تفوق قوات القذافي من حيث العتاد العسكري والتدريب؟

أعتقد أن هذا العامل هام أيضا، رغم أنه من الناحية العددية القوات الموالية للقذافي لا تمثل من الناحية الفعلية قوة عسكرية كبيرة جدا، ولكن من ناحية عتادها العسكري والذي اشترته في السنتين الأخيرتين، فهو متفوق جدا على العتاد العسكري المتاح للقوات القادمة من المناطق الشرقية، وإن كانت هذه الأخيرة بدورها تمكنت من الحصول على بعض العتاد من الثكنات العسكرية الموجودة في بنغازي والمرج وأجدابيا وفي العديد من المناطق التي استولى عليها الثوار.

اعتقد أن توفر قوات القذافي على طائرات ودبابات، هو العامل الوحيد الفارق من الناحية العسكرية، وهو يفسر صعوبة تقدم قوات القبائل الشرقية نحو الغرب.

لماذا يغيب الحديث عن دور الجيش الليبي، هل هو ضعيف جدا أمام قوة الكتائب التي شكلها القذافي بموازاة للجيش؟

في حقيقة الأمر لا ينبغي أن يُنظر للجيش الليبي، كبقية الجيوش العربية أو دول العالم الأخرى، فكيان الجيش الليبي في حدا ذاته قائم على أساس تركيبة قبلية بحتة، وهي تركيبة عشائرية تجعل ولاء العسكريين للقبيلة أو العشيرة أولا وأخيرا. وما نراه اليوم ليس غياب الجيش الليبي على الساحة وإنما تفرق عناصر هذا الجيش بحسب ولاءاتهم القبلية والعشائرية، مما يجعلنا لا نرى أثرا للجيش بقدر ما نرى قوات موالية لهذا الطرف أو ذاك أو لهذه القبيلة أو تلك.

صرح وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه بأن أي تدخل عسكري غربي في ليبيا ستكون له انعكاسات سلبية، وقبله قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيستر فيله نفس الأمر، فهل يعني ذلك أن المجتمع الدولي وخصوصا القوى الغربية ستظل في حالة المتفرج وانتظار ما ستؤول إليه المعارك بين الأطراف الليبية؟

لا أعتقد أن المجتمع الدولي سيبقى متفرجا على ما يحدث في ليبيا، بل يحاول على الأقل أن يمد يد المساعدة الإنسانية إلى كل من هم في حاجة إليها، سواء اللاجئين أو من الناحية الأمينة. وما يصرُّ عليه الأوروبيون وعلى رأسهم الفرنسيون، ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للمسألة القبلية والوضع الداخلي للبلاد، قبل أي تدخل عسكري.

فنحن لسنا أمام بلد أو حكومة عادية يمكن أن يُتخذ حيالها خيار عسكري واضح وصارم، بل نحن أمام صراعات بين عشائر وقبائل داخل ليبيا، وقد يؤدي أي تدخل عسكري غربي إلى جانب فئة ضد أخرى إلى عكس ما يريده المجتمع الدولي من هذا التدخل. وهذا ما يفسر الحذر الذي نراه في الموقف الغربي، فهو ليس نابعا من عدم موافقة على دعم الشعب الليبي أو استخدام خيار القوة، وإنما هو مجرد محاولة للفهم وعدم التسرُّع في اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى نتائج أكثر سلبية من الوضع الحالي.

ولماذا يتأخر فرض الحظر الجوي على ليبيا، رغم التأييد الذي تلقاه هذه الخطوة في العواصم الغربية، واحتمال تأثيرها في مجريات المعارك الدائرة لصالح الثوار؟

ماثيو غيدار: القذافي يستغل الروابط القبلية ويحتجز رهائن من أبناء قبائل الغرب الليبيصورة من: AP

هذه الخطوة مهمة جدا، وقد اتفقت عليها كبرى القوى الغربية (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا...). والآن المسألة عملية بحتة، أي كيف تفرض حظرا جويا على بلد تقترب مساحته من مليوني كيلومتر مربع. ففي هذه الحالة سيكون فرض حظر جوي صعبا جدا، أولا لأنك لست على الميدان، ولا توجد قواعد عسكرية غربية قرب ليبيا يمكن استخدامها لفرض حصار جوي مباشر على ليبيا. ولذلك لا بد من الانتظار على الأقل وصول بارجة حربية لهذه المنطقة. ومن ناحية أخرى لا بد من الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على هذا الأمر، لأنه سيترتب عنها قصف أي طائرة تحلق في المجال الجوي المحظور، وأي طائرة مدنية سيكون عليها أخذ الإذن بالتحليق ليس من قبل قوات القذافي وإنما من هذه القوة الدولية التي ستتولى فرض الحظر.

وهذه كلها مسائل قانونية وعملية، لابد أن تُحل قبل الإقدام على هذه الخطوة. كما أن كل الدول أصبحت لديها تجربة الآن في التدخلات العسكرية في البلدان العربية والمسلمة، ولذلك فهي تحاول تفادي الأخطاء التي وقعت في بلدان أخرى من قبل.

كيف تفهم إشارة وزير الخارجية الفرنسي الجديد، إلى دور دول مجاورة لليبيا في هذا السياق؟

اعتقد أنه تصريح واضح كما أن زيارته إلى مصر رمزية جدا، فهي أول زيارة له منذ توليه منصبه على رأس الديبلوماسية الفرنسية. وطبعا لو يقبل الجيش المصري والسلطات المصرية الحالية بالتدخل في ليبيا، فسيكون ذلك طبعا أفضل حل يمكن أن يصل إليه الجميع. فبما أن الجيش الليبي وكل الضباط الليبيين لديهم روابط خاصة مع الجيش المصري، وأغلبهم تلقوا تكوينهم في مصر، والجيش المصري لديه شهرة وهيبة وإمكانيات، تمكنه من الدخول إلى بلد عربي آخر استنادا إلى عنصر قرابة الدم والتاريخ والقرابة البشرية والجوار.

وبفضل كل هذه الأواصر التي تربط بين البلدين يمكن للجيش المصري أن يقدم هذه المساعدة لليبيا للتخلص من القذافي، ويبدو بذلك في موقع محرر لليبيا ومن قدَّم لإخوانه الليبيين يد المساعدة. وهذا الحل يمكن أن يتفق عليه المجتمع الدولي، ولكنه يتطلب قبول الجيش المصري والسلطات الحالية في مصر بأن تدرسه كإمكانية وكحل، وهذا طبعا سيتطلب كثيرا من المفاوضات قبل التوصل إليه.

تتمركز الكتائب الموالية للقذافي حاليا في غرب وجنوب البلاد، هل يشير ذلك إلى دعم إقليمي ما تحصل عليه، بالإضافة إلى الموارد العسكرية الذاتية لتلك القوات والمعطيات القبلية؟

المعلومات المتوفرة لدينا حاليا، تفيد بأن القذافي لا يحصل على دعم من تونس ولا الجزائر ولا النيجر ولا دول أخرى، وإنما هو يحصل على دعم فردي من قبل بعض المرتزقة الذين يبحثون عن المال، وقد سبق للقذافي أن استخدم مثل هذه القوات في عمليات عسكرية داخل وخارج الأراضي الليبية. ولذلك فإن الدعم الإقليمي الوحيد الذي يحصل عليه القذافي اليوم هو دعم المرتزقة، ولا يمكن أن نتحدث عن دعم حكومي أو سياسي إقليمي يستفيد منه القذافي في مواجهته للمعارضين له داخل ليبيا.

قال القذافي في حوار نشر بصحيفة" لوجورنال دو ديمانش"الفرنسية بأنه يلوم الغرب على عدم دعمه في مواجهة عناصر القاعدة والإرهابيين، إلى أي حد يمكن أن تؤخذ هذه التصريحات على محمل الجد في العواصم الغربية؟

سفن حربية غربية تنقل لاجئين فارين من ليبيا عبر الحدود مع تونسصورة من: picture alliance/dpa

أعتقد أن الحديث عن تنظيم القاعدة في ليبيا، ينطوي على كثير من المبالغة، فنحن نرى ونعرف أن المسألة اليوم في ليبيا ليست مسألة تنظيم القاعدة والحركات الجهادية، وإنما هي مسألة قبائل ثارت على القذافي ولم يعد بإمكانها أن تقبل بوجود القذافي وبقائه في الحكم بعد أكثر من أربعين عاما.

وقد أكد المجلس الانتقالي الوطني الليبي ذلك بشكل واضح، ولا نرى في واقع الأمر وجودا فعليا وميدانيا للقاعدة في ليبيا، وهي معلومات شبه ثابتة من طرف كل الهيئات الديبلوماسية الغربية والسفارات ومستشاريها التي تعلم هذا الأمر.

ولا أعتقد أن تصريحات القذافي حتى وإن كانت تتضمن تلميحات مخيفة في حد ذاتها مثل استخدامه لبعض الألفاظ مثل العودة إلى عهد بربروسا وعهد القرصنة، فهذه في الحقيقة من أساليب المغالاة التي اعتاد الغرب أن يسمعها في خطابات القذافي، ولا أظن أنها ستؤخذ بعين الاعتبار من الناحية الفعلية من قبل العواصم الغربية، وإلا فإننا لن نتمكن من فعل أي شيء لصالح الشعب الليبي كي يتخلص من هذه الوضعية.

بعد إعلان تشكيل المجلس الوطني الانتقالي الليبي، وفي ظل الوضع العسكري الحالي للمعارك، ما هي توقعاتك لأفق هذه المواجهة وما هي العناصر التي ستعجِّل بنهايتها أو بإطالة أمدها؟

الوضع يمكن أن يكون صعبا وأن يطول أمده بفعل العوامل التي تحدثنا عنها، واعتقد أن العامل الأساسي سيكون دخول قبائل مناطق الغرب الليبي أو بعضها، مثل قبائل فزان، دخولها إلى جانب الثوار، يمكن أن يحسم المسألة، بما أن القذافي في هذه الحالة لن يبقى له سوى عشيرته (القذاذفة) تدافع عنه. وهذه مسألة خاضعة لمفاوضات بين زعماء وشيوخ العشائر والقبائل، وهي العنصر الحاسم الأساسي في الوضعية الحالية في ليبيا، وليس عامل عسكري ولا سياسي ولا دبلوماسي. ولذلك فإن الحل والمفتاح داخل ليبيا وليس خارجها.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: أحمد حسو

ماثيو غيدار بروفيسور الدراسات الإستراتيجية بجامعتي تولوز الفرنسية وجينيف، ومتخصص في شؤون العالم العربي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW